هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان في قلب لعاصفة
المدخل لإستكمال مخطط الشرق الأوسط الكبير
نشر في العلم يوم 17 - 01 - 2011

دخل لبنان يوم الأربعاء 12 يناير «ازمة مفتوحة» يصعب تحديد مسارها، وما ستؤول اليه في المدى المنظور ويخشى تطورها إلى أعمال عنف ومواجهات داخلية واسعة في بلد تتوالى فيه الازمات السياسية منذ سنوات وذلك بعد سقوط حكومة الحريري. ويذهب البعض إلى التحذير من حرب مفتوحة في المنطقة تشارك فيها أطراف عديدة وذلك بعد أن تم الإعداد لها بشكل متقن منذ عدة سنوات، في نطاق مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي شرع في تنفيذه بغزو أفغانستان سنة 2001 وكانت مرحلته الثانية احتلال العراق سنة 2003 ودخل فصله الثالث بتمزيق السودان.
يقول مدير مركز «كارنيغي» للشرق الاوسط بول سالم «دخلنا في مرحلة سياسية طويلة الأمد، ومن المرجح ان يستغرق تشكيل حكومة جديدة اشهرا عدة». المركز لم يطرح السيناريوهات الأخطر رغم أنه تناولها في أوقات سابقة لا تحمل نفس حجم التحديات الحالية.
وقدم 11 وزيرا بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه استقالاتهم الاربعاء من الحكومة، ما جعلها مستقيلة حكما بموجب الدستور، كونهم يشكلون أكثر من ثلث اعضائها. وكانت حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في نوفمبر 2009، تتألف من ثلاثين وزيرا.
وبدأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان استشارات نيابية لتسمية رئيس حكومة جديد يوم الاثنين 17 يناير، بعد ان كلف الخميس الحكومة المستقيلة بالاستمرار في تصريف الأعمال.
والحريري هو الشخصية السنية الأكثر شعبية، لكن ليس معلوما ما اذا كانت ستتم تسميته مجددا في ضوء هشاشة التحالفات داخل البرلمان. كما أن حدة الانقسام السياسي قد تحول دون الاتفاق على تشكيلة حكومية.
ويمثل قوى 14 آذار «الحريري وحلفاؤه» حاليا في البرلمان 60 نائبا من 128 نائبا، مقابل 57 نائبا لقوى 8 آذار «حزب الله وحلفاؤه».
وتحتل كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي خرج في صيف 2009 من قوى 14 آذار إلى موقع وسطي، 11 مقعدا في البرلمان، ولا يعرف أين ستصب أصوات نوابها، ما يجعلها الرقم الحاسم في تحديد إسم رئيس الحكومة المقبل.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الامريكية عماد سلامه «لا احد يعلم من يملك الاكثرية في لبنان اليوم».
ويضيف «جنبلاط هو من سيرجح هذه الجهة او تلك. اذا قرر جنبلاط الانضمام إلى قوى 8 آذار، ستصبح الاكثرية الى جانبها».
وتقول الباحثة في مركز الدوحة العربي للابحاث والدراسات السياسية أمل سعد غريب «اذا رفض الحريري مطالب حزب الله، لن يشكل الحكومة»، معتبرة ان «حزب الله وحلفاءه قد ينجحون في تسمية مرشحهم كرئيس حكومة».
واذا كانت قوى 14 آذار «فريق الحريري» قد أكدت حتى الآن ان مرشحها الوحيد لترؤس الحكومة هو الحريري، فإن اطراف قوى 8 آذار، وكذلك جنبلاط، يتريثون في التسمية.
وجاءت التطورات الاخيرة بعدما وصلت الازمة بين فريقي الحريري وحزب الله والمتمحورة حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري الى طريق مسدود.
ويتهم حزب الله المحكمة الخاصة بلبنان بانها مسيسة واداة امريكية واسرائيلية لاستهدافه، وذلك في ضوء تقارير عن احتمال توجيه الاتهام اليه في القرار الظني المنتظر صدوره في جريمة الاغتيال التي وقعت عام 2005. في المقابل يرفض فريق الحريري بدعم قوي خاصة من جانب واشنطن أي تنازل في شأن المحكمة.
