سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قاسم: نحن جاهزون للحرب ضد إسرائيل ووضع المقاومة حاليا أحسن مما كان عليه في عدوان 2006 الرجل الثاني في حزب الله للمساء إنه مع الثورة في البحرين وضدها في سوريا
قال الشيخ نعيم قاسم، الرجل الثاني في حزب الله اللبناني، إن المستفيد الأول من اغتيال رفيق الحريري هو إسرائيل، مضيفا في حوار مع «المساء» أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي محكمة إسرائيلية أمريكية مسيّسة هدفها الوحيد هو خلق الفتنة المذهبية وضرب المقاومة في لبنان. وأضاف نعيم قاسم، الذي يشغل مهمة نائب الأمين العام للحزب، أن المقاومة جاهزة للحرب ضد إسرائيل. أما بخصوص الأنباء التي أشارت إلى أن مخابرات حزب الله حققت مع بعض المغربيات اللواتي ذكرت أسماؤهن في ملف اغتيال الحريري، فقد أكد نعيم قاسم أنه شخصيا ليست لديه أي معلومات دقيقة بخصوص هذه القضية. - أنتم، في حزب الله، ما هي توقعاتكم بالنسبة لمستقبل المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في ملف اغتيال رفيق الحرير، خاصة أن هذه المحكمة تتهم حزبكم ب«التورط» في هذا الاغتيال؟ منذ البداية، كشفنا للرأي العام، بما لا يقبل الشك، أن المحكمة الخاصة بلبنان محكمة مُسيّسة وتدار من قبل أمريكا وتستهدف ضرب المقاومة، بعد أن عجزوا عن ضربها داخليا من خلال الحرب الإسرائيلية سنة 2006 على لبنان. وقد تبين تسييس المحكمة من خلال التقلبات، التي مرت بها خلال التحقيق الأولي، الذي حجز وسجن أربعة ضباط مدة أربع سنوات من دون وجه حق، وأيضا من خلال الاتهامات التي كانت موجهة في بداية الأمر إلى سوريا، ثم انقلب الأمر، منذ سنتين، لتوجه أنظارهم إلى عناصر في حزب الله لإثارة الفتنة المذهبية وللانتقام من المقاومة وأدائها. ولم يختلف ما سمعناه من القرار الاتهامي عما نشرته مجلة «دير شبيغل» الألمانية قبل سنتين تقريبا، مما يبرز أن المخطط مدروس وجاهز، لكن كل توقيت للإعلان له علاقة بظرف سياسي يحتاجون معه إلى الضغط علينا، فكما أعلنوا نقل القرار الاتهامي من بلمار إلى فرانسين يوم إسقاط حكومة الحريري، أعلنوا مجددا الأسماء والكشف عن مضمون القرار الاتهامي يوم دراسة البيان الوزاري لحكومة الرئيس ميقاتي، مما يعني أنهم يحاولون اختيار التوقيت المناسب بالنسبة إليهم للضغط على حزب الله ولبنان. وبالنسبة إلينا، هذه المحكمة مجانبة تماما للحقيقة، وحزب الله ليس مسؤولا عما حصل، وبالتالي سنعمل على منع وصول أهداف المحكمة السياسية إلى ما تريد، من خلال كشف وفضح طبيعة هذه المحكمة، التي أصبحت واضحة للرأي العام، بتصريحات من قانونيين واختصاصيين، والتي تأخذ الإفادات وتخفي الشهود ولا تبرزهم أثناء المحكمة، مما يزيد من القدرة على تلفيق كل التهم التي يريدونها. على كل حال، نحن نتعامل مع المحكمة على أنها محكمة أمريكية إسرائيلية وأنها تستهدف ضرب المقاومة، ولا علاقة لها بالحقيقة، لا من قريب أو بعيد. وفي كل الأحوال، الرأي العام إلى جانبنا.
