يبقى السؤال: والآن ماذا بعد فرجة الانتخابات التمهيدية وما هي قواعد اللعبة التي سيسطرها الحزب الاشتراكي لمواجهة الاستحقاق الرئاسي القادم؟ هل ستقبل مارتين أوبري حقا وبروح رياضية بهزيمتها وتجند الحزب وراء فرانسوا هولاند للحفاظ على نفس الدينامية السياسية التي أفرزتها التجربة الديمقراطية الأخيرة، أم ستترك الحزب الاشتراكي ينساق وراء نزوات الانشقاق والتشرذم؟ هل ستقوم بدور الدينامو، كما صرحت بذلك، لتقريب الحزب الاشتراكي من بقية التشكيلات اليسارية وخاصة جبهة اليسار بزعامة جان ليك ميلينشون وقوى الخضر برئاسة إيفا جولي؟ كما كان متوقعا، فاز فرانسوا هولاند بالانتخابات التمهيدية التي ستؤهله لخوض الاستحقاق الرئاسي القادم باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي. وبذلك يسدل الستار على معركة سياسية استغرقت شهرا كاملا، تقابل فيها المرشحون الستة أربع مرات خلال أمسيتين انتخابيتين، وتابع حلقاتها في كل مرة أزيد من 6 ملايين متفرج. وقد ترجمت هذه التمهيدية التي تقام لأول مرة في تاريخ الجمهورية الفرنسية، على غرار التمهيديات المنظمة في الولاياتالمتحدة أو في إيطاليا، الوعي السياسي الرفيع، حس المواطنة، عافية الديمقراطية ورغبة المواطنين في الانخراط في العمل السياسي. على أي أظهرت أن ثمة رغبة من طرف الفرنسيين في خلق بديل حقيقي للمنظومة السياسية والاقتصادية الليبرالية المتبعة إلى الآن، والتي قادت إلى إثراء الأغنياء وإفقار الفقراء. وأحد الدروس التي يمكن استخلاصها هو الحيز الهام الذي حظيت به الأزمة الاقتصادية في خطابات وتحاليل المتنافسين. وليس من المستبعد أن يستحوذ نفس الموضوع على النقاش مستقبلا خلال المبارزات القادمة بين المرشحين الرئيسيين لاستحقاق 2012. الدليل على ذلك الدور الوازن للمستشارين والخبراء في الشأن الاقتصادي الذين وضعوا أفكارهم وخبراتهم لصالح هذا المرشح أو ذاك، إذ أمكن للمشاهدين التعرف على الخطط الاقتصادية لمهندسي المجتمع الاشتراكي البديل من أمثال ميشال سابان، وزير الاقتصاد الأسبق، جان بيار جوي، رئيس هيئة الأسواق المالية، جاك سابير، كارين بيرجي، فاليري ريبو، جان بول فيتوسي، دانيال كوهين وغيوم باشلي وبيار آلن مييي Muet . وليس من المستبعد أن يجندوا معارفهم لمؤازرة فرانسوا هولاند ولدحض الأطروحات الليبرالية للمرشح ساركوزي. يبقى السؤال: والآن ماذا بعد فرجة الانتخابات التمهيدية وما هي قواعد اللعبة التي سيسطرها الحزب الاشتراكي لمواجهة الاستحقاق الرئاسي القادم؟ هل ستقبل مارتين أوبري حقا وبروح رياضية بهزيمتها وتجند الحزب وراء فرانسوا هولاند للحفاظ على نفس الدينامية السياسية التي أفرزتها التجربة الديمقراطية الأخيرة، أم ستترك الحزب الاشتراكي ينساق وراء نزوات الانشقاق والتشرذم؟ هل ستقوم بدور الدينامو، كما صرحت بذلك، لتقريب الحزب الاشتراكي من بقية التشكيلات اليسارية وخاصة جبهة اليسار بزعامة جان ليك ميلينشون وقوى الخضر برئاسة إيفا جولي؟ على أي يعي الجميع جيدا أن الانتصار على ساركوزي يمر عبر وحدة الحزب الاشتراكي ووحدة اليسار عموما. ذاك هو الرهان الذي سيخوضه فرانسوا هولاند لتقريب وجهات النظر داخل الحزب وإرضاء مطالب شركائه وهي مطالب متضاربة، بعضها شخصي والبعض الآخر حزبي: بين من يدعو إلى التنصل من العولمة كما يطالب بذلك آرنو مونبورغ الذي حقق اختراقا هاما، وبين مطالب بالعودة إلى سيادة الشعب كما يشدد على ذلك جان ليك ميلونشون. أو بإعطاء الأسبقية لمجال البيئة ووضع حد لسياسة تشييد المفاعلات النووية ولسياسة قتل الفلاحة باستعمال المواد الكيماوية، كما تؤكد على ذلك المرشحة إيفا جولي، أو من يناشد بضرب جيوب الأثرياء ومستندات الأبناك. لذا تبدو مهمة فرانسوا هولاند على ضوء هذه المعطيات شبيهة بمهمة الساحر الكيماوي الذي يترقب منه الجميع أن يحقق المعجزات. ضمن هذا المشهد، ماذا عن أوضاع الأجانب ووضعية من لا أوراق لهم من المهاجرين السريين؟ ماذا عن أوضاع ضحايا الضواحي البائسة وضحايا الإسلاموفوبيا والعنصرية ضمن برنامج الحزب الاشتراكي؟ ماذا عن الكفاءات المنحدرة من أصول أجنبية ومغاربية وموقعها ومسؤوليتها السياسية في حالة ما إذا فاز اليسار؟ الملاحظ أن هذه المواضيع لم تأخذ حيزا يذكر في نقاشات الانتخابات التمهيدية. كما أنه على مستوى السياسة الخارجية، وخاصة في الملف السوري والفلسطيني، يلاحظ أن مواقف الحزب الاشتراكي تكاد تكون باهتة. فباستثناء إشارة عابرة من مارتين أوبري إلى محنة الفلسطينيين، غابت وغيبت السياسة الخارجية من النقاش. ولن يتردد الرئيس ساركوزي في الاندساس في هذه الثغرة وفي تلويح ورقة طرده للقذافي من السلطة وفتحه لقنوات الحوار مع المعارضة السورية ممثلة في المجلس الوطني السوري. لذا، ولتدارك تأخره، على الحزب الاشتراكي أن يشرك النخب الفرنسية ذات الأصول العربية في القرار السياسي وأن يغير من سياسته تجاه العالم العربي. فهل هو قادر على القيام بهذه النقلة؟ ذاك هو السؤال. قناة للحوار مع المجلس الوطني السوري هل تجرب الخارجية الفرنسية مع المجلس الوطني السوري نفس الوصفة السحرية التي استعملتها مع المجلس الانتقالي الليبي؟ إلى إشعار آخر وبالرغم من كل المحاولات المكشوفة والمبطنة، فإن ذلك غير وارد. لأول مرة، التقى ألان جوبيه وزير الخارجية الفرنسية في العاشر من أكتوبر، على هامش الاجتماع الذي عقدته المعارضة السورية في مسرح الأوديون، كلا من برهان غليون، رئيس المجلس وبسمة قدماني، ناطقته الرسمية حيث عبر لهما عن مساندة وتأييد فرنسا لحل البديل الديمقراطي الذي يجسده المجلس. وللتذكير، فإن المجلس الوطني السوري يسعى إلى خلق تآلف تمثيلي لجميع قوى المعارضة بمعزل عن انتماءاتها السياسية، الإثنية أو الدينية. كما أنه يتشبث بالحل السلمي وحده للإطاحة بالنظام. هذا الاختيار من شأنه تقليص الوصاية المحتملة التي يمكن أن تفرضها الدول الغربية على المجلس الذي يتشبث باستقلال اختياراته السياسية، وذلك على النقيض من المجلس الانتقالي الليبي. أمراض الفقراء في بلد الأغنياء في بلد لوي باستور، مخترع اللقاح ضد العديد من الميكروبات والأمراض المعدية، انتعشت من جديد بعض الأمراض المسماة بأمراض الفقراء مثل السعال الديكي، الحصبة ( بوحمرون)، مرض السل والحكة ! وتستعد السلطات الطبية الفرنسية إلى إطلاق حملة وقائية لمحاربة هذه الأوبئة. فخلال الثلاث سنوات الأخيرة، سجلت 22 ألف حالة لداء الحصبة. وللقضاء على هذا الداء، يتعين اليوم توسيع رقعة التلقيح إلى نسبة 95% فيما لا تتعدى اليوم 80%. عام 2008 أودى هذا الداء بحياة 10 أشخاص. وحسب عدة تقارير، فإن الأشخاص الذين ولدوا