تداعيات أمنية
وحسب وكالة فرانس برس يحذر سياسيون ومحللون من تداعيات امنية سلبية لاتهام حزب الله الشيعي، بإغتيال الزعيم السني. ويرى البعض ان الهدف من خطوة حزب الله يوم الاربعاء استباق القرار الظني الذي يتردد منذ اسابيع أنه اصبح قريبا.
وتقول أمل غريب «عندما يصدر القرار الظني، تريد قوى 8 آذار ان تكون في مركز قرار في مؤسسات الدولة من أجل الحؤول دون توقيف... أي من المشتبه بهم» المنتمين إلى حزب الله. وتضيف «لا خيار أمامها الا أن تكون في موقع السيطرة في الحكومة، والا ستفتح عليها أبواب الجحيم».
وترى أن لبنان سيواجه عندها «سيناريو يذكر بالحرب الأهلية وشبيها بما حصل في مايو 2008. لذلك على المعارضة أن تضمن أن الأمن بين يديها خصوصا من أجل تفادي الحرب».
والأزمة الحالية هي اسوأ ازمة يشهدها لبنان منذ تلك التي استمرت من نوفمبر 2006 حتى مايو 2008 بعد انسحاب خمسة وزراء شيعة وسادس مسيحي من الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة آنذاك، على خلفية خلاف حول اقرار نظام المحكمة الدولية.
وتطورت الأزمة إلى معارك في شوارع بين انصار فريقي حزب الله وسعد الحريري في مايو 2008 تسببت بمقتل أكثر من مائة شخص وحسم واضح لحزب الله، واستدعت عقد مؤتمر حوار وطني في الدوحة تم خلاله التوصل إلى تسوية.
ويقول سالم «لا أعتقد أن هناك خطر قيام حزب الله بأعمال عسكرية في بيروت، إلا اننا قد نكون في مواجهة حصول أحداث غير متوقعة في الشارع... تخرج عن السيطرة».
ويرى سلامه أن «لا مصلحة لأحد على الأقل في الوقت الحالي في ترك الامور تتجه نحو العنف، لأن الجميع سيخسر في حال حصول مثل هذا السيناريو».
ويضيف «نحن في فراغ حكومي سببه استباق حزب الله للقرار الظني، وما تحاول قوى 8 آذار القيام به هو التأكد من عدم وجود حكومة تتعاون مع قرارات المحكمة الخاصة بلبنان عندما تصدر»، واصفا بالوضع الحالي ب»المراوحة».
وتقول سحر الاطرش من مركز دراسات الشرق الاوسط لمجموعة الازمات الدولية «انترناشونال كرايزيس غروب» «بالنظر الى الاصطفاف الحاد في البلاد، قد تخرج الأمور عن السيطرة من دون انذار مسبق»، مضيفة أن «المشكلة في لبنان تكمن في أن الامور تنتقل تدريجا من تصعيد إلى آخر».
ترسيخ التحالفات
يوم الخميس 13 يناير سارع حزب الله إلى العمل على تأكيد بقاء كتلة جنبلاط بعيدا عن التحالف مع مجموعة الحريري،
حيث بحث حسن نصرالله مع وليد جنبلاط في «كيفية التعاطي» مع المرحلة السياسية القائمة على مختلف الصعد. وكان جنبلاط قد أكد لفرانس برس انه «من المبكر جدا الرد على السؤال حيال من سنرشح. سنرى عندما تبدأ الاستشارات».
غير أن تقلب ولاء وتحالفات جنبلاط كما تأكد عدة مرات من قبل تفرض احتمال النقيضين.
ويستبعد ملاحظون أن تقع تسوية بين كتلة المعارضة والحريري ذلك أنها ترى أن رئيس الوزراء خان ثقتها في البقاء بعيدا عن المناورات التي تنسج خطوطها الولايات المتحدة وإسرائيل اعتمادا على المحكمة الدولية.
وذكرت صحيفة «الاخبار» القريبة من حزب الله أن قوى 8 آذار ابلغت رئيس الجمهورية أن «لا عودة للحريري إلى رئاسة الحكومة بأي شكل من الأشكال».