- تحدث العميد اللبناني مصطفى حمدان في حوار مع جريدة «المساء» عن استخدام فتيات مغربيات في ملف اغتيال الحريري. هل لديك معلومات في حزب الله عن هذه القضية؟ شخصيا ليس لدي أي معلومات عن موضوع الفتيات المغربيات، وحزب الله لم يتدخل في أي شأن من شؤون التحقيق الخاص بالمحكمة، وبالتالي يمكن سؤال العميد حمدان أو غيره عن صحة هذه المعلومات، فهم مطلعون على بعض التفاصيل التي لا نعرفها. - لكن هناك أنباء أشارت إلى أن مخابرات حزب الله حققت مع بعض هؤلاء الفتيات المغربيات؟ أؤكد لك مرة أخرى أنه ليست لي معلومات حول هذا الأمر. وعموما، لجنة التحقيقات والمحكمة الخاصة باغتيال الحريري ارتكبت مخالفات كثيرة أصبح الجميع يعرفها.
- خصومكم يقولون إن حكومة ميقاتي الحالية في لبنان هي حكومة حزب الله. ما هو تعليقك؟ كان حزب الله جزءا من حكومة الرئيس سعد الحريري، وتم تمثيل الحزب بوزيرين من أصل 30 وزيرا، وعندما أُسقطت حكومة الحريري، شكل الرئيس ميقاتي هذه الحكومة، وفي داخلها وزيران لحزب الله، كما كان في الحكومة السابقة. فمن حيث عدد الوزراء، لم يتغير عدد وزراء حزب الله، لكن بطبيعة الحال، ما جعل هذه الحكومة تتشكل هو انتقال شخصيتين أساسيتين من موقع سياسي إلى آخر، أحدهما الرئيس ميقاتي، الذي كان محسوبا على جماعة 14 آذار، والسيد وليد جنبلاط، الذي كان ركنا أساسيا من أركان 14 آذار. هاتان الشخصيتان مالتا في سياستهما إلى السياسات العامة التي اختارها حزب الله، سواء في نظرتهما إلى العدو الإسرائيلي ووجوب مواجهته، أو نظرتهما إلى المحكمة وتسييسها أو رؤيتهما المتعلقة برفض الفتنة الداخلية في لبنان، أو طريقة التعاطي مع نهضة البلد الاجتماعية والاقتصادية، أو كيفية مواجهة المخططات الأمريكية المقررة ضد لبنان، وخاصة الوصاية عليه. إذن هناك تحالف جديد نشأ. وعندما كان الرئيس ميقاتي وجنبلاط مع الطرف الآخر، لم يكن بإمكاننا أن نكون جزءا من حكومة لها الصيغة الحالية، وعندما أتى الرئيس ميقاتي وجنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، تشكلت الحكومة الجديدة، وعرض الرئيس ميقاتي على حزب المستقبل أن يكون جزءا من هذه الحكومة الجديدة، لكنه لم يقبل. على هذا الأساس، نحن نعتبر أن اختيار حكومة ميقاتي إنما تم بالآليات الدستورية المعروفة، بالحصول على أغلبية نيابية سمته ونالت الحكومة الثقة. وعندما يحاولون القول إنها حكومة حزب الله، يعتقدون أنهم بذلك يشوشون على الحكومة ويعرضونها أمام المجتمع الدولي بأنها حكومة معادية للمجتمع الدولي من أجل استدراج ضغوط أمريكية وإسرائيلية ودولية على هذه الحكومة كي تفشل ويقولوا إنهم عندما لا يكونون على رأس الحكومة، لا يستطيع أحد أن ينجح في تشكيل حكومة في لبنان، لكنهم فوجئوا بالنتيجة التي حصلت، وهي أن الحكومة تشكلت وكانوا يراهنون على عدم تشكيلها، وأنجزت بيانها الوزاري وكانوا يعتقدون أنه من الصعب إنجازه، وأخذت اعترافا من كل الدول، وهي تتعامل معها بشكل طبيعي، سواء الاتحاد الأوروبي أو أمريكا أو الدول العربية. ومنذ تشكلت هذه الحكومة، أنجزت بنودا كثيرة، وتقريبا في كل جلسة تنجز حوالي 160 نقطة على جدول أعمالها، مما يبرز بأن عجلة الحكومة فعالة وسريعة، وهذا ما أصاب فريق حزب المستقبل بالإحباط. ونحن اليوم أمام حكومة نشطة وأمام استقرار سياسي وتعامل دولي طبيعي.
