الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    المنتقدون يؤكدون أن المدير الجهوي يساهم في اتساع دائرة الاحتقان .. ستّ نقابات تدعو لاعتصام بمقر المديرية الجهوية للصحة بجهة الدار البيضاء سطات    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    دراسة تؤكد انقراض طائر الكروان رفيع المنقار، الذي تم رصده للمرة الأخيرة في المغرب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرائن نصرالله: معطيات مضللة أم أدلة تفتح آفاقا جديدة للتحقيق
معركة البحث عن حقيقة اغتيال رفيق الحريري
نشر في العلم يوم 16 - 08 - 2010

مع بداية صيف سنة 2010 وبعد زهاء خمس سنوات ونصف على إغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري ظهر يوم الاثنين 14 فبراير 2005 في انفجار عنيف جدا عند مرور موكبه قرب فندق سان جورج في بيروت مما أدى الى مقتله وسقوط 22 قتيلا وجرح حوالي 100 شخص، عادت القضية لتتصدر الأخبار ولتصبح موضوع جدل وتبادل للإتهامات وعامل زعزعة للتوازن السياسي الهش في لبنان.
في ذلك اليوم الذي قتل فيه الحريري وقبل أن تمضي خمس ساعات على التفجير وحتى قبل أن تظهر التحقيقات أي معطيات، وجهت القوى اليمينية في لبنان حسب التصنيف الأمريكي وإسرائيل الاتهام الى سوريا وطالبت مع أمريكا وفرنسا بإنسحاب القوات السورية من لبنان وفتح تحقيق دولي حول العملية.
خلال الأشهر الطويلة التالية ركز الضغط على نظام دمشق، ولوحت الإدارة الأمريكية خاصة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بالقيام بعمل عسكري ضد سوريا كما فعلت قبل ذلك سنة 2003 ضد العراق. وتمكنت واشنطن وتل أبيب مع تحالف ضم فرنسا وعدة دول غربية من إجبار دمشق على سحب قواتها من لبنان. وجاءت في تلك الأثناء الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في يوليو 2006 ولكنها فشلت في تحقيق الأهداف التي خططت لها.
وسيلة ضغط
في الفترة الممتدة من سنة 2006 وحتى قرب مغادرة بوش وطاقمه من المحافظين الجدد للبيت الأبيض تفاوت حجم الإستخدام الأمريكي لقضية الحريري لإبتزاز حكام دمشق، غير أن الإدارة الأمريكية شهدت مع مرور الأيام وبقدر كبير من الإحباط، عودة قوية للنفوذ السوري إلى بيروت وتقلب التحالفات الداخلية اللبنانية لمصلحة من تعتبرهم خصومها.
العديد من الملاحظين اعتبروا في ذلك الحين أن الاتهامات الموجهة الى دمشق هي عبارة عن خليط من عملية لتصفية الحسابات وصيد في المياه العكرة لتنفيذ أهداف معينة، وأشاروا أن الحريري لم يكن خصما لسوريا في لبنان بل أن الغربيين وخاصة فرنسا وامريكا اعتبروه بدون رضى وسيطا ورابطا بين ما يسمى بالمعارضين والموالين لسوريا في لبنان. والغريب أن اقلية صغيرة فقط تحدثت عن أمكانية تورط اسرائيل او امريكا او حتى قوى لبنانية معادية لتوجهات الحريري.
بعد إغتيال الحريري بفترة قصيرة شرح النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عزمى بشارة وجهة النظر هذه وفند الاتهامات الإسرائيلية لسوريا بإمكانية ضلوعها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق مؤكدا أن ارتكاب عمل من هذا النوع لا ينسجم مع أسلوب التفكير السوري. وقال بشارة في تصريحات نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يوم الثلاثاء 15 فبراير 2005 إن المصلحة السورية توجب فرض الاستقرار في لبنان، واغتيال الحريري يسير في عكس هذا الهدف، مشيرا إلى أنه أثيرت تساؤلات حول الجهات التي لها مصلحة في تسليط الضوء على سوريا بالذات في هذا الوقت. وأوضح أن هناك قوى إقليمية ودولية أخرى غير سوريا لها مصلحة في التعرض للحريري وزعزعة الاستقرار في لبنان بسبب الجدل المحتدم في الأمم المتحدة حول قرار مجلس الأمن رقم 1559 والذي يطالب بسحب القوات السورية من لبنان.
