فتحت وزارة الخارجية الفرنسية قناة مع المجلس الوطني السوري، حيث التقى آلن جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي بمسرح الأوديون، ببرهان غليون، رئيس المجلس الوطني وكاتبة المجلس بسمة قودماني، ليعبر لهما عن مساندة فرنسا للمجلس واستعدادها لمؤازرة جميع الخيارات، بما فيها الخيار العسكري. هل تصبح فرنسا عاصمة للمعارضة السورية؟ بعض من الدلائل تثبت ذلك: المظاهرات المنتظمة التي تشهدها ساحة الشاتلييه، الندوات والمناظرات المقامة في الجامعات والمعاهد، دون الحديث عن أن بعض أهم أقطاب المعارضة السورية تتواجد منذ عقود بالمنفى الفرنسي، من أمثال برهان غليون وبسمة قدماني وفاروق مردم بك وغيرهم. على الرغم من تبوئهم لمناصب جامعية وحملهم للجنسية الفرنسية، فلا يزال قلبهم وعقلهم مشدودا إلى سوريا. وقد انتقم النظام من أفراد عائلاتهم المتواجدين في سوريا. جاء الربيع العربي السوري ليضعهم على سكة مسؤولية فكرية وسياسية استعجالية جسيمة: التنديد بمسلسل التقتيل مع التعجيل بسقوط الطاغية الأسد. وكانت موتة الديكتاتور معمر القذافي الذي طافت صور تصفيته البشعة على الإنترنت ومشتقاته، أحد الحلقات البئيسة لبداية خريف الطاغية الأسد. وفي سياق التعاليق وردود الأفعال، طرح من تلقاء ذاته السؤال التالي: والآن متى يأتي دور بشار الأسد؟ المهم أن مقتل الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي، قد أجج المظاهرات في عدة أنحاء من سوريا. فبعد صلاة الجمعة الماضي، التي أطلق عليها « جمعة شهداء المهلة العربية»، رفع المتظاهرون شعارات تبارك للشعب الليبي مقتل زعيمه المخلوع وتطالب برحيل الطاغية بشار الأسد. وقد استبق النظام هذا الوضع بتعزيزه للترسانة الأمنية ونشره للجيش بشكل غير مسبوق مع وضع قناصة على أسطح المباني. ومن بين الشعارات التي رفعها المتظاهرون: «يا سوريا لا تخافي، بشار بعد القذافي».. لكن يبقى السؤال: متى يرحل وبأية الطرق وجب اقتلاع طاغية دمشق؟ وقد استلهمت الثورة السورية الكثير من الثورة الليبية بتشكيل المعارضين السوريين لمجلس وطني شبيه بالمجلس الانتقالي الليبي، كما طرحت ضرورة إيجاد حل استعجالي ينقذ الشعب السوري من مخالب حاكم سوريا. من هنا ارتفاع الأصوات من داخل سوريا ومن خارجها تدعو إلى حمل السلاح قدوة بالثورة الليبية. وهذا ما أكدته الشعارات التي بدأ يرفعها المتظاهرون مثل «أين التاتو؟». بل وحتى خطاب المجلس الوطني السوري بدأ في المدة الأخيرة ينحو في هذا الاتجاه. فقد شدد المجلس منذ تأسيسه على الحل السلمي، وذلك مراعاة لاستقلالية القرار السوري وعدم السقوط في مطبات الوصاية الأجنبية مع تجنيب انسياق البلد إلى حرب أهلية، أو السقوط في فخ النظام الذي ينظر للمعارضة ك«مجموعة من الإرهابيين». وللتشاور في فرضية حمل السلاح، فتحت وزارة الخارجية الفرنسية قناة مع المجلس الوطني السوري، حيث التقى آلن جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي بمسرح الأوديون، ببرهان غليون، رئيس المجلس الوطني وكاتبة المجلس بسمة قودماني، ليعبر لهما عن مساندة فرنسا للمجلس واستعدادها لمؤازرة جميع الخيارات، بما فيها