يعتبر المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، من أكبر المستشفيات بالمغرب، إذ يتوفر على خمس مستشفيات، وتبلغ طاقته الاستيعابية 880 سريرا، موزعة على 42 مصلحة، ويضم منشآت طبية تتمثل في مستشفى الاختصاصات، ومستشفى الأم والطفل، ومركبا جراحيا، وقاعة للتشخيص ومختبرا وجناحا للفحص الخارجي، ومختبرا مركزيا، وكذا مركزا للأنكولوجيا وآخر للطب النووي، سيتم انطلاق العمل بهما، نهاية السنة الجارية، ضمن الشطر الثاني من المركز، وبلغت ميزانية التسيير برسم السنة الحالية، 324 مليونا وخمس مائة ألف درهم، لتصبح أضخم ميزانية رصدت لمركز استشفائي لحد الآن، في الوقت الذي يصل عدد الأطر الشبه طبية الممرضين 839 مستخدما، ليبلغ إجمالي الموارد البشرية التي يشتغل بها المركز 1265 منصبا ماليا، وفي الذكرى الأولى لتأسيسه، حقق المركز الاستشفائي إنجازات كبيرة على مستوى الخدمات المقدمة، والعمليات الجراحية التي أنجزت، ومعدلات الاستشفاء والولادة، بالمقابل ظهرت العديد من الاختلالات، تخص بالأساس ما اعتبرها البعض بالفضيحة الكبرى، والمتمثلة في اختلالات همت تجهيز المباني، من شقوق وتسربات مائية..، والتي أشرفت عليها وزارة التجهيز، ولعل أهمها، عدم تسلم المصالح التقنية للمركز الاستشفائي، للتصميم الهندسي النهائي للمباني، بالرغم من مرور أزيد سنة عن انتهاء أشغال البناء.! المستشفى ضحية شهرته يجمع المستخدمون والأساتذة والأطباء بالمركز الاستشفائي بفاس، على اعتبار أن المستشفى ضحية نفسه وشهرته، بعدما أصبح أكبر مستشفى جامعي بالمغرب، بحكم الميزانية المرصودة له، وحجم التجهيزات المتطورة التي يتوفر عليها، ونوعية التخصصات التي يحتوي عليها، ومع تخليد الذكرى الأولى لبداية الاستشفاء به، بدأت تنكشف العديد من الإشكالات التي تعيق السير العادي للمركز، بفعل النسب المرتفعة لعدد المرضى الذين يتوافدون عليه، إذ يعجز عن استقبالهم يوميا، وهو ما يرفع من معدل الانتظارية لدى المواطنين، ويحدث نوعا من التذمر وعدم الرضا، بفعل مواعيد تعد بالأشهر بدل الأيام، هذا الوضع يحيلنا على الوضع الصحي للمستشفيات الإقليمية والجهوية، ومستوى الخدمات التي تقدمها للمواطنين. وفي هذا الصدد، يعتبر البروفسور محمد خاتوف، رئيس قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي بفاس، أن هناك مجموعة من الأمراض، يمكن معالجتها في المراكز الصحية أو المستشفيات الإقليمية والجهوية، آنذاك يمكن للمريض الذي هو في حاجة إلى خدمات المركز الاستشفائي الجامعي، أن يلجه بسهولة، وفي أقرب الآجال، ودعا خاتوف في تصريحه لالتجديد، إلى حماية المركز الاستشفائي الجامعي، من أجل أن يؤدي دوره الحقيقي، المتمثل في تكوين الأطباء والقيام بالاستشفاء بالنسبة للأمراض المستعصية، مؤكدا على أنه إن لم تكن مستشفيات وزارة الصحة قادرة على أداء مهامها، فلا يمكن للمستشفى الجامعي أن يقوم بكل شيء، فالوزارة عليها أن تتحمل مسؤوليتها، يضيف رئيس مصلح الإنعاش، الذي أشار إلى أن هناك طلبا مهولا على الاستشفاء والعلاج في المستشفى الجامعي، وهو ما يرغم المريض على أخذ مواعيد تكون غالبا ذات أمد متوسط أو بعيد، قد تصل إلى أشهر حسب التخصصات، أما ربيع، الممرض بقسم المستعجلات، فيرى أن الحل الأمثل، يتمثل في قيام مستشفيات وزارة الصحة بالدور المنوط بها، متسائلا، أليس هناك مستشفيات بالمدينة؟