الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف في حق نتانياهو وغالانت والضيف    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    رفع العقوبة الحبسية في حق رئيس المجلس الجماعي لورزازات إلى 18 شهرا حبسا نافذا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغرب يستضيف أول خلوة لمجلس حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الإقليمي بالناظور    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    دراسة: تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    جمعويون يصدرون تقريرا بأرقام ومعطيات مقلقة عن سوق الأدوية    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الحرفي لتقرير ميليس
نشر في التجديد يوم 24 - 10 - 2005


المقدمة
تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة
المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 1595 (2005)
بيروت في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2005
ملخص تنفيذي
1 -­ قرر مجلس الأمن الدولي بقراره الرقم 1595 في 7 نيسان (ابريل) 2005 إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة مقرّها لبنان، لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقها بشأن جميع جوانب الهجوم الإرهابي الذي حدث في 14 شباط (فبراير) 2005 في بيروت وقُتل فيه رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وغيره، وتتضمن مهامها المساعدة في معرفة المنفذين والمشرفين والمنظمين والشركاء في الهجوم.
2 ­- أبلغ الأمين العام المجلس ان اللجنة بدأت عملها الكامل في 16 حزيران (يونيو) 2005. ومُدّد انتداب اللجنة الأساسي الذي أصدره المجلس حتى 26 تشرين الأول 2005.
3 ­- حظيت اللجنة في أثناء تحقيقها بدعم كثيف من حكومة لبنان واستفادت من إسهام خبراء من عدد من الهيئات الوطنية والدولية.
4 -­ ركزت الخطوط الأساسية للجنة التحقيق على موقع الجريمة، وجوانب الجريمة التقنية، وتحليل الاتصالات الهاتفية المراقبة. وشهادة أكثر من 500 شاهد ومصدر، وكذلك من السياق المؤسسي الذي حدثت فيه الجريمة.
5 ­- نقل ملف القضية كاملاً في هذا التحقيق إلى السلطات اللبنانية في شهر تشرين الأول 2005.
6 -­ يضع هذا التقرير الخطوط الكبرى لمجرى التحقيق الذي أجرته اللجنة، وملاحظاتها، واستنتاجاتها، لينظر فيها مجلس الأمن. وهو يعين أيضاً المسائل التي قد يكون ضرورياً متابعة التحقيق فيها.
7 -­ ترى اللجنة ان الاغتيال في 14 شباط 2005 ارتكبته مجموعة ذات تنظيم واسع وإمكانات وقُدرات كبيرة. وقد أُعدّ للجريمة أشهراً عديدة. ولهذا الغرض رُصد توقيت ومواقع تحرّك السيد رفيق الحريري، وسُجّل مسار موكبه بالتفصيل.
8 ­- بناء على ما توصلت إليه اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الآن، وعلى أساس الأدلة المادية والوثائق المجموعة، والقرائن التي أمكن الحصول عليها حتى الآن، ثمّة أدلّة تتفق على أن ثمّة تورّطاً لبنانياً وسورياً في هذا العمل الإرهابي. ومن الوقائع المعروفة جيداً ان للاستخبارات العسكرية السورية وجود منتشر في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية، بموجب القرار 1559. وكان جهاز الاستخبارات السورية عيّن كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين. ولما كانت أجهزة الاستخبارات السورية واللبنانية العاملة معاً متغلغلة في المؤسسات والمجتمع في لبنان، فمن الصعب تخيّل أن يكون هذا الاغتيال المعقّد ارتُكب من دون معرفتها.
9 -­ وتستنتج اللجنة ان التحقيق المستمر ينبغي أن تتولاه السلطات اللبنانية القضائية والأمنية الملائمة، التي أثبتت أثناء التحقيق أنها تستطيع، بالمساعدة والمساندة الدوليتين، أن تسير قدماً، وأحياناً أن تقود التحقيق بطريقة فعالة ومهنية. وفي الوقت نفسه، يتوجّب على السلطات اللبنانية أن تنظر في كل فروع القضية، ومن ضمنها الحركة المصرفية. ولا بد من وضع انفجار 14 شباط بوضوح في سياق تسلسل الانفجارات التي سبقته وأعقبته، ما دام يمكن أن تكون ثمة صلة بين بعضها، إن لم يكن بينها جميعاً.
10 ولذا ترى اللجنة أن بذل المجتمع الدولي جهداً لإنشاء قاعدة دعم وتعاون مع السلطات اللبنانية في حقلي الأمن والقضاء أمر ضروري. وسيؤدي هذا إلى تعزيز ثقة الشعب اللبناني في نظام أمنه، وفي ثقته بقدرات هذا النظام.
الفهرس
تسلسل الأحداث من منتصف 2004 إلى أيلول (سبتمبر) 2005
1 مقدمة
2 الخلفية
3 الجريمة
4 التحقيق اللبناني
5 تحقيق اللجنة
6 الاستنتاج
تسلسل الأحداث من منتصف 2004 إلى أيلول (سبتمبر) 2005
2004
* 26 آب (أغسطس) 2004، التقى رفيق الحريري في دمشق الرئيس السوري بشار الأسد لمناقشة تمديد ولاية الرئيس لحود.
* 2 أيلول 2004، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الخاص بالوضع في الشرق الأوسط، ودعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.
* 3 أيلول 2004، أيدت كتلة رفيق الحريري قانون تمديد ولاية الرئيس لحود.
* 3 أيلول 2004، أقر مجلس النواب اللبناني قانون تمديد ولاية الرئيس لحود وحوّله إلى الحكومة اللبنانية لتنفيذه.
* 7 أيلول 2004، استقال من الحكومة وزير الاقتصاد مروان حمادة ووزير الثقافة غازي العريضي ووزير شؤون المهجرين عبدالله فرحات ووزير البيئة فارس بويز، اعتراضاً على التعديل الدستوري.
* 9 أيلول 2004، أبلغ رئيس الوزراء رفيق الحريري الصحافيين انه سيستقيل.
* 1 تشرين الأول 2004، محاولة اغتيال مروان حمادة في بيروت - لبنان.
* 4 تشرين الأول 2004، رفيق الحريري يستقيل من رئاسة الحكومة.
* 11 تشرين الأول 2004، الرئيس السوري بشار الأسد يلقي خطاباً يدين فيه منتقديه في لبنان والأمم المتحدة.
* 19 تشرين الأول 2004، مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه حيال عدم تنفيذ القرار 1559.
* 20 تشرين الأول 2004، الرئيس لحود يقبل استقالة الحريري ويكلف عمر كرامي تأليف الحكومة الجديدة.
2005
14 شباط 2005 مقتل رفيق الحريري و22 آخرين في انفجار ضخم عند ساحل البحر في وسط بيروت.
25 شباط 2005، وصول لجنة تقصي الحقائق الدولية إلى لبنان.
8 آذار (مارس) 2005، حزب الله ينظم تظاهرة تضم مليون شخص "مؤيدة لسورية".
14 آذار 2005، تطالب تظاهرة مضادة يقودها المسيحيون والسنّة بانسحاب القوات السورية وباعتقال رؤساء أجهزة الأمن والاستخبار.
19 آذار 2005، انفجار قنبلة في منطقة الجديدة، شمال بيروت، وجرح 11 شخصاً.
23 آذار 2005، مقتل ثلاثة وجرح ثلاثة آخرين في انفجار في مركز تجاري في الكسليك، شمال بيروت.
25 آذار 2005، لجنة تقصي الحقائق الدولية تصدر تقريراً في نيويورك.
26 آذار 2005، قنبلة في حقيبة تنفجر في منطقة صناعية شمال شرق بيروت، وتجرح ستة.
1 نيسان 2005، جرح 9 أشخاص في مرآب تحت الأرض في مبنى تجاري وسكني خال في برمانا – جبل لبنان.
7 نيسان 2005، مجلس الأمن الدولي ينشئ لجنة تحقيق دولية مستقلة في قضية اغتيال رفيق الحريري و22 آخرين في 14 شباط 2005.
19 نيسان 2005، رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي يعلن عقد انتخابات نيابية في 30 أيار (مايو) 2005.
22 نيسان 2005، يقرر المدير العام للأمن العام اللواء جميل السيّد والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، وضع نفسيهما في تصرف رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
26 نيسان 2005، آخر دفعة من القوات السورية تغادر لبنان وتنهي وجوداً عسكرياً استمر 29 عاماً.
26 نيسان 2005، لجنة التحقيق الدولية تبدأ عملها لتأكيد انسحاب القوات السورية وجهاز الاستخبار السوري تماماً من لبنان، والتزام سورية الكامل بالقرار 1559.
6 أيار 2005، انفجار قنبلة في جونية، شمال بيروت وجرح 29 شخصاً.
7 أيار 2005، انعقاد مجلس النواب لاعتماد تعديل قانون سنة 2000 الانتخابي.
30 أيار 2005، إجراء الجولة الأولى من الانتخابات، وحصول لائحة الشهيد رفيق الحريري وتحالف حركة المستقبل التي يرأسها سعد الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي وتجمع قرنة شهوان على غالبية المقاعد في مجلس النواب.
2 حزيران 2005، مقتل الصحافي سمير قصير بانفجار سيارته في شرق بيروت.
21 حزيران 2005، مقتل زعيم الحزب الشيوعي السابق جورج حاوي بانفجار سيارته قرب منزله في وطى المصيطبة - بيروت.
30 حزيران 2005، فؤاد السنيورة، وزير المال السابق في حكومات رفيق الحريري يؤلف الحكومة الجديدة من 23 وزيراً.
12 تموز 2005، جرح وزير الدفاع الياس المر، ومقتل اثنين آخرين في انفجار سيارة ملغومة في بيروت.
22 تموز 2005، جرح 3 أشخاص على الأقل قرب شارع مونو بانفجار قنبلة في حي الأشرفية - بيروت.
22 آب 2005، جرح ثلاثة أشخاص بانفجار في مرآب قرب فندق "برومناد" في منطقة الزلقا، شمال بيروت.
16 أيلول 2005، مقتل شخص وجرح عشرة آخرين بانفجار قنبلة قرب مصرف في الأشرفية.
19 أيلول 2005، مقتل شخص وجرح اثنين آخرين بانفجار صغير في مكتب الإعلام الكويتي في بيروت.
25 أيلول 2005، انفجار سيارة مفخخة يجرح مذيعة التلفزيون الشهيرة مي شدياق، شمال بيروت.
> مقدمة
1 التقرير الحالي يفصّل التقدم الذي تحقق في تطبيق قرار مجلس الأمن 1595. في هذا القرار، الذي اعتُمد في 7 نيسان 2005، دان مجلس الأمن الهجوم الإرهابي في بيروت - لبنان، في الرابع عشر من شباط 2005، الذي أدى الى مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخر، مجدداً تأكيد دعوته لاحترام استقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووحدتها، وملاحظاً أن الاستنتاجات التي وصلت إليها لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقاتها في كل أوجه هذا العمل الإرهابي، بهدف المساعدة، بين أشياء أخرى، في تحديد المنفّذين والرّاعين والمنظمين والمتواطئين.
2 قبل اعتماد القرار 1595، درس مجلس الأمن تقرير لجنة تقصي الحقائق الى لبنان حول الموضوع نفسه، الذي أرسل في 24 آذار 2005. عكس التقرير نتيجة ثلاثة أسابيع من التحقيق، بما في ذلك مجموعة من التوصيات. وكان رأي لجنة تقصي الحقائق أنه، وطالما أن صدقية السلطات اللبنانية التي أجرت التحقيقات كانت موضع تساؤل، يجب إجراء تحقيق دولي مستقل توصلاً الى الحقيقة. ولهذا الغرض، هناك حاجة لإنشاء فريق يتمتّع بسلطات تنفيذية، ويغطي جميع ميادين الخبرات الضرورية لتحقيق من هذا النوع، وعلى الرغم من الوقت المحدود وقلة العدد الذي عملت في ظله لجنة تقصي الحقائق فإن استنتاجاتها وتوصياتها كانت ذات قيمة معتبرة بالنسبة الى اللجنة.
3 في رسالة مؤرخة في 29 آذار 2005 (س/2005/208). عبرت الحكومة اللبنانية عن موافقتها على قرار مجلس الأمن بإنشاء لجنة دولية للتحقيق واستعدادها للتعاون مع اللجنة ضمن آلية سيادة لبنان ونظامه القضائي.
4 بعد اعتماد القرار 1595، حصلت مشاورات مكثفة في ما يتعلق بإنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وأعضائها ودعمها اللوجستي. وفي 26 أيار 2005، وصل فريق أوّلي صغير من اللجنة يرأسه ديتليف ميليس الى بيروت. ولعلمه بالطابع العاجل للمهمة سعى الفريق، من مقر موقت، لإيجاد منصة دعم لعمله المستقبلي.
5 في 13 حزيران 2005، بعد مناقشات مكثفة مع السلطات القضائية اللبنانية، تمّ توقيع مذكرة تفاهم بين حكومة لبنان واللجنة. وقد فصّلت المذكرة أشكال التعاون بين الفريقين. وأولت اللجنة أهمية خاصة للاتفاق على أن "تضمن حكومة لبنان أن تكون اللجنة محرّرة من أي تدخل في مجرى تحقيقها، وأن تزوَّد بكل المساعدة الضرورية لإنجاز مهمتها". كان على اللجنة أن تحدد إجراءاتها الخاصة، وجمع الأدلة، الوثائقية والمادية، وأن تلتقي وتستجوب أي مدني و/أو مسؤول تعتبره ضرورياً وأن يكون لها نفاذ غير مقيّد الى كل المباني في كافة الأراضي اللبنانية، آخذة في الاعتبار القانون والإجراءات القضائية اللبنانية. وكان على السلطات اللبنانية من جانبها أن تساعد اللجنة في عملها عن طريق تقديم كل الوثائق والأدلة المادية التي تملكها وعن طريق تحديد موقع الشهود كما تطلب اللجنة.
6 في 16 حزيران 2005. أعلن الأمين العام بدء عمل لجنة التحقيق. وفي 17 حزيران 2005، عقد رئيس اللجنة مؤتمراً صحافياً ليلتمس علناً مساعدة السلطات اللبنانية ويدعو الشعب اللبناني لتقديم المساعدة للجنة عن طريق تسليم أي معلومات قد تكون ذات أهمية للتحقيق. وتمت إقامة خطين ساخنين لهذا الغرض، قامت السلطات اللبنانية بتشغيلهما.
7 بعد وقت قصير من توقيع مذكرة التفاهم، أرسلت السلطات اللبنانية الى اللجنة 8000 صفحة من ملف القضية احتوت على كل المعلومات والأدلة التي جمعت منذ 14 شباط 2005. ثم قامت اللجنة بإجراء تحقيق جنائي وقضائي شامل بالتعاون الوثيق مع السلطات القضائية اللبنانية المعنية (مدعي عام التمييز في الجمهورية اللبنانية) والشرطة (قوى الأمن الداخلي)، لتجنب ازدواجية وتداخل وتعارض الإجراءات.
8 أقامت اللجنة روابط وثيقة مع السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية. عقدت مناقشات منتظمة، خصوصاً مع السلطات القضائية، لتبادل المعلومات والملفات المحدثة، وتشارك النتائج والتخطيط لمراحل جديدة من التحقيق. معظم الشهود الذين استجوبتهم اللجنة، استدعتهم السلطات القضائية والأمنية اللبنانية. وكانت عملية 30 آب إشارة بارزة على ذلك، قامت خلالها القوات الأمنية اللبنانية ومحققو لجنة التحقيق بتنسيق مداهمات وعمليات تفتيش لمنازل مسؤولين أمنيين بارزين سابقين، قبل نقلهم تحت الحراسة المشدّدة الى قاعدة عمليات اللجنة الرئيسية للاستجواب.
9 وقد ساعدت السلطات اللبنانية الى حد كبير في إقامة قاعدة العمليات الرئيسية وكذلك قاعدة عمليات أمامية لعمل اللجنة. وعملت فرق الأمن اللبنانية (الشرطة والجيش) يداً بيد مع الفريق الأمني التابع للجنة التحقيق لضمان سلامة وأمن أفراد اللجنة ومبانيها.
10 على الرغم من أن القرار 1595 أعطى اللجنة سلطات تنفيذية، فإن اللجنة كانت الى حد كبير تتلقى دعم السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية خلال عمليات المداهمة والتفتيش. أكثر من ذلك، وعلى الرغم من أن اللجنة كانت مؤهلة لتقديم الاقتراحات الى السلطات الأمنية اللبنانية في ما يتعلق بتوقيف الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الاغتيال، إلا أنها أبقت القرار المستقل للسلطات اللبنانية للقيام بمثل هذه الأعمال.
11 من مسارين للتحقيق، واحد لبناني وآخر للأمم المتحدة، برز تحقيق موحّد ومكمل نُفِّذ بشكل مشترك من جانب اللجنة والسلطات اللبنانية. وقد أظهرت السلطات اللبنانية بشكل ثابت قدرتها على تحمل مسؤوليات متزايدة في متابعة القضية. وقد برز ذلك فعلاً من خلال اتخاذ مبادرة توقيف مشتبه بهم وتنظيم مداهمات وعمليات تفتيش.
12 بالنظر الى انعدام الثقة العميق الذي ساد في أوساط الشعب اللبناني نحو أجهزته الأمنية والقضائية ، أصبحت لجنة التحقيق الدولية مصدر توقعات وآمال كبيرة من أجل التغيير، وكذلك "صلة وصل" بين الشعب اللبناني وسلطاته. المؤتمران الصحافيان وخصوصاً الأول، بالإضافة الى استجواب أول مشتبه به، وتوقيف المسؤولين الأمنيين البارزين السابقين وفقاً لاقتراح من اللجنة، كانت لها آثار مساعدة. كل ذلك كان دليلاً الى أن لا أحد فوق القانون في نظر اللجنة. وأدى ذلك الى تعزيز الثقة اللبنانية. وازداد عدد الشهود الذين تقدموا بينما كان عمل اللجنة يسير الى الأمام. لكن عدداً من الناس أصر على عدم كشف هويته للسلطات اللبنانية.
13 هناك نقاط أخرى تستحق التركيز عليها. أولاً، إن هناك شهوداً كانوا خائفين من أنهم سيتعرضون للأذى إذا تم إعلان عن تعاونهم مع اللجنة. لهذا السبب، أعطت اللجنة اهتماماً كبيراً لضمان عقد مقابلات الشهود بطريقة سرية. ولأن اللجنة تعطي صدقية لمخاوف هؤلاء الأفراد على سلامتهم، فإن هذا التقرير لن يكشف هوية أولئك الذين جرت معهم مقابلات. ثانياً، كما يصح في أي تحقيق، فإن بعض الشهود قد يوفر معلومات تتجاوز مدى التحقيق الذي يجري. وقامت اللجنة وستواصل تزويد السلطات اللبنانية بكل المعلومات التي تتعلق بأي قضية جنائية خارج نطاق تحقيق اللجنة. أخيراً، قابلت اللجنة أشخاصاً كانت تقضي أجندتهم الخاصة توجيه اللجنة الى غير الاتجاه الذي يؤدي إليه الدليل، وبالاتجاه الذي يريد هؤلاء الأشخاص للجنة أن تذهب إليه. وقد تعاملت اللجنة مع هؤلاء الأفراد وتلك الأوضاع من خلال متابعة التركيز على مهمتها الوحيدة، وهي متابعة الدليل حيثما يقود وعدم متابعة أجندة أي شخص أو كيان محدد.
14 عكس الرأي العام اللبناني نظرة شائعة بأنه، عندما تسلم اللجنة تقريرها وتنهي عملها، فإن لبنان "سيُترك لوحده". وساد الخوف من عودة أجهزة الاستخبارات والأمن السورية بعد أن تنهي اللجنة عملها، عاجلاً وليس آجلاً، لقوم بتنظيم "حملة انتقام" في مجتمع ما زال "مخترقاً" من عناصر مؤيدة لسورية. وقد حصلت تفجيرات واغتيالات ومحاولات اغتيال اخيراً من دون عقاب. وساهمت شائعات متعمدة وتحليلات إعلامية تنبّأت ببقاء هذه الحال وردعت شهوداً محتملين عن الاتصال باللجنة.
15 على الرغم من المخاوف والامتناع عن التقدم للإدلاء بمعلومات في الوقت الذي بدا إتمام عمل اللجنة وشيكاً (في 25 كانون الأول)، فإنه من العادل القول إن الشعب اللبناني بصفة عامة كان تواقاً للتقدم لمساعدة اللجنة على تنفيذ عملها.
16 اللجنة لم يكن في إمكانها العمل في فراغ إعلامي، خصوصاًً في لبنان. بعض وسائل الإعلام اللبنانية كان لديه ميل دائم ولسوء الحظ نحو نشر الإشاعات، وإذكاء التكهنات، وتقديم معلومات على أنها حقائق من دون تفحصها مسبقاً، وفي بعض الأحيان استخدام مواد تم الحصول عليها في ظروف مشكوك بها، ومن ثم خلق حالة قلق بين الناس وإعاقة عمل اللجنة عندما كان التركيز يجب أن يكون في الغالب على قضايا أمنية. كانت سياسة اللجنة الثابتة هي عدم الانجرار الى حوار مباشر مع وسائل الإعلام اللبنانية، وتجنّب أي تصعيد والبقاء فوق أي بيانات تتخذ طابع التحدي أو الاستفزاز. وكان الهدف من المؤتمرين الصحافيين الرد على تكهنات كهذه وتوضيح وضع التحقيق. وفي النهاية كان تأثير هذه الأمور قصير الأجل.