الخيار العسكري. ويعزز خيار حمل السلاح الإعلان عن ولادة «الجيش السوري الحر». وقد رفع متظاهرون في الرابع عشر من أكتوبر، الذي أطلق عليه اسم «جمعة العسكريين الأحرار»، يافطة كتب عليها: «جيشنا هو الجيش السوري الحر». وكان الكولونيل رياض الأسعد قد أعلن، قبل انشقاقه، عن ولادة هذا الجيش في 29 يوليوز الماضي. كما كشف الكولونيل أحمد حجازي عن تشكيلة هذا الجيش الذي يتألف من 22 كتيبة مكونة من مدنيين وفارين من الجيش السوري. ويتراوح عدد أفراد هذا الجيش بين 8000 و15000 عضو. فالعنف المجاني الذي تمارسه المخابرات السورية يدفع بالعديد من الجنود إلى الفرار للالتحاق بصفوف المنشقين. وقد أشار مقال لصحيفة «لوموند» أنه من السابق لأوانه اعتبار «الجيش السوري الحر» جيشا للثورة. فالعلاقات والروابط بين أفراد هذا الجيش والمنشطين للمظاهرات لا زالت تفتقد إلى الآن لقنوات التواصل والتنسيق. لكن النواة الأولى للتنسيقية متوفرة وتحتاج هيكلتها إلى بعض الوقت. علاوة على احتمال تدخل الناتو، هناك تدخل آخر، أخطر بكثير وبمقدوره التشويش على مقاومة ومطالب الشعب السوري هو التدخل الطفيلي الذي تقوم به المخابرات القطرية وأجهزة استعلامات أخرى. فقد كشفت أسبوعية «لونوفيل أوبسيرفاتور» دخول هذه الأجهزة على الخط بتصوير وتهريب أشرطة عن الاضطرابات إلى قناة الجزيرة من خلال شقة مجهزة بأحدث أجهزة التصوير تم نصبها في منطقة الأشرفية التي يسيطر عليها سمير جعجع في بيروت. وكشفت المجلة عن تورط هذه الجهات في تأجيج الفتن الطائفية والدينية وذلك بهدف إشعال فتيل الحرب الأهلية. يتضح يوما بعد آخر أن رحيل الطاغية الأسد لن يتم عن طواعية، وأن لا خيار له سوى أن يقتل أو يقتل. وفي هذه الحالة الأخيرة أمامه خياران لا ثالث لهما: إما الانتحار وإما التصفية البشعة على طريقة القذافي. المآتم الرقمية تتشكل الطوابير عادة أمام المخبزات، المتاحف، قاعات السينما أو المسارح. لكن في مصراتة، انتظر زوار من نمط غير مألوف دورهم لإلقاء آخر نظرة على زعيم كان لا يطل عليهم إلا ليتوعدهم بالويل والثبور. طافوا من حول جثته المدماة والمثقوبة ليرشوها بأضواء كاميرات هواتفهم النقالة ول«ترسيخ» أو إثبات صورته في ألبوم تاريخهم الشخصي. يتعارض هذا الطقس مع طقوس الإسلام القاضية باحترام الميت وتبجيل جثته. لم تنظف أو تطهر جثة القذافي، بل عرضت في حالتها المتسخة لأن صاحبها يشغل في متخيل الليبيين مقاما مدنسا. وبنهم سادي التف البعض خلف جثته لالتقاط صور جماعية من غير المستبعد أن تفرش للبيع في الأسواق أو تغذي الفايسبوك والتويتر واليوتوب. تزاوج في هذه المأتمية الوثنية التلصص البورنوغرافي والتكنولوجيا الرقمية. تلك أحد الانزلاقات الخطيرة للثورة الليبية. لكن خلف المشهد، بعد أن تجسس الحلفاء وعلى رأسهم فرنسا عبر الأقمار الاصطناعية على قافلة القذافي، نظموا تصفيته وانسحبوا إلى الكواليس تاركين ثوارا متعطشين إلى الدم والانتقام يفترسوه ثم يطوفوا من حول جثته العارية. وبانسحابهم من المشهد برؤوا ذمتهم وتجنبوا الوقوع في المطبات التي ارتكبوها في العراق، وفي غوانتنامو. الموت مسألة رموز. وفي هذا