وأضاف بشارة إنني لا أوجه الاتهامات وليس لدي إثباتات لكنني لا ألغي بشكل قطعي احتمال تورط إسرائيل أو الولايات المتحدة في العملية. وأكد إن سوريا هي آخر جهة معنية بوقوع مثل هذه الأفعال لأنها تسعى لوضع العقبات أمام تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 في حين أن اغتيال الحريري يسهل مهمة المطالبين بتنفيذ هذا القرار.
ورغم هذه العثرات قدرت واشنطن أنه يبقى في يدها سلاح ضغط هام وهو المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت بقرار من مجلس الامن الدولي عام 2007، وبدأت عملها في الاول من مارس 2009 في لاهاي. وهي مكلفة النظر بجريمة اغتيال الحريري وسائر الجرائم التي تلتها والتي يحتمل ان تكون مرتبطة بها.
مقال «دير شبيغل»
مع بدء موسم صيف 2010 راجت أخبار عن أن التحقيقات حول إغتيال الحريري تسير على طريق يقود إلى إتهام حزب الله بتدبير العملية.
يوم الأحد 24 مايو 2010 قالت مجلة «دير شبيغل» الألمانية إن اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري تملك أدلة على تورط حزب الله في عملية الاغتيال.
واستنادا إلى معلومات قالت المجلة إنها حصلت عليها من «مصادر قريبة من المحكمة، وتم التحقق منها عبر الاطلاع على وثائق داخلية»، فإنه «بعد أشهر طويلة من التحقيق العميق توصل المحققون إلى خلاصة جديدة هي أن: السوريين لم يخططوا وينفذوا (عملية اغتيال الحريري)، بل القوات الخاصة التابعة لتنظيم حزب الله اللبناني»، بحسب النسخة الإنجليزية من المجلة الألمانية، غير أن دير شبيغل لم تذكر إن كانت المحكمة برأت سوريا من التهمة بالفعل أم لا.
وأضافت المجلة أن مدعي المحكمة الخاصة بلبنان، الكندي دانيال بلمار، وقضاتها الآخرين يحاولون على ما يبدو «التكتم» على المعلومة التي نقلت إليهم قبل نحو شهر، ونفت جهات في المحكمة الخاصة بلبنان تسريب أي معلومات ل»دير شبيغل»، كما رفض مكتب بلمار التعليق على مضمون التحقيق الجاري.
وبشيء من التفصيل قالت المجلة في تقريرها إن قائد الجناح العسكري لحزب الله في جنوب بيروت، الحاج سالم (45 عاما)، هو العقل المدبر للعملية، ويصفه التقرير بأنه ذلك «الشيعي المتعصب الذي يقدم التقارير المتعلقة بوحدة العمليات الخاصة مباشرة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله».
تصفية المحقق اللبناني الرئيسي
ووفقا للتقرير فإن القيادي في حزب الله عماد مغنية كان يدير هذه الوحدة حتى تاريخ اغتياله في 12 فبراير 2008 بدمشق، ومنذ ذلك الوقت تولى سالم هذه المهمة مع أحد أقارب مغنية ويدعى مصطفى بدر الدين، والذي يعمل نائبا له.
وجاء في تقرير المجلة الألمانية أن «الرجلين يقدمان تقاريرهما فقط إلى نصر الله، وإلى الجنرال قاسم سليماني مسئول الاتصال في طهران».
أما عن المسئول عن التنفيذ، بحسب المجلة الألمانية فهو «عضو الحزب عبد المجيد علوش الذي تولى شراء الهواتف النقالة التي استخدمت لتنسيق وتنفيذ الاغتيال، كما أنه هو الذي حصل على السيارة الميتسوبيشي البيضاء التي استخدمت في التفجير».
وتقول المجلة إنه بعد «عدة أشهر من العمل المضني الذي قامت به وحدة خاصة داخل قوات الأمن اللبنانية برئاسة النقيب وسام عيد تمكنت تلك الوحدة من تحديد أرقام الهواتف النقالة التي استخدمت في المنطقة التي تحيط بتحركات الحريري خلال الأيام التي سبقت تنفيذ الجريمة ويوم تنفيذها.