17 لتعزيز الشفافية وتوسيع التعاون، فإن العمل مع السلطات القضائية شمل إبقاء السلطات السياسية العليا مطلعة على تطورات التحقيق، الى درجة أن عملاً كهذا لم يستدعِ أي تساؤل حول استقلالية اللجنة ولم يكن له أي تأثير مباشر على مسار التحقيق. لكن عدداً من الشخصيات السياسية اللبنانية أضاف الى مناخ انعدام الأمن والشك، عن طريق تسريب معلومات للصحافة أو كشف معلومات حساسة من دون موافقة مسبقة من اللجنة.
18 خلال مسار التحقيق، كان على اللجنة مواجهة تحديات لوجستية رئيسية. في هذا المجال، كان الدعم والمساعدة المكثفان من جانب المنظمات الشقيقة في نظام الأمم المتحدة والانتربول لا يقدران بثمن في عمل اللجنة اليومي.
19 المجتمع الدولي، من جانبه، كان دائماً يقدم الخبرات عندما يطلب منه. هذه المساعدة سهلت بشكل كبير عمل اللجنة وأعطت قيمة مضافة لعملها. لكن، على رغم أن القرار 1595 دعا كل الدول لتزويد اللجنة أي معلومات ذات صلة تتعلق بقضية الحريري، كان من المؤسف أن أي دولة عضو لم تنقل معلومات مفيدة كثيراً الى اللجنة. وقد أدى عدد من الاتصالات الى تبادل آراء و/أو بيانات حقائق. إن قراءة اللجنة للقرار هي أن المعلومات الدقيقة التي تحدث عنها مجلس الأمن كان يجب ان تتضمن بين أشياء أخرى معلومات استخبارات كان يمكن أن ترسل من دون طلب مسبق من اللجنة.
20 على الرغم من القدرات البشرية والتقنية والمالية التي جرى تحريكها لغرض التحقيق، وعلى الرغم من التقدم المعتبر الذي جرى تحقيقه والنتائج التي تم التوصل إليها في الوقت المخصص، فإن التحقيق في عمل إرهابي كهذا، له أبعاد دولية متعددة الأوجه وتشعبات، يحتاج عادة الى أشهر (إن لم يكن سنوات) لإنهائه، بحيث يمكن إقامة أرضية صلبة لأي محاكمة محتملة لأي أشخاص متهمين. إنه لمن الأهمية القصوى الاستمرار في متابعة المحاكمة داخل لبنان وخارجه. عمل اللجنة هو فقط جزء من عملية أوسع. حتى أثناء كتابة هذا التقرير جرت عملية توقيف مهمة قبل أيام قليلة، ومقابلات الشهود مستمرة وتجرى مواصلة درس الأدلة المعقدة.
21 حدّدت اللجنة حقائق وكشفت مشتبهاً بهم على أساس الدلائل التي جمعتها أو توافرت لديها. لقد فحصت اللجنة ودرست هذا الدليل بأفضل المعرفة التي لديها. وقبل اكتمال التحقيق، وتحليل كل المفاتيح والأدلة بالكامل، وإنشاء ادعاء مستقل وغير متحيّز، لا يمكن للمرء معرفة القصة الكاملة لما حصل، وكيف حصل ومن المسؤول عن اغتيال رفيق الحريري وقتل 22 شخصاً بريئاً آخر. لذلك فإن افتراض البراءة يبقى قائماً.
22 في وضع هذا التقرير، بذلت اللجنة جهدها لضمان ألا يضرّ أي شيء تفعله أو تقوله بالتحقيق الجنائي أو بأي محاكمات يمكن أن تتبعه. لا تستطيع اللجنة في هذا الظرف الكشف عن كل العناصر المفصلة والحقائق التي بحوزتها، خارج تشاركها مع السلطات اللبنانية. اللجنة حاولت وضع الحقائق وتقديم التحليلات لهذه الحقائق بطريقة تشرح بشكل دقيق ما حصل وكيف حصل ومن المسؤول.
خلفية
23 كان لسورية دائماً دور كبير في لبنان، فخلال العهد العثماني، كانت المنطقة التي أصبحت "لبنان" جزء من الأراضي الإدارية التي تُحكم من دمشق، وعندما تمّ إنشاء الدول بعد الحرب العالمية الأولى، اعتبر الكثيرون من القوميين العرب ان لبنان جزء من سورية، ومنذ ان أصبحت الدولة مستقلة لم تقم بين الدولتين علاقات ديبلوماسية.
24 دعيت القوات السورية الى لبنان من قبل الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية في العام 1976، في المراحل الأولى للحرب الأهلية. وفي اتفاق الطائف الذي تمّ التوصل إليه بين الأطراف اللبنانية التي اتفقت على إنهاء الحرب في العام 1989، شكر لبنان سورية على مساعدته بنشر قواتها في لبنان، ودعت بنود الاتفاق سورية ولبنان الى تحديد إعادة انتشار تلك القوات، وتوصل البلدان لاحقاً الى اتفاق في أيار 1991 حول التعاون وأعادا التذكير ببنود الاتفاق، وانسحبت القوات السورية عام 2005 وفقا لقرار مجلس الأمن 1559 (2004).
العلاقات بين الرئيس الحريري وسورية
25 أكدت تحقيقات اللجنة ما كان يؤكّده الكثيرون في لبنان بأن كبار ضباط الاستخبارات السورية كان لهم تأثير كبير واستراتيجي في حكم لبنان، وكان النزاع الواضح والمتزايد بين الحريري والمسؤولين السوريين الكبار، بمن فيهم الرئيس بشار الأسد، جزءاً محورياً من المعلومات التي قدمت الى اللجنة من خلال الوثائق والشهادات.
وفي لقاء في دمشق بين الحريري والرئيس الأسد في 22 من آب 2004 ظهر الخلاف، وفي هذا اللقاء الذي دام بين عشر وخمس عشرة دقيقة، أعلم الرئيس الأسد الحريري الذي كان في وقتها لا يزال رئيساً للوزراء، بضرورة ان يمدد لبنان ولاية الرئيس لحود، وهو أمر كان الحريري يعارضه.
26 الشهود اللبنانيون والسوريون، ووفقاً لمدونات اللقاء بين الحريري ونائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قدموا الى اللجنة نسخة مغايرة لما قيل في هذا اللقاء، والكثير من الشهود اللبنانيين بمن فيهم الوزيران مروان حمادة وغازي العريضي والزعيم وليد جنبلاط ونجل الحريري سعد قالوا ان الرئيس الحريري قال لهم ان الرئيس الأسد أعلمه بقراره تمديد ولاية الرئيس لحود وهدد بتكسير لبنان على رأس الحريري وجنبلاط اذا لم يوافقا على دعم تمديد ولاية الرئيس لحود. ان المسؤولين السوريين وصفوا هذا اللقاء بشكل مغاير. فوزير الخارجية السوري فاروق الشرع والجنرال رستم غزالي المسؤول عن الاستخبارات السورية في لبنان، وصفا اللقاء بشكل ايجابي. اللواء غزالي قال للجنة ان الحريري قال له ان الرئيس الأسد اعتبره "صديقاً"، ووصف اللقاء بأنه "ودّي" ويسوده "الاحترام"، وان الرئيس الأسد استشار الحريري في موضوع التمديد.
27 وفي ما يلي مقتطفات من مقابلات أجرتها اللجنة في ما يتعلق باجتماع 26 آب 2005، وأجزاء من رسالة السيد الشرع إلى اللجنة، وجزء من نسخة عن حوار مسجل بين السيد الحريري والمعلم.
رسالة وزير خارجية الجمهورية العربية السورية إلى اللجنة في 17 آب 2005
"حصل لقاء بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في دمشق في 26 آب / 2004 في إطار التشاور السياسي المتواصل بين القادة السوريين واللبنانيين. وجرت مراجعة عامة للتطورات المحلية والإقليمية بما في ذلك احتمال التمديد لاميل لحود، رئيس لبنان، في ضوء الظروف الإقليمية المضطربة واستناداً إلى المصلحة المشتركة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان. وقد طلب السيد الحريري في حال وجود إجماع على التمديد للحود في مجلس الوزراء أن تقوم سورية بمساع لدفع الرئيس لحود إلى تعاون أفضل خلال الفترة الآتية، وقد طلب الرئيس من السيد الحريري ان يتشاور مع جماعته ومع مَن يراهم مناسبين واتخاذ الموقف المناسب".
إفادة رستم غزالي المكتوبة غير المؤرخة التي قُدمت الى لجنة التحقيق في 17 آب 2005.
"كان لي في ذلك التاريخ لقاءان مع الحريري، الأول كان في صباح 26 آب 2004 وهو في طريقه الى دمشق لمقابلة الرئيس الأسد، والثاني بعد عودته من دمشق الى بيروت بعد لقائه الرئيس الأسد. واللقاء الأخير تم أيضاً في مكتبي في عنجر.
وقد ناقشنا لقاءه مع الرئيس الأسد، وبدا (الحريري) مرتاحاً وقال إن اللقاء كان ودياً وموجزاً، وإن الرئيس الأسد قال له: ابو بهاء نحن في سورية كنا دائماً معك كأصدقاء، واليوم أنا أتحدث معك كصديق وكرئيس وزراء للبنان، ووفقاً للظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة ولبنان في وسطها، فقد ارتأينا أن مصلحة لبنان تقضي استمرارية النظام الحالي من خلال تمديد ولاية الرئيس لحود، وكصديق نود منكم ان توضحوا موقفكم في ما يتعلق بهذه القضية. نحن لسنا مستعجلين لمعرفة الجواب، ويمكن أن تفكروا بالأمر على راحتكم."
شهادة مروان حمادة المكتوبة في 27 حزيران 2005
"في 24 او 25 من آب تمت دعوة السيد الحريري والسيد جنبلاط والسيد نبيه بري الى دمشق من أجل أن يتم إعلامهم بقرار تمديد ولاية الرئيس لحود، السيد جنبلاط أعلم غزالي بأنه يجب أن يناقش الأمر مع الرئيس الأسد، ولكن غزالي أصرّ على أن الجواب يجب أن يكون "نعم" قبل تحديد أي موعد، ونصح جنبلاط أن يتعامل بايجابية مع الموضوع لأن هذا الموضوع قضية استراتيجية بالنسبة للرئيس الأسد، لكن جواب جنبلاط كان سلبياً، وبعد ساعة اتصل جنبلاط بي (أي بحمادة) وقال إن المخابرات السورية ألغت لقاءه مع الرئيس الأسد.
وفي المساء ذهبت أنا وجنبلاط لزيارة الحريري، الذي قال لنا إن غزالي أصرّ على أنه طالما أن الجواب لن يكون ايجابياً فإنه لن يؤكد لقاءه أيضاً مع الأسد، وطلب منه أن يذهب الى دمشق وأن يبقى في بيته حتى إشعار آخر، وفي اليوم التالي دُعي الى لقاء صغير، وفي اليوم الذي التقى فيه الحريري بالرئيس الأسد كنت أقابله في منزل جنبلاط مع السيدين باسم السبع وغازي العريضي، ورأينا موكب الحريري يعود في حوالى الواحدة بعد الظهر، ما يعني أن اللقاء في دمشق كان قصيراً للغاية. لقد رأينا يومها الحريري متعباً ويتصبب عرقاً، وقال لنا، نحن الأربعة، بأن لحود سيُمدد له "وإلا سأدفع ثمناً غالياً(...)، ونقل قول الرئيس الأسد: "سأكسر لبنان على رأسك وعلى رأس جنبلاط."
شهادة غازي العريضي في الأول من تموز 2005
"السيد الحريري قال لنا، إن الرئيس الأسد قال له، إذا أخرجني جاك شيراك من لبنان، فإنني سأتخذ خيارات أخرى وسأعلمكم بها، إما أنكم معنا أو ضدنا، وخياري هو إميل لحود للرئاسة، وسأحرص على أن يكون هو الرئيس، وسأنتظر جواب جنبلاط، وقل لوليد جنبلاط بأنه إذا كان عنده دروز في لبنان فإن لديّ أيضاً دروزاً في سورية وأنا مستعد لعمل أي شيء".
شهادة وليد جنبلاط المكتوبة في 28 حزيران 2005
"وفقاً للرئيس الحريري فإن الرئيس الأسد قال له: لحود هو أنا، وأنا أريد أن أجدد له، وإذا أراد شيراك أن يخرجني من لبنان، فإني سأكسر لبنان، وخلال زيارته الى منزلي كان الحريري خائب الظن وكان في وضع سيئ للغاية".
شهادة جبران تويني في 25 حزيران 2005
"لاحقاً في العام 2004 عندما كانت قضية التمديد للحود، قال لي الرئيس الحريري إن الرئيس الأسد هدده مباشرة وقال له: إن التصويت ضد التمديد سيعتبر بأنه موجّه ضد سورية، ووفقاً للحريري قال الرئيس الأسد إنه في هذه الحال فإن السوريين سيفجرونه، هو وأياً من أعضاء أسرته، مؤكداً بأنهم لن يجدوا الهدوء في أي مكان في العالم".
شهادة باسم السبع في 30 حزيران 2005
"عندما عاد الحريري من لقائه مع الأسد قابلته في منزل وليد جنبلاط، وقال لنا ان الرئيس الأسد قال له ببساطة، أنا شخصياً مهتم بهذه القضية (التمديد لاميل لحود) فالأمر لا يتعلق بلحود بقدر ما يتعلق ببشار الأسد. وسألناه ما إذا استطاع أن يناقش القضية مع الرئيس الأسد فقال ان الرئيس الأسد قال له ان القضية ليست موضع نقاش وإنها يجب أن تتم وإلا فإنه سيكسر لبنان، وقال (الأسد) من مصلحة لبنان، فإن عليه أن يفكر بما سيفعله، وبأننا نتعامل مع مجموعة من المجانين الذين قد يقدمون على أي شيء".
شهادة سعد الحريري في 9 تموز 2005
"ناقشت مع والدي الراحل رفيق الحريري تمديد ولاية اميل لحود، وقال لي ان الرئيس بشار الأسد هدده وقال له، "هذا ما أريده، إذا كنت تظن أن الرئيس شيراك أو أنت تستطيعان أن تحكما لبنان فأنتما مخطئان، فذلك لن يحدث. لحود هو أنا وما أقوله له ينفذه، وهذا التمديد سيتم وإلا فإني سأحطم لبنان على رأسك وعلى رأس وليد جنبلاط، إما أن تفعل ما نقوله لك وإلا فسنتعامل معك ومع أسرتك أينما كنت".
حوار مسجل لرفيق الحريري مع وليد المعلم في الأول من شباط 2005
"في ما يتعلق بقضية التمديد فإن الرئيس الأسد أرسل لي وقابلني لمدة 10 الى 15 دقيقة، وأرسل في طلبي وقال لي: انت دائماً تقول إنك دائماً مع سورية، الآن حان الوقت لتثبت بأنك كنت تقصد ما تقوله، أو شيئاً آخر. ولم يطلب مني رأيي، وقال: لقد قررت. ولم يتعامل معي كرئيس وزراء أو كرفيق الحريري أو أي شخص آخر، وقال: أنا قررت، وهذا ما أثار دهشتي، كان ذلك أسوأ يوم في حياتي، ولم يقل لي إنه يرغب بتمديد ولاية لحود، وكل ما قاله "أنا قررت أن أفعل ذلك، ولا تجبني.. فكّر وعد إليّ". لم يتم التعامل معي كصديق أو كشخص معروف وإنما طلبت، وقيل لي: أنت معنا أو ضدنا! هذا كل ما في الأمر، وعندما انتهى لقائي معه، أقسم لك، ان حارسي الشخصي نظر اليَّ وسألني لماذا انا شاحب الوجه؟!.
28 وفي اللقاء مع السيد المعلم اشتكى أنه يعتقد أن الرئيس الأسد، لم يتم إخباره بشكل دقيق من أجهزة الاستخبارات ومن الوزير الشرع عن السيد الحريري، وكان هناك الجملة التالية من الحريري في هذا اللقاء:
. "لا استطيع ان أعيش في نظام امني متخصص في التدخل بعمل الحريري ويقوم بنشر إشاعات عن رفيق الحريري ويكتب تقارير الى الرئيس الأسد."
"لكن لبنان لن يُحكم أبداً من سورية. هذا لن يحدث أبدا".
29 خلال هذه المحادثة قال المعلم للحريري: "نحن وأجهزة الأمن وضعناك في الزاوية"، وتابع: "رجاء لا تأخذ الأمر بسهولة".
30 هذا اللقاء المسجل يناقض شهادة السيد المعلم في 20 أيلول 2005، الذي وصف هذا اللقاء بأنه ودي وايجابي، ورفض إعطاء الأجوبة المباشرة على الأسئلة.
التعاون السوري مع اللجنة
31 المعلومات المذكورة آنفاً والأدلة التي جمعتها اللجنة، كما شرحناها، والتي تشير الى التخطيط للاغتيال، تشير الى احتمال أن المسؤولين السوريين كان لهم علاقة باغتيال السيد الحريري، وعندما حاولت اللجنة الحصول على تعاون الحكومة السورية في متابعة هذه الأدلة، فإن اللجنة لقيت تعاوناً بالشكل فقط وليس بالمضمون.
32 الاتصال الأساسي بين اللجنة والسلطات السورية حدث في 11 تموز 2005، عندما أرسل السيد ميليس رسالة الى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، طالباً اللقاء مع ممثلين عن الحكومة السورية، أجاب الشرع في 11 تموز 2005، مؤكداً دعم الحكومة السورية للتحقيق بعبارات عامة، وفي 19 تموز طلبت اللجنة مقابلة عدد من الشهود، بمن فيهم رئيس الجمهورية العربية السورية، وفي 26 آب وبطلب من الحكومة السورية حدث لقاء بين رئيس اللجنة وممثلين عن وزارة الخارجية السورية في جنيف في سويسرا، وفي ذلك اللقاء أعطيت لرئيس اللجنة رسائل من أربعة شهود، وأشاروا الى أن الرئيس الأسد لن يكون متوفراً لإجراء أي مقابلة، وأكد رئيس اللجنة على مقابلة هؤلاء الشهود وقيل له إن هذا الطلب لا يزال تحت الدراسة والنقاش، ولكن الرئيس الأسد لن يكون متوفراً للمقابلة.
33 في 13 آب طلبت اللجنة مرة أخرى من وزير الخارجية السورية مقابلة عدد من الشهود الإضافيين الآخرين، المشتبه فيهم في سورية، والرسالة طلبت دعم الحكومة السورية من أجل تفتيش منازل المشتبه فيهم، وفي 7 ايلول أعلم الوزير الشرع اللجنة خطياً، بأنه على رغم أن أدلة اللجنة كانت مبنية على شهادات كاذبة، فإن حكومته وافقت على طلب اللجنة مقابلة الأشخاص الواردة أسماؤهم في الطلب باستثناء الرئيس الأسد.
34 في 12 أيلول تمت مناقشة تفاصيل هذه اللقاءات بين اللجنة وبين ممثلين عن وزارة الخارجية السورية، واللجنة عبرت عن أملها أن تتم اللقاءات في دولة أخرى، لا في لبنان ولا في سورية، وتم رفض ذلك، وأصرت سورية على أن تتم اللقاءات في سورية وبمشاركة مسؤولين سوريين، والمقابلات حدثت بين 20 و23 أيلول، وكل لقاء وشهادة تم بحضور مستشار قانوني من وزارة الخارجية السورية أو ممثل آخر من وزارة الخارجية ومترجم وكاتبين وأشخاص آخرين لم تحدّد انتماءاتهم.
وفي نهاية اللقاءات كان واضحاً أن المستجوبين أعطوا إجابات متشابهة، والكثير من هذه الإجابات كانت تتناقض مع الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق من مصادر منوعة أخرى، واللجنة لم تتح لها الفرصة لمتابعة هذه اللقاءات في ما يتعلق بضلوع سوري ما في الجريمة.
35 توصلت اللجنة الى خلاصة بأن عدم تعاون الحكومة السورية معها أعاق التحقيق، وجعل من الصعب متابعته وفقاً للأدلة التي تمّ جمعها من مصادر شتى.
واذا كان للتحقيق ان يستمر، فإن من المهم ان تتعاون الحكومة السورية بالكامل مع سلطات التحقيق بما في ذلك السماح بإجراء المقابلات خارج سورية، وبالنسبة الى الشهود الا يرافقهم مسؤولون سوريون.
الجريمة
36 - في 14 شباط (فبراير)، نحو الثانية عشرة وخمسين دقيقة. غادر رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ساحة النجمة في بيروت عائداً الى قصر قريطم في موكب من 6 سيارات ومعه النائب باسل فليحان ومرافقوه.
37 - عندما وصل الموكب الى فندق سان جورج وقع انفجار كبير أدى الى مقتل السيد الحريري وآخرين.
وبعد فترة وجيزة من الانفجار تلقى مدير مكتب "الجزيرة" في بيروت مكالمة هاتفية من شخص في سورية يدّعي انه مسؤول عن مقتل الحريري وجرى بثّه على الهواء مباشرة.