الباب، غير ساركوزي بالكامل من استراتيجيته. بدل أن يركب حصانه الأبيض ويهتف بالنصر بعد مقتل القذافي، طالب بالتسامح وطي صفحة الماضي، بما معناه، مات القذافي عاشت «ليزافير». إذ ترغب فرنسا في تحويل ليبيا إلى ورش تأخذ فيه الشركات الفرنسية حصة الأسد، وهذا ما أشار له موقع «Secret Défense» حين ذكر أن المكتب الفرنسي للاستشارة في المهارة الاستراتيجية فتح قناة بطرابلس لمساعدة الشركات والمؤسسات الفرنسية على الاستفادة من ورش الإعمار في ليبيا. لكن تقف من وراء المشروع إدارة الشؤون الاستراتيجية لوزارة الدفاع. والغاية هي توفير التسهيلات اللوجيستية والأمنية للشركات الفرنسية. وقد أعطت بعض الشركات مثل بويغ موافقتها للإسهام في هذا المشروع. طواحين الهواء في الوقت الذي عين فيه فرانسوا هولاند مرشحا رسميا للانتخابات الرئاسية باسم الحزب الاشتراكي، يحاول الرئيس ساركوزي المقامرة بآخر أوراقه في ملف أزمة الأورو ومنطقة الأورو عموما. فبعد عدة مشاورات مع شريكته الألمانية ميركيل وبعد قمتي بروكسيل، يوم الأحد والأربعاء، اللتين رقعتا الأسمال من دون اقتراح حلول علاجية للأزمة، يتوجه الرئيس يوم الخميس على القناة الأولى والثانية بخطاب إلى الفرنسيين. أية بشرى سيزف لهم خلال كلمته؟ هل سيطالبهم بشد الحزام وبمزيد من التضحيات؟ مع العلم أن الفوارق بين الأثرياء والفقراء سجلت في رئاسته معدلات غير مسبوقة؟ وبما أن هاجس ساركوزي هو أن تخفض وكالات التنقيط تصنيف فرنسا مثل تخفيضها لتصنيف إيطاليا وإسبانيا، فإن الفرنسيين، وبخاصة ذوي الدخل المحدود، سيكونون كبش فداء سياسة التقشف الجديدة التي سيدور حولها خطابه. والفاتورة السياسية لهذا التوجه معروفة: مزيد من فقدانه الشعبية. هذا ما أكده الاستفتاء الذي نظمه معهد «إيفوب» بالتعاون مع أسبوعية «لوجورنال دي ديمانش»: إذ عبر 53% من الفرنسيين عن استيائهم من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن بفرنسا. وأشار 79% إلى أن هذه الأزمة تعتبر من أخطر الأزمات التي عاشتها فرنسا. على أي فالطريقة التي سيعالج بها ساركوزي الأزمة، لا على المستوى الوطني، بل على المستوى الأوروبي، هي التي سترهن ترشحه وخوضه للرئاسة القادمة. وقد أدرك الحزب الاشتراكي نقطة الضعف هذه وشدد قصفه عليها. البيئيون بالمرصاد في غمرة الفرحة العارمة التي عبر فيها الاشتراكيون عن وحدتهم من وراء فرانسوا هولاند، ذكر البيئيون الذين يقدمون إيفا جولي للانتخابات الرئاسية، بأنهم لن يوقعوا شيكا على بياض للمرشح الاشتراكي. للانتصار على اليمين في استحقاق 2012 ترى سيسيل ديفلو أنه يجب إنجاح تجمع ووحدة اليسار. «نرغب في توقيع اتفاق للأغلبية. على هذا الاتفاق أن يتضمن سلسلة إجراءات أهمها الخروج من البرنامج النووي» تقول ديفلو. هكذا وبعد أن هدأت العاصفة الإعلامية من حول الاشتراكيين على خلفية الانتخابات التمهيدية، بدأ البيئيون في إسماع صوتهم. في التجمع الذي عقدوه بصالة «لوكاباريه سوفاج» اعترف بعض المتدخلين منهم بخطأ مساندتهم لمارتين أوبري، لكنهم ولاستدراك هذه الهفوة رفعوا شعارا يحظى بموافقة واستحسان تشكيلات سياسية يسارية أخرى، ألا وهو