بعد 1980 معرضون أكثر من غيرهم للإصابة لأنهم لم يستفيدوا من اللقاح المزدوج أو من اللقاح من حقنتين. وتتخوف السلطات الصحية الفرنسية من أن لا تستجيب هذه الشريحة للحملة الداعية إلى تجديد اللقاء مرة ثانية وذلك بسبب فشل حملة انفلونزا الخنازير. وباء آخر يقلق السلطات الصحية هو وباء الجربة الذي يعرف تزايدا مستمرا، بحيث بلغ ذروته عام 2009. وفي نفس السنة تم تسجيل 5276 حالة من داء السعال الديكي. جغرافيا سجلت أعلى المعدلات في منطقة السان دونيه وضمن أوساط المهاجرين الوافدين من آسيا، إفريقيا أو أوروبا الشرقية. وأسباب انتشار الأوبئة في وسط هذه الشرائح معروفة: عدم الاستفادة من الرعاية الطبية، الازدحام في السكن، وسوء التغذية. الغضبة الكبرى لرشيدة داتي غاضبة ليست بسبب تطفلات الباباراتزي أو «الخرجة» الجديدة لأخيها جمال الذي حاول أن يضع حدا لحياته، بل بسبب فرانسوا فيون، الوزير الفرنسي الأول، الذي قرر تقديم ترشيحه للانتخابات التشريعية القادمة بمدينة باريس، وتحديدا بالمقاطعة السابعة التي هي رئيسة لها. فيما هو نائب على منطقة السارت. وقد اعتبرت هذا «الإنزال» خيانة، بل جبنا ! فالنائبة البرلمانية الأوروبية ورئيسة المقاطعة السابعة لم تنظر بعين الاستحسان لهذا «التسلل» إلى منطقة نفوذها (المقاطعة السابعة)، والذي فسرته بأنه رغبة واضحة من طرف الحزب لتهميشها بل لإبعادها نهائيا عن أي مسؤولية. «لقد عقدت العزم على تمثيل قاطنة المقاطعة السابعة. إن رغب فرانسوا فيون في مساعدتنا على استعادة باريس فعليه التحلي بالشجاعة وتقديم ترشيحه في شمال باريس»، إشارة إلى المقاطعة الثانية عشرة التي خسرها اليمين خلال الانتخابات البلدية الأخيرة. لما نعرفه أن رشيدة داتي تشعر بالغربة لما تبتعد عن باريس، نفهم مقاومتها واستعدادها لخوض حرب ضروس ضد فرانسوا فيون، بل وضد حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي وفر لها عام 2008 منصب رئيسة لهذه المقاطعة على طبق من الفضة والذي يريد اليوم التضحية بها. دعارة الفنادق الفاخرة بعد فضيحة السوفيتيل بنيويورك، انفجر هذا الأسبوع في مدينة ليل بشمال فرنسا ما أصبح يعرف ب«فضيحة فندق الكارلتون» والذي من المحتمل وحسب صحيفة لوجورنال دو ديمانش أن يكون دومينيك ستروس كان، أحد زبائنه إلى جانب عدة شخصيات مورطة بدورها في شبكة للدعارة يعتبر هذا الفندق وكرها الرئيسي. وبعد التحريات الأولى تم اعتقال خمسة أشخاص ينشطون بين بلجيكاوفرنسا لتوفير عاهرات من خمسة نجوم. كان أول من شملته الكماشة المدعو روجيه كوجفير، مدير العلاقات العامة للفندق الذي وظف عاهرات ليقترحهن فيما بعد على زبائن الفندق من الأعيان ورجالات الأعمال. الخطير في هذه الفضيحة هو تورط لا فحسب رجل أعمال ومدير ومسير الفندق، بل محامي ورجالات شرطة. وقد أشارت عدة صحف ومجلات مثل مجلة «كلوزير»، قبل «لوجورنال دو ديمانش» إلى تورط دومينيك ستروس كان في سهرات المجون المنظمة بالفندق، الشيء الذي دفع هذا الأخير إلى تفنيد صحة الخبر وإبداء استعداده للإفادة بشهادته أمام البوليس. هكذا ما أن نفض ستروس كان عنه غبار نافيساتو ديالو وتريستان بانون، حتى لفه دخان فضيحة الكارلتون. فهل سينجح للمرة الثالثة في إثبات براءته أم ستشمله هذه المرة كماشة العدالة؟ تضييق الخناق على الطلبة الأجانب تبعا لتقرير أعدته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يتابع 4 ملايين طالب دراستهم في الخارج، بزيادة 77% على ما كانت عليه النسبة عام 2000. لما كان وزيرا للبحث العلمي، أطلق كلود آليغر مشروع «كامبيس» الذي استقبل 278000 طالب أجنبي. ساهمت في تمويل المشروع المعاهد العليا والجامعات، فيما لم تنفق الدولة ولو مليما واحدا. بتبوئهم لمناصب رفيعة لعب خريجو المعاهد والجامعات دورا اقتصاديا هاما رفع من مستوى الأداء العلمي والتكنولوجي لفرنسا. ولمكافأة هذه الكفاءات بعث كلود غيان، وزير الداخلية مذكرة إلى ولاة الشرطة لمطالبتهم بالحد من تشغيل الطلبة الأجانب. تعتبر هذه الخطوة سابقة خطيرة وتراجعا عن قانون 2006 المتعلق بالهجرة والذي يجيز لحاملي شهادة الماجستير الحصول على عمل خلال الأشهر الستة التي تلي تخرجهم. وكان أحد أهداف هذا المشروع جلب الأدمغة لتعزيز كفاءات الأداء العلمي والمهني لفرنسا. لكن مذكرة كلود غيان جاءت لتضرب عرض الحائط بهذا المكتسب ولتضيق الخناق على الطلبة الأجانب وذلك تمشيا مع سياسة الأرقام (طرد أكبر عدد ممكن من الأجانب)، التي أصبحت شغله الشاغل. وللتنديد بهذا القانون، قام أكثر من 500 طالب بمظاهرة رموا فيها إلى القمامات شهاداتهم الجامعية ! العنف يطال أسرة التعليم إلى الآن، فإن أشكال العنف السائدة في الوسط التعليمي هي الاعتداء الشفوي للتلاميذ على الأساتذة أو صفع الأساتذة للتلاميذ. لهذه التصرفات أسباب موضوعية تتعلق باكتظاظ الأقسام، نقص في الأساتذة وفي الإمكانيات. لكن في المدة الأخيرة أصبحت المدرسة مسرحا لعنف غير مألوف وصل إلى حد القتل والانتحار. في مدينة بورج، أجهز أستاذ في الثالثة والعشرين من عمره، يدرس مادة علوم الإحياء، أجهز بخنجر ياباني على شرطية. في الوقت الذي أقر التلاميذ بكفاءته، شددوا في نفس الوقت على طبعه الغريب وطريقته في التدريس كونه يؤمن بالأشباح والأرواح. أما في بيزييه، فأضرمت أستاذة في الرابعة والأربعين من عمرها، النار في نفسها وسط بهو المدرسة. رشت نفسها بالبنزين أمام التلاميذ، وقبل أن تشعل عود الثقاب، خاطبتهم، «أقوم بهذه الحركة من أجلكم». كانت ليز أستاذة لمادة الرياضيات وعرضة للأرق. وقد نددت نقابات التعليم بالوضع السيكولوجي الضاغط الذي تعيشه أسرة التعليم. ذاكرة التاريخ العنيدة من بين المحطات التاريخية الحالكة في الذاكرة الرسمية لفرنسا محطة ال17 من أكتوبر 1961، حيث طمست فرنسا فاجعة الحدث الذي أودى بحياة العديد من الجزائريين الذين يستعصي إلى اليوم معرفة عددهم بدقة. فيما تحدثت الرواية الرسمية عن ثلاثة قتلى، تشير أكثر من شهادة إلى أن عددهم بلغ المئات. المهم أنه في السابع عشر من أكتوبر، بأشهر قليلة على استقلال الجزائر، خرج الجزائريون وأغلبهم من العمال في مظاهرة في باريس لمساندة جبهة التحرير. أعطيت الأوامر من طرف موريس بابون، رئيس قسم الشرطة، وبمباركة من السلطات العليا، لقمع المظاهرة. هكذا كان حيث استعمل البوليس جميع الوسائل. ولم يجد بعض المتظاهرين من حل سوى القفز إلى نهر السين، ليموتوا غرقا. بمناسبة الذكرى الخمسين لهذه الفاجعة، رتب برنامج من الأنشطة يشمل ندوات، عروضا سينمائية، إصدارات، برامج تلفزيونية، كما تعرض لأول مرة وثائق سينمائية سبق أن تعرضت لمقص الرقيب.