، لماذا يتم اللجوء مباشرة إلى المستشفى الجامعي كمستوى ثالث في العلاج، في ظل وجود المستويات الأولية بمختلف المدن؟، أليس هناك جراحون بتاونات وصفرو..؟، هذا الإجماع أكده أيضا البروفسور البياز، الاختصاصي في الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي، واعتبر في تصريحه لالتجديد، أن المستشفيات الفرعية لا تقدم الخدمات المطلوبة إلى المواطنين، في الوقت الذي يجب فيه أن يمر المريض أولا بمستشفيات الإقليمية والجهوية. اختلالات في البناء على الرغم من مضي سنة فقط على بدء العمل بالمركز الاستشفائي الجامعي، بدأت تتضح معالم سوء تدبير عملية بناء المباني المتعلقة بالمركز، والتي أشرفت عليها وزارة التجهيز بميزانية ضخمة، إذ بلغت تكلفة إنجازه مليارا و100 مليون درهم، وتكلفت وزارة التجهيز بإنجاز الأعمال التقنية ومراقبة مشروع بناء المستشفى من الوجهة التقنية. وعاينت التجديد في زيارة لمختلف أجنحة المركز الاستشفائي، حجم الاختلال الظاهرة في عملية البناء؛ تشققات انكشفت بالعديد من الجدران، تسربات مائية خلفت مصالح طبية غمرتها المياه، وخصوصا بالأجنحة السفلية لأغلب المصالح، وأبواب أوتوماتيكية معطلة. مهنيون ومستخدمون تحدثوا لالتجديد عن ما أسموه اختلالات وفضائح همت صفقة بناء المستشفى، بين الفينة والأخرى تشهد قنوات التكييف العديد من الانفجارات، التي تتسبب في فيضانات مائية تشكل خطرا على الأجهزة الطبية المستعملة، بينما تحدث آخرون عن عدم الربط بين بعض قنوات الصرف الصحي، وما يخلفه ذلك من اختناقات متكررة، لكن أغرب ما كشف عنه مصدر مطلع لالتجديد، يتمثل في غياب التصميم الهندسي النهائي، لمختلف القنوات المائية، سواء تعلق الأمر بالصرف الصحي أو بالماء الشروب أو بقنوات التكييف، إذ من المفروض أن يسلم للجهة المشرفة على تسيير المستشفى خلال عملية التسليم القانوني للمباني، وهو ما علق عليه أحد المستثمرين بالفضيحة الكبرى، بينما توصلت المصالح التقنية للمستشفى مؤخرا بالتصميم المتعلق بتثبيت الشبكة الكهربائية، والذي بدوره، من المفروض أن يسلم قبل أكثر من سنة. مظهر آخر من الاختلالات في المباني، رصدته التجديد، ويعتبر الأكثر خطورة، يتعلق الأمر بمشكل تسرب المياه من أسطح المباني، يتم التعامل معه في ميدان التجهيز، بمرحلة مهمة في البناء، يصطلح عليها بEtanchieter، إذ من المفروض أن تتم هاته المرحلة قبل عملية بدأ استغلال المباني، وتظل الشركة المشرفة على البناء، مسؤولة عن أي خلل أو تسرب لمدة 10 سنوات، ومن المتعارف عليه في ميدان العقار عدم ظهور مثل هاته التسربات المائية إلا بعد سنوات، إن ظهرت طبعا، بالنظر إلى حجم الصفقة المرصودة له، إلا أن الاستثناء حدث مرة أخرى بالمستشفى الجامعي، فأعلن عن صفقة لترميمه، من ميزانية المستشفى، وتحت إشراف المصالح التقنية للمستشفى، بالرغم من وجود المسؤولية المباشرة لوزارة التجهيز، وعلى الشركة التي فوتت لها صفقة تلك الأشغال، من أجل الترميم، مادامت الضمانة تصل إلى 10 سنوات. محمد خاتوف، الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، ورئيس مصلحة للإنعاش بالمستشفى، تأسف لما ظهر من تآكل لمجموعة من البنايات، وأضاف قائلا في تصريحه لالتجديد: في أغلب الممرات والمصالح هناك اختلالات في قنوات المياه والأرضية، تسربات