4 - التحقيق اللبناني
الإجراءات الأولية
39 - إن كشف جريمة بهذا الحجم كان يتطلب إجراءات إدارية كبيرة وتنسيقاً كبيراً وتوفير المتخصصين والمعدات والدعم اللازم. وفي ما يأتي الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية في الفترة الممتدة بين حصول الانفجار وتاريخ تشكيل اللجنة الدولية.
40 - كان قاضي التحقيق العسكري رشيد مزهر مسؤولاً عن التحقيق خلال الفترة من 14 شباط 2005 الى 21 منه، وأخيراً اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً اعتبرت بموجبه الجريمة عملاً إرهابياً يستهدف الجمهورية وأحالتها الى المجلس العدلي. ونتيجة لهذا القرار عُين قاضي تحقيق جديد هو القاضي ميشال أبو عراج وممثل للمدعي العام.
41 وصل القاضي مزهر الى موقع الجريمة بعد أقل من ساعة على حصول الانفجار ومعه القاضي جان فهد من مكتب المدعي العام، ووصف موقع الجريمة بالقول انها "فوضى". وكان قراره الأول تعيين مساعد قائد شرطة بيروت العميد ناجي ملاعب مسؤولاً عن موقع الجريمة وكلفه مهمة رفع الجثث والجرحى وإخماد النيران وبعد ذلك سحب جميع الأشخاص من الموقع وإغلاقه بالكامل (إفادة شاهد).
42 - في الساعة الخامسة مساء دعا القاضي مزهر إلى اجتماع مع كل الأجهزة المعنية من الأجهزة الأمنية والعسكرية بمن فيهم نحو 10 ضباط ووزع المهمات خلال الاجتماع وحدد طريقة عمل التحقيق (إفادة شاهد).
43 شارك في الاجتماع قائد الشرطة القضائية بالوكالة العميد اعور وقائد شرطة بيروت بالوكالة العميد ملاعب وصلاح عيد المسؤول عن موقع الجريمة والعقيد فؤاد عثمان رئيس قسم المعلومات (إفادة شاهد).
44 بعد اللقاء، نحو الساعة السابعة مساء، عاد القاضي مزهر إلى موقع الجريمة للمرة الثانية، ولم يكن راضياً عن ظروف موقع الجريمة، لكنه كان يأمل بأن تكون أفضل في اليوم التالي لأن المسؤوليات تم توزيعها خلال الاجتماع، وكان ثمة تقصير تمثل في عدم توفير المعدات والخبرات اللازمة، وسوء التواصل بين الأجهزة المعنية وعدم الالتزام بتعليمات قاضي التحقيق وتزويده المعلومات حول تقدم سير التحقيق (إفادة شاهد).
45 - استدعى القاضي مزهر خلال فترة توليه التحقيق عشرة أشخاص للاستجواب، بمن فيهم موظفو فندق "سان جورج" ووالد أبو عدس ووالدته وبعض الشهود، واتخذ بالتشاور مع القاضي جان فهد قرار طلب المساعدة من سويسرا لتأمين خبراء في الطب الشرعي لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق. وعندما ترك القاضي مزهر منصبه في 21 شباط 2005 لم يكن تم التوصل إلى أي نتيجة في هذا التحقيق.
46 - نُقل الملف إلى قاضي التحقيق الجديد القاضي ميشال أبو عرّاج الذي تولى التحقيق في الفترة الممتدة من 22 شباط الى 23 آذار (مارس) 2005، وعيّنه القاضي الأول طانيوس خوري وسجل الملف في مكتب أبو عرّاج في 22 شباط 2005 (إفادة شاهد)، وكان رأيه الأول عندما نظر في الملف، أن الجريمة كانت هجوماً إرهابياً يتطلب فترة طويلة من الوقت وإجراءات التحقيق إضافة إلى الكثير من الإمكانات الأخرى. ان الإجراءات الأولية نفذت في شكل مهني ودقيق، وفوجئ بعزل سيارات الموكب واتصل بالقاضي مزهر طالباً توضيح الأمر (إفادة شاهد).
47 - اتخذ السيد ابو عراج خلال توليه التحقيق الإجراءات التالية:
- في 22 شباط: تسجيل القضية في سجلات بيروت الثانية.
- في 24 شباط تفتيش فندق "سان جورج" والتشاور مع قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والاستخبارات العسكرية.
- في 25 شباط التحقيق في حفريات فندق "سان جورج" واستجواب تيسير ابو عدس وماهر الداعوق.
- في 26 شباط: جرى الحصول على تقارير حول التفتيش والبحث ونقل سيارات الموكب إلى ثكنة الحلو والتحقيق مع الحرس.
- 28 شباط: تم الاستماع إلى تيسير أبو عدس وماهر الداعوق وحسن محمد العجوز وعامر خالد شحادة.
- 28 شباط: لقاء آخر مع رشيد حمود في المستشفى، ومحمد عويني الحارس الشخصي للرئيس رفيق الحريري وتامر لهيب، وطلب قسم الطب الشرعي مساعدة أجنبية.
- 1 آذار: وصل رئيس لجنة تقصي الحقائق السيد بيتر فيتزجيرالد إلى لبنان للنظر في التحقيق.
- 2 آذار: التحقيق مع تامر لهيب ومحمد عويني وشهود آخرين.
- 3 آذار: تقرير شركة "ميتسوبيشي" ودفتر مواصفات (كاتالوغ) "بيك آب ميتسوبيشي"، وقائمة أسماء والقطع التي وجدت في موقع الانفجار وخريطة تظهر تقرير السيد قواس بنتيجة الفحوص التي أجريت لجثة عبدالحميد غلاييني، وتم الحصول على تقرير من الاستخبارات العسكرية عن التحقيق مع حسام علي محسن وأحمد عمورة ونبيل غصوب حول علاقتهم بالمشتبة فيه أحمد أبو عدس ولم يتم اعتقالهم. تقرير السيد حسين شحرور بنتيجة فحوص جثة عبدالحميد غلاييني.
- 5 آذار: استدعاء أول ثلاثة شهود للتحقيق معهم في 8 آذار، والآخرين للتحقيق معهم في 9 آذار 2005. المهندس مكرم أعور وحمد ملاعب وحسام علي محسن ومحمود بيضون الضابط في الأمن العام، وعفيفة عبدالله الحرشي وغسان بن جدو من قناة "الجزيرة".
- 7 آذار: تفتيش بقايا السيارات، دلال ضرغام، حضر العميد عماد القعقور وأخبرنا بالتحقيق وأخذ نسخة من تقرير التحقيق وكان معه زياد رمضان.
- 8 آذار: تلقينا نتائج فحوص (D N A) وخريطة موقع الجريمة.
- 10 آذار: تقرير مخفر البرج في شأن فحص جثة عبدالحميد غلاييني.
- 11 آذار: النقاش مع الجنرال زياد نصر والنقيب متري نمر واستدعاء حسام محسن والفلسطيني مروان عبدالوهاب قطان.
- 14 آذار: الطلب من قيادة الأجهزة الأمنية عدم رفع الأنقاض، واستدعاء جاك شليطا وعلي أمهز ومروان قطان، رسالة من اللجنة الدولية تتعلق بانتهاء مهمتها.
48 - في 23 آذار 2005: القاضي أبو عراج يستقيل من مهمته بسبب الجو السياسي الضاغط في ذلك الوقت والكثير من عدم الثقة بالجهات القضائية اللبنانية والانتقادات الموجهة الى طريقة التحقيق، إضافة الى ذلك، عندما كان مسؤولاً عن التحقيق في مقتل الحريري كان عليه ان يقوم بعمله الطبيعي وكان في القضية الكثير من الجوانب السياسية، وسمع خلال التظاهرات في بيروت في 14 آذار أشخاصاً يذكرون اسمه في شكل مسيء.
49 - في ذلك الوقت ترك منصب قاضي التحقيق، والانجاز الوحيد الذي تحقق كان الأدلة التي تشير الى السيد أبو عدس، على رغم محاولة التركيز على طريقة التفجير ومن خلال التركيز على جميع الخبراء الذين توصلوا الى نتيجة واحدة.
50 - تم استبدال السيد ابو عراج بالسيد الياس عيد الذي لا يزال يتولى التحقيق حتى الآن.
قوى الأمن الداخلي
51 في 14 آذار 2005 كان اللواء علي الحاج قائداً لقوى الأمن الداخلي، وتمت ترقيته الى هذا المنصب 2004 من قبل السوريين كما يُقال، واستقال من منصبه خلال ربيع 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري.
ووفقاً لشهادته، كان الحاج في مكتبه عندما أعلم بنبأ الانفجار، حيث ذهب الى موقع الجريمة بالسيارة وخلال توجهه الى الموقع تحادث مع السيد شهيد خوري من الأمن الداخلي الذي ابلغه انه كان هناك انفجار كبير. وطلب اللواء الحاج من السيد خوري أيضاً إرسال كل التعزيزات اللازمة الى موقع التفجير. وكانت الوحدات تتضمن فرقاً مخبرية بإمرة السيد هشام أعور وخبراء متفجرات بإمرة عبدالبديع السوسي ووحدة التحقيق بإمرة العقيد فؤاد عثمان، وكانت مسؤوليته الوحيدة ان يقدم الإمكانات اللازمة، بعد وصول قاضي التحقيق أصبحت كل قوات الأمر بإمرة القاضي، ولم يكن باستطاعة اللواء الحاج ان يتدخل في التحقيق (إفادة شاهد).
52 - وبحسب رأيه ان المشكلة في تلك المنطقة كانت لها علاقة بوجود الكثير من الأجهزة مثل أجهزة الجيش والأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام.
53 - بعد ظهر ذلك اليوم، انضم اللواء الحاج إلى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى في قصر الرئاسة في بعبدا، والذي ترأسه الرئيس (إميل لحود) وكان بين المشاركين وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والعدل والاقتصاد والأشغال العامة ونائب رئيس الوزراء ومحافظ بيروت وقادة عدد من الأجهزة الأمنية. وناقش الاجتماع الجريمة وتداعياتها وبحث مع الجهاز القضائي.
54 - عاد اللواء الحاج إلى مكتبه بعد الاجتماع، وبعد ذلك بثت "قناة الجزيرة" شريطاً يدعي فيه أحمد أبو عدس مسؤوليته عن الانفجار وقتل السيد الحريري. ومنذ ذلك الحين سألنا كل مصادر الأمن الداخلي، بما فيها تلك التي كانت موجودة في مسرح الجريمة، وكانت تركز على ملاحقة أبو عدس.
55 - في 14 شباط 2005 كان مسؤول الاستخبارات العسكرية العميد ريمون عازار، وعُيّن في هذا المنصب في كانون الأول (ديسمبر) 1998، واستقال في نيسان (أبريل) 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري. ووفقاً لشهادته، أبلغه العقيد في الاستخبارات محمد فهمي بالانفجار، ولم يذهب إلى موقع الجريمة لكنه تابع القضية بتفاصيلها من مكتبه مع العقيد البير كرم قائد استخبارات بيروت وأبلغ الرئيس لحود والعميد (رستم) غزالة بالانفجار عند حصوله.
56 - زار أشخاص من الاستخبارات العسكرية، خصوصاً خبراء المتفجرات، موقع الجريمة وقاموا بعمليات بحث وتدقيق، وأكدوا ان وزن المواد التي استخدمت في الانفجار كان نحو 300 كيلوغرام من مادة "تي أن تي"، وسلمت كل الأدلة الموجودة في الموقع إلى الأمن الداخلي والجنرال هشام أعور، وعلى حد علم العميد عازار فقد كان هناك بعض المخلفات المعدنية، وفي رأيه ان الأمن الداخلي ومكتب المدعي العام وقاضي التحقيق كانت لهم المسؤولية الكاملة عن التحقيق.
57 - 14 شباط عصراً، حضر العميد عازار اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، وجرى عرض اغتيال السيد الحريري وكل التفاصيل التي كانت متوافرة في ذلك الوقت، وقدم كل مشارك في الاجتماع وجهة نظره.
58 - وفي مرحلة لاحقة جرى التركيز على ثلاثة عناصر: شريط أحمد أبو عدس، الاتصالات الخلوية التي جرت في المنطقة، وطبيعة التفجير وحجم المتفجرات المستخدمة.
الأمن العام
59 - في 14 شباط 2005، كان اللواء جميل السيّد قائد الأمن العام، رقي إلى هذا المنصب عام 1998، واستقال ربيع عام 2005 بعد الانفجار الذي أودى بحياة السيد الحريري.
ووفقاً لشهادته، أفاد اللواء السيد انه كان في مكتبه عندما سمع الانفجار، لكنه اعتقد بأن ذلك ناجم من مقاتلات إسرائيلية تخترق جدار الصوت.
وبين الواحدة والربع والواحدة والنصف أخبره المقدم أحمد الأسير حصول الانفجار وان موكب السيد الحريري كان مستهدفاً، وبقي في مكتبه من دون أن يرسل أحداً من الأمن العام إلى موقع الانفجار، واتصل بالسيد الرئيس ووزير الداخلية والعميد غزالة.
60 بعد ظهر ذلك اليوم، حضر اللواء السيد اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ركّز على النتائج المستقبلية لما حدث، وقدمت اقتراحات للحكومة التي اجتمعت لاحقاً مساء ذلك اليوم.
61 في صباح 15 شباط تلقى السيد اتصالاً من صحافي في "قناة الجزيرة" يبلغه ان أحداً لم يأت لتسلم شريط أبو عدس، وسلم له الشريط في 16 شباط وقام بنسخه وأرسل النسخة الأصلية إلى قاضي التحقيق السيد أبو عراج.
التحقيقات في موقع الجريمة
تقرير الأمن الداخلي
62 - كما هي العادة في أي حالة إجرامية، فإن عملية فحص موقع الجريمة ومحيطه مهمة جداً بالنسبة إلى نتيجة التحقيق.
وصل الضابط المسؤول عن موقع الجريمة الجنرال في قوى الأمن الداخلي ناجي ملاعب بعد الساعة الواحدة من يوم 14 شباط 2005، ووضع لاحقاً تقريراً حول فحص موقع الجريمة الذي أجرته السلطات اللبنانية، قوى الأمن الداخلي وشرطة بيروت، وتحمل الوثيقة الرقم 95 وتقول انه خلال التحقيق وتنفيذاً لأوامر قاضي التحقيق العسكري في بيروت في ما يتعلق بالتحقيق وكل ما يمكن أن يلقي الضوء على الانفجار الذي حصل وأدى إلى وفاة رئيس الوزراء السابق السيد رفيق الحريري وآخرين، أصدر قاضي التحقيق الأول للغرفة العسكرية في بيروت مذكرة رقم 23/2005 بتاريخ 14 شباط 2005، الأمر رقم 207 بتاريخ 15 شباط 2005 أيضاً:
في 14 شباط 2005 حوالى الثانية عشرة ظهراً حصل انفجار كبير في بيروت سجلت غرفة العمليات انه قريب من فندق "سان جورج"، أرسلت كل الدوريات إلى الموقع وذهبت إلى هناك ووصلت بعد دقائق، السيارات على جانبي الطريق كانت تحترق، وكان هناك الكثير من الدخان. قوات الدفاع المدني والإطفاء والصليب الأحمر كانت تحاول الوصول إلى المنطقة وتتخذ الإجراءات من أجل إخماد الحريق وتجمع الجثث وتنقل الجرحى إلى المستشفيات. كان المنظر فوضوياً، وكان هناك كثيرون من العسكريين والشرطة والمدنيين مختلطين والصحافيين ووسائل الإعلام وكلهم يريدون الوصول إلى موقع الجريمة، وأمرت كل الضباط ورجال الشرطة والدوريات أن يفعلوا ما في امكانهم من أجل الحفاظ على المنطقة آمنة، وأن يتخذوا الإجراءات من أجل الحفاظ على موقع الجريمة، وأن يبعدوا الفضوليين، وجعلت المكتب الثاني من شرطة بيروت هم المسؤولون عن التحقيق في اغتيال الحريري لكن النتيجة لم تكن معروفة بعد. المتخصصون في جمع الأدلة وخبراء المتفجرات بدأوا عملهم، وإضافة الى المسؤولين السياسيين والعسكريين جاء بعض العسكريين من الضباط والقاضي رشيد مزهر، قاضي التحقيق الأول العسكري، وهو طلب مني كضابط
شرطة وبسبب غياب مدير الأمن في الخارج، ان اتخذ الإجراءات اللازمة من اجل التحقيق وأي شيء يمكن ان يلقي الضوء على ذلك الانفجار وان اعلمه، وان هذه التعليمات الشفوية ستكون مكتوبة لاحقاً.
وعندما وصل قائد الأمن الى المنطقة أعلمته بما حدث، ووفقاً للسلطات المحلية طلبت من السيد صلاح عيد ان يتخذ الإجراءات اللازمة للتحقيق بصفته قائداً للمنطقة الثانية لبيروت التي حدث فيها الانفجار وان يطلعني على ما حدث. العثور على الجثث وأخذ الجرحى الى المستشفيات استمر وأيضاً عمل فرق الحوادث وفرق المتفجرات، وتمّ إجراء مسح كامل لمنطقة الجريمة ومحيطها وجاء مهندسون من الجيش وأخذوا عينات من الموقع من اجل ان يجروا اختبارات عليها، وفرقة من الجيش قامت بعملية مسح على الموقع والمباني المجاورة وساعدت في الحفاظ على أمن تلك المنطقة، وبسبب أهمية هذا الدعم أرسل برقية الرقم 205 بتاريخ 15 شباط 2005 الى قيادة المنطقة، وطلبنا منهم اتخاذ كل الإجراءات المناسبة من اجل التحقيق وفقاً لما يتعلق بالجثث التي تم أخذها الى المستشفيات في كل المناطق، وان يسمحوا لعائلاتهم بالتعرف اليهم وان يعلموني وان يمكنني الحصول على التفويض اللازم من اجل إعادة هذه الجثث الى ذويها، وان تؤخذ إفادات من الجرحى وان توضع نسخ من هذه التحقيقات في الملفات.
وبعد البرقية الرقم 2007 في 14 شباط 2005 التي أرسلت الى الدائرة في ما يتعلق بعزل موقع الجريمة وإقامة المنطقة الآمنة حولها، طلبنا من قائد منطقة بيروت الثانية ان يستقدم كل العناصر اللازمة من اجل القيام بهذه المهمة، وان يضع حواجز معدنية وأشرطة صفر حول المنطقة بالتنسيق مع شرطة السير من اجل تنظيم السير هناك.
المقدم عيد عبّر لي عن تقدم التحقيق ونتائجه، وأعلمت قاضي التحقيق العسكري وسلمت الجثث الى ذويها وفقاً للأصول المرعية الإجراء، ووفقا لتعليمات قاضي التحقيق وبموافقة المدير العام للأمن الداخلي علي الحاج نقلت السيارات التابعة لموكب الحريري الى ثكنة الحلو لتصويرها في المنطقة وتمّ تسجيل فيلم فيديو في حضور قائد منطقة بيروت الثانية وقائد شرطة السير ومسؤول منطقة البرج وفرقة التحقيق الجنائي واستخدام الخطوط التي قدمت من الدفاع المدني وفقا للأصول المرعية الإجراء، ووضعت في تقرير خاص، اما السيارات فوضعت في ثكنة الحلو.
وفي برقيتنا الرقم 2001 في 15 شباط المرسلة الى الطوارئ، والتي طلب منها الحفاظ على مكان الجريمة ومنع اي كان من لمس اي شيء، وفي الساعة الثالثة بعد الظهر في 15 شباط، الرائد عمر مكاوي قائد شرطة بيروت تولى المسؤولية وأعلمني بكل الإجراءات التي تمّ اتخاذها وكل الحوادث التي حدثت، وتابعنا عملية التحقيق التي ستتم من قبل المقدم صلاح عيد، وقمنا بإعلام قاضي التحقيق العسكري بذلك، وبعد المذكرة 6ف2 في 17 شباط قدم لنا قائد الوحدة السلطة اللازمة التي صدرت من قاضي التحقيق العسكري بتاريخ 14 شباط 2005 في ما يتعلق بالانفجار والتي أرسلت لنا من اجل التنفيذ من قبل المدير العام ذي الرقم 07118 س آتش 2 بتاريخ 15 شباط 2005، وبنفس الطريقة فان قائد الوحدة قدم لنا في المذكرة 206 /1/107 بتاريخ 18 شباط 2005، حاصل السلطة المكتوبة من اجل القيام بهذه التحقيقات وهذه الإجراءات والتي كانت تتضمن أمراً بالحفاظ على سيارات موكب الحريري داخل الثكنة وان نضعها تحت الحراسة، وهذا تمّ بالفعل.
ووفقاً للمذكرة الرقم 206 ف 2 على 1763 بتاريخ 18 شباط 2005، فان قاضي التحقيق العسكري حصل على التفويض المكتوب بالإشارة بتاريخ 18 شباط 2005 والتي كانت تتضمن أمراً بالاتصال بمحافظ بيروت الذي كان عليه ان يزودنا أولئك الذين كانوا يعملون في ورشة قرب منطقة الانفجار، وهذه السلطات تمّ الحصول عليها بوثيقة من 14 صفحة ملحقة بهذا التقرير.
