حوالي 1200 متشرد يجوبون شوارع الدارالبيضاء، تلك هي خلاصة دراسة أنجزها مركز تيط مليل الاجتماعي على مستوى تراب عمالتي الدارالبيضاء أنفا والفداء مرس السلطان خلال الفترة الممتدة ما بين 12 ماي و30 غشت من السنة الجارية. وكشفت الدراسة، التي أنجزت في إطار برنامج «فرصة من أجل إعادة إدماج الأشخاص بدون مأوى»، أنه تم ضبط 1191 متشردا بالدارالبيضاء خلال 3 أشهر، 1072 منهم ذكور بنسبة 90%، مقابل 119 حالة ضبطت في صفوف النساء (10%). وأضافت أن 78% من هؤلاء المشردين يتوفرون على روابط عائلية عادية، أي 925 حالة، فيما تنعدم هذه الروابط لدى 22% منهم أي 266. وبالنظر إلى الفئات العمرية للحالات التي شملتها الدراسة، فإن فئة الراشدين شكلت الأغلبية بنسبة 67% أي 803 أشخاص، تلتها فئة المسنّين بنسبة 22,25% (265)، ثم فئة القاصرين ب9% (113) والأطفال الرضع ب1,75% أي 10 رضع. وكشفت الدراسة أن نسبة 54% من المشردين الذين تم ضبطهم بالدارالبيضاء هم أشخاص عاديون (641 حالة)، في حين أن 25% منهم مختلون عقليا (293)، وأن نسبة 21% منهم، أي 257، مصابون بمرض مزمن. وتنحدر نسبة 79% من المشردين الذين يجوبون مختلف شوارع العاصمة الاقتصادية، أي 938 متشردا (819 ذكرا و90 من النساء)، من الأحياء الهامشية لذات المدينة، في حين أن نسبة 21%، الباقية أي 253 حالة، توافدت على البيضاء من مدن أخرى. وباستثناء 19% من الحالات التي لم يسبق لها التمدرس، فإن المستويات الثقافية لباقي المشردين تتوزع بين المستوى الابتدائي والإعدادي والثانوي والعالي. فحسب ما أكدته نتائج الدراسة، فإن 31% منهم يتوفرون على المستوى الإعدادي (365 حالة)، و30,5% على مستوى الابتدائي (361 حالة)، و19% مستوى ثانوي (231)، فيما نسبة 0,5% منهم، أي 5 مشردين، بلغوا مستوى التعليم العالي. ويبدو أن الفقر ليس وحده العامل الذي يقود إلى التشرد، بالنظر إلى المبالغ التي تم ضبطها بحوزة بعض المشردين، حيث بلغت 49.950,20 درهما نقدا. وخلصت الدراسة إلى أن أسباب هذه الظاهرة تتنوع أساسا بين التفكك العائلي والهدر المدرسي والهجرة السرية والقروية والأمراض العقلية والنفسية وتعاطي المخدرات ومختلف المواد السامة، بالإضافة إلى البطالة وانسداد الآفاق وانعدام الاستقرار العائلي والاجتماعي والمهني. و في رأي الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، فإن هذه الأرقام تظل نسبية جدا، حيث تكتفي بإبراز وجه وإخفاء آخر، ذلك أن الهيئات الرسمية تتحرّج في مثل هذه الظواهر من كشف الحقيقة كاملة، على حد تعبير الشعباني الذي يؤكد على أن العدد الحقيقي للمشردين أكبر بكثير من العدد المعلن عنه، وهو ما يشير إليه عبد الكريم الصبار، مدير مركز تيط مليل الاجتماعي، الذي قال، في حديث مع «المساء» إن الأرقام المتعلقة بظاهرة التشرد لا يمكن ضبطها بشكل دقيق، نظرا إلى تفاقم هذه الظاهرة يوما بعد يوم. وأضاف أن مركز «دار الخير» غير كاف لإدماج أعداد كبيرة من المشردين نظرا إلى عدة إكراهات، واقترح بالمقابل إحياء فكرة إنشاء مراكز اجتماعية أخرى بكل من المحمدية والنواصر من أجل تخفيف العبء على مركز تيط مليل. غير أن الشعباني يركز على التربية والتنشئة السليمة داخل الأسر، مع دعم المؤسسات والجمعيات التي تهتم بقضايا المجتمع، من أجل اقتلاع جذور هذه الظاهرة من أصلها.