وقال النائب محمد رعد، رئيس كتلة حزب الله النيابية، من جهته «علينا ان نتفق على طريقة إدارة البلاد بحكومة قوية». وإن على رئيس الحكومة الجديد ان يمتلك «سيرة مقاومة وطنية في هذا البلد وقدرة على التصدي للمشاريع الاستكبارية».
إلا أن موالين للحريري يتركون الباب مفتوحا لتسوية من نوع جديد بالتأكيد ان الوساطات وخاصة السعودية لم تفشل بشكل كامل ويمكن أن تستأنف مرة أخرى.
محللون يرون أن «الاستنفار الدولي» الذي تلى الإعلان عن سقوط الحكومة والمواقف التي صدرت خاصة من واشنطن لتأكيد دعم سعد الحريري والمحكمة الدولية، تدل على أن هناك أهدافا كبيرة يخطط لها منذ مدة.
دعم أمريكي
في نفس الوقت الذي اعتبرت فيه حكومة لبنان منتهية الصلاحية استقبل الرئيس الامريكي باراك اوباما في البيت الابيض يوم الاربعاء 12 يناير سعد الحريري وأكد دعمه غير المشروط له. وقال الرئيس الامريكي في بيان شديد اللهجة إن «جهود المجموعة التي يتزعمها حرب الله لإسقاط الحكومة اللبنانية لا تدل سوى على خوفهم وتصميمهم على شل قدرة الحكومة على أداء عملها وعلى تحقيق تطلعات جميع أبناء الشعب اللبناني».
وأعلن البيت الابيض أن أوباما «هنأ رئيس الوزراء على قدرته الصلبة في القيادة وجهودة المستمرة للتوصل الى السلام والاستقرار والتوافق في لبنان في ظل ظروف صعبة».
وذكر البيت الابيض في بيان عن مهمة المحكمة الدولية، أن أوباما «شدد على أهمية عمل المحكمة للمساعدة في وقف الاغتيالات السياسية التي لم تتم معاقبة منفذيها في لبنان». وأضاف «أن اوباما والحريري «ناقشا خصوصا الجهود المشتركة مع فرنسا والسعودية ودول» اخرى «للحفاظ على الهدوء في لبنان وضمان استمرار عمل المحكمة من دون معوقات من جانب اطراف اخرين».
وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون كانت أكثر حدة في مهاجمة المعارضة اللبنانية فصرحت يوم الاربعاء 12 يناير من الدوحة ان محاولة اسقاط الحكومة اللبنانية من جانب حزب الله وحلفائه لتقويض المحكمة الدولية «لن تجدي نفعا» وأن عمل هذه المحكمة «سيستمر».
واتهمت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني حزب الله وحلفاءه بالسعي الى «نسف العدالة» و»تقويض الاستقرار». وأضافت للصحافيين»نرى جهدا واضحا من القوى داخل لبنان ومصالح من الخارج لنسف العدالة وتقويض الاستقرار والتقدم في لبنان».
وأكدت أن «محاولة إسقاط الحكومة لتقويض عمل المحكمة الدولية تخل عن المسؤوليات, لكنها أيضا لن تجدي» قائلة أن حزب الله وافق على المحكمة قبل الدخول في حكومة الوحدة الوطنية.
وشددت الوزيرة الامريكية على أن المحكمة التي تنظر خصوصا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري «اوجدتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتدعمها حكومات عدة بينها حكومتي، وعملها سيستمر»، وألحت على ضرورة عدم تخيير اللبنانيين بين «الاستقرار والعدالة».
وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان وصف يوم الخميس 13 يناير انسحاب حزب الله من الحكومة اللبنانية بأنه محاولة «ابتزاز» للمجتمع الدولي لمنع نشر نتائج تحقيق الأمم المتحدة حول اغتيال الحريري. وقال ليبرمان من العاصمة اليونانية أثينا، في بيان صادر عن مكتبه أن الإنسحاب «مثال اخر على طريق الابتزاز والتهديد الذي ينتهجه حزب الله الذي يهدف الى منع نشر نتائج التحقيق في إغتيال الحريري». واضاف البيان ان «هذه المسألة ليست شأنا داخليا لبنانيا فحسب بل امتحان مهم لكل المجتمع الدولي».