وأضافت: «حددت الوحدة الأمنية اللبنانية أرقام 8 هواتف جوالة استخدمت في اللحظات التي سبقت الجريمة لتنسيق عملية الاغتيال، وعلمت الوحدة أن الهواتف الجوالة تم شراؤها جميعا في يوم واحد من مدينة طرابلس، وتشغيلها قبل 6 أسابيع من الانفجار، واستخدمت للاتصالات بين منفذي الهجوم، ثم توقف استخدامها بعد الحادث».
وحددت الوحدة أيضا شبكة ثانية من 20 جوالا كانت على اتصال بالثمانية السابقين، ووجدت قوات الأمن اللبنانية أن كل أرقام تلك الهواتف تخص الذراع الأمنية لحزب الله، بحسب المجلة.
وأضافت أن: «بعض المرفقات الرومانسية» لأحد من أسمتهم ب»الإرهابيين» قادت المحققين مباشرة إلى أحد أبرز المشتبه بهم، حيث قالت: «لقد ارتكب عضو حزب الله علوش خطأ فادحا بالاتصال على صديقته من أحد هذه الهواتف الساخنة.. لقد حدث ذلك مرة واحدة، إلا أنها كانت كافية لتحديد هوية الرجل».
واختفى علوش منذ ذلك الوقت، ومن المحتمل أنه ليس على قيد الحياة الآن، وفقا لتقدير المجلة الألمانية.
وجاء في تقرير دير شبيغل أن «المحقق اللبناني الرئيسي والبطل الحقيقي الذي قاد إلى هذه المعلومات الجديدة لم يعش حتى يشهد العديد من المفاجآت الأخيرة في القضية»، في إشارة إلى اغتيال النقيب وسام عيد المسئول عن وحدة التحقيق اللبنانية في هجوم بضواحي بيروت في 25 يناير 2008، قال عنه التقرير إنه كان بهدف إبطاء سير التحقيقات، مضيفا أن «هناك دليلا على تورط القوات الخاصة لحزب الله في هذه العملية أيضا».
أما عن لماذا «تورط» حزب الله في الاغتيال، ففي تقدير المجلة الألمانية فإن رفيق الحريري، صاحب النفوذ السياسي والمالي القوي في لبنان، كان من أشد معارضي وجود سوريا (حليف حزب الله) عسكريا في لبنان، فضلا عن زعامته الكاريزمية لطائفة السنة في البلاد، والتي كانت تؤهلها لتصبح منافسا قويا في حلبة السياسة مع الطائفة الشيعية.
«غرفة سوداء»
وفي رد على ما ورد في تقرير المجلة، قال حزب الله في بيان أصدره بعد صدور المجلة بساعات إن تلك الاتهامات «فبركات بوليسية تصنعها الغرفة السوداء ذاتها التي دأبت على مدى 4 سنوات على فبركة روايات مشابهة تتعلق بالسوريين وغيرهم»، مشيرا إلى أنها «ليست المرة الأولى التي تعمد فيها مجلة أو صحيفة إلى نشر تلفيقات من هذا النوع».
وكان يشير بذلك إلى اتهامات لسوريا بالتورط بعملية الاغتيال وإلى 4 من كبار الضباط اللبنانيين اعتقلوا نحو 4 سنوات للاشتباه أيضا بتورطهم بهذه العملية، لكن جرى الإفراج عنهم أواخر أبريل 2010 بأمر من المحكمة الدولية.
والضباط الأربعة هم القائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان (53 عاما)، والمدير السابق لمخابرات الجيش اللبناني العميد ريمون عازار (56 عاما)، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد (58 عاما)، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج (52 عاما).
واعتبر البيان أن نشر هذا المقال في «دير شبيغل» هو أمر مشبوه في توقيته وتوظيفاته السياسية والنفسية.. حيث تهدف إلى التأثير على الأجواء الانتخابية في لبنان، والتغطية على أخبار وعمليات اعتقال شبكات التجسس الإسرائيلية» التي كشفتها السلطات الأمنية اللبنانية مؤخرا.
