علمت «المساء» بأن لجنة تفتيش من وزارة الصحة حلّت بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد من أجل البحث في عدد من الصفقات التي أثارت الجدل وكانت سببا في تبادل الاتهامات بين مسؤولين إداريين في المركز، ويتعلق الأمر، أساسا، بصفقة إعادة ترميم قسم الجراحة في مستشفى الأطفال وبصفقة إصلاحات في مستشفى الأسنان. وحسب المعطيات المتوفرة لدى «المساء»، فقد طفت القضية على السطح بعدما تبادل مسؤولون ينتمون إلى نقابة واحدة الاتهامات حول بعض الصفقات التي تشوبها اختلالات، ومنها، على سبيل المثال، صفقة ترميم قسم الجراحة في المستشفى، والتي تنص على أن العملية تحتاج على 5 أطنان من الحديد، مما فرض تدخل المدير العام للمركز الجامعي لتهدئة الأوضاع، في اجتماع انتهى بتبادل السب والقذف بين الأطراف.. بعدما هدّد بعضُهم باللجوء إلى المحكمة الإدارية، في حين أثار آخرون إمكانية وضع شكاية أمام وكيل الملك، للبحث في تفاصيل هذه الصفقات وفي مدى وجود شبهة اختلاسات في المبالغ المرصودة لها. كما تدخلت النقابة ل«احتواء الموضوع» وطلبت من المدير العام صرف النظر عن النزاع الذي أثاره المنتمون إليها، دون المطالبة بفتح تحقيق في هذه الصفقات، وهو ما استجاب له المدير العامّ، الذي اكتفى بتوجيه تنبيه إلى الطرفين. وبينما لم يتسنَّ ل«المساء» أخذ رأي عبد النبي القمر، المدير العام للمركز الاستشفائي ابن رشد, حول حقيقة هذه المعلومات، إذ ظل هاتف مكتبه يرن دون مجيب، نفى مصدر مسؤول في المفتشية العامة للوزارة إيفاد لجنة من المفتشية للبحث في الملف، مضيفا أن اللجنة قد تكون أُرسِلت من طرف وزارة الصحة أو من طرف المديرية الجهوية في الدارالبيضاء، وهي المعطيات التي تَعذّر على «المساء» التأكد منها، رغم الاتصالات المتعددة مع الكتابة العامة للوزارة بحجة وجود جميع موظفيها في حفل إطلاق اسم الراحل عبد الرحيم الهاروشي على مستشفى الأطفال في الدارالبيضاء. وتعيد الضجّة التي أثيرت حول صفقات قسم الجراحة في مستشفى الأطفال ومستشفى الأسنان إلى الأذهان موضوع الصفقات «المشبوهة» المتعلقة بتجهيز قسم القلب والشرايين في المركز ذاته، إذ سبق للجنة من وزارة الصحة أن زارت المركز في شهر أبريل من سنة 2009، للتحقيق في ثلاثة ملفات أثارها ممثلو الأساتذة في المجلس الإداري. وقد تحركت اللجنة بطلب من الإدارة بعد توصل ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، أثناء حضورها دورة المجلس الإداري للمركز الاستشفائي والجامعي ابن رشد, من ممثلي الأساتذة في المجلس الإداري برسالة مصحوبة بوثيقة يبرهنون من خلالها على عدم مطابقة تجهيزات قاعة قسطرة القلب لمواصفات دفتر التحملات. وتشير الوثيقة إلى أن اللجنة المكلفة بالتصديق على الصفقة رقم 2007/48، قررت أن ملف شركة «T2SS» هو المطابق لدفتر التحملات وأن عروض كل من شركتي «سيمنس» و«فيليبس» غير مطابقة له وتم إنجاز محضر وقع عليه كل من رئيس المصلحة، وهو أستاذ خبير في القسطرة، ومهندس في الهندسة الحيوية الطبية، إضافة إلى تقنيين، إذ رفضوا التصديق على العروض المقدمة من طرف باقي الشركتين. وتُقدَّر تكلفة تجهيزها بحوالي مليار سنتيم، ممولة، بشكل كلي، من مجلس جهة الدارالبيضاء. وكان عبد النبي القمر قد قال، في تصريحات سابقة عقب تفجر النزاع بينه وبين ممثلي الأساتذة في المجلس الإداري، «إن 3 أو 4 منهم يتهمون إدارة المركز بخروقات في عدد من الصفقات وينتقدون تدبيره المرْكزَ باستمرار، بسبب خلافات بينه وبينهم، بعد أن كان سببا في إيقاف تجارب جديدة كان يقوم بها أحدهم على المرضى العقليين، وبسبب رغبة آخرين في إزاحته عن منصبه»، وهو ما ردّت عليه النقابة الوطنية للتعليم العالي بقولها إن «التبريرات التي قدمها المدير لا أساس لها من الصحة ولا تتناول صلب الموضوع، المتعلق بوجود وثائق رسمية تثبت وجود خروقات واضحة في عدد من الصفقات، نافية وجود خلافات شخصية بين ممثلي الأساتذة ومدير المركز. كما طالب أعضاء النقابة بأن تتم إحالة الملف على مفتشية وزارة المالية وعلى المجلس الأعلى للحسابات، لأنهما الهيأتان المؤهلتان أكثرَ للحسم في مدى قانونية الصفقات موضوع الخلاف.