لندن أسرعت بدورها إلى دعم حليفتها على الساحل الآخر من المحيط الأطلسي، حيث وصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ استقالة وزراء حزب الله بأنه «حدث بالغ الخطورة يمكن أن تنجم عنه تداعيات بالغة الخطورة على لبنان والاستقرار الاقليمي»، داعيا «جميع الاطراف إلى العمل معا لايجاد حل سلمي»، وإعتبر أن «من الضروري وقف الافلات من العقاب» الذي يستفيد منه منفذو الاغتيالات السياسية في لبنان.
وأدان ما سماه «المحاولات المستمرة لنسف» المحكمة الخاصة بلبنان التي «ينبغي ان تتمكن من القيام بمهمتها من دون عراقيل».
الأمم المتحدة انضمت إلى الجوقة المؤيدة لواشنطن فبعد أن دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يوم الاربعاء إلى الهدوء في لبنان كرر «دعمه الكامل» للعمل المستقل الذي تقوم به المحكمة الخاصة بلبنان».
معلقون أوروبيون قالوا إن مجادلات واشنطن ومن يناصرها عن المحكمة سخيفة وساقطة إذا وضعنا في نفس الميزان عملية التضليل حول العراق من طرف واشنطن ولندن وما ترتب عنها من تدمير دولة وقتل أكثر من مليوني مدني عراقي.
تجاهل معطيات
المعروف أن معارضة حزب الله للمحكمة إحتدت صيف سنة 2010 بعدما تجاهلت هذه الأخيرة كل المعطيات التي قدمت لها عن تورط المخابرات الإسرائيلية في عملية الاغتيال وخاصة عن طريق شبكة الاتصالات والرصد الجوي بواسطة طائرات تجسس سلاح الجو الإسرائيلي. وبعد ذلك كشفت مصادر ووسائل إعلام غربية وخاصة ألمانية صيف 2010 أن المحكمة تنوي توجيه إتهامها إلى حزب الله مما عزز وصفه إياها بالمسيسة و»أداة إسرائيلية وأمريكية» لاستهدافه.
ومنذ ذلك الحين طالب حزب الله بوقف تعاون حكومة بيروت مع المحكمة، غير ان فريق رئيس الحكومة أكد تمسكه بالمحكمة ورفضه أي تسوية على حسابها.
يشار كذلك إلى أن حكومة الحريري والولايات المتحدة وفرنسا والاجهزة الأممية لم تعر أي اهتمام لمطالب المعارضة اللبنانية، باحالة مسألة «الشهود الزور» على المجلس العدلي، وهي محكمة تنظر في قضايا تمس أمن الدولة، رغم أن هؤلاء الشهود تسببوا في تسييس التحقيق في اغتيال الحريري وتوجيه اتهامات لأطراف معينة وتحويله من أمر محلي إلى دولي وقد تبين لاحقا أن الاتهامات كانت كذبا.
ما يعتبر مؤشرا اضافيا على أن هناك مخططات للتصعيد، تأكيد رئيس الوزراء القطري في المؤتمر الصحافي وبحضور كلينتون «لا يوجد دوحة 2 ولا نفكر بالدوحة 2» لحل أزمة لبنان. وقال الشيخ حمد «نفكر بالطائف وبالدوحة 1 وبكيفية تفعيلهما وجعلهما يعملان بشكل منظم». وكان اتفاق الطائف قد وضع عام 1989 حدا للحرب الاهلية اللبنانية.
ويشير محللون في مراكز رصد أوروبية وخاصة ألمانية، أن تحركات البيت الأبيض لتضييق الطوق على خصومها في لبنان يذكر بالسلوك والمناورات التي أتبعتها حكومة الرئيس السابق بوش لإستخدام وكالة الطاقة الذرية ومديرها البرادعي ولجان التفتيش برئاسة هانز مارتن بليكس كبير مفتشي الأمم المتحدة لإعداد الأرضية والمبررات لغزو العراق سنة 2003 على أساس معطيات كاذبة من إعداد واشنطن ولندن.