ومن جانبه رفض ناطق باسم رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، أحد قادة الأكثرية النيابية اللبنانية ونجل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، التعليق على تقرير الصحيفة الألمانية بشأن تورط حزب الله في والده، مؤكدا أن التعليق ينحصر بالمعلومات التي تصدر عن المحكمة الخاصة بلبنان.
وردا على سؤال لوكالة الأنباء الفرنسية قال هاني حمود الناطق باسم الحريري: «لا نعلق على أي معلومات صحفية أو أخرى ما لم تكن المعلومات صادرة عن المحكمة الدولية الخاصة» بمحاكمة المتهمين باغتيال الحريري.
مصدر المعلومات
من جهته قال وزير الخارجية اللبناني، فوزي صلوخ: إن هذه الاتهامات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وليست مرتكزة على أسس قانونية، إنما هي اتهامات مشوهة ومزورة.
وأضاف صلوخ في تصريح للصحفيين عقب محادثات مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق: «اليوم أصدرت محكمة التحقيق الدولية المختصة بلبنان بيانا سألت دير شبيغل عن المصدر الذي زودها بهذه المعلومات الكاذبة».
وتابع: «كان عليها أن تتحقق من الخبر الذي ستنشره، وعليها أيضا أن تحترم قراءها، خلال أربع سنوات من التحقيق لم يستدع أي عنصر من عناصر حزب الله للتحقيق معه، فمن أين جاءت ديرشبيغل بهذه المعلومات؟».
ومعقبة على ما نشرته المجلة، قالت ناطقة باسم المحكمة الدولية: إن المحكمة «لا تعرف من أين جاءت دير شبيغل بمعلوماتها عن تورط حزب الله في هذا الاعتداء».
في المقابل، دعت إسرائيل إلى إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نصر الله، وقال وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان للصحفيين في القدس المحتلة: إن «ما نشرته دير شبيغل حول ضلوع نصر الله المباشر في اغتيال الحريري يجب أن يثير قلق المجتمع الدولي بأكمله». وأضاف ليبرمان: «يجب إصدار مذكرة اعتقال دولية بحقه، وألا فيجب اعتقاله بالقوة».
مؤتمر 9 أغسطس
يوم الإثنين 9 أغسطس 2010 عقد زعيم حزب الله مؤتمرا صحفيا استغرق ساعتين ونصف في الضاحية الجنوبية لبيروت وجه فيه الإتهام إلى الكيان الصهيوني بإغتيال الحريري. وقدم «معطيات» عن «مصلحة إسرائيل ودوافعها وامكاناتها للقيام بذلك»، مستعينا باعترافات لعملاء لإسرائيل قاموا بعمليات استطلاع ميدانية لحركة شخصيات سياسية وحزبية لبنانية من غير حزب الله ونقلوا مجموعات كوماندو إسرائيلية إلى لبنان بقوا لأسابيع وعادوا عبر البحر كما ادخلوا حقائب تحمل اسلحة ومواد لوجستية وسيطروا على شبكة الهاتف الخليوي»، واوقفوا خلال عامي 2009 و2010»، سائلا عن سبب عدم استجوابهم من قبل لجنة التحقيق الدولية.
وعرض حسن نصرالله ما وصفه بأنه «مؤشرات ومعطيات» لاتهامه إسرائيل، تستند في شكل أساسي الى صور رصد جوي من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لطرقات في بيروت بينها طريقان يسلكهما عادة موكب الرئيس الراحل، معتبرا أنها قرائن الى هذا الاتهام.
واعتبر نصرالله، الذي تحدث في مؤتمر صحافي من شاشة عملاقة، جرى خلاله عرض أفلام عن الصور الجوية، أن ما قدمه يأتي في إطار ما سماه «معركة رأي عام»، وأنه يفتح آفاقا في التحقيق في الجريمة، لكنه رفض تقديم ما لديه من معطيات الى الادعاء العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان «لأن لجنة التحقيق الدولية غير مؤتمنة على القضية» مؤجلا تقديم أدلته بناء على هذا الموقف منها.