شعار «من أجل جمهورية نظيفة». في الوقت الذي تتناسل فضائح الجمهورية، يدعو البيئيون إلى تخليق الحياة السياسية وذلك بغية إدخال تمييز أو قيمة مضافة على الخطاب السياسي المتداول. تانتان يغامر في الأبعاد الثلاثة من «ميخيات» السياسة إلى «الميخيات» الحقيقيين وعلى رأسهم تانتان. تانتان هو من بين «الميخيات» التي سحرت طفولتنا. كنا نقرأ في صور القصص الكارتونية قبل القراءة في حواراتها. ألف هيرجي، صاحب تانتان، 24 ألبوما ترجمت إلى 100 لغة ووصلت المبيعات إلى 250 مليون نسخة. اليوم، يعيد المخرج الأمريكي ستيفين سبيلبيرغ إحياء هذه الأسطورة التي أصبحت تراثا تفتخر به بلجيكا. ويوم العرض الأولي، حضرت ملكة بلجيكا حفل العرض الافتتاحي للفيلم. كما رصعت قطارات طاليس الرابطة بين بلجيكاوفرنساوبلجيكا وهولندا وكذا قطارات تي-جي-في، رصعت بملصقات وبعض صور الفيلم. وقد اشتغلت آلة الماركتينغ لتحقيق أعلى المداخيل إما بمشاهدة الفيلم وإما بشراء أغراض موقعة بصور تانتان وفرقته. صور سبيلبيرغ ممثلين حقيقيين ليصنع منهم بدائل رقمية بتقنية الأبعاد الثلاثة، وهي نفس التقنية المستعملة في فيلم أفاتار، الذي حضر تصويره في الأوستوديو. وقد سبق للمخرج الأمريكي أن أنجز تحفا سينمائية شاهدها ملايين المتفرجين في العالم مثل «حديقة جيراسيك»، «إنيديانا جونز»، «أنياب البحر». ومن المقرر أن يعرض الجزء الثاني من سلسلة تانتان في عام 2013 . جديد مرجان ساترابي بعد شريط «بيرسوبوليس»، الذي كان محط فتاوي ومظاهرات نظمها السلفيون التونسيون، تطل المخرجة الإيرانية مرجان ساترابي المقيمة بفرنسا بفيلم جديد أبطاله ليسوا من كرتون بل من لحم ودم. عنوان الفيلم « دجاج بالبرقوق». يدور الفيلم حول عازف كمان شهير في اسم ناصر علي، يستسلم لموت بطيء بعد أن كسرت زوجته كمانه السحري. وهو على السرير يستعيد الماضي: علاقاته الصاخبة مع عائلته، حكاية غرامه مع إيران، المرأة الوحيدة التي عشقها. في طهران الخمسينيات التي أعادت ابتكار ديكورها وأجوائها في استوديوهات بابلسبيرغ الشهيرة، سعت مرجان ساترابي إلى نقل حقبة من تاريخ بلد كانت فيه فنون الموسيقى سندا لهوية المواطن. ميشال ساردو يثور على ساركو حفظ عن ظهر قلب أغانيهم. ولما ترشح لانتخابات عام 2007 ردوا له الجميل مضاعفا وذلك بمساندته خلال الحملة. إنهم فنانو ساركوزي من أمثال جوني هاليداي، ميراي ماتيوه، فوضيل، إنريكو ماسياس، ميشال ساردو الخ... لكن منذ 2007 ، السنة التي انتخب فيها ساركوزي رئيسا، إلى اليوم، جرت الكثير من المياه في نهر السين ولم يعد يتعرف عليه أصدقاؤه ومساندوه. وهذه حال ميشال ساردو الذي قام بخرجة مدوية على صحيفة «لوباريزيان» ليفرغ ما في جوفه مشيرا إلى أن ساركوزي خيب آماله ولن يصوت لصالحه في الانتخابات القادمة. فما كان من هذا الأخير سوى أن استدعاه لقصر الإيليزيه وهو يرتدي شورطا وقميصا قصيرا، فيما لبس ساردو بذلته الرسمية. «عزيزي ميمي: ما هي هذه الترهات التي أطلقتها على الجريدة؟» سأله ساركوزي وهو يرشف عصير برتقال. «بعد هذه المقابلة عرفت أنه شخص حقود» يقول ميشال ساردو الذي لم يستبعد التصويت لصالح الاشتراكيين.