يوم الاربعاء 12 يناير افاد مسؤول امريكي أن كلينتون تجري اتصالات في كل الاتجاهات للتوصل إلى ما سماه «اجماع دولي» حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وتقول مصادر ألمانية ان هناك تحركات لاحقة منتظرة تتعلق بإستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح بإستخدام القوة المسلحة لتنفيذ توصيات المحكمة الدولية وإعتبار معارضة هذه التوصيات تهديدا للأمن والسلام الدوليين.
حشود عسكرية
يوم الثلاثاء وقبل سقوط الحكومة اللبنانية كشف موقع «ديبكا» الاستخباري العسكري الاسرائيلي ان الاسطولين الامريكي والفرنسي تحركا في البحر المتوسط تحسبا من وقوع مواجهات عسكرية بين حزب الله واسرائيل. ونقلا عن مصادر عسكرية امريكية في واشنطن كشف الموقع ان البنتاغون أمر القوة البحرية الهجومية المعروفة باسم « انتربرايز» الاستعداد للتقدم نحو الشواطئ اللبنانية تحسبا لاندلاع مواجهة.
وعلى ما يبدو حسب الموقع الاسرائيلي فإن الاطراف متعجلة لحسم الأمر عسكريا لا قضائيا. وأن الرئيس الأمريكي اوباما قرر الذهاب الى مواجهة سياسية وعسكرية إن لزم الأمر على الورقة اللبنانية.
وتفيد معلومات عن الحشد العسكري، ان حاملة الطائرات الامريكية «يو اس اس انتربرايز، والقوات الهجومية البحرية والجوية « المجموعة الضاربة انتربرايز»، وتشمل 5 بارجات حربية وعلى متنها 6000 جندي من قوات المارينز و80 طائرة هجومية وطائرات قاذفات القنابل قد انضمت للاسطول السادس الامريكي في البحر المتوسط. وزيادة على ذلك انضمت قاذفة الصواريخ المتطورة «يو أس أس برين بريدج» للاسطول السادس.
وحسب «ديبكا» فان القوات الامريكية المذكورة كلها ستكون جاهزة للتدخل فورا في لبنان اذا حاول حزب الله السيطرة على المواقع السيادية في لبنان.
واشنطن قالت أن أسطولها لم يدخل المياه اللبنانية، وهذا أمر بديهي فلا أحد يضع أسطولا ضخما على مسافة 12 ميل بحري من سواحل مرشحة لتكون ساحة قتال، خاصة إذا كانت اسلحة هذا الأسطول تستطيع الوصول إلى أهداف على بعد مئات الأميال.
أساليب تحوير الحقائق سهل، يمكنك مثلا أن تقول أنك لا تحمل ماء حين تكون تحمل قطعة ثلج.
يوم الخميس 13 يناير قال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ديفيد لابان للصحافيين «نعلم ان التوتر السياسي والاضطرابات وأية أعمال عنف يمكن أن تنجم عنها تشكل تهديدا لاستقرار وامن المنطقة». وردا على سؤال حول ما اذا كانت واشنطن سترسل اية سفن حربية الى السواحل اللبنانية، قال انه لم يتم ارسال أية سفن بعد. واضاف ان «وزارة الدفاع والحكومة الامريكية يرغبان في أن تلجا جميع الاطراف الى الوسائل السلمية لتسوية الوضع». وتابع «نحن نواصل متابعة الوضع عن كثب».
واكد الكولونيل لابان ان الولايات المتحدة، التي تعد من اكبر مزودي لبنان بالمساعدات العسكرية «تربطها شراكة قيمة مع القوات المسلحة اللبنانية، ونحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا لتعزيز سيادة المؤسسات والحكومة اللبنانية».
إلى جانب الحشود الغربية تفيد الأخبار الواردة من إسرائيل أنه تم استنفار القوات الإسرائيلية على الجبهة الشمالية كما تم استدعاء وحدات من الاحتياط.