وأبدى استعدادا لتقديم ما لديه من معطيات. وتحدث عن أن أمن «حزب الله» رصد تحركا لعميل إسرائيلي يدعى غسان الجد كان موجودا في مكان جريمة اغتيال الرئيس الحريري قبل يوم من الجريمة أي في 13 فبراير 2005 واعدا بتقديم الدليل عنه «إذا أصبحت هناك لجنة تحقيق جدية».
كشف سر
الملاحظون أشاروا إلى أن نصرالله كشف خلال مؤتمره «سرا» يتعلق بقدرة المقاومة على التقاط بث طائرات إسرائيلية الصور التي تلتقطها وهي في الجو وترسلها مباشرة الى غرفة العمليات الإسرائيلية، وشرح عملية الإنزال الإسرائيلية في بلدة أنصارية عام 1997، وكيف أن الحزب استطاع من خلال التقاط الصور التي تبثها طائرة «ام كا» إفشال الهجوم الصهيوني.
وتناول نصرالله «حادثة الثالث عشر من سبتمبر سنة 1993، يومها كان توقيع اتفاق أوسلو ونظم حزب الله تظاهرة في الضاحية الجنوبية عارضتها الحكومة برئاسة الرئيس الحريري، وأطلقت النار وسقط 10 شهداء و50 جريحا وحصل توتر سياسي مع الرئيس رفيق الحريري ودخل الإسرائيليون على هذا الخط ومن خلال أحد عملائهم الذي اتصل بالرئيس الحريري عبر أحد مساعديه وعمل على إقناعه بأن حزب الله يريد اغتياله ووجه الاتهام الى عماد مغنية».
وعرض تسجيل صوتي لاعترافات العميل نصرالله. وقال: «هذا شاهد على بدايات التلفيق الإسرائيلي وإشباع ذهن الرئيس الحريري بهذا الأمر، بطبيعة الحال نفترض ان الرئيس الحريري أبلغ آخرين غير اللواء غازي كنعان لأن هذا الأمر لا يمكن السكوت عليه وهكذا تمكن الإسرائيلي ان يزرع في أذهان كثيرين وجود مؤامرة من هذا النوع. ووجدنا أن الإسرائيليين في 14 فبراير 2005 سارعوا الى اتهامنا منذ البداية وبقوا على هذا الاتهام وصولا الى دير شبيغل وما بعد.
بعد يومين على المؤتمر الصحفي لحسن نصر الله، قال التليفزيون الاسرائيلي إن حزب الله كشف أن لديه القدرة على اختراق نظام الاتصالات الخاص بالطائرات الاسرائيلية من دون طيار والتي تطلق عليها اسرائيل اختصار «مازلات».
وفي تقرير بثته القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي ذكر أكثر من جنرال احتياط: على ما يبدو ان حزب الله كان تمكن من اختراق اتصالاتنا خلال عملية الانزال في موقع انصارية وتمكن من ابادة الكوماندوز الاسرائيلي حينها.
وأضافوا بقولهم» على ما يبدو كان حزب الله قد اخترقنا وأن كل طفل كان يعرف أسرار العملية ونحن لا ندري عن ذلك شيئا» ثم تساءل احد الجنرالات: لا أعرف ماذا سنقول لعائلات القتلى من الكوماندوز.
كما أشار الجنرال غابي أوفير الذي ترأس لجنة التحقيق في واقعة أنصارية الذي سقط فيه 12 من جنود وضباط وحدة الكوماندوس البحري، إلى أن أقوال نصر الله «قد تكون صحيحة».
وأوضح أوفير في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه لا ينبغي إنكار احتمال أن تكون صور طائرات إسرائيلية من دون طيار قد وصلت إلى «حزب الله» وأتاحت له الاستعداد لنصب كمين للجنود.
وعلى المستوى الرسمي الإسرائيلي رفضت إسرائيل اتهامات حسن نصر الله حول إغتيال الحريري وقال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية إن «المجتمع الدولي والعالم العربي والأهم شعب لبنان يعرفون أن هذه الاتهامات ببساطة هي سخيفة».