- لكن هناك من يقول إن هذه الحكومة سوف تكون عاجزة عن تحقيق انتظارات الشعب اللبناني ومطالبه؟ صحيح أن الشعب اللبناني يتوقع من هذه الحكومة أن تعالج الوضع المعيشي الصعب. ولا بد من الاعتراف هنا أن هناك أزمات مستحكمة، مثل أزمة الكهرباء وغلاء البنزين، وضعف القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، وعدم كفاية الحد الأدنى للأجور بالنسبة إلى العمال والموظفين. ومن جهة أخرى، يأمل الشعب أن يرى حكومة متماسكة أمام التحديات السياسية ولا تخضع للإملاءات الأمريكية ولا تخاف من التهويل الإسرائيلي، وفي الآن نفسه، تعمل على حماية النفط المتوقع بأن يظهر في البحر اللبناني من خلال حسن ترسيم المنطقة الاقتصادية، حيث لا تأخذ إسرائيل هذا الحق من لبنان، وهذه معركة حقيقية. وأعتقد أن الحكومة ستكون ناجحة على المستوى السياسي وعلى مستوى حماية لبنان من الوصاية الأجنبية، كما ستدافع جيدا عن موضوع الغاز والنفط في المنطقة الاقتصادية المشتركة، وستتمكن من تحقيق تقدم في المسألة الاجتماعية، لأن لبنان يرزح تحت حوالي 60 مليار دولار من الديون التي تثقل كاهله بسبب سياسات الحكومات السابقة.
- تحدث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن معادلة جديدة في خطابه الأخير، ترتبط بظهور النفط في البحر اللبناني. ما طبيعة هذه المعادلة؟ منذ عشرات السنين، والحديث يجري في لبنان عن وجود نفط في مياهه الإقليمية، لكن لم يحصل تحرك جدي لاكتشاف الأمر، إلى أن أتت شركة نرويجية واهتمت بالتنقيب بشكل فعال، واكتشفت وجود حقول للنفط والغاز داخل المياه اللبنانية، وكذا في المنطقة الاقتصادية المشتركة مع دول المنطقة. كما أكد مجموعة من الخبراء العالميين بشؤون النفط وجود كميات تزيد قيمتها عن المائة مليار دولار، حسب التقديرات الأولية. أما بالنسبة إلى المعادلة، فلدينا معادلة واحدة يمكن أن تتفرع؛ وهي أن لبنان بعد التحرير سنة 2000 والانتصار سنة 2006، يختلف عن لبنان ما قبل ذلك. لبنان الآن لا يقبل بأن تحتل أرضه ويتفرج على إسرائيل، أو يبكي ويشكو إلى مجلس الأمن، ولا يقبل أن يؤخذ نفطه وتحصل أضرار في اقتصاده، وهو يتفرج على ما يحصل. لذا عندما تحدث السيد نصر الله، أراد أن يؤكد أننا كما دافعنا عن الأرض من أجل أن نحررها وبقي القليل منها، كذلك نحن مستعدون للدفاع عن نفطنا، وكل هذا في إطار الثلاثي: المقاومة والجيش والشعب، الذي ورد في البيان الوزاري كثلاثي يحمي حقوق لبنان المائية والبرية وغيرها.