مائية مستمرة، للأسف بقدر ما نفتخر بأول مركز استشفائي بناه المغاربة بعد الاستقلال، بقدر ما نتأسف للاختلالات التي ظهرت في البنايات، أما المدير العام للمستشفى، الدكتور آيت الطالب، فاعتبر أن الأمر فيه مبالغة، مؤكدا على أنه من الطبيعي أن تظهر بعض الاختلالات التي لا تشكل أي خطورة، وبطبيعة الحال، مسؤولية الترميم ملقاة على الشركة التي أشرفت على البناء، ولمدة عشر سنوات، واعترف آيت الطالب بوجود خلل في الربط بين قنوات الصرف الصحي، بإحدى ساحات المستشفى، مؤكدا أنه تم الكشف عنها ومعالجتها. حديث المدير على أن الشركة التي تكلفت ببناء المستشفى، هي من ستقوم بعملية الترميم والإصلاح، تفنده الوقائع على أرض الميدان، إذ أعلن المستشفى عن صفقات عمومية من أجل الترميم والإصلاح، ومعالجة مشكل التسربات المائية السطحية، وهو ما يعتبره العديد من المتتبعين تملصا لوزارة التجهيز من مسؤولياتها، باعتبارها صاحب المشروع، وعليها متابعة الشركة التي فوتت لها عملية البناء، من دون اللجوء إلى الميزانية الخاصة للمستشفى الجامعي، من أجل تمويل صفقات الترميم والإصلاح. خصاص في الموارد البشرية دقت النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الطب بفاس ناقوس الخطر، واعتبرت في بيان أصدرته، على أنه هناك عدة مشاكل تعيق وتعرقل سير العمل في المستشفى، وتحدث الأساتذة عن خصاص مهول في الموارد البشرية، واعتبروا أن وزيرة الصحة لم تلتزم بوعودها، وسجل الأساتذة خصاصا قدر ب400 إطار من الموارد البشرية، الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي أكد، في تصريحه لالتجديد، أنه بعد عدة إضرابات توصلوا بوعود من لدن وزارة الصحة، على أساس أن نصف الموارد البشرية، ستمنح في سنة ,2008 وما تبقى سيمنح في 2009 و,2010 إلا أنه بعد دفعة 400 منصب مالي في ,2008 المستشفى الجامعي لم يحصل على أي منصب مالي في ,2010 ومن ثم، يضيف المتحدث، عندما يوجد مستشفى جامعي على أعلى مستوى من ناحية التجهيزات والبنايات، بالمقابل هناك خصاص مهول في الموارد البشرية، بالتأكيد لن تكون هناك مردودية كاملة، وهو ما ذهب إليه أيضا، الأستاذ البياز، إذ أشار إلى أن هناك ارتفاع في عدد المرضى بعد الانتقال إلى المركز الاستشفائي الجديد، بالمقابل هناك استقرار في الموارد البشرية التي من المفروض أن يتم تعزيزها كما ونوعا. إنجازات مهمة وأجهزة متطورة على الرغم من تسجيل مختلف الاختلالات التي يشهدها المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، فإن أغلب من التقتهم التجديد من نقابيين أو ممرضين أو أساتذة أطباء، أجمعوا على أن جل ما رصد حاليا يتعلق باختلالات لا مسؤولية للمركز الاستشفائي عليها، أحيانا يتعلق الأمر، بمسؤولية وزارة التجهيز، فيما يخص التجهيز والبناء، وأحيانا تتحمل المسؤولية وزارة الصحة ووزارة المالية، خصوصا في ما يتعلق بملف الخصاص في الموارد البشرية، وعن حصيلة عمل المستشفى خلال السنة الماضية، اعتبر البروفسور البياز في تصريحه لالتجديد، أن هناك تطورا كبيرا، من خلال ارتفاع عدد المرضى الذين يحصلون على العلاجات؛ سواء بمصلحة الأمراض الصدرية التي يشتغل بها، أو بمختلف المصالح الأخرى. بالإضافة إلى الجانب التطبيبي، يرى البياز، أن هناك حضورا قويا للجانب التكويني للطلبة الأطباء، مع إمكانية النقل المباشر