إستونيا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    وهبي: المنازعات الإدارية تكبد الدولة خسائر باهظة وتقوض ثقة المستثمرين    عمر هلال.. آمل أن تكون الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء نهاية نزاع الصحراء    إضراب وطني ووقفات احتجاجية تنديداً بحادثة وفاة أستاذة أرفود    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    جلسة مجلس الأمن: خطوات نحو تهدئة إقليمية وإقرار بعجز البوليساريو عسكريا    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    فرنسا: قرار الجزائر لن يمر دون عواقب    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إدريس علواني وسلمى حريري نجما الجائزة الكبرى للدراجات تافراوت    من يسعى الى إفساد الاجواء بين الجماهير البيضاوية وجامعة الكرة … !    لماذا ثافسوت ن إيمازيغن؟    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    التامني تنتقد السعي نحو خوصصة الأحياء الجامعية وتدعو لإحداث لجنة تقصي الحقائق حول أوضاع الطلبة    العُنف المُؤَمم Etatisation de la violence    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    الكوكب المراكشي يؤمّن صدارته بثنائية في مرمى "ليزمو"    الحسيمة.. مصرع سائق بعد انقلاب سيارته وسقوطها في منحدر    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    جنود إسرائيليون يشاركون في مناورات "الأسد الإفريقي 25" بالمغرب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    توقيف شخصين بتيزنيت بتهمة الهجوم على مسكن وإعداد وترويج ال"ماحيا"    الذهب يلمع وسط الضبابية في الأسواق بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية    جيتكس 2025: إبرام سبع شراكات استراتيجية لتسريع فرص العمل بالمغرب    برادة: إصلاحات في تكنولوجيا التعليم قادرة على الاستجابة لحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج في مجالي الابتكار والبحث    مراكش: الاتحاد الأوروبي يشارك في معرض جيتكس إفريقيا المغرب    السغروشني: المغرب يتطلع إلى تصميم التكنولوجيا بدلا من استهلاكها    وقفة احتجاجية للمحامين بمراكش تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    كلاسيكو الشمال.. المغرب التطواني ينتصر على اتحاد طنجة في مباراة مثيرة    باها: "منتخب الفتيان" يحترم الخصم    بين نزع الملكية وهدم البناية، الإدارة فضلت التدليس على الحق    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    أسلوب فاشل بالتأكيد    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    ماريو فارغاس يوسا.. الكاتب الذي خاض غمار السياسة وخاصم كاسترو ورحل بسلام    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبارهم وصغارنا
نشر في المساء يوم 31 - 01 - 2012

نحن، ولا شك، نبحث عن الاستثناء كأن ننام ليلا وفي الصباح نجد أن العقليات قد تغيرت وأصبحت تبحث في الأمور الكبرى، ومن هناك تخرج عن تلك القاعدة التي تقول:
«العقول الكبيرة تنشغل بالأمور العظيمة والعقول الصغيرة تنشغل بالتافهة». هل يمكن أن نستيقظ، ذات يوم، ونجد أنه قد أصبحت عندنا شخصيات لا تنسى، بمواقفها ورؤيتها وقدرتها على الإبداع في رتابة الحياة وسطحيتها والتفكير في خدمة البلاد، عوض التفكير في احتقار العباد بالكلام الساذج والخطابات المكرورة؟..
من حقنا، ولا شك، أن نحلم بشخصيات استثنائية تحفر عميقا في همومنا وتطلعاتنا وتعمل جاهدة على أن تصنع مجد الوطن، عوض الجري وراء صنع مجدها الشخصي. إن مجد ثلاثين مليون شخص هو الأعظم والأهم، ولكنْ -على ما يبدو- لم يولد بَعدُ ذاك الشخص أو أنه لم يصل إلى مراكز القرار. في المغرب تسير الأمور، دائما، بشكل غريب، حيث إن المتفوهين دائما عندما يصلون إلى مراكز القرار يبتلعهم البريق فيغيرون كل شيء: ملابسهم وسكناهم وزوجاتهم وسياراتهم.. تماشيا مع شعار التغيير بالشكل «المقلوب».. هذه هي فلسفة الوصوليين في الحياة، والتي أصبحت، للأسف، مثل الحليب الذي ترضعه الأمهات لأبنائها.
