خرج أطباء بني ملال عن صمتهم ونظموا ندوة صحفية، مساء الأربعاء الماضي، بمقر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لكشف المعاناة وأسباب الشلل الذي أوقف العمل بالمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال. وفجر الأطباء الكثير من المسكوت عنه في المركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، الذي أعطت فيه الدولة انطلاقة نظام المساعدة الطبية «راميد» قبل أربع سنوات، لكن «انعدام كل شروط العمل جعلت منه معتقلا وليس مستشفى، ونغامر ونتحمل مسؤولية كبرى لضمان الحدود الدنيا من الخدمات للمرضى»، يقول الأطباء. وعدد الأطباء الكثير من مظاهر المعاناة بالمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، مؤكدين أن الوقت حان ليعرف الجميع ظروف العمل بالمستشفى بدل الاكتفاء بمقولة عدم نشر الغسيل الداخلي، وتناوب على عرض مشاكل المستشفى خمسة أطباء ينتمون للتحالف النقابي الذي يتكون من ثلاث نقابات صحية بالمركز الاستشفائي الجهوي، النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام والنقابة الوطنية للصحة العمومية التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب النقابة الموازية لحزب وزيرة الصحة. واستعرض الأطباء أهم المشاكل التي تعاني منها الشغيلة الصحية والتي بسطوها في الملف المطلبي الذي يضم 42 مطلبا تهم جميع أقسام المستشفى، وقدم الأطباء نماذج صادمة لما يعانيه المواطنون من متاعب نتيجة قلة الموارد البشرية وحجم الضغط على الأطر الصحية، وتهالك التجهيزات وتعطلها في غالب الأحيان بسبب ما أسموه ب«التلاعب في صفقات اقتنائها وغياب الصيانة»، واستغرب الأطباء «تخصيص 16 مليار لترميم المستشفى أغلبها ذهب في صفقات مشبوهة لمقاولات وشركات أعلنت إفلاسها بمجرد تمكنها من صفقات الترميم أو إعادة بناء بعض الأقسام». وفي مفاجأة ألقت بظلالها على الحاضرين، قال الأطباء إن « إدارة المستشفى مكنت أحد المقاولين من استعمال عداد المستشفى الخاص بالماء لتبلغ فاتورة الماء 80 مليون سنتيم في الوقت الذي لا تتجاوز فيه 6 ملايين في الأوقات العادية»، وطالب الأطباء ب«إيفاد لجنة تحقيق في هذه الفاتورة ومن منح الماء للمقاول وكم كان ثمن هذه العملية». وفي جواب على سؤال ل«المساء» حول تفشي الرشوة بالمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، واتهامات الإدارة للأطباء بمحاباة المرتشين والوقوف ضد مخطط لمحاربة الرشوة والعمل في المصحات الخاصة، أكد الأطباء أن «النقابات قدمت لائحة بأسماء المرتشين للإدارة، لكن عوض اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم أسندت لهم الإدارة مهام ومسؤوليات»، وقدم أطباء حاضرون في الندوة نماذج لممرضين وأطباء مرتشين سبق وقدموا ضدهم شكايات دون جدوى، وأكد الأطباء أنهم «يطالبون بمحاسبة الجميع بمن فيهم الأطباء إن كانت لهم ملفات رشاوى وتقديمها للقضاء بدل الهروب إلى الأمام وتوزيع الاتهامات، فالإدارة تمسكت بطبيب مرتش رغم قرار تنقيله، وتحمي موظفين مرتشين قدمنا بهم شكايات عديدة»، ورفع الأطباء التحدي مطالبين الإدارة بأن تنشر أسماء المرتشين في وسائل الإعلام أو أن تقدم ملفاتهم للمحاكمة. وأضاف الأطباء أن لجنة المحاسبة ولجان التحقيق ينبغي أن لجنة تفتح تحقيقا حول أزيد من 16 مليار خصصت للمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، والتي كانت تكفي لبناء مستشفى جديد وتجهيزه، وفتح تحقيق حول الصفقات التي يعرفها المستشفى الجهوي ببني ملال، وكشف الأطباء أن لجان التحقيق ترفض أن تزور أجنحة وأقسام بالمستشفى كما حدث قبل سنتين، عندما رفضت لجنة وزارة الصحة زيارة قسم الجراحة الذي كانت تغمره مياه الأمطار وتغيب فيه كل التجهيزات.