ووفقاً للصلاحيات الممنوحة لنا وفقاً لما سبق، وعلى أساس أمر قائد منطقة بيروت الثانية من اجل التحقيق وكنتيجة للتقرير الأول الرقم 1/30143 بتاريخ 14 شباط 2005، وكل التحقيقات التي جرت من قبل وحدات الشرطة الإقليمية فاننا نقدم ما يأتي:
الجدول الرقم واحد تمّ إعداده فيما يتعلق بالجثث التي أعيدت الى ذويها، والجدول الرقم اثنان ويتعلق بالأشخاص الذين أصيبوا بجروح في هذا الانفجار، والجدول الرقم ثلاثة الإفادات التي تمّ الحصول عليها فيما يتعلق بالانفجار وتمّ أعداد جدول يظهر الإجراءات التي تمّ اتخاذها وفحص منطقة الجريمة والسيارات المدمرة وكل ما وجد في موقع الانفجار. كل هذه الإجراءات تم التحقق منها في التقرير الرقم 302/ 1 بتاريخ 14 شباط 2005.
التقرير المخبري الجنائي السويسري
63 الخبراء اللبنانيون الذين فحصوا موقع الجريمة كانوا يمثلون جهات عدة، وجاؤا برأي مختلف في ما يتعلق بما تمّ العثور عليه، ونتيجة اللقاء في المحكمة العسكرية بحضور المدعي العام، طُلب من السلطات اللبنانية طلب المساعدة الخارجية لدرس موقع الجريمة، وتمّ توجيه الطلب الى حكومة سويسرا، وقد زار فريق من الخبراء السويسريين في الأدلة الجنائية لبنان في شهر آذار 2005 وقاموا بعملية مسح للموقع وقال التقرير النهائي: "ان استنتاجاتنا فيما يتعلق بالانفجار كانت مبنية على الفحوصات التالية:
­ التفسير المبني على ما تمّ العثور عليه في موقع الجريمة، وعلى الفجوة التي أحدثها الانفجار أيضا، وتفسير ما يتعلق بالتدمير الذي لحق بالمباني المجاورة.
وبعد التحليل للشظايا لا نستطيع ان نقول بوضوح ما اذا كان الانفجار حصل فوق الأرض أو تحتها، وتحليلنا المبني على البحث يتعلق بشكل الفجوة التي حدثت والتي لا تشير أيضا اذا كان هناك انفجار فوق الأرض او تحتها، ومن جهة أخرى فان شكل الفجوة يعطي انطباع عن حجم المتفجرة فوق الأرض او تحتها، وكما ذكرنا في تقريرنا فانه من المتوقع نحو ألف كيلو غرام فوق الأرض ستؤدي الى حفرة كتلك الموجودة في موقع الجريمة.
وفي ما يتعلق بحقيقة ان الشحنة كانت موجودة في سيارة، فيجب ان يكون حجمها كبيراً للغاية، واذا كان مثل هذه السيارة قد استخدم، فنحن نعتقد ان بعض الأجزاء والشظايا الكثيرة، خصوصاً ما يتعلق باللهيب الذي ظهر، وحجم الشرار والشظايا التي أظهرتها لنا الشرطة، والذين قالوا انه من سيارة ميتسوبيشي، تتوافق مع الشظايا التي نتوقع منها ان هذه السيارة كانت موجودة في مركز الانفجار.
وبعد ان قمنا بكل التحليلات التي جمعناها، وصلنا الى خلاصات بان الانفجار كان فوق الأرض، ووفق هذه الأدلة فان هناك ما يقارب الألف كلغ من المتفجرات الشديدة، والنتائج الأولية لتحليل التربة في منطقة الحفرة تشير الى ان التفجير كان بواسطة "ترينيتروتوليون" (تي ان تي).
تقرير ريفي
64 في آذار 2005 أعدّ قائد الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي تقريرا حول الإجراءات الأولية التي اتخذتها السلطات اللبنانية في موقع الجريمة، وأرسل الى فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة. واظهر التقرير ان هناك إجراءات تمّ اتخاذها، وأهمية الحادث المأسوي الذي أدىّ الى اغتيال رئيس الوزراء السابق الحريري، وكان له تأثير على كل الإجراءات التي تم اتخاذها.
أ عمليات الإنقاذ والإجلاء والعثور على الجثث
في مسرح الجريمة جرت عمليات إنقاذ في موقع الجريمة في البداية، فبعد الانفجار مباشرة هرعت قوى الأمن والدفاع المدني والصليب الأحمر الى مكان الانفجار لأداء واجبها، وعلى رغم كل الإجراءات التي اتخذت فلم يكن أداؤها على المستوى المطلوب، وقد شابت هذه الإجراءات عيوب، ولذلك فان وزارة الداخلية أصدرت المذكرة 139 بتاريخ 25 شباط (فبراير) 2005 التي تدعو قوى الأمن الداخلي الى التحقيق في الإجراءات المرعية، وقالت ان قائد الأمن الداخلي وقائد شرطة بيروت وقائد الشرطة العسكرية هم المسؤولون عن هذه الإجراءات.
ب الحفاظ على موقع الجريمة
وبعد الانفجار مباشرة، تمّ تعيين قاضي التحقيق العسكري مسؤولاً عن التحقيق، ووضعت قوات الأمن والشرطة والجيش تحت إمرته، وقد أعطى أوامر للقيام بمهام قضائية، وحدّد الإجراءات التي يجب اتخاذها، خصوصاً لجهة المحافظة على موقع الجريمة، لكن الإجراءات التي اتخذت كانت دون المستوى المطلوب، ومناقضة للقواعد الأساسية التي تتعلق بالجرائم الخطيرة كتلك، وحتى لو كانت اقل من ذلك، لذلك يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل منع أي تلاعب في موقع الجريمة او اية أدلة من الممكن ان تستخدم لاحقا كأدلة جنائية من اجل المساعدة في التحقيق وكشف الحقيقة، ويكن ان يتم ذلك من دون إهمال القضايا الإنسانية، أي إعطاء الأولوية للوصول الى الجرحى وإنقاذهم وتقديم الإسعافات والمساعدات لإنقاذ حياة الناس. لقد جرت أخطاء خطيرة في هذا المجال، وكانت هناك حال من الفوضى في موقع الجريمة، ليس فقط خلال الساعات الأولى بعد الانفجار، حيث كان هناك تركيز كبير على إطفاء الحريق وإنقاذ الجرحى والبحث عن المفقودين، ولكن للأسف، استمر ذلك لفترة طويلة جدا، ولم يكن هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية الموجودة في الموقع.
والبحث عن المفقودين كان يتم بشكل غير مهني وغير مسؤول، والبعض تم العثور عليهم من قبل أسرهم، وكانت هناك بعض العناصر السلبية في ذلك، فجثة زاهي ابو رجيلي، وهو مواطن لبناني عثر عليه في 15 آذار 2005، ووفقاً لتشريح الجثة فانه بقي على قيد الحياة 12 ساعة بعد الانفجار، وجثة احد الضحايا وجدت بعد ثمانية أيام من الانفجار، وجثة عبد الحميد غلاييني وجدت بعد ستة عشر يوما من الانفجار من قبل آسرته وليس من قبل الدفاع المدني، ومصير فرحان احمد العيسى ما زال غير معروف، فهو ما زال مفقودا، ويخشى بان العثور على جثته سيشكل فضيحة أخرى.
وبعد ساعات من الانفجار، كانت هناك أدلة أزيلت من موقع الجريمة، وسيارات موكب الحريري نقلت الى ثكنة الحلو بحجة المحافظة عليها، مع ان ما تبقى من السيارات لم يكن مبررا المحافظة عليه، باستثناء قيمتها كأدلة جنائية، لأنها كانت هدف هذا الانفجار. ولم تكن تلك هي الحال الوحيدة التي تثبت التلاعب بموقع الجريمة، فسيارة "بي. ام. دبليو" التي لم تكن جزءا من الموكب نقلت أيضاً، ويجب التركيز على عدم نقل اية سيارة وابقائها بالطريقة التي بقيت فيها بعد الانفجار، من اجل تحديد كيف نفذت الجريمة.
كما تمّ إدخال جرافة الى موقع الجريمة في 14 شباط ليلاً من دون اي سبب وجيه، وبعد ان تدخلت وزارة الداخلية وأعطت أمرا بعدم إدخال الجرافة والمحافظة على موقع الجريمة.
ج. إجراء التحقيق وظروفه وتحديد كيف ارتكبت الجريمة:
من المعروف ان أخطاء رئيسية ارتكبت في مسار إجراء التحقيق، من بينها تسريب معلومات أدت الى ارتباك. هذا بدوره عرّض قيمة التحقيق المحلي.
المسؤوليات
المسؤولية في جريمة كالتي نحقق بها لا يمكن حصرها بوجه واحد. كما ذكر آنفا، انها تشتمل على جوانب سياسية وقضائية وأمنية.
القرار بازالة سيارات الموكب
65­ القرار بردم الحفرة في مسرح الجريمة، وإزالة سيارات الموكب وإعادة فتح الطريق في اليوم التالي للتفجير، مثير للتشويش، على افتراض ان هناك إرادة جماعية بإجراء مسح محترف لمسرح الجريمة. التشويش المنعكس في مجموعة متنوعة من البيانات من جانب المسؤولين المعنيين بشكل وثيق، تتحدث عن نفسها.
قاضي التحقيق مزهر
66­ في العاشرة والنصف مساء 14 شباط، كان القاضي مزهر في منزله، عندما تلقى اتصالاً هاتفياً من العميد ناجي ملاعب، الذي اطلعه على ان ممثلي الأجهزة المختلفة في ساحة الجريمة بدأوا بتجميع أجزاء معدنية من سيارات الموكب لإجراء الفحوص المخبرية عليها. لم يكن هناك شيء يمكن لملاعب القيام به لوقفهم. اقترح ان يتم نقل سيارات الموكب الى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو في بيروت. القاضي مزهر وافق على الاقتراح تحت الشروط التالية: السيارات يجب تصويرها في الموقع وان يتم تعليمها وترقيمها وان يتم تصويرها أثناء نقلها ومن ثم بعد وصولها الى ثكنة الحلو، حيث يجب تغطيتها وحراستها على مدار الساعة لتجنب اي تلاعب بالدليل. ولم يكن لدى مزهر معلومات عن قرار ردم الحفرة واعادة فتح الطريق. السيارات نقلت من مسرح الجريمة خلال ليل 14 شباط (إفادة شاهد).
اللواء جميل السيد
67­ في صباح 15 شباط 2005، قرأ اللواء السيد في الصحيفة خبر إزالة سيارات الموكب. في الثامنة صباحا اتصل باللواء علي الحاج المدير العام لقوى الأمن الداخلي وسأل: ماذا يجري؟ اللواء الحاج رد بأن فريقين يعملان على فتح الطريق الذي سيعاد فتحه في الساعة العاشرة صباحا. وردا على سؤال مباشر أفاد الحاج بان الأوامر جاءت من مصطفى حمدان، رئيس الحرس الجمهوري.
اللواء علي الحاج
68­ في 14 شباط 2005 العاشرة والنصف ليلا، تلقى السيد الصديق اتصالا في مكتبه (حيث كان مع العميد هشام الاعور) من المدير العام لوزارة الأشغال السيد فادي النمار. النمار ابلغه بان قرارا اتخذ لاعادة فتح الطريق في اليوم التالي وان فريقه سيبدأ العمل عند طلوع الشمس في اليوم التالي. كانت المكالمة على الخط الارضي وسمعها العميد الاعور. ادعى انه فوجئ بالمكالمة لان النمار ليست لديه سلطة في القضية. وكان من المعروف ان النمار قريب جدا من القصر الجمهوري ما يعني انه كان يأخذ أوامره من هناك. النمار قال انه سوّى المسألة مع قاضي التحقيق. اتصل الصديق بقائد شرطة بيروت بالوكالة ملاعب وابلغه بالمكالمة من النمار وطلب منه التأكد مما اذا كان القاضي مزهر على علم بالأمر، فاتصل ملاعب بالقاضي مزهر الذي كان على علم بالأمر ولم يكن لديه اعتراض. عندها سأل ملاعب عما سيتم فعله بالسيارات. رد القاضي مزهر بانه يجب أخذها الى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو.
69­ في الصباح التالي، 15 شباط 2005، التقى النمار محافظ بيروت يعقوب الصراف، لترتيب إعادة فتح الطريق في ميناء الحصن. الصراف قريب جدا من القصر الجمهوري وكان ايضاً على علم بالقرار.
العميد هاشم الاعور
70 ­ في ما يتعلق بإزالة سيارات الموكب، أشار العميد الاعور الى انه لم يعلم من أعطى الأمر. طلب منه المساعدة في تصوير إزالة السيارات في 14 شباط 2005 خلال اجتماع مع قاضي التحقيق، لكن شيئا آخر لم تتم الإشارة اليه بشأن إزالة السيارات من مسرح الجريمة. في المساء نفسه، بين العاشرة والنصف والحادية عشرة، كان في مكتب اللواء علي الحاج وابلغه بان السيارات ستتم ازالتها. ابلغه ايضا بان قوى الأمن الداخلي عليها تأمين المساعدة بوضع إشارة على أماكن السيارات وتصويرها.
المدير العام فادي النمار
71­ فادي النمار لم يتذكر ما اذا كان الحاج قد اتصل في 14 شباط 2005، لكنه يتذكر انه اتصل بالحاج في اليوم التالي كما يفعل دائما في أوضاع مشابهة. في وقت المكالمة كان النمار في مكتب محافظ بيروت. قال اللواء الحاج انهم مستعدون اذا دعت الحاجة للمساعدة. الحاج أحاله على ضابط في قوى الأمن الذي قال له ان مسحاً يجرى لمسرح الجريمة. الضابط قال انه سيعود للنمار في الوقت المحدد. النمار لا يتذكر اسم الضابط ولكنه كان مع الحاج. لم تكن لديه سلطة لاتخاذ قرار بإعادة فتح الطريق في بيروت ولم يعط أي أوامر بإزالة سيارات الموكب. نفى ايضا ان تكون له اتصالات بالقصر الجمهوري.
72­ بعد ذلك، تأكد (من خلال لائحة مكالمات هاتفية) ان الحاج أجرى اتصالا من هاتفه الأرضي بالنمار على هاتفه الخلوي مساء 14 شباط. تأكد ايضا ان النمار أجرى اتصالا بالحاج في اليوم التالي (إفادة شاهد).
محافظ بيروت يعقوب الصراف
73-وفقاً لإفادته لم يعطِ أي أوامر. تسلم الجيش والشرطة زمام الأمور. أجرى اتصالاً هاتفياً مع فادي النمار في 14 شباط 2005.
الجنرال ناجي ملاعب، قائد شرطة بيروت
74­ بين الثامنة والنصف والعاشرة ليلا في 14 شباط 2005 تلقى ملاعب اتصالا هاتفيا من مكتب الحاج الذي أمره بنقل سيارات الموكب من مسرح الجريمة الى مكان آمن، وفق تفاهم على انه في غضون يومين سيعاد فتح الطريق. واذا كانت هناك حاجة ليأتي خبراء لتفحص السيارات، فانهم متاحون. العميد ملاعب فوجئ بالامر ولم يقبله. قال للواء الحاج ان ليس له علاقة بمسرح الجريمة بما ان الموقع تحت سلطة القاضي مزهر. طلب الحاج من ملاعب الاتصال بمزهر ففعل. القاضي فوجئ وسأل عن سبب العجلة، فقال له ملاعب انه تلقى اوامر من الحاج وانه ايضا فوجئ بالامر. قال له القاضي ان يعطيه بعض الوقت وانه سيتصل به مجددا. بعد وقت قصير، بين عشر دقائق ونصف ساعة، اتصل القاضي وقال ان السيارات يمكن نقلها.
العميد مصطفى حمدان
75­ بعد التفجير في 14 شباط 2005، اتخذ حمدان كل الإجراءات الضرورية لحماية الرئيس والمناطق الرئاسية. لا يتذكر اي تفاصيل، لكنه لم يذهب الى موقع التفجير. لم يصدر اي أوامر او توجيهات في ما يتعلق بالنشاطات في مسرح الجريمة، بما انها لا تقع تحت مسؤولياته. وهكذا، فان ليس له علاقة بأي أوامر لتنظيف الطريق، بردم الحفرة او بنقل سيارات الموكب.
المديرالعام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي
76­ في اجتماع مع لجنة التحقيق الدولية في الأول من حزيران 2005، أفاد اللواء ريفي بان الشخص الذي أعطى الأوامر بجلب الجرافة او الجرافات الى ساحة الجريمة هو مصطفى حمدان، الذي كان في وقت الحادث رئيسا لحرس الرئيس لحود وبموجب القانون اللبناني ليس له اي علاقة بتحقيق يجرى في مسرح جريمة ( إفادة شاهد).
التحقيق اللبناني: أحمد أبو عدس
77­ في حوالى الثانية و11 دقيقة بعد ظهر 14 شباط 2005، اي بعد نحو ساعة فقط على التفجير، تلقت ليلى بسام من "رويترز" اتصالاً هاتفياً من مجهول لهجته ليست لبنانية ولكنها لم تتمكن من تحديدها. بحسب بسام، فور إجابتها على الهاتف قال لها الرجل اكتبي ذلك وطلب منها ان تبقى هادئة ثم قرأ البيان التالي بعربية فصحى: "نحن، النصرة والجهاد في بلاد الشام، نعلن اننا أنزلنا العقاب المستحق بالكافر رفيق الحريري بحيث يصبح أمثولة للآخرين".
وختم المتحدث كلامه بحديث ديني إسلامي واغلق الخط.
78­ السيد غسان بن جدو، رئيس مكتب بيروت في قناة "الجزيرة"، يتذكر انه تلقى أربعة اتصالات هاتفية تتعلق بإعلان المسؤولية نفسه. في الأول ادعى رجل قال بن جدو انه يتحدث عربية ركيكة بلكنة افريقية او أفغانية او باكستانية، ادعى مسؤولية النصرة والجهاد عن إعدام الحريري بتفجير انتحاري. بعد ذلك بوقت قصير، أذاعت "الجزيرة" إعلان المسؤولية. ثم تلقت القناة اتصالا من شخص آخر مجهول، يدعي انه من المجموعة نفسها، وتحدث هذه المرة بعربية جيدة، وشرح لبن جدو اين يمكن ان يجدوا شريط فيديو يتضمن معلومات إضافية عن الاغتيال، مشيرا الى شجرة قرب مبنى الاسكوا في وسط بيروت. أرسل بن جدو زميلا الى المنطقة وجد مغلفا ابيض يحتوي على بيان مكتوب وشريط الفيديو. بعد مزيد من الاتصالات من المجموعة نفسها تطلب بث الشريط، وبثته الجزيرة بعد الظهر.
79 وجاء في جزء من الرسالة المصاحبة للشريط التي أفيد بأنها من مجموعة النصرة والجهاد في بلاد الشام:
"الحمد لله على انتصار راية النصرة والجهاد في بلاد الشام، وبرضى الله نال عميل الكفار في مكة والمدينة رفيق الحريري عقابه في عملية انتحارية نفذها المجاهد احمد ابو عدس حامل راية النصرة والجهاد في بلاد الشام، الاثنين في 14 شباط 2005، الموافق الخامس من محرم 1426 للهجرة في بيروت... مرفق مع هذا فيلم يصور الشهيد احمد ابو عدس، منفذ العملية".
وفي الشريط، شخص يعرف نفسه على انه السيد ابو عدس يستخدم هذه العبارات.
80 وبعد بث الشريط على الهواء بقليل، جمعت السلطات اللبنانية معلومات واسعة عن خلفية ابو عدس وبدأت تستجوب عائلته والمرتبطين به. وجاءت معظم هذه المعلومات من الشيخ احمد عبد العال من الأحباش، وهي مجموعة إسلامية ناشطة في منطقة المخيمات الفلسطينية التي أفيد بان السيد ابو عدس كان يعيش فيها. وذكر الشيخ عبد العال للجنة التحقيق الدولي المستقلة انه تلقى اتصالا هاتفيا من القصر الجمهوري بعد قليل على بث شريط فيديو ابو عدس، للتحقق من اي معلومات لدى عبد العال عن السيد ابو عدس. ووفقا لما ادلى به، قال عبد العال انه حصل على المعلومات حول خلفية السيد ابو عدس، بما فيها عنوان سكنه. حقيقة انه كان يذهب دائما الى عين الحلوة، وانه كان وهابيا، وانه كان متعلما جدا يدرس علوم الكومبيوتر، وانه زار ابو عبيدة (مساعد قائد جند الشام). وحصل الشيخ عبد العال أيضا على أسماء عائلة السيد ابو عدس وأصدقائه: لقد أرسل المعلومات بالفاكس الى الرئيس لحود وعلي الحاج والبير كرم وجامع جامع وماهر الطفيلي. وأُفيد بان الشيخ عبد العال التقى أيضا المسؤول في الاستخبارات السورية جامع جامع في مساء 14 شباط 2005 وأعطاه المعلومات حول ابو عدس،
التي سلمها جامع جامع لاحقا الى قوى الأمن الداخلي.