- سبق لك أن قلت في حوار مع «المساء»، بعد ستة أشهر من حرب تموز 2006 إن المقاومة هي أقوى مما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي. فهل الأمر لازال كذلك إلى الآن؟ في عدوان تموز 2006، صمدت المقاومة 33 يوما، وبقيت وتيرة قصف إسرائيل مستمرة، وحصلت مجازر للدبابات الإسرائيلية التي دخلت إلى لبنان، وتعرضت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في قسم مهم منها، إلى أضرار بالغة. وكما أعلن تقرير «فينوغراد»، فإن الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006 كانت فاشلة على جميع المستويات، السياسية والعسكرية والشعبية، وعلى مستوى الكيان الإسرائيلي. هذا بالإمكانات التي كانت موجودة آنذاك، أما اليوم، فبعد مرور خمس سنوات، لم تهدأ المقاومة لحظة واحدة، إعدادا وتجهيزا وتدريبا واستقطابا وتهيئة، لما يمكن أن يحصل من حرب في يوم من الأيام، وبالتالي عندما يكون هذا هو الاتجاه، بإمكانك أن تتصور مستوى التراكم الكمي والنوعي لديها، الذي يجعلها جاهزة جهوزية متقدمة ومتطورة عما كانت عليه الأمور سنة 2006. هذا لا يعني أن إسرائيل أيضا لا تجهز ولا تقوم بسد الثغرات، لكن في السباق، أعتقد أننا أسبق من إسرائيل وأكثر مرونة، ولو قارنا وضعنا اليوم مع إسرائيل بوضعنا في سنة 2006 لقلنا إن المقارنة ترجح موقعنا الأفضل اليوم، عددا وعدة، بالمقارنة مع ما كنا عليه سنة 2006 في مواجهة ما تقدمت به إسرائيل أو عالجت به شؤونها. على هذا الأساس، المقاومة جاهزة، بل أقول لكم لو جرت الحرب غدا، لتصدت المقاومة وكأنها تنتظرها وتعرف طبيعة بدايتها. وعادة نحن لا نتحدث عن الأرقام، لكن من كانت لديه صورة عن عدوان تموز وجهوزية المقاومة في وقتها من خلال التجربة، يستطيع أن يفهم ما أقصده بكلامي، فليطمئن كل المحبين للمقاومة. إنها في أحسن حالاتها، وهي مطمئنة لإمكانياتها ولتوفيق الله تعالى لها.
- هناك نقاش حول ضرورة الحوار بين الأطراف السياسية في لبنان، لكن البعض، وضمنهم سمير جعجع مثلا، يؤكد أن لا حوار إلا حول موضوع واحد هو سلاح المقاومة، ويقصد سلاح حزب الله. ما ردك على هذا الأمر؟ عندما انعقدت طاولة الحوار، كان العنوان الأساسي لها هو نقاش الاستراتيجية الدفاعية الوطنية للبنان، ولم يكن في أي يوم بحث للسلاح أو المقاومة على طاولة الحوار، إنما يبحث وضع المقاومة أو سلاح المقاومة في إطار نقاش الاستراتيجية الدفاعية. لا زلنا نقول، حتى اليوم، نحن حاضرون للذهاب إلى طاولة الحوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، وما تعنيه من الاستفادة من قوة لبنان لمواجهة إسرائيل والتحديات الموجودة في بلدنا، ولا نرضى أن يضاف أي عنوان تفصيلي أو عام، إلا إذا ارتأى المجتمعون عند لقائهم أن يضيفوا أمرا أو ينقصوا أمرا. وفي النهاية، طالما أنها طاولة حوار، فكل شيء تابع للحوار أو الإجماع الذي يحصل على الطاولة دون شروط مسبقة أو تعديلات، أما إذا رفضوا الحضور، فهذا شأنهم والناس يطلعون على من يقبل الحوار ومن يرفضه ويصدرون أحكامهم.