سيناريو منقوص
يوم الخميس 13 يناير قال اللواء احتياط عاموس يدلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الذي من المقرر ان تنتهي خلال أيام خدمته في هذا المنصب، في حديث اجرته معه صحيفة «يديعوت احرونوت» أن حزب الله اللبناني قادر على احتلال لبنان بأكمله، اذا اراد ذلك، لكن ليس من المؤكد وجود رغبة له بذلك.
واضاف: «الاوضاع في لبنان معقدة جدا، ويوجد توازن بين الطوائف والمعسكرات المختلفة والقاسم المشترك لهذه القوى هو الاستقرار والازدهار الاقتصادي ولهذا يعمل الجميع في لبنان بحذر. نحن جهة، وحزب الله ليس على استعداد لقبول ادانته بقتل رفيق الحريري، اذ سيشكل هذا مسا بجوهر المنظمة، لاسيما وان نصر الله وصف الحريري بالشهيد في اليوم التالي لاغتياله.
واضاف: توجد أربعة تصورات لما قد يجري في لبنان:
1- يفسر كل طرف في لبنان تقرير المحكمة حول اغتيال الحريري وفقاً لأهوائه ويمتص النتائج ويسير قدماً للأمام.
2- تزداد حدة الازمة السياسية.
3- اندلاع المعارك بعد خروج الاوضاع عن السيطرة.
4- نقل الأزمة الى اسرائيل من خلال نشاطات حربية يقوم بها حزب الله».
ويقول يدلين: «اذا اندلعت مواجهات عسكرية داخلية في لبنان فلا ريب في ان حزب الله سيتفوق فيها على الجيش اللبناني وسيفرض سيطرته على الدولة، ورغم ان القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن استهدف تحويل الجيش اللبناني الى القوة الأكبر في الدولة، فقد تعززت قدرات حزب الله العسكرية بصورة أفضل بكثير من تعزيز قدرات الجيش اللبناني».
وهنا يضيف محللون ألمان أن حديث إسرائيل عن الجيش اللبناني كند وخصم لحزب الله مغالطة كبيرة، وهو على أي حال يكشف عن وجود صفقة تشارك فيها تل أبيب وطهران وواشنطن لتقاسم الغنيمة في منطقة الشام على أساس منطق تبادل الأدوار كما جرى ويجري في أفغانستان والعراق.
التفتيت
محللون عرب وغربيون وأسيويون يتصورون أن اللعبة السياسية أو هكذا يصفونها تتجاوز ما تفوه به اللواء احتياط عاموس يدلين، حيث أن هناك سيناريو آخر أو أكثر:
1- تندلع حرب داخلية في لبنان تتدخل فيها بعد بدايتها بقليل إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا عسكريا حتى تهزم قوى المعارضة اللبنانية.
2- في حالة جر سوريا إلى هذه المواجهة، يتم إعادة رسم خريطة المنطقة على أساس طائفي ويتم تقسيم لبنان وسوريا إلى ثلاث أو أربعة كيانات على أسس عرقية ودينية، مثلما يجرى تنفيذه بإسلوب آخر في السودان.
وهكذا تتخلص إسرائيل من كل تهديد من جبهتها الشمالية والشرقية خاصة بعد أن تم تحييد العراق بغزوه سنة 2003.
المشكلة التي تواجه تنفيذ هذا السيناريو هي إحتمال إقدام أطراف شرق أوسطية حتى غير عربية على التدخل في المعركة القادمة لأنها تعرف أنها ستكون الهدف التالي للمخططات الأمريكية الإسرائيلية حول الشرق الأوسط الكبير الساعية إلى رسم خارطة جديدة للمنطقة تتشكل من 54 إلى 56 دويلة.
الاعداد للعمل العسكري الغربي في لبنان جرى تكثيف التمهيد له منذ صيف سنة 2010 غير أن الأمر تعرض لعدة عثرات همت بشكل خاص عمليات الاستخبارات الصهيونية. وهكذا كشفت أجهزة الأمن اللبناني والمقاومة اللبنانية عن تشكيلات متعددة لاختراق شبكة الاتصالات اللبنانية، من بين أعضائها الضابط المتقاعد فايز كرم، المقرب من الجنرال ميشيل عون رئيس التيار الوطني الحر في لبنان. إضافة إلى إعلان الجيش اللبناني في الخامس عشر من ديسمبر 2010 عن تفكيك منظومتي تجسس إسرائيليتين، كانتا مزروعتين على قمتي جبلي صنين والباروك، والهدف منها تصوير وتحديد أهداف أرضية مختارة للقصف الجوي والصاروخي وذلك قبل بضع أسابيع من إعلان الجيش اللبناني، عن تفجيره جهازي تنصت في الجانب اللبناني من منطقة حدودية مع إسرائيل في جنوب لبنان.