كلما تأملنا واقعنا المغربي وجدناه فقيرا، لا أحد حقّق الاستثناء، فحينما يصل المرء إلى السلطة «تبتلعه»، فيسرع إلى وضع كل شعاراته جانبا، بل إنه لا يكتفي بذلك، فكثيرا ما يشرع في الانتقام من كل شيء. سارت الحياة عندنا «على رأسها» عوض أن تسير على رجليها، في انتظار المُخلّص. فكل من «يصل» يضع قفازتي الحرير ويقول لهم: «دلوني على الخزائن.. أنا جائع»!..
هذا هو المشهد الذي نراه هنا، والاستثناء ما يزال في حكم الغائب. لكنْ هناك، في الضفاف الأخرى، تبدو الصورة مختلفة. مؤخرا، احتفلت فرنسا بمرور خمسة وثلاثين عاما على وفاة رجل السلطة والكاتب أندري مالرو، ولم ينتظر الفرنسيون مرور مائة عام ليحتفلوا به، كما تقتضي العادة، بل إنهم لم يستطيعوا أن يصبروا إلى ذلك الحين كي يحتفلوا بهذا الشخص، ومن تم رفعوا قبعاتهم لهذا الروح الاستثنائية باكرا.
كان أندري مالرو سيرة وحياة فريدة لوحده، وهو يدعو -ولا شك- رجال السلطة عندنا إلى إعادة قراءة سيرته وما كتبه علّهم يستوعبون الدرس جيدا.. لقد كانت لمالرو مواقف كبيرة وعاش الحياة بعمق وكتب بألم، وقد كتب يوما: «لم أكتشف نفسي في الحروب والثورات والروايات، بل اكتشفتُ نفسي من خلال الفن، فهو الخلاص الوحيد لتحقيق الحرية والإخاء الانساني». لقد كان مالرو، بعيدا عن المناصب التي تولاها، مبدعا كبيرا، فقد كان يبحث عن التجارب القوية ليغوص فيها، وعلى ذلك، قُرئ عالمه على أنه عالم غريب ومغلق. لكن الحياة التي نعيشها اليوم جعلت عالمه مألوفا، مما جعله من أكبر الاستشرافيين، فقد كتب «قدَر الانسان» و«عصر الاحتقار». حظي رجل السلطة والكاتب مالرو بتقدير كبير، لكون السلطة لم تبتلعه ولم تجعله يحسب ثروته عوض كلماته، عكس مما يحدث عندنا. تنقل بين العديد من دول العالم، وفي الفيتنام أصدر مجلة، كما أنه سافر إلى إيران والجزائر. قاد «حركة 121 كاتبا ضد حرب الجزائر»، والتي ولا شك بسببها قُتِل ابناه.. كما أنه أعلن، في 1971 تطوعه للحرب من أجل استقلال البنغال، وبعث رسالة مفتوحة بهذا الشأن إلى الرئيس نيكسون عبر جريدة «لوفيغارو»، ولذلك السبب كرّمته بنغلاديش في 1973.. تولى عدة مناصب، من بينها إدارة الشؤون الثقافية، حيث قاد حملة لحماية آثار أعالي مصر وأطلق مؤتمرا دوليا عن اليونان القديمة..
في الاحتفال به وتكريمه، وضعت صورة مالرو على واجهة وزارة الثقافة حتى نهاية 2011، وقال عنه فريدريك ميتران: «إنه الرجل الذي أسس لطموحات وزارة الثقافة الفرنسية، وحينما تولى وزارة الثقافة كان طموحه الأكبر هو حماية تراث البشرية ودعم المبدعين وتحقيق الديمقراطية الثقافية»...
هذا عندهم.. وأولئك كبارُهم.. أفلا تصيب الغيرة «صغارنا» كي يصبحوا كبارا، لنرفع لهم القبعات يوما ؟!.. دمتم سالمين.



[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.