81. وزارت قوى الأمن الداخلي منزل ابو عدس، بصحبة عضو في الأحباش، وفتشت جهاز كومبيوتر فضلاً عن عدد من الاسطوانات الممغنطة التي كانت أولا وقبل كل شيء ذات طبيعة إسلامية أصولية.
وعلى رغم ان التقرير بشأن البحث ذكر ان معظم الوثائق المخزنة في الكومبيوتر نقلت من الانترنت، لم يكن هناك ما يدل على ان منزل السيد ابو عدس فيه خط انترنت. واستجوبت السلطات (بما فيها قوى الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية) العديد من أصدقاء السيد ابو عدس وأقربائه، وبشكل مستفيض، في الأيام التي تلت الانفجار مباشرة. الا انه لم يتم تحديد موقع السيد ابو عدس. واستجوب 10 أشخاص في يوم التفجير وفي غضون الشهرين التاليين، تم استجواب نحو 40 شخصا. وكشف التحقيق اللبناني ايضاً ان السيد ابو عدس عمل موظفا خلال صيف 2004 في محل للكومبيوتر، يملكه الشيخ احمد الصاني الذي كان عضوا في شبكة احمد ميقاتي وإسماعيل الخطيب.
وفي تقرير بتاريخ 17 شباط 2005، من اللواء السيد الى القاضي مزهر، استنتج اللواء السيد ان شريط الفيديو كان اصليا وان "احمد ابو عدس الذي ظهر في الشريط كان .. مشاركا معروفا، بشكل واضح في الاغتيال". والقاعدة الوحيدة التي كانت متوفرة في هذا الاستنتاج هي بالقول ان "الطريقة التي قدم فيها البيان واظهر نفسه من دون إخفاء وجهه هي الطريقة المعتمدة لدى المفجرين الانتحاريين في حالات مشابهة. الحقيقة انه لم يخف وجهه عندما كان يقول خطابه، ما يشير الى انه كان مسؤولاً شخصياً عن تنفيذ الانفجار". (معلومات بشأن حقائق متعلقة ببث "الجزيرة" لشريط يدّعي المسؤولية، رقم 606 أ أ، 17 شباط 2005).
التحقيق الأسترالي
83 في 15 شباط 2005، جاء في طلب تقدم به المدعي العام للشرطة الفيديرالية الاسترالية، ان ستة أشخاص أوقفوا كمشتبه في مشاركتهم في اغتيال الحريري. وابلغ المسؤول عن قوى الأمن الداخلي في مطار بيروت الدولي مدير قوى الأمن الداخلي علي الحاج، بشأن الأشخاص الستة. ونقل الحاج هذه المعلومات مباشرة الى المدعي العام القاضي ربيعة قدورة التي اتصلت بالسلطات الاسترالية. وبرأ التحقيق الاسترالي المشتبه فيهم الستة من اي تورط في هذه الجريمة، وهو موقف وافقت عليه السلطات اللبنانية المكلفة إجراء التحقيق.
84 وتشير التسجيلات الى ان السلطات اللبنانية استندت في شكوكها الى العوامل التالية:
أ) ان الأشخاص الستة المعنيين غادروا مطار بيروت بعد ساعة ونصف ساعة على حصول التفجير.
ب) لم يكن في حوزة الأشخاص الستة أمتعة.
ج) واحد من الأشخاص الستة يشبه السيد ابو عدس، الذي ظهر في شريط فيديو لمجموعة متطرفة زعمت انها مسؤولة عن التفجير.
85 - وقامت السلطات الاسترالية بتحقيق واسع لمساعدة السلطات اللبنانية. وشمل التحقيق رفع حال التأهب في المطارات، واستجوابات للأشخاص الستة وأعضاء آخرين في المجموعة، مسح لبقايا متفجرات (بما في ذلك الأشخاص، ومقاعدهم في الطائرة، وامتعتهم)، والتأكد من خلو الطائرة من المتفجرات. وعلى رغم انه أفيد بان الاشخاص الستة الذين اعتبروا "مشتبه بهم" كانوا من دون أمتعة، الا انهم كانوا يحملون أمتعة. وخضع ثلاثة من ستة مشبوهين الى فحص الطب الشرعي.
86 أظهرت اكتشافات التحقيق الاسترالي:
(1) المجموعة كانت مسافرة الى جدة للحج.
(2) ولم يتم ضبط اي مواد متفجرة مشتركة عضوية او غير عضوية او حتى بقايا مواد متفجرة، في اي من العينات التي أخذت.
(3) لم يكن اي شخص استجوبته السلطات الاسترالية في إطار هذا التحقيق، متورطا او على علم بأي تورط في اغتيال الحريري.
5 تحقيق اللجنة
نظرة عامة
87 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن بدء عمل لجنة تحقيق الأمم المتحدة الدولية المستقلة في 16 حزيران (يونيو) 2005. من 16 حزيران (يونيو) الى 6 تشرين الأول (اكتوبر) 2005 أصدرت بيانات 244 شاهدا وملاحظات 293 محققا وبيانات 22 مشتبهاً فيهم. عدد من الأبحاث أجريت وأقيم 453 عرضا لمشاهد الجريمة. جُمعت في 16711 صفحة من الوثائق المقدمة من قبل 30 محققاً من 17 بلداً مختلفاً شاركوا في تحقيقات اللجنة، فضلا عن خبراء آخرين.
88 في البداية، لا بد من التشديد على عامل الوقت الذي أُتيح للجنة. لقد وضعت اللجنة في العمل بعد أربعة اشهر من اقتراف الجريمة. ما يعني ان أجهزة الأمن وشركاءها كان لديهم الوقت الكافي لتدمير الأدلة و/او التواطؤ مع بعضهم بعضاً، وتراجعت القدرة على إعادة استدعاء الشهود المحتملين، ولم يكن من الممكن تصحيح الإهمال السابق والإغفال او الفقدان المتعمّد والتدمير للأدلة.
89 بعد شهر على إعلان الأمين العام بدء العمل ركزت اللجنة على وضع المحققين في الوضع الحاضر للتحقيق، بما في ذلك تقويم المعايير المتخذة من قبل السلطات اللبنانية. وقت طويل انقضى في الاطلاع على تحليل المواد التي تسلمتها اللجنة من المدعي العام، وتبعت ذلك مقابلات توضيحية مع شهود أساسيين، بناء على مواد من المواضيع التالية:
* إعادة رسم تحركات وأماكن تحرك السيد الحريري قبل الانفجار.
* مكتشفات ونتائج نشاطات السلطات اللبنانية التي تمت في مسرح الجريمة والمناطق المجاورة.
* الأدلة التي تم التلاعب بها.
* الأشغال على الطرقات قبل الانفجار.
* شريط ابو عدس.
* شاحنة المتسوبيشي.
* جمع وتحليل قوائم الهواتف.
* جمع وتحليل المواد الإعلامية، أشرطة الفيديو والصور المجموعة من مواقع مختلفة لمسرح الجريمة قبل الانفجار وبعده.
* التحويلات المالية.
90 هذه المعايير قادت الى شهود جدد. وتم وضع خط ساخن للاستعلامات للعموم بحيث كان بإمكان اي كان الوصول الى اللجنة بشأن القضية: هذا الإجراء قاد الى مقابلات جديدة وخيوط جديدة للمتابعة.
91 تصنيف وتنظيم الملفات والأدلة وتوفير عامل الوقت، وتعزيز وتطوير نظام تخزين وتسجيل الأدلة، التي تضمنت آلاف الصفحات من الوثائق والشهادات المكتوبة، وأيضا عدد كبير من أشرطة الفيديو والصور الفوتوغرافية. المسائل القانونية والأبحاث في القانون الجنائي اللبناني والإجراءات لضمان وضع البروتوكول المناسب للأبحاث، الاعتقالات، مقابلة المشتبه فيهم، ووثائق الاتهام. وقدمت السلطات اللبنانية مساعدة في هذه المسائل تستوجب الثناء عليها.
92 الشهر الثاني تميز بتغيير اتجاهات التحقيق والأولويات، بشكل تبع فيه المحققون خيوطا جديدة واستدعوا شهودا جدداً بناء على استنتاجاتهم ومعايير سابقة وتحليلات مهنية. لقد تقدّمت مصادر مختلفة من اللجنة ومدّت المحققين بمعلومات مفيدة. واستجوبت الغالبية العظمى من المسؤولين الكبار في السلطات اللبنانية المعنية لتوضيح طبيعة تكليفهم بمهامهم ورسم سلسلة القيادة ودرجة تورطهم، بالإضافة الى القرارات المتخذة (أو تلك التي اهملت). خلال هذه الفترة تم تدعيم قاعدة اللجنة كما تمّ مدها ببرامج كومبيوتر، ما جعل قاعدة المعلومات أكثر عملانية.
93 في الشهر الثالث، أجريت دراسات على نطاق واسع في مسرح الجريمة من قبل فريق خبراء مشترك ألماني وبريطاني وياباني في موقع الجريمة وفي مناطق موازية، بما في ذلك قعر البحر الموازي لمسرح الجريمة. والهدف من هذه العملية كان إيجاد قرائن حسية في مسرح الجريمة، بغية إعادة بناء أداة التفجير المستخدمة وللتعرف على شاحنة المتسوبيشي. وقد أُنجزت المهمة خلال أيلول (سبتمبر).
التخطيط للاغتيال
94 خلال تنفيذ كل التدابير والجهود التي بذلتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة، لم تظهر اي دلائل جديدة او خطوط حاسمة تشير الى دافع او سبب لاغتيال السيد الحريري، لتحل مكان الأسباب التي يمكن ربطها بالأحداث التي جرت خلال النصف الثاني من العام 2004 والتي بلغت ذروتها في قرار السيد الحريري التنحي عن رئاسة الوزراء والتنبؤ بنتائج الانتخابات العامة في لبنان. ومن المؤشرات القوية حول هذه المسألة الأخيرة هي الحملة الانتخابية الضخمة التي قادتها كتلة المستقبل، وردة فعل السلطات اللبنانية على قضية الزيت، في شباط (فبراير) 2005، حيث تم توقيف الموزعين (من قبل السلطات اللبنانية أثناء توزيع الزيت تلبية لطلب السيد الحريري): وأخيرا وليس آخرا، النتائج العملية للانتخابات. وقد تقدّم شهود جدد أمام اللجنة، وكانوا مترددين حيال إجراء أي اتصال بالسلطات اللبنانية لعدم ثقتهم بها، وأفادوا أن عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق لم تكن لتتم من دون معرفة السلطات اللبنانية وموافقة سورية.
95 ان هيكلية وتنظيم أجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية في لبنان عند حصول الانفجار، بما في ذلك بروتوكول التراتبية والمساءلة، تظهر تأثيرا سائداً في الحياة اليومية في لبنان. وخير الأمثلة على ذلك هي الملفات التي جمعت من قبل مركز الاستخبارات السوري، فيلا جبر، في غابة بولونيا، لبنان ومن خلال المحادثات الهاتفية المسجلة بين الجنرال رستم غزالة ومسؤول لبناني بارز في 19 تموز (يوليو) 2004 عند الساعة 9.45 (نبذة):
" غزالة: اعلم ان الوقت مبكر ولكني فكرت بانه يجب علينا ان نبقيك على اطلاع. ابلغني رئيس الجمهورية في الصباح بان هناك اثنين يحكمان البلد رئيس الوزراء وهو. وقال ان الأمور لا يمكنها ان تستمر هكذا. ان رئيس الوزراء يغضبه دائما ونحن نسكته دائما ونصرخ عليه. وقال بوضوح انه لا يمكنه الاستمرار بهذه الطريقة".
(...)
* : هون عليك. هل يمكن ان تشكل حكومة جديدة في هذا الوقت؟
غزالة: نعم يمكن ان نشكل واحدة. ما هي المشكلة؟ يمكن ان نسمي بطرس حرب.
(...)
غزالة: دعني اقول لك أمرا واحدا. دع حركة العمال تخرج الى الشارع في العشرين في سوليدير وقريطم.
*: دعنا ننهي الحديث. هون عليك. يجب ان آخذ في الاعتبار افضل المصالح بالنسبة لسوريا ولبنان.
غزالة: نحن حريصون على مصالح سوريا ولكني الآن أتكلم عن رفيق الحريري.
*: اذاً، القرار اتخذ.
غزالة: آمل ان اقول لك امرا واحدا. كلما احتجنا للتكلم مع الحريري يجب ان نتزلف له وهو لا يرد علينا دائما.
*: فليذهب الى الجحيم. ولماذا تكترث به؟
غزالة: لماذا اكترث به؟ الرئيس لا يطيقه فلماذا انا؟
*: حسنا، فليعفن في الجحيم.
(...)
غزالة: كلا. فليكن هو جذع الشجرة الأضحوكة ويظهر على انه الشخص الذي دمر وأرهق البلد بالديون. فلينزل الناس الى الشارع في قريطم وسوليدير، فلتستمر التظاهرات الى ان يرغم بالقوة على التنحي كالكلب.
*: وماذا عن خيار آخر. أرسل له رسالة قائلا: استقل لعنك الله.
غزالة: كلا، لا ترسل له رسالة والا سيقول انهم أجبروني على الاستقالة. دع الشارع... تعرف ماذا اقول. والا سيستخدم هذا كورقة صفقة مع الرؤساء الاميركيين والفرنسيين.
* اذاً هل نترك الامور للشارع؟
غزالة: هذا افضل.
*: فلننفذ ذلك.
96 أفاد شاهد سوري الأصل يعيش في لبنان، بأنه عمل لمصلحة أجهزة الاستخبارات السورية في لبنان، وقال انه بعد نحو أسبوعين على تبني مجلس الأمن للقرار 1559، قرر مسؤولون لبنانيون وسوريون اغتيال رفيق الحريري. وزعم ان مسؤولا امنيا رفيع المستوى ذهب مرات عدة الى سورية للتخطيط للجريمة، وأجرى لقاء مرة في فندق الميرديان في دمشق ومرات عدة في القصر الجمهوري وفي مكتب مسؤول امني سوري رفيع المستوى، نحو سبعة الى عشرة ايام قبل الاغتيال وقد ضمت الاجتماعات مسؤولا أمنيا لبنانيا مهما. وكان لدى الشاهد اتصال قريب جدا بالمسؤولين السوريين رفيعي المستوى الموجودين في لبنان.
97 في بداية كانون الثاني (يناير) 2005، ابلغ أحد المسؤولين الرفيعي المستوى الشاهد بأن رفيق الحريري هو مشكلة كبيرة لسورية. وبعد نحو شهر، ابلغ المسؤول الشاهد بأنه سيحدث قريبا "زلزال" من شأنه ان يعيد كتابة تاريخ لبنان.
98 زار الشاهد قواعد عسكرية سورية عدة في لبنان. وفي إحدى القواعد، في حمانا، لاحظ سيارة فان ميتسوبيشي بيضاء اللون، يغطيها قماش ابيض سميك. وتمت هذه الملاحظات في 11 و12 و13 شباط (فبراير) 2005. غادرت الميتسوبيشي القاعدة العسكرية في حمانا في صباح 14 شباط (فبراير) 2005. لقد دخل فان الميتسوبيشي الذي استخدم كحامل متفجرات، لبنان من سورية عبر الحدود البقاعية من ممر عسكري في 21 كانون الثاني (يناير) 2005 عند الساعة 20:13 كان يقودها ضابط سوري من وحدة الجيش العاشرة.
99 في 13 شباط 2005، الشاهد قال انه قام بجولة في منطقة سان جورج برفقة ضابط سوري كبير، على سبيل المراجعة النهائية لمنطقة العملية التي جرت فيها عملية الاغتيال.
100 ويقول الشاهد: إن أبو عدس قد صور شريط الفيديو قبل أن يتم قتله في ما بعد في سورية. وشريط الفيديو أُرسل إلى بيروت في صبيحة 14 شباط 2005 وسُلّم إلى جميل السيد. ولكن عناصر مدنيين وآخرين من الأمن العام قاموا بوضعه في مكان في منطقة الحمرا والاتصال بمدير مكتب "الجزيرة" في بيروت السيد غسان بن جدو.
101 اللواء جميل السيد، كان على اتصال دائم بكل من مصطفى حمدان وريمون عازار للتحضير للاغتيال وخصوصاً مع رستم غزالة (ومع السيد أحمد جبريل في لبنان). والعميد حمدان وعازار قدموا تجهيزات لوجستية لدعم العملية، وخصوصاً المال ووسائل الاتصال، السيارات وأجهزة التنصت، الأسلحة، وبطاقات مزوّرة... وكانوا يعلمون بالجريمة، كما كان على علم بها كل من اللواء علي الحاج وناصر قنديل.
102 قبل 15 دقيقة من الاغتيال، الشاهد كان في مكان قريب من منطقة سان جورج، وتلقى اتصالاً هاتفياً من مسؤول الاستخبارات السورية، سأل فيه أين أنت الآن، فقال له: في مكان كذا.. فأمره بترك الموقع مباشرة.
103 الشاهد الآخر قال انه التقى مصطفى حمدان في منتصف تشرين الاول (اكتوبر)2004، وحمدان قال أمامه كلاماً سلبياً جداً وسيئاً بحق الحريري. وقال تحديداً ان الحريري عميل لإسرائيل. وأضاف: "سنرسله في رحلة طويلة... باي باي حريري". وبعد الاغتيال تذكر الشاهد هذا الحوار مع من كان.
104 الشاهد الآخر، الذي أصبح مشتبهاً فيه، زهير ابن محمد سعيد الصديق، أعطى تفاصيل ومعلومات عن المهمة المتعلقة بالجريمة. وتفاصيل عن مهمات كل واحد.
105 ثمة نقطة مهمة، قالها الصديق، وهي أن التقارير التي كتبها قنديل ضد الحريري تضمنت اتهامه ومروان حمادة بالإعداد لصدور القرار 1559 في سردينيا. اقترح قنديل في نهايتها التخلص من الحريري. وقد كلف قنديل بالقيام بحملة إعلامية وفي الأوساط الدينية لتشويه صورة الحريري. كما شارك حزب "البعث" في لبنان بهذه الحملة بهدف التخلص من الحريري نهائياً ومحوه من الحياة السياسية مقابل إظهار لحود بصورة وطنية.
106 السيد صديق صرح بأن قرار اغتيال السيد الحريري اتخذ في سورية، بعد اجتماع سري في لبنان بين مسؤولين لبنانيين كبار وضباط سوريين، الذين أوكلت إليهم مهمة التخطيط وتمهيد الطريق أمام تنفيذ الاعتداء. هذه الاجتماعات بدأت في تموز (يوليو) 2004 واستمرت حتى كانون الأول (ديسمبر) 2004. المسؤولون السوريون السبعة والضباط اللبنانيون الكبار الأربعة ادعي عليهم بالتورط في الجريمة.
107 اجتماعات التخطيط بدأت في شقة السيد الصديق في خلدة وجرى نقلها الى شقة في الضاحية، إحدى ضواحي بيروت. بعض هؤلاء الأشخاص زاروا المنطقة حول فندق السان جورج تحت ستارات متعددة وفي أوقات مختلفة للتخطيط والتحضير للاغتيال.
108 السيد الصديق أعطى معلومات عن المتسوبيشي ذاتها وان السائق المكلف كان عراقيا والذي أوحى اليه ان المستهدف هو رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي (الذي صودف وجوده في بيروت قبل الاغتيال).
109 السيد الصديق ابلغ ان الTNT وبعض المتفجرات الخاصة استخدمت بهدف توجيه الشبهة نحو مجموعات إسلامية، كون هذه المتفجرات تستخدم عادة في عمليات في العراق.
110 - ذهب الصديق مع عبد الكريم عباس الى معسكر في الزبداني، وصرح الصديق بأنه رأى شاحنة "المتسوبيشي" في هذا المعسكر. كان الميكانيكيون يعملون عليها ويفرغون جوانبها. نزعت الجوانب وكذلك الأبواب حيث تم توسيعها وحشوها بالمتفجرات التي وضعت أيضاً تحت مقعد السائق. ورأى في المعسكر شابا كان قادراً على تعريفه بأنه السيد بو عدس بعدما شاهد شريط الفيديو على التلفزيون في 14 شباط 2005.
111 في 30 آب (أغسطس) 2005، بعثت اللجنة برسالة رسمية إلى سورية فيها سؤال عن معسكر الزبداني. وأرسِلَت الإجابة في شكل شخصي إلى المفوض في نيويورك، حيث تم تأكيد وجود المعسكر ولكن مع نفي أن يكون استخدم لأي سبب آخر غير نشاطات تعليم الأحداث. ولكن من خلال معلومات أخرى أعطيت للجنة، تم العثور على دلائل قوية الى وجود نشاطات أخرى في المعسكر في الفترة من 5 الى 9 أيلول (سبتمبر) 2005، لتغيير المعالم والاستخدامات داخل الموقع. وبينت صور الأقمار الاصطناعية وجود جدران عالية وأبراج مراقبة في المنطقة.
112 - في 26 أيلول (سبتمبر) 2005، اجتمع محققو اللجنة مع السيد الصديق. في 27 ايلول اعترف السيد الصديق في وثيقة بخط اليد بأنه شارك في مرحلة التخطيط قبل الاغتيال مباشرةً (في كانون الثاني وشباط 2005) وبأنه كان يعمل سائقاً لعدد من المشتبه فيهم المذكورين أعلاه طيلة يوم 14 شباط (فبراير).