نوايا بيلمار
المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار تلقف مضمون المؤتمر الصحافي لنصر الله، وطلب من السلطات اللبنانية تزويده بكل المعلومات الموجودة لدى حزب الله، واعدا بتقييمها تقييما دقيقا. ولفت بيان صحافي صادر عن مكتبه إلى أنه «يتابع تحقيقه وفقا لأرقى معايير العدالة الدولية وبطريقة حيادية وموضوعية» وقال: «قدم نصر الله قرائن ومعطيات للمساعدة في التحقيق، وندعو كل من لديه معلومات ذات صلة بالموضوع لتقديمها إلينا». ودعا بلمار نصر الله إلى ممارسة سلطته لتسهيل عملية التحقيق، التي يقوم بها مكتب المدعي العام.
صحيفة «السفير» اللبنانية ذكرت إذا كان موقف بيلمار قد أثار ارتياحا لدى العديد من الأوساط الداخلية، إلا أن ذلك لم يمنع البعض من إبداء خشيته من إمكانية أن تكون إيجابية المدعي العام الدولي «شكلية» و»تمويهية» للتغطية لاحقا على القرار الظني المرتقب وتجميله، تماما كما كانت وظيفة إطلاق سراح الضباط الأربعة.
خصوم الحريري
يوم 30 سبتمبر 2005 نشرت مقالا من بين ما جاء فيه:
لنعود قليلا الى الماضي القريب لنبحث عن دوافع اغتيال رفيق الحريري لنتعرف على المستفيدين من هذه العملية، وإذا تسنى لنا ذلك يكون وضع اليد على منفذ او منفذي الجريمة سهلا. فليس من المعقول او المنطقي أن يقتل طرف حليفه.
خصوم وأنصار رفيق الحريري وصفوه بالقومي العربي الذي يبحث عن تكتيكات جديدة وأساليب مناورة متلائمة مع وضع عالمي غير متوازن، تكرس مع بداية الألفية الثالثة، يتيح الوصول الى ما وصفه مرافقوه بالحلم العربي، مع تجنب السقوط في فخاخ الخصوم، وبالتالي تجاوز الاحباطات التي حاصرت الامة العربية.
في نهاية سنة 2004 وبينما ساد الشعور بالانكسار الأمة العربية خاصة بعد سقوط بغداد البوابة الشرقية للأمة العربية، رسم الحريري صورة متفائلة لمستقبل العالم العربي في كلمته التي القاها في الجلسة الأولى لليوم الثاني من المنتدى الاستراتيجي العربي الذي عقد في دولة الامارات العربية المتحدة.
قال رفيق الحريري ان قيام الدولة الفلسطينية ليس جائزة ترضية تمنح للفلسطينيين لحسن تصرفهم وسلوكهم، وإنما هي حق أساسي لشعب من حقه العيش في أمن وسلام كبقية شعوب العالم، لافتا إلى ان تأخير قيام الدولة من شأنه ان يؤجج الصراع ويعطي المتطرفين الذرائع لضرب جموح السلام. ورأى الحريري أنه ورغم ان الوضع الذي يعيشه العرب اليوم والذي يصيبنا بالإحباط واليأس، إلا أن الصورة ليست قاتمة.
ورسم الحريري مسارات محددة للوصول إلى المستقبل وحصرها في العمل على تحديد ملامح المستقبل عبر صياغة الاهداف المراد تحقيقها خلال الفترة المقبلة والتخطيط لمستقبل قائم على العلم والمعرفة واصلاح البيت العربي والاصلاحات الداخلية، وتجاوز الشعارات وبمطابقة الاقوال بالأفعال لكسب ثقة العالم.
وأوضح الحريري أن إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق السلام القائم على الحل العادل والشامل في المنطقة، وإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق واقامة حكم وطني فيه والحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة العراق، هما القضيتان المركزيتان اللتان ستحددان نوع المستقبل الذي ستعيشه منطقتنا في السنوات المقبلة.
وانتقد الحريري الادعاءات التي تقول إن الإسلام والديمقراطية لا يتعايشان، وقال ان الاسلام يتماشى مع الديمقراطية من خلال الأنظمة القائمة على الشريعة، وأن ما تؤمنه الديمقراطية من محاسبة وشفافية واتاحة الفرصة للشعوب للمساهمة في إدارة شؤونها هو من صلب الدين الاسلامي.