لأهم العمليات الجراحية إلى قاعة الدروس، دون الحاجة لتنقل الطلبة إلى قاعات العمليات الجراحية من أجل أخذ التكوين اللازم، فهناك سعي دائم، حسب المتحدث، إلى تعزيز المركز الاستشفائي بأجهزة جد متطورة، وهو ما توج أخيرا بالحصول على جهاز يمكن من تشخيص كل الأمراض المتعلقة بالنوم، وهو الأول من نوعه بالمغرب، إذ يمكن من تشخيص أمراض التنفس التي لها علاقة بمرض النوم، ليختم حديثه مؤكدا على أن الحصيلة إيجابية لكن يتطلب المزيد من العمل لتقويم الاختلالات. بدوره، اعتبر خاتوف، رئيس مصلحة للإنعاش، أن المركز الاستشفائي الجامعي، سجل إضافة نوعية في الشبكة الصحية الوطنية، إذ يقدم خدماته لجل الجهات بالمملكة، ولا يقتصر على جهة فاس بولمان، على اعتبار أن التجهيزات المتوفرة به من أحدث التجهيزات على المستوى العالمي، ويعتبر زرع جهاز بديل لكتف سيدة مسنة بالمستشفى الجامعي من أبرز الإنجازات التي حققها المستشفى، إذ تمكن فريق طبي بمصلحة جهاز العظام من زرع جهاز بديل لكتف سيدة مسنة، وتعتبر العملية الأولى من نوعها في جهة فاس بولمان، إذ تمكنت السيدة من استعادة الحركة الطبيعية للكتف بشكل سريع. مشاكل نقابية من المشاكل التي تتخبط فيها المراكز الاستشفائية عموما إشكالية الترقي بشهادة الإجازة، مشكل يتسبب في إضرابات يشهدها المركز الاستشفائي بفاس، تعرقل بين الفينة والأخرى سير عمل المركز، ففي 12 يوليوز 2007 صدر مرسوم وزاري بالجريدة الرسمية، يخول لحاملي شواهد الإجازة الجامعية الترقي إلى السلم العاشر، مع تغيير الإطار إلى متصرف مساعد، أو متصرف مقتصد، المرسوم تمت أجرأته بمختلف القطاعات الحكومية بما فيها وزارة الصحة، إلا أن وزيرة الصحة عجزت عن تطبيق مقتضيات هذا المرسوم، ليشمل أيضا العاملين بالمراكز الاستشفائية، علما أن النظام الأساسي للمراكز الاستشفائية الجامعية، يضمن لمستخدميه جميع المنافع العينية الممنوحة لموظفي الدولة، وهو ما اعتبره مسؤول نقابي بالمركز الاستشفائي بفاس، حيفا في حق هاته الفئة من المستخدمين، وخرقا لمقتضيات القانون، ولمبدأ المساواة وتكافئ الفرص. ويعتبر أحد المرضين النقابيين بالمركز الاستشفائي بفاس، في تصريحه لالتجديد، أن أزيد من 90 في المائة من العلاجات، تقوم بها فئة الممرضين، وفي النهاية، يضيف الممرض، لا وجود لنا في تقرير الأنشطة السنوي، بالمقابل هناك أمور نقوم بها كممرضين منذ خمسين سنة وليست من اختصاصنا، مدير المستشفى الجامعي بفاس، أكد في تصريحه لالتجديد، على أنه صدر قرار يمنح للمديرين الحق في السهر على تنظيم مباراة في غضون ثلاث سنوات، حتى يتمكن المجازون من الترقية بشواهدهم، وهو ما سهرت عليه إدارة المستشفى الجامعي، وتم إعلان النتائج، ليتم رفضها على أساس أن المؤسسات العمومية التي لها استقلالية ذاتية، وكان الرفض من طرف وزارة المالية، يؤكد المتحدث، وعلى إثر ذلك جاءت رسالة وزير المالية التي تتحدث عن الموافقة المبدئية شريطة، عدم تغيير المهمة، مسؤول نقابي بالمستشفى، اعتبر كلام مدير المستشفى غير دقيق، وأكد على أن مطلبهم الأساسي يتمثل في الحسم في الوضعية القانونية، ورفع الغموض عنها، إذ لا يعقل، يضيف المتحدث، أن يتم إشعار الأطر التي أعلن عن نجاحها في امتحانات الترقية، عن طريق مذكرة إدارية، بتغيير الإطار مع الاحتفاظ بالمهمة المزاولة دون أي سند قانوني.