- كنتم جزءا من الحكومة اللبنانية، في اعتقادكم من المسؤول عن حملة الاغتيالات التي عرفها لبنان سنة 2005، من رفيق الحريري إلى جورج حاوي وبيار الجميل...؟ نحن لم نلاحق بالمعنى الدقيق هذا الملف، لأن اهتمامنا منحصر في موضوع المقاومة وما يرتبط بإسرائيل في الشأن المقاوم، ومثل هذا التحقيق يتطلب إمكانات كبيرة وأعدادا بشرية وتعاونا محليا وإقليميا ودوليا من أجل الوصول إلى استنتاجات، وأنت ترى اليوم أن هناك محكمة خاصة لها إمكانات ضخمة، وهي تعمل منذ 5 سنوات، ومع ذلك تلجأ إلى أبسط الأساليب في الاتهام السياسي بدل أن تذهب إلى الحقائق، لأنها لا تبحث في المحل الصحيح. في تصورنا السياسي الأولي؛ المستفيد من اغتيال الرئيس الحريري هو إسرائيل، ومن على شاكلتها، لكن هل نستطيع أن نجزم مائة بالمائة؟ هذا يحتاج إلى متابعة وتحقيق وأدلة قدم السيد نصر الله بعض القرائن التي تصلح لتكون خيوط بداية قد توصل إلى نتيجة، منها المراقبة الجوية الإسرائيلية، ومراقبة شبكة الاتصالات، والتشويش على الاتصالات في وقت الجريمة، واستخدام الأواكس للتصوير والمتابعة. توجد مجموعة من العوامل التي تشير إلى أن إسرائيل في دائرة الاحتمال. هذا الأمر يحتاج إلى متابعة معينة للوصول إلى نتيجة بالضبط. لذلك ليست لنا القدرة على الحسم النهائي.
- كيف تنظر إلى واقع المنطقة العربية بعد مرور ستة أشهر على انطلاق ثوراتها؟ الثورات العربية بشكل عام، إن دلت على شيء، فإنما تدل على رفض الشارع العربي استمرار الاستبداد والظلم والارتهان إلى الأجنبي وخدمة المشروع الإسرائيلي. وهؤلاء الثوار العرب يريدون أن تكون بلدانهم محكومة بطريقة شعبية وأن تكون لديهم حرية القرار والتمتع العادل بثمار التنمية وإيقاف مسلسل سرقة الثروات ومصادرة حقوق الشعوب، وخاصة من خلال ما ظهر من ثروات ضخمة منهوبة. هذه الثورات مبررة وهي تعبير عن نبض الشارع العربي، الذي لم يعد يحتمل الاستمرارية بهذه الطريقة. والحكام الذين سقطوا مدعومون، بشكل مباشر، من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وكانت تدافع عنهم وتحميهم، عبر القمع. لكن بطبيعة الحال هناك خشية على هذه الثورات من أن تقع فريسة المغانم الداخلية بين أطرافها أو أن يستغل الأمريكي حاجاتها وظروف هذه البلدان ليدخل مجددا، لكن بعنوان آخر لتحقيق أهدافه. على المعنيين أن ينتبهوا، وهناك حاجة إلى بعض التضحية، التي لن تنتهي عند ما حصل، وأيضا الالتفات إلى الأخطار الجديدة التي تحيط بهذه الثورات من أجل أن يكون الاستثمار استثمارا أفضل. لكن في كل الحالات، النتيجة التي أنجبتها تلك الثورات هي أفضل بكثير قبل أن تبدأ بأي شيء مما كان الوضع عليه. ليس سهلا أن يسقط حسني مبارك. هذا سقوط لدعامة أساسية في المشروع الإسرائيلي الأمريكي، وكذلك ما حصل في بلدان أخرى مثل تونس وغيرها.