113 - نتيجة لذلك وفي 13 تشرين الأول (اكتوبر) وبناء على توصية من اللجنة، أصدر المدعي العام اللبناني مذكرة توقيف بحق السيد الصديق فكان أن أوقف في 16 تشرين الأول.
114 في المرحلة الحاليّة من التحقيق، لا يمكن التأكّد من بعض المعلومات التي وفّرها الصدّيق عن طريق أدلّة أخرى.
115 أكدت زوجة السيد الصديق أن زوجها التقى خلال الفترة الممتدّة من تموز (يوليو) إلى كانون الأول 2004، مجموعة هائلة من الأشخاص في مناسبات في منزلهما في خلدة، وكذلك في أماكن أخرى، وهو لم يرد أن تكون حاضرة، بما أن هؤلاء الأشخاص لم يرغبوا في أن يتم التعرّف إليهم، كما أكدت أيضاً قيام جعفر اليوسف بزيارات لمنزلهما برفقة رجال آخرين لا تعرفهم.
116 إنّ حقيقة توريط السيد الصديق نفسه بالاغتيال، الذي أدى في النهاية إلى توقيفه، تضيف مصداقيته.
117 أعلم شهود آخرون اللجنة أنّه في اليوم السابق لاغتيال السيّد الحريري، اجتمع قائد الحراسة الشخصيّة للسيّد الحريري المتوفّى (السيّد يحي العرب المعروف بأبي طارق) مع العميد غزاله. ويبدو أنّ السيّد العرب ذهل بشدّة من ذلك الاجتماع. وبدلاً من أن ينقل مضمونه مباشرة للسيّد الحريري كالمعتاد، قصد منزله وأطفأ هاتفه وبقي هناك بضع ساعات. والرواية التي تلاها العميد غزالة لا تنطبق مع المعلومات التي قدّمها شهود آخرون للّجنة.
عناصر أخرى يجب أخذها في الاعتبار
118 - من العناصر الأخرى التي يجدر أخذها في الاعتبار بشأن مرحلة التخطيط للجريمة إجراءات المراقبة التي استهدفت السيّد الحريري وقامت بها قوى الأمن الداخلي، وتنصّت المخابرات العسكريّة على هواتف السيّد الحريري (راجع قسم المراقبة والتنصّت على الحريري).
119 - من الإجراءات الأولى التي اتّخذها اللواء الحاج بعد تعيينه في منصب رئيس قوى الأمن الداخلي تقليل عدد عناصر قوى الأمن الرسميّين في محيط الحريري من 40 إلى 8 في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004. وتأكّد أنّ السبب يعود إلى رسالة من الرئيس اللبنانيّ ورئيس الوزراء تقول إنّ القانون اللبنانيّ يجب ينفّذ على كل المستويات وفي شتّى الظروف. ووفقاً لمرسوم (3509 للعام 1993) فإن عدد المرافقين الأمنيين لشخص من فئة الحريري يجب أن يكون ثمانية. ولم تكن اللجنة قادرة على التأكد مما إذا تأثر آخرون بالمرسوم ذاته.
120 - ما زال هناك بعض النشاطات التي حصلت في شارع ميناء الحصن في بيروت قبل الانفجار، تتطلّب المزيد من التحقيقات التي قد تكشف تفاصيل عن مرحلة التخطيط وتوصل بذلك إلى الجناة.
121 يظهر التحقيق أن 8 خطوط هاتفية و60 جهاز هاتف استعملت لتنظيم رصد السيد الحريري ولتنفيذ الاغتيال. ووضعت هذه الخطوط في التداول في 4 كانون الثاني 2005 في الجزء الشمالي من لبنان، بين تربل والمنية. واستُعمِلَت الخطوط في أيّام مختلفة لمراقبة عوائد السيّد الحريري، خصوصاً في محيط مدينة بيروت.
122 - في 14 شباط 2005 استخدمت 6 من الهواتف في المنطقة الممتدة من ساحة البرلمان إلى فندق "سان جورج" وزقاق البلاط والباشورة، المكالمات حصلت في الساعة الحادية عشرة. وجرت الاتّصالات في الساعة 11:00. وغطّت كلّ الطرقات التي تصل البرلمان بقصر قريطم. وقام الهاتف الواقع عند البرلمان بأربعة اتّصالات بالخطوط الأخرى في الساعة 12:53، وهو الوقت الذي غادر فيه موكب الحريري ساحة النجمة. وهذه الهواتف عاطلة عن العمل منذ حصول الانفجار في الساعة 12:56. ولم تستعمل الخطوط لإجراء أيّ اتّصالات أخرى في ما بينها طوال الفترة الممتدّة من مطلع كانون الثاني وحتّى 14 شباط 2005.
123 - مع أخذ كلّ هذه الظروف في الاعتبار، بما فيه حديث 26 آب الآنف الذكر، هناك إمكانيّة قليلة بأنّ فريقاً ثالثاً يتولّى المراقبة ويشرف على الإجراءات الموجّهة ضدّ الحريري لأكثر من شهر خلال الفترة السابقة للانفجار، ويتمتّع بالمعطيات واللوجستيّات والقدرة الضروريّة لبدء جريمة بهذا الحجم والتخطيط لها وارتكابها، من دون معرفة السلطات اللبنانيّة المختصّة. ويشتمل ذلك على إحضار واستعمال وحفظ كمّيّة كبيرة من المتفجّرات العنيفة وشاحنة "فان" من طراز "ميتسوبيشي كانتر" وتوظيف موارد بشريّة على صلة بالأمر وتوفير محطّة أساسيّة للقيام بالتحضيرات اللازمة.
استنتاج:
هناك سبب محتمل يدعو إلى الاعتقاد بأنّ قرار اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ما كان ليُتَّخَذ بغير موافقة مسؤولين أمنيّين سوريينّ رفيعي المستوى، وما كان لينظّم على نطاق أوسع بغير تواطؤ نظرائهم في الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة.
التنصت على هاتف الحريري
124 - نقل شاهد أن عناصر قوى الأمن الداخلي أمرت بإبقاء السيد الحريري تحت المراقبة منذ نهاية كانون الثاني وبداية شباط 2005. ولم يتسنّ توثيق هذا الأمر خلال التحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة.
125 - كان العقيد غسان طفيلي مسؤولاً عن الدائرة التقنية في جهاز الاستخبارات العسكرية اللبنانية. وتشمل هذه الدائرة الاتصالات والتنصت على خطوط الهاتف. وكانت هذه الدائرة تتنصت على سياسيين وعسكريين وأشخاص مشبوهين. أمّا المسؤول عنه فكان رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء ريمون عازار وكان طفيلي يتلقى أوامره من رئيسه شفوياً بدلاً من الشكل المكتوب. وتمّ التنصّت باستمرار على عدد من الشخصيّات المهمة بينها رؤساء جمهوريّة ورؤساء مجالس ووزراء ونوّاب سابقون. وعلى رغم أن السيد الحريري لم يعد رئيساً للوزراء في مطلع 2005، إلا انه كان شخصية سياسية واقتصادية مهمة جداً في لبنان والشرق الأوسط، ما جعله عرضة للتنصت الدائم. وكانت الدائرة التقنية ترصد المكالمات وتسجلها. ودعم وحدة الجيش التي أدارها الطفيلي عاملون من الأمن العام اللبناني. وكانت المحاضر ترفع يومياً إلى العميد ريمون عازار وقائد الجيش العماد ميشال سليمان وكان رئيس الأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيّد يحصل بدوره على النتائج. وبحسب إفادة طفيلي فإن اللواء عازار كان يرسل المحاضر إلى الرئيس اللبناني والعميد الركن رستم غزالة، رئيس الاستخبارات
العسكريّة السوريّة في لبنان.
126 - ذكر العقيد طفيلي أن لواء الحرس الجمهوري لديه جهاز للتنصت الداخلي.
استنتاج
من خلال التنصت الدائم على الخطوط الهاتفية للسيد الحريري فإن أجهزة الأمن والاستخبارات السورية واللبنانية كانت على اطلاع على تحركاته واتصالاته.
أشغال عامّة على الطريق
127 - حققت اللجنة أيضاً في ما إذا كانت هناك أعمال حفر في الطريق المواجه لفندق "سان جورج" في الفترة التي سبقت الاغتيال. وكانت هناك ايحاءات بأن أعمال طرق غير مألوفة بما في ذلك مد خطوط وفتحات لصرف المياه حصلت في الطريق المواجه لفندق "سان جورج" قبل وقت قصير من الاغتيال، ما يدل ضمناً على أن أشخاصاً متورطين بالاغتيال يحتمل أن يكونوا امتلكوا فرصة لوضع قنبلة أو جهاز تفجير عن بعد تحت الأرض، بالتالي التسبب بالانفجار.
128 تظهر سجلات البلدية أن إجازات العمل التي تمنح إذناً بإقامة أشغال للعمل في المنطقة القريبة من مسرح الجريمة مُنحت قبل الانفجار، في كانون الثاني 2005، فمن 3 إلى 8 كانون الثاني 2005 مثلاً، منحت مصلحة مياه بيروت إجازة للحفر لمد أنبوب مياه ولحفر الطرقات الرئيسية حول فندق "سان جورج"، ومنحت شركة الاتصالات أوجيرو إذناً بمد كابل اتصالات في فترة ما بين 13 و20 كانون الثاني 2005. ومع ذلك فإن بعض الشهود أفادوا أن أشغالاً عامّة أجريت في المنطقة المحيطة بفندق "سان جورج" في يوم أقرب إلى التفجير، بما فيه الليلة السابقة له. فعلى سبيل المثال، أفاد سائق سيارة أجرة انه أنزل راكبين عند فندق فينيسيا في 12 شباط قرابة الساعة السادسة والربع صباحاً. وعندما انعطف يساراً باتجاه ميناء الحصن، لاحظ أن الطريق مقطوع في مواجهة فندق "سان جورج" مقابل بنك HSBC، وأن بعض الأشغال العامّة كانت تقام فيها، ومنها أشغال شملت فتحتين لصرف المياه في مواجهة "سان جورج"، وتنبّه إلى وجود عمال وعناصر عسكريّين في المكان. وأشار شاهد آخر هو عامل في المرفأ، الى أنه مع بدء مد خطوط الهاتف عند المرفأ، لم توضع في الاستعمال أو توصل بسلك خارجي
ولم تكن هناك كابلات موصولة للتلفزيون أو اجهزة الكومبيوتر. وأفاد شخص آخر أنه اقترب مع زوجته من مكان الانفجار بعد ظهر الأحد، أي في اليوم السابق للاغتيال، ورأيا ثلاثة أشخاص يعملون وسط الشارع ويُنزِلون في حفرة في الأرض قرب "سان جورج" ما بدا أنه منصّة نقّالة، كما لاحظا شريطين أسودين، بلغ قطر كل منهما نصف أنش، وامتدّا من الحفرة إلى فندق "سان جورج". وبعكس ذلك، كان هناك شهود آخرون على يقين بعدم وجود أعمال طرق على مدى أيام قبل التفجير.
استنتاج:
تبقى مسألة وجود حفريّات في مواجهة فندق السان جورج سؤالاً مفتوحاً لم تتمكن اللجنة من حله بما يتجاوز ذكريات شهود معينين وهي ذكريات لم يكن ممكناً التثبت منها بشكل مستقل. إن سجلات البلدية تظهر بوضوح أن أعمال الحفر في وقت قريب من الجريمة لم تنفذ بموجب إجازات من المدينة.
تنفيذ التفجير:
129 يقع فرع لبنك "HSBC" قرب موقع الانفجار، وشغّل البنك نظام مراقبة تلفزيونية أمنية سجل تحركات موكب الحريري قبيل الانفجار لكنه لم يسجل موقع الانفجار نفسه. وعند التدقيق في الأمور، أظهرت لقطات مسجّلة شاحنة "فان" من طراز "متسوبيشي كانتر" تدخل منطقة الانفجار قبل وقت وجيز من مرور موكب السيد الحريري.
130 أظهر التسجيل بوضوح أن المتسوبيشي كانت تتحرّك أبطأ بنحو ست مرات من المركبات الأخرى التي تتحرك على المساحة نفسها في الطريق. وأظهر تحليل للتسلسل الزمني أنّ سيارة عادية تحتاج الى 3 4 ثوانٍ لقطع المسافة مسافة 50 متراً من الطريق تغطيها الكاميرا، في حين أن شاحنة كبيرة تحتاج الى 5 6 ثوانٍ لقطع هذه المسافة. وقد تطلّب عبور "المتسوبيشي" لهذه المسافة 22 ثانية ودخلت المنطقة قبل دقيقة و49 ثانية من مرور موكب الحريري،
131 - نجحت النماذج التي جُمِعَت من مسرح الجريمة والتدقيقات الجنائيّة التي أجريت في تحديد هويّة شاحنة "المتسوبيشي". وبفضل جزء من كتلة المحرّك وجدت ورفعت من مسرح الجريمة، استنتج أن المحرّك يعود إلى مركبة "متسوبيشي" سرقت في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 في مدينة ساغاميهارا في اليابان.
132 - قابلت اللجنة كل الناجين الذين كانوا ضمن موكب الحريري، والشهود الذين كانوا في الموقع وفي المناطق المجاورة، وكذلك أصحاب المحال، والموظفين، والباعة، والسكان ... الخ... في المنطقة المجاورة لمسرح الجريمة.
133 لم يفصح أي من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم عن أي مشاهدات غير عادية في 14 شباط 2005، في شارع ميناء الحصن المجاور أو في المناطق المجاورة، ولم يكن الوضع مختلفاً عما يكون عليه عادةً في هذه المواقع.
134 - شكّلت كيفيّة معرفة الطريق التي سلكها السيد الحريري وهو عائد إلى قصر قريطم من الاجتماع في البرلمان، أحد المواضيع الرئيسة بالنسبة إلى اللجنة.
135 - كان من المعروف جيّداً أن السيد الحريري كان ليشارك في اجتماع سابق للانتخابات في البرلمان في ذلك الصباح بالتحديد. وعرِف أيضا انه كان سيعود إلى قصر قريطم من بعد الاجتماع، حيث كان دعا اكثر من 20 شخصاً الى الغداء في القصر.
136 - وأمكن سلك ثلاث طرقات للوصول من ساحة النجمة الى قريطم. وعاد القرار في الاختيار الى رئيس الحرس الخاص للسيد الحريري، الذي أطلع السيارة التي كانت تتصدّر الموكب على التفاصيل، ولكن كان هناك احتمال عند الصباح أن يعود الموكب إلى القصر قبل الساعة 14، تقرّر اختيار الطريق البحري. ولو كان الامر مخالفاً لذلك، كان سيتم اختيار طريق آخر. وغادر الموكب منطقة ساحة النجمة وعبر شارع الاحدب وشارع فوش. وعند تقاطع شارع فوش وشارع الميناء تأخر الموكب دقائق بسبب الازدحام. عند التقاطع المذكور استدار الموكب يساراً نحو الطريق البحري باتجاه عين المريسة وفندق "سان جورج".
137 - كان الموكب يتألف من 6 سيارات. السيارة الاولى، "تويوتا لاند كروزر"، فيها 4 ضباط من قوى الامن الداخلي، السيارة الثانية "مرسيدس 500 اس" فيها 3 اشخاص من فريق حماية الحريري الخاص، السيارة الثالثة كانت سيارة "مرسيدس" مصفحة يقودها السيد الحريري ومعه السيد فليحان. السيارة الرابعة والسيارة الخامسة كانتا من طراز "مرسيدس 500 اس"، كل منها فيها 3 اشخاص من فريق حماية الحريري الخاص، السيارة الاخيرة في الموكب كانت "شيفروليه" مجهزة كسيارة اسعاف وفيها 3 من افراد طاقم الحريري، اثنان منهم ممرضان. السيارات الثانية والرابعة والخامسة كانت مزودة أجهزة تشويش كانت مشغلة وتعمل.
138 عندما كان الموكب يعبر طريق فندق "سان جورج" في ميناء الحصن، عند الساعة 12.56 حدث انفجار هائل، تسبب في مقتل السيد الحريري و21 آخرين، بالإضافة الى 220 شخصا أصيبوا بجروح وتسبب في دمار وخراب في الأبنية والسيارات. نقل السيد الحريري الى مستشفى الجامعة الأميركية، حيث تم التعرف الى جثمانه وتم الإعلان عن سبب وفاته التي كانت فورية ونتجت عن جرح في الدماغ تسبب بسكتة قلبية.
139 لم يتم التعرف الى سيارة "اوبل" لاحقت الموكب من ساحة النجمة الى تقاطع شارع فوش والأوتوستراد البحري. ولا بد من الأشارة الى ان الموكب تأخر عند أحد التقاطعات بالتالي فقد سار، ولفترة قصيرة، بعكس اتجاه السير على طريق ذي اتجاه واحد. ولم تستطع اللجنة معرفة سبب التأخير على التقاطع.
140 خلص تقرير فيتزجيرالد الى ان السيد الحريري خلال الأشهر الثلاثة السابقة للتفجير كان يأخذ الطريق البحري في مناسبات مختلفة ولكن يجب التذكر انه لم يكن يظهر علنا في بيروت في الفترة نفسها سوى لفترة تقل عن عشر دقائق.
141 اللجنة لم تجد اي مؤشر الى وجود أي تسريبات او متآمرين من داخل فريق الحريري، لكن اللجنة حددت ان الحريري كان تحت المراقبة على الأقل قبل شهر من التفجير، من جانب أشخاص يخططون للجريمة (انظر التحليل في القسم الوارد آنفا).
142 الضعف في الإجراءات التي اتخذت في البداية من جانب السلطات اللبنانية والتلاعب بالأدلة خلال الكشوف الأولى على مسرح الجريمة حالا دون تحديد نوع المتفجرات المستخدمة. وأظهرت نتائج تحليل العينات الأولى التي جمعت بشكل بسيط من الرواسب مؤشرات الى ان المواد المستخدمة هي من نوع "تي ان تي" ولكن لم تجر فحوص مخبرية أوسع للعينات، الأمر الذي أعاق التحقيق، بما انه من المستحيل اقتفاء مصدر المتفجرات، الأمر الذي يمكن ان يقود في النهاية الى المنفذين.
143 بالإضافة الى ذلك، ضُبطت أفلام من أجهزة تصوير أمنية للمصرف البريطاني، هذا الإهمال كان يمكن ان يكون قاد الى فقدان دليل مهم.
استنتاج
كان من الصعب على أفراد من خارج "الحلقة الضيقة" المحيطة بالحريري ان يتوقعوا الطريق التي سيسلكها موكبه في 1 شباط 2005. شاحنة "الميتسوبيشي كانتر" التي ظهرت في شريط البنك البريطاني هي التي كانت تحمل المتفجرات. إهمال السلطات اللبنانية في اتخاذ إجراءات التحقيق الملائمة ومسح احترافي كامل لمسرح الجريمة بعد التفجير مباشرة جعل من الصعب حل مسائل رئيسة تتعلق بتنفيذ التفجير، مثل نوع المتفجرات المستخدمة، او قد يكون الإهمال تسبب في فقدان دليل مهم مثل أشرطة فيديو أمنية مفيدة.
استخدام بطاقات الهاتف المدفوعة سلفاً
144 أشارت التحقيقات التي قامت بها قوى الامن الداخلي والاستخبارات العسكرية الى ست بطاقات مدفوعة سلفا، واثبتت التسجيلات الهاتفية انها كانت محورية في التخطيط للاغتيال. وفي 14 شباط (فبراير) 2005، بدءاً من الساعة 11 قبل الظهر، اظهرت مراكز تسجيل المخابرات الخلوية ان ثمة هواتف خلوية تستخدم هذه البطاقات الست، وقد تم تحديد موقعها في المنطقة الممتدة بين ساحة النجمة وفندق سان جورج، ضمن مسافة بضع بنايات. وتم إجراء عدد كبير من الاتصالات بين هذه الخطوط حصراً. وتوزّع حاملو هذه الهواتف كلّ في موقع, بحيث يغطون كل الطرق التي تربط البرلمان بقصر قريطم. أي ان مراكز تسجيل المكالمات الخلوية اظهرت ان حاملي هذه الهواتف توزعوا بشكل يمكّنهم من تغطية كلّ طريق يحتمل ان يسلكها الحريري في ذلك اليوم. وأجرى أحد حاملي الهواتف، الذي حُدد موقعه قرب البرلمان، اربع مكالمات مع الهواتف الاخرى في الساعة 12.53، أي موعد مغادرة موكب الحريري ساحة النجمة في 14 شباط، دقائق قليلة قبل التفجير. وقد عُطلت هذه الخطوط الستة بعد التفجير.
145 اظهر التحقيق لاحقاً ان هذه الخطوط الستة إضافةً إلى خطين اخرين وضعت في التداول في الرابع من كانون الثاني (يناير) 2005 عبر الاتصال بالرقم 1456، كلها في وقت واحد، وفي المكان نفسه في شمال لبنان بين تربل والمنية. ومنذ ان تم شراؤها في مطلع كانون الثاني (ينير) 2005، وحتى وقت التفجير، لم تجر هذه الخطوط اتصالات سوى مع بعضها البعض. في تلك الفترة وحتى تاريخ الاغتيال، بدا انه ثمة علاقة بين مواقعها وتحركات الحريري، ما يفترض انها قد تكون استخدمت لتعقّب تحركات الحريري في تلك الفترة.
