اعتبر رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، في بيان أصدره، أمس الخميس، حكومة سعد الحريري مستقيلة, طالبا منها الاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة, حسب ما أفاد بيان صادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية. وجاء في البيان الذي وزع على وسائل الإعلام أن الرئيس اعتبر الحكومة مستقيلة "عطفا على أحكام (...) الدستور المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة..., ونظرا لان الحكومة فقدت أكثر من ثلث أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها". وطلب الرئيس "من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة". وقدم احد عشر وزيرا بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه استقالاتهم من الحكومة أول أمس الأربعاء, ما تسبب بسقوط الحكومة. وكانت حكومة الوحدة الوطنية تتألف من ثلاثين وزيرا. وينص الدستور على اعتبار الحكومة مستقيلة حكما في حال استقالة أكثر من ثلث أعضائها. وكانت الحكومة شكلت في نوفمبر2009 . ويفترض أن يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية جديدة من اجل تكليف شخصية سنية تشكيل حكومة جديدة. وتأتي الاستقالة بعد بلوغ الأزمة المستحكمة بين الطرفين السياسيين الأساسيين في الحكومة حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري إلى طريق مسدود, وتنذر التطور بتعميق الأزمة. من جهة أخرى، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، أمس الخميس، الأطراف اللبنانيين إلى إيجاد "حل تفاوضي" للازمة الناجمة عن سقوط الحكومة اللبنانية اثر استقالة11 وزيرا منها بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه. وقالت آشتون في بيان "أدعو جميع الفرقاء السياسيين إلى العمل بشكل بناء على إيجاد حل تفاوضي للوضع" الناجم عن سقوط حكومة سعد الحريري. وإذ أعربت آشتون عن "قلقها" من الوضع في لبنان, أكدت أن "الحوار والاستقرار أساسيان" في الظروف الراهنة "لما فيه مصلحة الشعب اللبناني". و"جددت" آشتون "دعم" الاتحاد الأوروبي "لحكومة الوحدة الوطنية" التي انهارت أول أمس الأربعاء، باستقالة11 من وزرائها الثلاثين. وتخوفت الصحف اللبنانية الصادرة، أمس الخميس، من أزمة طويلة الأمد ستخيم على لبنان بعد سقوط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري, دون أن يكون في إمكانها الجزم بما ستؤول إليه الأمور في المدى المنظور. وكتبت صحيفة "النهار" القريبة من فريق رئيس الحكومة المستقيلة أن "أحدا لا يتملكه وهم بان الأزمة المفتوحة ستفضي إلى نهايات قريبة خصوصا أن المعارضة جعلت إسقاط الحكومة ضربة استباقية للمحكمة قبل إصدارها قرارها الاتهامي", مؤكدة أن "الأزمة ستطول كثيرا". كما توقفت النهار عند "الاستنفار الدولي" الذي تلى إعلان سقوط الحكومة والمواقف، التي صدرت لتأكيد دعم سعد الحريري والمحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده رفيق الحريري والتي كانت السبب في وصول الأزمة إلى طريق مسدود. وعنونت صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة بالفرنسية بخط عريض "أزمة مفتوحة". وكتبت صحيفة "الأخبار" القريبة من حزب الله أن الوزراء المستقيلين "ومعهم كل اللبنانيين يتجرعون الكأس المرة التي تدخل البلاد في متاهة جديدة لا سين سين تخفف من وطأتها ولا دوحة2 تنقذها". وجاءت استقالة عشرة وزراء يمثلون حزب الله وحلفاءه ووزير حادي عشر محسوب على رئيس الجمهورية التوافقي اثر فشل المساعي السورية السعودية القائمة منذ اشهر من اجل إيجاد حل للازمة اللبنانية. وشهد لبنان أزمة حكومية بين نوفمبر 2006 حتى ماي 2008 بعد انسحاب خمسة وزراء شيعة وسادس مسيحي من الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة آنذاك على خلفية خلاف حول إقرار نظام المحكمة الدولية. وتطورت الأزمة إلى معارك في الشارع بين أنصار فريقي حزب الله وسعد الحريري في ماي 2008 تسببت بمقتل أكثر من مئة شخص واستدعت عقد مؤتمر حوار وطني في الدوحة جرى خلاله التوصل إلى تسوية. وأكدت صحيفة "ديلي ستار" الناطقة بالانكليزية ان "الشكوك تخيم على لبنان", مشيرة إلى أن البلاد "تغوص أكثر في حالة انعدام الاستقرار مع انهيار حكومة سعد الحريري". وكتبت "السفير" القريبة من قوى 8 آذار، التي تسببت استقالة وزرائها بسقوط الحكومة أن "لبنان دخل في مرحلة جديدة ستكون مفتوحة على أزمة سياسية وحكومية عميقة وطويلة الأمد", متوقفة عند توقيت الاستقالة "البليغ برمزيته" كون "الحريري خسر حكومة الوفاق على باب... أوباما". وتساءلت صحيفة "اللواء" القريبة من الأكثرية النيابية إذا كانت "الأزمة السياسية المفتوحة ستسحب نفسها على الوضع الأمني في البلد وبالتالي العودة إلى الاضطرابات الأمنية والمرحلة التي كانت عليها في الأعوام الماضية التي تبعت اغتيال الرئيس رفيق الحريري", مشيرة إلى أن "هذا السؤال شغل الناس وسط أجواء عارمة من القلق".