- ألا تشعرون بالحرج عندما تؤيدون الثورة في البحرين وتعارضونها في سوريا التي ارتكب رئيسها الأسد جرائم وحشية ضد شعبه. ما سر هذا التناقض؟ نحن نميز بين الثورات العربية التي تحصل وحصلت في مصر وتونس وليبيا واليمن، ونعتبر أن هذه الثورات حق مشروع طبيعي تقوم به الشعوب في مواجهة أنظمة فاسدة مستبدة، وبين ما يحصل في سوريا، وهنا أقول إن البحرين لا يختلف إطارها العام عن مطالب الشعوب الأخرى بتحسين شروط الحياة السياسية وتعديل بعض وسائل الاختيار الشعبي وإعطاء صلاحيات كاملة لمجلس النواب المنتخب من الشعب، ولكن لا نرى أن الاتجاه العالمي يؤيدها، بل هناك تبن للنظام، ونحن في تأييدنا لثورة البحرين، إنما نؤيد حقوقا مشروعة طبيعية لها علاقة بحقوق الإنسان في كل مكان. ولو كنا نؤيد في البحرين ولا نؤيد في مصر وتونس وليبيا واليمن، لكان ممكنا أن يقال هذا الكلام، لكن كل هذه الثورات أيدناها، والبحرين لا تختلف عنها من حيث أهدافها التي تريد بعض الإصلاحات في النظام. أما في سوريا، فلها خصوصية أن ما حصل فيها تجاوز عنوان الثورة إلى الاستهداف الدولي المركز، الذي يريد قلب النظام في سوريا وضرب اتجاه الممانعة، الذي شكلته سوريا خلال الفترة الماضية، سواء في دعم المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية أو العراقية في صمودها كدولة عربية وحيدة أصبحت في مواجهة المشروع الإسرائيلي، فهي تكاد تكون دولة الممانعة الوحيدة المتاخمة لفلسطين.
- وماذا عن قصف المواطنين السوريين بالرصاص من طرف نظام بشار الأسد؟ أنا لا أستطيع أن أدخل في تفاصيل ما حصل، لكن يمكن القول إنه عندما تبدأ الخطة التي تستدرج الواقع السوري إلى تصادم عسكري، فعند ذلك تضيع المسألة بين المجموعات المسلحة واستخدام القوة من طرف النظام، فلا تعود الأمور واضحة، تماما، واحتمال الوقوع في أخطاء وإشكالات سيكون كبيرا جدا. كان المفروض من البداية ألا يكون هناك محل للسلاح في التعبير عن الرأي، لكن يبدو أن الأمور خرجت عن بعض السيطرة، وهناك محركات متعددة تؤدي إلى هذه النتيجة. نحن نتمنى أن يحل الحوار بين مكونات الشعب السوري والنظام السوري للوصول إلى قواسم مشتركة، وإعطاء فرصة لمعرفة ما إذا كانت هذه الحلول ستطرح أم لا، وإذا كانت الأمور ستسير في الاتجاه الإيجابي أم لا، أما رفض أي فرصة للحوار وسلوك الطريق المسلح، فسيوقع البلد في أخطار كبيرة، وعند ذاك ستتراكم الأخطاء وتأخذ الأمور منحى غير متوقع.
- ألا تعتقد أن تبرير ما يجري من فظاعات في سوريا بما تسمونه «التدخل الأجنبي» أمر لا يستقيم؟ نحن نرفض أي تدخل أجنبي بسبب ما يحمله من مخاطر جمة. لنتأمل الحالة العراقية مثلا، نحن قلنا منذ اللحظة الأولى في العراق: الاحتلال الأمريكي للعراق ينبغي أن يخرج بأي ثمن وبأي شكل. وكل المبررات حول حقوق الإنسان وإسقاط صدام حسين غير مقبولة بالنسبة إلينا. وهذا الموقف المعلن دفعنا ثمنه، ومع ذلك استمررنا، أيدنا المقاومة في العراق، ودعونا إلى خروج الاحتلال، وهذا نكرره دائما: مهما كانت نتائج الاحتلال الأجنبي ستكون أسوأ من أي واقع موجود في البلد، وهذا الأمر أيضا نتحدث به عن ليبيا وعن سوريا واليمن. هناك أخطار كبيرة من هذا التدخل الأجنبي.