العجلة الأمريكية الإسرائيلية لتنفيذ مشاريع التفتيت وتعميم أجواء التأزم على المنطقة العربية قاد إلى ارتكاب أخطاء سهلت الكشف عن شبكات تجسس إسرائيلية في مصر وربطها بمثيلات لها في سوريا ولبنان. أجهزة الأمن اللبنانية قدرت أن هذه التنظيمات شاركت في عمليات الاغتيال التي جرت في السنوات الماضية، من أجل خلخلة التركيبة الاجتماعية اللبنانية، وإشعال نيران الفتنة الطائفية والمذهبية، وإعادة شبح الحرب الأهلية من جديد، وإثارة الخلافات بين دمشق وبيروت. ورغم كل ذلك لم تكلف المحكمة الدولية ولو من باب المجاملة وضع جملة واحد عن احتمال تورط إسرائيل في إغتيال الحريري.
حرب الجواسيس
حجم التآمر الصهيوني ضد الأمة العربية كبير جدا، وهناك تقارير مصرية معلنة، تتحدث عن كشف الاستخبارات المصرية ما يقارب ال 30 شبكة تجسس إسرائيلية على الأراضي المصرية منذ تسعينيات القرن الماضي، بعضها متورط في دول أخرى بشمال أفريقيا ووسطها.
كما كشفت التحقيقات أن الموساد حاول استخدام أخر شبكة تم الكشف عنها في مصر خلال شهر أغسطس 2010 تضم رجل الاعمال المصري طارق عبد الرازق عيسى حسن 37 عاما الذي يملك شركة للاستيراد والتصدير في الصين وضابطي مخابرات إسرائيليين هما ايدي موشيه وجوزيف ديمور. عملوا على تجنيد رئيس تحرير صحيفة لبنانية عن طريق اغرائه برحلات سياحية إلى جنوب افريقيا وانتاج برنامج تلفزيوني مقابل 200 ألف دولار، وقد أقر ناشر ورئيس تحرير صحيفة «الديار» اللبنانية شارل أيوب، أن الموساد حاول تجنيده عن طريق عبد الرازق قبل أشهر. وعلم أن أحد أهداف تجنيده كانت الترويج لأخبار كاذبة عن إغتيال الحريري وتوريط أطراف معينة في الجريمة.
الخبير اللبناني المتخصص في شؤون الاتصالات رياض بحسون يقول أن إسرائيل عززت منذ سنة 1998 اختراقها لشبكة الاتصالات اللبنانية وعن طريقها أمكنها وبتنسيق مع شبكات التجسس الأرضية تنظيم عمليات مختلفة منها المسلح مثل الاغتيالات وغيرها. ويضيف كلما شهدنا تقدما تكنولوجيا كلما توسع هامش الاختراق، وتطلب الامر حماية اكبر. اليوم، وصل حجم الاختراق الاسرائيلي إلى حده الأقصى. وهذا ما يفسر إكتشاف نحو 144 عميلا او شبكة، خصوصا بعد زرعهم في نظامي الاتصالات الخلويتين. قبل عام 2006، لم تكن اسرائيل مضطرة الى اعتماد هذه الاساليب، لكونها كانت تعتبر نفسها منتصرة، إنما بعد حرب يوليو 2006 اشتدت المقاومة، وكان على إسرائيل تغيير معادلة إقتحامها لبنان بعد أن تبين لها أن تفوقها التقني في رصد أعدائها لم يكن ناجحا».