146 اللجنة، وبالتنسيق مع السلطات اللبنانية، واصلت التحقيق في مصدر تلك الخطوط. وتبين انه تم الحصول على الخطوط الستة، إضافةً إلى اربعة اخرى، من شركة "باور غروب"، وهو متجر يُزعم ان مالكه هو عضو ناشط في الاحباش تربطه علاقات طيبة بالشيخ احمد عبد العال. وبحسب سجلات الشركة، تم تسليم الخطوط الى فرع طرابلس التابع للمتجر. وافاد احد الموظفين في فرع طرابلس انه تلقى في30 كانون الاول 2004، اتصالا من رائد فخر الدين، وهو رجل اعمال ومستشار لرئيس الوزراء السابق عمر كرامي. اراد رائد فخر الدين شراء عشرة خطوط هاتفية مدفوعة سلفا بصورة عاجلة. ولاحظ الموظف ان الطلب نفسه غير معتاد لان رائد لا يشتري عادة خطوطا من متجر طرابلس وليس لديه علاقة تجارية مع متجر طرابلس بخلاف شراء اجهزة. الا انه تم تحديد موقع البطاقات العشر التي تحمل هذه الخطوط المحددة، وارسل رائد فخر الدين احد الاشخاص لاخذ البطاقات التي تحمل هذه الخطوط من متجر طرابلس. وافاد هذا الشخص اللجنة انه دفع 700 دولار نقدا في متجر طرابلس لشراء هذه البطاقات وسلّمها الى فخر الدين. وفي ذلك اليوم، لم يتم ملء استمارات الشراء المتوجّب ملؤها قانونياً عند شراء
الخطوط، وتم ذلك بعد اسبوعين من شراء الخطوط، في 12 كانون الثاني 2005. وتبين ان البطاقات التعريفية اللازمة التي قدمها رائد كانت مزيفة. وفي 14ايلول 2005، اوقفت قوى الامن الداخلي رائد فخر الدين مع اخرين متورطين في نقل هذه البطاقات وبيعها. وقد استجوبت اللجنة رائد فخر الدين لاحقاً. وفي ذلك الاستجواب، بينما اعترف بشراء الخطوط، نفى فخر الدين انه يعرف أي معلومات حول استخدام هذه الخطوط في عملية اغتيال الحريري.
147 من بين الأجهزة الخلوية العشرة التي استخدمت فيها هذه البطاقات الخلوية العشر، تم تقفي خمسة أجهزة منها الى متجر في طرابلس.
إستنتاج
يعتبر التحقيق في قضية خطوط الخلوي المدفوعة مسبقا احد اهم الدلائل في هذا التحقيق لجهة معرفة من كان فعلياً ينفذ الاغتيال ميدانياً. يحتاج هذا الخط في التحقيق الى متابعة حثيثة.
اجهزة التشويش
148 - يتضمن موكب الحريري 3 سيارات مزودة اجهزة تشويش، مصممة للتشويش على اشارات التحكم عن بعد (روموت كونترول) للمتفجرات المرتجلة.
149- على رغم ان لجنة التحقيق تلقت معلومات من مصدر مفادها ان أحد المقرّبين الموثوق بهم من الحريري تلاعب باجهزة التشويش قبل الانفجار، الا ان اللجنة لم تتمكن من تأكيد هذه المعلومات. في الحقيقة، تشير كل الدلائل المتوافرة الى ان اجهزة التشويش كانت جاهزة للعمل وفي حال عمل جيدة وقت الاغتيال. وصرح المسؤولون عن ادارة اجهزة التشويش بأنهم كانوا يقومون بفحص شامل للاجهزة كل 3 اشهر، وان اخر فحص أُجري في كانون الثاني 2005 ولم تلاحظ اي مشاكل. وكذلك فإن اجهزة التشويش تم فحصها من قبل اعضاء فريق الحريري الامني بشكل شامل قبل يومين من الانفجار حيث كانت في وضع جيد. ومن بين اجهزة التشويش الثلاثة كان واحد منها مدمرا بالكامل بالانفجار، والاخر كان محترقا لكن تم استرداده والاحتفظ به كدليل، والثالث كان لا يزال يعمل، وبعد اخضاعه للفحص تبين انه يعمل بشكل جيد. كذلك فإن تقرير فريق خبراء المتفجرات الالماني حول الجهازين اللذين احتفظ بهما كدليلين اكد انهما كانا يعملان. اخيرا فإن شركتي الخلوي MTC TOUCH وALFA افادتا انه جرى التشويش على شبكتيهما في 14 شباط من نحو الساعة 12 حتى الساعة الواحدة بين ساحة النجمة وفندق السان
جورج. اعادت لجنة التحقيق بناء الحدث في 19 آب بالتعاون مع MTC وALFA، من خلال تسيير 3 مركبات مشابهة للتي كانت في موكب الحريري ومجهزة بأجهزة التشويش نفسها، على الطريق ذاته التي سار فيها الموكب من ساحة النجمة الى فندق السان جورج. وكانت نتائج إعادة بناء الحدث مشابهة للتشويش الموقت للاتصالات الذي حدث في 14 شباط (فبراير)، وتم الأخذ بعين الاعتبار أيضاً العناصر الاخرى التي قد تؤثر على الاتصالات في المنطقة. لذلك، يمكن التصور انه على الاقل واحد من اجهزة التشويش الثلاثة كان جاهزا للعمل وقت الانفجار.
150 على الرغم من ان واحدا من اجهزة التشويش على الأقل كان يعمل، أظهر التحقيق ان هناك اساليب لتجاوز اجهزة التشويش أو تفاديها أو الهروب منها أو استعمالها. هناك احتمالات مختلفة تتضمن التفجير الانتحاري، تفجير لاسلكي باستخدام ترددات مختلفة عن ترددات جهاز التشويش، تفجير لاسلكي باستخدام ترددات اجهزة التشويش نفسها، تفجير لاسلكي باستخدام هاتف الثريا الذي يعمل بالقمر الاصطناعي، وهي الشركة الوحيدة المسموح لها العمل على الاراضي اللبنانية باستخدام موصلات الاقمار الاصطناعية، تفجير سلكي باستخدام سلك TNT او تفجير سلكي باستخدام نوع اخر من توصيلات الاسلاك مثل خطوط الهاتف كسلك توصيل. وبناء على تحقيق اللجنة حتى الان، وبنوع خاص في ما يتعلّق بنتائج فحوصات الطب الشرعي التي أجراها الفريق الالماني في مسرح الجريمة، تبين انه من المحتمل ان يكون انتحاريا تسبب بالانفجار، فإن الاحتمالات الاخرى تحتاج الى تحقيق ابعد، لمعرفة ما اذا كانت كافية وحدها او مرتبطة بتفجير انتحاري.
استنتاج
يبدو ان اجهزة التشويش في موكب الحريري كانت جاهزة للعمل في 14 شباط وقت الانفجار. وقد يؤدي اجراء تحقيق اضافي الى تقديم معلومات عن كيفية تشغيل وحدات التفجير المستخدمة.
التدخل في الاتصالات في وسط بيروت
151 تلقت لجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة معلومات عن انه كان هناك تشويش في 14 شباط 2005 من الساعة التاسعة الى الساعة الثانية من بعد الظهر على هوائي اتصالات يغطي منطقة رياض الصلح، التي تتضمن مسرح الجريمة. جرى التحقيق في هذه المعلومات مع وزارة الاتصالات. تم تأكيد هذه المعلومات من خلال معلومات قدمتها شركة التشغيل MTC TOUCH. بناء على ذلك، فإن مستخدمي الهواتف الخلوية في مسرح الجريمة قد لا يكونون قد استخدموا هذا الهوائي المحدد وجرى تحويلهم الى هوائيات اخرى. لم يتم العثور على دليل الى الآن يمكن ان يشير بوضوح الى تلاعب داخلي في MTC TOUCH، علما ان هذا التلاعب لم يجر استبعاده كليا الى الان. يبقى احتمال مواز ان شخصا من الخارج، منظمة اجرامية، شركة او سلطة قد تكون قادرة على إثارة تشويش مماثل، على سبيل المثال من خلال تجهيزات خلوية. اضافة الى ذلك، لا يمكن استبعاد ارتباط مباشر بين هذه التشويشات والاغتيال.
استنتاج
يظهر انه كان هناك تشويش على هوائي اتصالات في مسرح الجريمة خلال وقت ارتكاب الجريمة. هذا خط في التحقيق يجب ان يتابع بشكل حثيث.
مسرح الجريمة
152 قبل إنشاء لجنة التحقيق، لم تعاين السلطات اللبنانية بشكل معمّق مسرح الجريمة. وبما ان هذا الأمر يعبتر اساسا لاي تحقيق في جريمة، رأت اللجنة انه من الضروري السعي للحصول على مساعدة الدول الاعضاء في الامم المتحدة لمساعدة الخبراء في تحديد، في الدرجة الأولى، ما اذا كان الانفجار حدث تحت الارض او فوقها.
فريق الأدلّة الجنائية الالماني
153 في 6 تموز 2005، قدّم فريق الأدلّة الجنائية الالماني الذي يتضمن 4 خبراء في الطب الشرعي، تقريره للجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة(2). وورد في أهم فقرات التقرير: "ان النتائج والاستنتاجات التي توصل اليها فريق الخبراء السويسريين قد تكون صحيحة بالكامل, بسبب اجزاء شاحنة المتسوبيشي المتبعثرة، يمكن افتراض ان الشاحنة لعبت دورا اساسيا في العملية ويمكن ان تكون استخدمت كحاملة للقنبلة.
بعد تقويم كل الحقائق والتقديرات تبين إن الانفجار فوق الارض هو الامكانية الاكثر احتمالاً. ففي انفجار من هذا النوع، من المفترض ان يبلغ وزن المتفجرات المستعملة نحو 1000 كلغ. وتم استخدام متفجرات شديدة الانفجار.
وأظهر فحص عينة "أ" من جدار الشاحنة انه تم استخدام مادة TNT. لكن هذه النتيجة لم يتم التوصل اليها بحضور خبراء لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة، ولذلك يجب النظر اليها كنتيجة اولية وليس نهائية. خلال عملنا في موقع الحادث لم يكن باستطاعتنا تحري اي اشارات بالنسبة لنوع جهاز التفجير الذي استخدم.
فريق الأدلّة الجنائية الهولندي
154 بين 12 آب و25 أيلول 2005 تفحّص فريق أدلة جنائية هولندي موقع الجريمة ومحيطها ذي الصلة. تضمن الفريق سبعة خبراء متخصصين في الأدلة الجنائية الخاصة بالتحقيق بعد الانفجار. وكان غرض التحقيق الجنائي في موقع الانفجار هو العثور على أدلة مادية لتكوين القنبلة المعدّة محلياً، التي سبّبت الانفجار. وتفحص موقع الجريمة بعد مرور نحو نصف سنة على حدوثها امر غير مألوف. علاوة على ذلك، كان معلوماً ان موقع الجريمة عُبث به مرات عدة. وهذا يضعف كثيراً قوة الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من الموقع الذي وجدت فيه الأدلة. ولا يمكن ان نستبعد أبداً ان المواد في موقع الجريمة، قد عبث بها أحدهم، أو وُضعت عمداً هناك. وبغض النظر، كان ثمة احساس بضرورة اجراء مسح جنائي شامل للموقع، لا سيما لاحتمال ان بعض الأمكنة في موقع الجريمة لم تتلوّث، مثل الطوابق العليا في بيبلوس وفندق "سان جورج". وقد تم تطويق موقع الجريمة في 15شباط 2005، حسبما تقول قوى الأمن الداخلي، وأقيمت عليه الحراسة 24 ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع منذ ذلك اليوم.
155 ساعد كثير من الناس الفريق الهولندي في التحقيق في موقع الجريمة، منهم ضباط الأدلة الجنائية في قوى الأمن الداخلي، وفريق غطاسين بريطانيين، وخبير متفجرات فرنسي، وعالم أدلة جنائية من شمال ايرلندا، ومهندس كهربائي ألماني متخصص في اجهزة التشويش، وفريق خبراء يابانيين في التحقيق في مواقع الجرائم، وخبير سيارات ألماني، وخبير سيارات هولندي وعدد من الخبراء اللبنانيين.
156 سُلّم الى اللجنة تقرير متماسك وشامل عن الخلاصة والنتائج المستقاة من التحقيق في موقع الجريمة. والتقرير في 87 صفحة وقد تضمن في خلاصته اربعة استنتاجات أساسية:
1 انفجار مواد شديدة الانفجار
يثبت الضرر الذي لحق بالمباني والسيارات وأْعمدة الانارة المحيطة بالمكان والأشياء الأخرى القريبة من الانفجار ان مقداراً كبيراً من المتفجرات استخدم في التفجير عند الجانب الأيسر امام المدخل الاساسي في فندق "سان جورج"، في شارع ميناء الحصن. وأشعل الانفجار النار في عدد من السيارات على مسافة بين 20 و30 متراً من مركز الانفجار. ومن الضرر الذي تسبب به الانفجار يبدو واضحاً انه كان ناتجاً من مواد شديدة الانفجار.
2 شاحنة متسوبيشي الصغيرة
طبقاً للأدلة المادية التي جُمعت والبقايا البشرية التي تعرّف اليها خبير الأدلة الجنائية اللبناني، وشريط مصرف "اتش.اس.بي.سي" والضرر اللاحق بالسيارات التي كانت متوقفة في الشارع، يرجح ان التفجير حدث بواسطة شاحنة متسوبيشي صغيرة كانت تحمل القنبلة المصنوعة محلياً، ففجّرت لدى مرور سيارات موكب الحريري الست. وقد وجد رقم محرك هذه الشاحنة بين الركام في ساحة الجريمة. وأرشد رقم المحرك هذا الى رقم تسجيل السيارة وسنة صنعها.
ولم يُعثر على بقايا من القنبلة المصنوعة محلياً بين الركام، سوى قطع شاحنة المتسوبيشي الصغيرة التي وضعت فيها القنبلة المصنوعة محلياً. وكان هذا متوقعاً بسبب قوة الانفجار وحجم المتفجرات المستخدمة. ووُجدت بعض قطع متضررة من دارة كهربائية قد تكون استخدمت في التفجير. لكن لا بد اولاً من ان يتفحص خبراء كهرباء السيارات بقايا هذه الدارة، التي قد تنم عن وجه استخدامها.
3 موضع سيارات الموكب والسيارة المفخخة
حين فُجّرت الشحنة الناسفة كانت شاحنة متسوبيشي الصغيرة متوقفة تقريباً في صف السيارات الأخرى المتوقفة على الشارع امام فندق "سان جورج"، ومقدمها مواجه للغرب. ولم تكن متوقفة باصطفاف تام مع بقية السيارات، استناداً إلى اتجاه قوة الانفجار إلى سيارة فورد الحمراء التي كانت على الأرجح الغالب متوقفة مباشرة أمام الشاحنة متسوبيتشي. وقد أصيبت سيارة فورد هذه بأشد الضرر من يسار الخلف. وهذا يعني أن الشاحنة الصغيرة لم تكن متوقفة باصطفاف تام مع السيارة الحمراء فورد.
وبين سيارات الموكب الست كانت السيارة السوداء مرسيدس، ورقمها 404 هي الأقرب إلى مركز الانفجار، حين فجّرت الشحنة الناسفة، وكانت اتجاه قوة الانفجار نحو هذه السيارة من الجانب الأيمن. وهذا يعني على الأرجح انها كانت بجانب الشاحنة ميسوبيتشي. ومن ملامح الضرر يمكن القول إن السيارات حاملة الأرقام 401 و402 و403، وكان في الأخيرة السيدان الحريري وفليحان، كانت قد مرت لتوّها بجانب الشاحنة ميتسوبيشي حين حدث الانفجار. ووقع أشد الضرر بالسيارتين 405 و406 في الجانب الأمامي الأيمن، أي انهما لم تكونا قد تجاوزتا الشاحنة ميتسوبيشي بعد، حين حدث الانفجار.
4 جهاز تفجير القنبلة المصنوعة محلياً
تدل الأدلة المادية في هذا التقرير والعثور على أشلاء بشرية صغيرة لشخص غير معروف، وعدم العثور على أشلاء كبيرة مثل السيقان أو الأرجل أو الكف أن تشغيل العبوة الناسفة تولاه انتحاري.
وثمة احتمال آخر أضعف بقليل، وهو التفجير من بعد. إلا أن أي أثر لجهاز التفجير من بعد، لم يعثر عليه في موقع الجريمة.
فريق الأدلة الجنائية البريطاني
157 في 5 أيلول 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية البريطاني تقريره إلى اللجنة. وكان الفريق مؤلفاً من سبعة أشخاص. وكان غرضه فحص قاع البحر ومرفأ السفن السياحية المجاور لموقع الجريمة. وفيما كان الفريق يقوم بمهمته، عاونه غطاسون لبنانيون من فريق الإطفاء والإنقاذ في الدفاع المدني. وجمعت 40 قطعة في هذا المسح البحري، ومعظمها ركام سيارات.
فريق الأدلة الجنائية الياباني
158 في 27 أيلول 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية الياباني تقريره، وكان مؤلفاً من ثلاثة خبراء أدلة جنائية يرافقهم مترجم. وكان غرض الفريق التعرف على شاحنة ميتسوبيشي الصغيرة.
159 تفحص الفريق الياباني كل الأدلة المجموعة من موقع الجريمة وأحصى 69 قطعة يشتبه في أنها قطع من الشاحنة المذكورة، من هذه 44 قطعة تأكد انها قطع شاحنة ميتسوبيتشي صغيرة، من صنع شركة "ميتسوبيتشي فيزو" في اليابان.
160 عرفت أخيراً الشاحنة الصغيرة ميتسوبيشي. فقد سُرقت من مدينة ساغاميهارا في اليابان، في 12 تشرين الأول 2004.
خبراء القنابل المصنوعة
محلياً الايرلنديون والفرنسيون
161 وافق الخبراء على ما جاء في تقرير خبراء الأدلة الجنائية الهولنديين.
الاستنتاج
حدث الانفجار الذي قتل السيد الحريري و22 آخرين فوق سطح الأرض، ولهذا الغرض استُخدم ما لا يقل عن 1000 كيلوغرام من المتفجرات العسكرية.
162 - بذلت اللجنة جهوداً مكثفة لوضع خريطة تحرك الحريري وما فعله قبل الانفجار، وكذلك التحركات الأخرى، من أجل اكتشاف الحافز والأسباب وراء هذه الجريمة.
163 - عُقدت لقاءات مع أقاربه ومعاونيه وأصدقائه والعاملين معه وزملائه، ولم يفض أي من هذه الجهود إلا إلى الوقائع التي مهدت لاستقالة الحريري من رئاسة الحكومة.
164 - عززت هذه المعلومات الفكرة عن التوتر الذي ساد العلاقة بين الحريري من جهة وبين الرئيس لحود والسلطات السورية من جهة أخرى. واستخلص دليل من مكالمة هاتفية أجريت بين اللواء غزالة ومسؤول لبناني كبير في 19 تموز (يوليو) 2004، والحوار بين الرئيس الأسد والحريري في 26 آب 2004، في سورية، والطلب الذي توجه به الى السيد الحريري كل من يحيى العرب، ووسام الحسن وسليم دياب في تشرين الأول (اكتوبر) - تشرين الثاني (نوفمبر)2004 لزيادة الأمن حوله بسبب التوتر، فردّ الحريري "أنهم لا يجرؤون على المسّ بي"، واللقاء بين الجنرال غزالة ويحيى العرب في 13 شباط (فبراير) 2005، وردّ السلطات اللبنانية على توزيع زيت زيتون خلال شباط 2005.
165 - جرى استجواب كل اللاعبين الرئيسيين في السلطات اللبنانية ذات الصلة، وكذلك الخبراء المنخرطين في الاجراءات الأولية للتحقيق. فاظهر التحقيق الاولي ان أحداً لم يقل ان لديه أي مؤشر مهما كان صغيراً الى ان شيئاً ما يجري حول الحريري ويمكن ان يهدد حياته. الجهود التي قامت بها اللجنة خلال فترة محدودة من الوقت وصلت إلى استنتاج مناقض تماماً. فكانت هناك اشارات عدة متعلقة بأمن الحريري في محيطه المباشر، بعد ما حصل في النصف الثاني من عام 2004، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات لبنانية سابقة لاستهداف أفراد بالمتفجرات.
166 - في 30 آب 2005، أوقفت السلطات اللبنانية واحتجزت أربعة مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاز الأمني والاستخباراتي اللبناني، بعد مذكرات اعتقال أصدرها المدعي العام اللبناني بالاستناد إلى توصية من لجنة التحقيق الدولية بأن هناك سبباً يستدعي توقيفهم واحتجازهم بتهمة التآمر للقتل المرتبط باغتيال الحريري. الأشخاص الموقوفون هم المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيّد والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج والمدير السابق للاستخبارات العسكرية العميد ريمون عازار ورئيس الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان.
167 – استجوبت لجنة التحقيق الأربعة بحضور محامين، وبقي كل منهم ينفي أي تورط له بتخطيط أو تنفيذ اغتيال الحريري، أو أي علم مسبق بمثل هذه المؤامرة، أو القيام أو إصدار الأمر بالقيام بأعمال مخصصة لاعاقة التحقيق بعد ذلك.
168 - كما في أي تحقيق، انطلقت اللجنة من ضحايا الجريمة، ومسرح الجريمة والشهود، وركزت على خمسة تحقيقات فرعية.
- أحمد ابو عدس
169- ركز عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المتعلق بالسيد أحمد ابو عدس على محاولة تحديد أماكن وجوده وتقويم احتمال ان يكون هو فعلاً المفجر الانتحاري مثلما زُعم.
170- لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة من مقابلة والد السيد أبو عدس، الذي كان خضع لاستجواب من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط 2005، لأنه توفي في 7 آذار (مارس) بعد فترة قصيرة على استدعائه للمثول امام قاضي التحقيق.
171- والدة السيد ابو عدس، نهاد موسى، خضعت للاستجواب من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة في 7 تموز 2005، وهي كانت خضعت قبل ذلك للاستجواب اربع مرات على الاقل من قبل السلطات اللبنانية، المرة الاولى في 14 شباط 2005. واحتجزت هي ووالد السيد ابو عدس، تيسير موسى، في شكل غير شرعي لنحو 10 ايام. وأفادت انها أبلغت السلطات اللبنانية التالي: اختفى ابنها في 16 كانون الثاني (يناير) 2005 ولم تسمع عنه شيئاً منذ ذلك الحين. ووفقاً لما قالته، أوضح لها مطلع كانون الثاني انه التقى شخصاً تعرفه هي فقط باسم "محمد" وهو يريد التحول من المسيحية الى الاسلام، وانه (ابو عدس) كان يساعده في ذلك. وأشار ابو عدس الى ان محمد كان يبدو غنياً وانه يغيب احياناً لفترة اسبوع او ما يقارب ذلك. وبعد إحدى غيباته، عشية السبت في 15 كانون الثاني 2005، اتصل محمد على رقم المنزل. أخبر محمد ابو عدس انه سيأتي لاصطحابه في الصباح التالي وانه يحضّر له مفاجأة. غادر ابو عدس مع محمد في الصباح التالي واعداً أمه بأنه قد يغيب لساعات قليلة، بما انها كانت طلبت منه مساعدتها في تنظيف سجادة كبيرة. لم يعد ابو عدس أبداً. صباح الاثنين تلقت والدته اتصالاً
من شخص قال لها ألا تقلق في شأن أحمد فهو في طرابلس حيث تعطلت سيارتهم وهم في انتظار تصليحها. خمّنت السيدة موسى ان هذا الشخص هو ذاته المدعو "محمد" الذي تحدثت معه عبر الهاتف قبل يومين. طلبت التحدث الى ابنها، ولكن قيل لها ان ابنها ينتظر في منزل ليس فيه هاتف وان المتصل يتحدث من مرأب تصليح السيارة. وقال المتصل للسيدة موسى ان ابنها سيعود في الوقت لمساعدتها في تنظيف السجادة. وعند الساعة التاسعة، في اليوم نفسه، تلقت اتصالاً آخر من الشخص المدعو "محمد" الذي قال انهم لم يتعرضوا لحادث وان السيارة لم تتعطل. ومضى المتصل للقول ان ابو عدس اراد الذهاب الى العراق وانه لن يعود. وعندما أعربت السيدة موسى عن دهشتها وقالت ان ابو عدس لم يذكر لها ابداً أي اهتمام من هذا النوع من قبل، قال المتصل انه سيحاول الحصول لها على رقم هاتفه لعلها تغير رأيه. وانهى المتصل المكالمة ولم يتصل بعد ذلك ابداً. ابلغت العائلة عن مفقود لدى قوى الأمن الداخلي في 19 كانون الثاني 2005.
172- في مقابلة تالية مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، أضافت السيدة موسى ان أفضل صديق لأبو عدس رجل اسمه زياد رمضان وكانت التقته باعتباره موظفاً في شركة كومبيوتر قبل نحو سنتين. الاتصال الاخير لها بالسيد رمضان كان بعد ايام على اختفاء ابنها وهو سألها ما اذا كان لديها أي خبر عن ابنها. في المقابلات مع السلطات اللبنانية أكدت السيدة موسى ان ابنها لا يمتلك رخصة قيادة وانهما لا يملكان خط انترنت في منزلها.
173- ان لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة لم تتمكن من تحديد مكان زياد رمضان لاستجوابه. فبعد استجوابه من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط 2005، يبدو ان رمضان عاد الى سورية مع عائلته. وفي مقابلة مع السلطات اللبنانية اعترف رمضان بأنه عرف ابو عدس لنحو سنتين باعتبارهما عملا في الشركة نفسها لمدة شهرين. والمرة الاخيرة التي رأى رمضان فيها ابو عدس كانت يوم الخميس او الجمعة السابق لاختفائه عندما ناقشه ابو عدس في شأن تصاميم أغلفة كتب في عمله الجديد.
174- هناك شخص لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية ولا السلطات اللبنانية من مقابلته حتى الآن، يدعى خالد مدحت طه، وهو زميل متدين آخر، وله أهمية مميزة استناداً الى سجلات السفر المسنودة اليه والى بعض الصدف غير العادية. التقى طه ابو عدس عندما كانا طالبين في الجامعة العربية حيث كانا يلتقيان عادة في مسجدها؟ وفقاً لسجلات السفر، غادر طه عبر مطار بيروت الدولي الى الامارات العربية المتحدة في 21 تموز 2003 وعاد الى بيروت في 17 تشرين الاول (اكتوبر) 2003. السجل التالي له يظهر انه دخل لبنان من سورية براً في 15 كانون الثاني 2005، أي في اليوم السابق لاختفاء ابو عدس. وفي اليوم التالي عاد طه الى سورية براً. لا تظهر السجلات مغادرة لبنان قبل 15 كانون الثاني 2005 ما يشير الى انه دخل سورية قبل ذلك التاريخ في شكل غير شرعي. وكشف تحقيق معمق ان ثلاثة من عناوين البريد الالكتروني لطه كانت تمر عبر سورية والرابع عبر لبنان فيما كان يزعم انه في تركيا. أكثر من ذلك، فان موعد مغادرته الى سورية من لبنان في 16 كانون الثاني 2005 - هو نفسه موعد اختفاء ابو عدس، ما يوحي بوجود علاقة ما بين زيارة الاول لبنان واختفاء الثاني. اضافة
الى ان السلطات اللبنانية لم تشر في تقاريرها الى ان طه لم يعتقل ابداً لدخوله غير الشرعي الى سورية قبل 15 كانون الثاني 2005 ولا حتى لدى عودته اليها في 16 كانون الثاني، وهي صدفة غير عادية، ما يعني ان شخصاً ما سهل مغادرته ودخوله. واتصلت لجنة التحقيق بالسلطات السورية لتأخذ منها معلومات مفصلة عن خالد طه، خصوصاً سجلات سفره الى سورية ومنها.
175- كما سبقت الاشارة، فان الاستجوابات اللبنانية شملت، في سياق التحقيق، أصدقاء ابو عدس وجيرانه القدامى ومعارفه من المسجد وزملائه في وظائف سابقة. واعيد استجواب عدد منهم من قبل لجنة التحقيق، لكن أحداً منهم لم يسمع ب "النصرة والجهاد"، المجموعة التي زُعم ان ابو عدس عضو فيها بحسب رسالة الفيديو عن التفجير الانتحاري. وروى العديد منهم قصصاً متشابهة عن أخذهم من قبل قوى الأمن الداخلي وهم مكبلو الايدي معصوبو العيون وعراة، وانهم احتجزوا لفترة من الوقت واستجوبوا حول ابو عدس وارتباطاته بجماعات اسلامية، وأشار معظمهم الى انهم شاركوا مستجوبيهم وجهة نظرهم حول ان ابو عدس مستوحد وانطوائي، لا يمتلك الفطنة التي تمكنه من ارتكاب جريمة كهذه.
176- جواباً على طلب رُفع عبر السلطات اللبنانية، ابلغت السلطات السورية لجنة التحقيق الدولية ان سجلات الكومبيوتر لديها لا تظهر اي اشارة الى ان ابو عدس دخل سورية او غادرها. وابلغت السلطات العراقية السلطات اللبنانية، عبر السفارة العراقية في بيروت، ان ابو عدس لم يحصل على تأشيرة دخول الى العراق.
177- كذلك طلبت لجنة التحقيق الدولية الحصول على تفاصيل من اي منظمة داخل لبنان قد تكون اخضعت ابو عدس للمراقبة بين ايلول (سبتمبر) 2004 وكانون الثاني 2005. وأكدت الملفات التي تم الحصول عليها رداً على هذا الطلب ان ليست هناك دائرة في لبنان أخضعت ابو عدس لأي نوع من الرقابة خلال الفترة المشار اليها.
178- قدم بعض المصادر، الموثوقة أو غير الموثوقة، معلومات عن دور ابو عدس وأماكن وجوده. وعلى رغم ان المعلومات المقدمة لم تكن مثبتة في شكل مستقل، فان اياً من المعلومات لم يدعم نظرية انه كان انتحارياً وحيداً يعمل لمنظمة اسلامية متطرفة. في الواقع، رجحت المعلومات ان يكون ابو عدس استخدم من قبل السلطات اللبنانية والسورية ككبش فداء، ولم يكن مرتكباً للجريمة بنفسه. مثلاً، ادعى احد الشهود انه رأى ابو عدس في الممر خارج مكتب رستم غزالة في عنجر في كانون الاول 2004. وقال شاهد آخر ان ابو عدس محتجز الآن في سجن في سورية وسيقتل عندما ينتهي التحقيق. وبحسب هذا الشاهد، فان ابو عدس لم يكن له دور في الاغتيال الا كفخ، وشريط الفيديو سجل تحت التهديد بمسدس قبل 45 يوماً من الجريمة. وافاد لاحقاً ان الجنرال آصف شوكت اجبر ابو عدس على تسجيل الشريط قبل 15 يوماً من الجريمة في دمشق. وأضاف الشاهد نفسه ايضاً ان الشريط اعطي لقناة "الجزيرة" بواسطة امرأة تدعى "ام علاء". شاهد آخر افاد انه في اليوم الذي تلى يوم الاغتيال، أصر العميد فيصل رشيد على ان القضية حُلت وان منفذ الاغتيال هو ابو عدس في عملية انتحارية وان جثته ما زالت في
مسرح الجريمة. وافاد زهير الصديق انه في مطلع شباط 2005، رأى ابو عدس في مخيم تدريب في منطقة الزبداني السورية، وان معلوماته هي ان ابو عدس خطط في الاساس لتنفيذ الاغتيال لكنه غيَّر رأيه في اللحظة الاخيرة. وقال ان ابو عدس قتل بعد ذلك بواسطة السوريين، وان جثته وضعت في عربة تحتوي القنبلة وهكذا فجرت في مسرح الجريمة.
179­- حتى الآن، لم يُعثر على دليل حمض نووي في ساحة الجريمة يمكن ربطه بابو عدس.
180­ - على رغم مرور اشهر من التحقيقات التي تجريها لجنة التحقيق والسلطات اللبنانية، يبقى ابو عدس شخصية غامضة. بعض النقاط المهمة ما زال يمكن القيام بها، في ما يتعلق بتحقيق ابو عدس.
181­ - بخلاف شريط الفيديو نفسه الذي لا شك في أنه يعود لأبو عدس، ليس هناك اي دليل يدعم فكرة انه نفذ الجريمة من خلال تفجير انتحاري. ليس هناك دليل، بخلاف ادعاء الشريط نفسه، الى وجود مجموعة تسمى "النصرة والجهاد" في سورية الكبرى. ليس هناك معلومات عن مجموعة كهذه من اي مصادر علنية قبل 14 شباط 2005، فمثلاً لا السلطات اللبنانية ولا اصدقاء ابو عدس ومعارفه يبدو انهم سمعوا بهذه الجماعة قبل يوم الاغتيال. ولم يكن لدى اي من السلطات الامنية في الدول المجاورة التي طلبت منها اللجنة معلومات عن الاغتيال، اي علم بهذه الجماعة. اكثر من ذلك، فان اختفاء ابو عدس في 16 كانون الثاني 2005 لم يفسر بطريقة تنسجم مع نظرية انه سيكون مفجراً انتحارياً بعد شهر. ويلاحظ ان أحداً من الذين عرفوا أبو عدس لم يعتبر انه مؤهل لارتكاب جريمة من هذا النوع، بحسب طبيعته ومستوى ذكائه. في النهاية، وعلى رغم ان هناك دائماً احتمال عدم العثور على اثر للحمض النووي لمفجر انتحاري يفجر عبوة ناسفة ضخمة، من الملاحظ ان ليس هناك اثر للحمض النووي لأبو عدس في مسرح الجريمة ولا اي دليل آخر، شاهد مثلاً على انه كان موجوداً في مسرح الجريمة وقت الجريمة.
182- أحد أوجه التحقيق حتى تاريخه واضح: الكثير من المعلومات حول ابو عدس واختفائه يشير الى سورية. فسجل السفر الغريب لخالد طه، الذي يشير الى دخوله الى لبنان من سورية قبل يوم من اختفاء ابو عدس، وكذلك محاولته للتغطية على وجوده في سورية من طريق القول ان الرسائل الالكترونية جاءت من تركيا بينما في الحقيقة جاءت من سورية، هي مؤشرات من نوع الادلة على ان سورية متورطة باختفاء ابو عدس والذي لا يمكن اعتباره مجرد مصادفة. اكثر من ذلك، المعلومات الغامضة الموحدة حول "محمد" تشير الى انه على الارجح سوري، والعودة المفاجئة من سورية لصديق ابو عدس المفضل السوري زياد رمضان بعد قليل من استجوابه من قبل السلطات اللبنانية، كلها امور تشير الى علاقة لسورية في اختفاء ابو عدس. اخيراً، الكثير من معلومات المصدر المتعلقة بمصير ابو عدس تشير الى سورية والمسؤولين السوريين وبعض المسؤولين اللبنانيين. وصحيح ان بعض معلومات هذا المصدر تم تأكيدها في شكل مستقل فقط، لكن من المهم ان لا معلومات تشير الى اي كائن آخر بكونه متورطاً باختفاء ابو عدس او انه كان انتحارياً. على رغم ان ذلك ليس قاطعاً، فان تلك الارتباطات المتكررة لسورية تحتمل
تحقيقات اضافية.
استنتاج:
ليس هناك دليل على ان ابو عدس ينتمي الى جماعة "النصرة والجهاد في بلاد الشام" كما ادعى شريط "الجزيرة"، ولا حتى ان جماعة كهذه موجودة الآن. لا مؤشرات (غير الشريط) الى انه قاد شاحنة مملوءة بالمتفجرات قتلت الحريري. الدليل يظهر ان من المرجح ان ابو عدس غادر منزله في 16 كانون الثاني 2005، وأُخذ، طوعاً او كرهاً، الى سورية، حيث اختفى منذ ذلك التاريخ.
2 تحليل الاتصالات الهاتفية
183 أحد أهم جوانب التحقيق كان في تحليل الاتصالات الهاتفية، ثم استخدام برنامج خاص لتحليل وتحقيق الاتصالات الهاتفية مع أمور تم التعرّف اليها بأنها الأهم للتحقيق ما سمح للجنة التحقيق بالوصول إلى نتائج منظورة مع عدد محدود من العاملين وفي وقت محدود. المساعدة من قبل شركات الهاتف والسلطات كانت مهمة لجعل التحليل مؤثراً.
المعلومات نفسها حول الخطوط الأرضية تم توفيرها للجنة من خلال وزارة الاتصالات، هذا التعاون كان ذا قيمة بحيث سمح للمحققين بتحليل اتصالات محددة لمشتركين ومعرفة كيفية القيام باتصالات بين مجموعات محددة من المشتركين.
اللجنة طلبت معلومات حول ما مجموعه 2235 مشتركاً وحصلت على معلومات في شأن حولى 70195 مخابرة هاتفية.
تحليل الاتصالات الهاتفية التي كانت مهمة في تحقيق تقدم وإجراء ربط مع العناصر الأساسية سيتواصل ليكون جزءاً رئيسياً من مجريات التحقيق.
184 بحسب غسان بن جدو، مدير مكتب "قناة الجزيرة"، تلقت "الجزيرة" أربعة اتصالات بعد ظهر 14 شباط قبل بث شريط أبو عدس، وبينت التسجيلات ورود ثلاثة اتصالات فقط للجزيرة بعد ظهر ذلك اليوم الساعة 11:14 و27:15 و04:17.
185 لم يكن ممكناً تحديد وقت ومصدر الاتصال الرابع بقناة الجزيرة.
186 ليلى البسام التي تعمل لحساب وكالة "رويترز" أفادت أنهم (رويترز) تلقوا اتصالاً هاتفياً واحداً في 14 شباط حول ادعاء أبو عدس مسؤوليته عن التفجير وبينت التسجيلات ان الاتصال حصل الساعة 11:14.
187 بينت السجلات الهاتفية أنه تم استخدام نفس البطاقة المدفوعة سلفاً للاتصال ب "رويترز" و "الجزيرة" في كل الاتصالات الواردة أعلاه، تم اصدارها في بيروت، نجار، في العاشر من شباط 2005.
الاتصالات بالجزيرة ورويترز تم استخدامها من أربعة أكشاك هاتف في بيروت تقع معظمها قرب الاسكوا في وسط بيروت وعلى بعد نحو كيلومترين من ساحة الجريمة، هذه البطاقات استخدمت فقط للاتصال بالجزيرة ورويترز ولا توجد سجلات عما إذا تم استخدام البطاقات في اتصالات أخرى.
188 شريط اعتراف أبو عدس بارتكاب الجريمة، وضع مباشرة أمام مبنى الاسكوا، حصلت لجنة التحقيق وشاهدت شرائط المراقبة التلفزيونية من الاسكوا بتاريخ 14 شباط في محاولة للتعرف الى الأفراد والآليات التي تم استخدامها لوضع الشريط في مكانه وللاتصالات الهاتفية بالجزيرة.
بعد مشاهدة الصور تبيّن أنه ليس من الممكن التأكد بوضوح من أي مركبة أو شخص يقترب من الشجرة المقابلة لمبنى الاسكوا من خلال الشريط.
أعضاء من لجنة التحقيق استجوبوا حراسا من شركة"PROTECTION" للأمن المسؤولة عن تأمين الحماية والأمن في مواقف السيارات المجاورة للاسكوا ومبنى الجزيرة الواقعين في وسط بيروت. لكن أياً من حراس الأمن المستجوبين الذين كانوا في الخدمة في ذلك اليوم لم يلحظ أية حركة غير اعتيادية تتعلق بوضع آلة على الشجرة مقابل مبنى الاسكوا.
استنتاج
لم يكن ممكناً حتى اللحظة التعرف الى الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن الاتصال ب "الجزيرة"، و "رويترز" في الرابع عشر من شباط أو الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن شريط السيد أبو عدس.
3 استخدام بطاقات الهاتف المدفوعة سلفاً:
189. حصل قاضي التحقيق الياس عيد على كل تسجيلات الاتصالات الهاتفية مع "الجزيرة" في 14 شباط 2005، واطلع عليها. واعتبر القاضي عيد ان اتصالاً واحداً من هاتف خليوي مع "الجزيرة"، مهم على وجه الخصوص: اتصال ب "الجزيرة" من بطاقة مدفوعة سلفا في تمام الساعة 70:10 ليل 14 شباط. وتلقى خط البطاقة المدفوعة سلفا هذا اتصالا هاتفيا بعد دقيقة من التفجير، من غرفة هاتف في طرابلس قرب مبنى تتمركز فيه الاستخبارات السورية. وفي 30 كانون الثاني، حصل اتصال هاتفي على الخط الثابت في منزل السيد ابو عدس، من غرفة الهاتف نفسها في طرابلس.
190. حصلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة على تسجيلات المكالمات الهاتفية لرقم البطاقة المدفوعة سلفا (03925152) استنادا الى هذه المعلومات من القاضي عيد، واطلعت عليها. وكشف تحقيق اللجنة حتى الآن، انه عندما لا يكون هناك مشترك معروف، تحمل البطاقة الاتصالات المهمة. وفي 8 شباط 2005، مثلا، أجرى هذا الخط الهاتفي اتصالا مع رقم يملكه طارق عصمت فخر الدين. والسيد فخر الدين، وهو رجل أعمال معروف، مرتبط وقريب من رئيس الوزراء حينها، عمر كرامي. وأجرى طارق فخر الدين أيضاً، بعد ساعات على التفجير، اتصالات مع الجنرال مصطفى حمدان والجنرال ريمون عازار والجنرال علي الحاج والضابط في الاستخبارات السورية جامع جامع.
وكذلك، أجرى اتصالاً هاتفياً مع ابن اخيه رائد فخر الدين في الساعة 37:13 في 14 شباط 2005. ورائد فخر الدين هو مشتبه في انه اشترى البطاقات الهاتفية المدفوعة سلفا التي استخدمت لتنظيم الاغتيال. وأجرى الخط الهاتفي أيضاً اتصالات مع خط هاتفي آخر، كان يتصل بهاتف رائد فخر الدين الخليوي في كانون الأول 2004، وكانون الثاني وشباط وآذار 2005.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.