بين الفشل والنجاح
هناك من يقدر ان سقوط لبنان في فخ الحرب الداخلية مستبعد حاليا لأن الطراف الحريصة على تحقق ذلك مثقلة بتركات فشل في العراق وأفغانستان وهو ما يجعل المرشحين لركوب مغامراتها مترددين، ويبدو ان الشيء الوحيد المتفق عليه حاليا بين القوى السياسية المتخاصمة في لبنان هو الحفاظ على الامن والاستقرار وتصفية الحسابات ضمن الاطر السياسية، من دون اللجوء غلى اساليب اخرى. وقد استبعد قائد الجيش العماد جان قهوجي في مقابلة صحافية مع جريدة «الشرق» القطرية «اندلاع أي فتنة في لبنان جراء التطورات الاخيرة»، مؤكدا ان «القادة السياسيين على مختلف انتماءاتهم واطيافهم لن يقدموا خدمة مجانية لاعداء لبنان وفي مقدمتهم غسرائيل التي تعمل ليل نهار على تصديع وحدة لبنان، واضعاف روح المقاومة لدى الشعب اللبناني».
وشدد على ان «الجيش اللبناني على استعداد تام لاخماد شرارة الفتنة، وعدم السماح لأي كان بتحويل التجاذبات السياسية الى اضطرابات». تصريحات العماد جان قهوجي تثبيت لفشل محاولات خلق مواجهة بين أكبر تنظيمين مسلحين في لبنان، وهي كذلك تعبير عن إمكانية التوصل إلى تسوية عربية للمعضلة، ويشار إلى أن أوساطا عديدة اتهمت البيت الأبيض بعرقلة الجهود السعودية السورية للتسوية. وقد حاولت واشنطن أنكار ذلك حيث نفى مسؤول أمريكي طلب عدم الإشارة إلى هويته لوكالة رويترز أن تكون واشنطن قد عرقلت الجهود السعودية السورية أو حاولت إقناع السعودية بعدم التوصل إلى اتفاق مع السوريين. وقال المسؤول: «لم نحاول أن نثني السعوديين عن جهودهم مع السوريين»، ممتنعا عن الخوض في تفاصيل المبادرة التي بقي مضمونها غامضا. وأضاف أن «المسؤولين السعوديين أبلغونا بأنهم ملتزمون تماما بالمساعدة على بناء علاقة إيجابية بين سوريا ولبنان.
الصخرة
يقول أنصار المعارضة اللبنانية أن أفدح الأسباب على الإطلاق في الأزمة الحالية، استيلاء واشنطن على دم الحريري. وتوظيفه لمعاقبة سوريا أولا، وإصابة المقاومة ثانيا. عنوان المعركة، دم الحريري «الحقيقة» هدفها: الثأر من المقاومة. اتهام سوريا أدى غرضه بخروجها من لبنان. اتهام المقاومة سيؤدي غرضه كذلك: ستخرج أمريكا بمشروعها المجنون، من لبنان. حرب يوليو 2006 أسهل، لأن المواجهة فيها بين سلاحين وإرادتين. حرب القرار الاتهامي، أصعب، لذا، ستكون متدحرجة، تبدأ بالسياسة وقد تنتهي بالأمن، من يدري؟. فهذا البلد له قوانينه. العبور من السياسة إلى الأمن وبالعكس، سريع وفعال. قوة المقاومة، وتضامن حلفائها معها، في الداخل والخارج، سيكون لهما الحسم في انتصارها. أن ضعف أمريكا هو السبب. ولا مبالغة:
تاريخ لبنان الحديث، شاهد على سقوط مشاريع السياسة الأمريكية، التي هدفت إلى إلحاق لبنان بها. فشلت في مشروع ايزنهاور. فشلت بعد العام 1958. فشلت بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. أخفقت في كسر المقاومة عام 1996. فشلت كل سياسات بوش الأبن. ولم تستطع تقديم الدعم «لشعبة جورج بولتون» في أحداث السابع من مايو، وكان سقوط الشرق الأوسط الجديد، على يد اللبنانيين في الجنوب وعلى يد العراقيين في كل شبر من بلاد الرافدين. حقيقة حلوة جدا: أمريكا تخيف حلفاءها، عفوا، أتباعها. إذ لا حلفاء لها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.