وفي ختام كلمته أكد الحريري أن أي تقاعس عن المبادرة والانتظار إلى حين أن تتغير الأمور لن يفيد على الاطلاق، وقال إذا فعلنا هذا سنجد أنفسنا فجأة في مواجهة العام 2020 ونحن لانزال نناقش كيفية تغيير واقعنا. هنا يجب التوقف قليلا لإعادة توضيح شيء اعتقد أنه في غاية الوضوح، وهي أن كل المواقف التي عبر ودافع عنها الحريري في نهاية سنة 2004 في ندوة الامارات والتي نشرتها صحيفة البيان الاماراتية بالتفصيل كانت على عكس ما تروج لها واشنطن وأنصارها عربا وعجما. هذه المواقف في غالبيتها كانت تلتقي كذلك مع ما نادت به القوى الوطنية في لبنان وكذلك المقاومة الفلسطينية.
أتخذ الحريري مواقف عاكست كل مخططات أمريكا وإسرائيل فيما يخص القضية الفلسطينية، فرفض مطلب واشنطن وتل أبيب بتوطين اللاجئين الفلسطينيين الموجودين ببلده وأصر على حقهم في العودة، تماما كما عرقل منذ سنة 1992 ما طالبته به بعض القوى المحلية والأجنبية من نزع سلاح الفلسطينيين في مخيمات لبنان.
وخلال معركة حزب الله اللبناني من أجل تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، رفض رفيق الحريري من موقعه السياسي سواء داخل الحكومة اللبنانية أو خارجها كل الدعوات للبحث عن تسوية سياسية بدل أسلوب الحرب لتسوية مشكل الاحتلال في جنوب لبنان، وبعد أن انتصر حزب الله على إسرائيل وأجبرها على الانسحاب من جنوب لبنان في مايو 2000 من دون أي مقابل رفض الحريري نزع سلاح هذا التنظيم بل أكثر من ذلك رفض مطالب أمريكا الملحة لإحلال الجيش اللبناني مكان قوات حزب الله على خطوط الهدنة مع الكيان الصهيوني وشجع على تكريس ما اصطلح على تسميته عسكريا بتوازن الرعب بين حزب الله وإسرائيل.
إهتمام أجهزة الاستخبارات
قبل أن يدخل رفيق الحريري باب السياسة من بابها الواسع في لبنان كان محل اهتمام من جانب أجهزة الاستخبارات الغربية وغيرها وخاصة الموساد الإسرائيلي والمخابرات المركزية الأمريكية وغيرهما.
وقد ورد في تقارير «للموساد» في تلك الفترة أن الحريري عبر شبكته الضخمة من الشركات، كان يقدم مساهمات مالية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأنه يرتبط بعلاقات وثيقة مع نصر الله زعيم حزب الله وياسر عرفات وجورج حبش. ولم يستقر رأي محللي الموساد حول طبيعة هذه العلاقات الخاصة إلا أن بعضهم فسر الأمر بأنه يدخل في إطار الوساطات والصفقات المنجزة في تلك الفترة حين كانت السعودية تتدخل لإيجاد تسويات للصراع الدامي في الشرق الأوسط. واستقر تحليل هؤلاء في تلك الحقبة الزمنية الى أن الحريري لم يكن في جانب من نشاطاته أكثر من واجهة لدور الرياض في الوصول لحلول في كل مشكلة مستعصية خاصة في لبنان ومحيطها المباشر.
اتهمت اسرائيل الحريري بعد أن تولى رئاسة الحكومة اللبنانية في سنة 1992 بتبني مخططات سوريا وبتسهيل حصول حزب الله على السلاح من الخارج ورفض كل وساطات للوصول الى تسوية معها بعيدا عن لغة السلاح، وكانت حينها تتصور أنها ستنتصر على المقاومة اللبنانية. كما أتهم «الموساد» الحريري في بداية سنة، 2000 وقبل أشهر من الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان بتقديم ملايين الدولارات إلى «مؤسسة الشهيد والأسير» التابعة لحزب الله والتي ترعى عائلات شهداء المقاتلين وأسراهم.
قاوم الحريري كما فعل سلفه الحص الذي كان رئيسا للوزراء وقت الاندحار الإسرائيلي من جنوب لبنان كل محاولات بعض الأطراف اللبنانية المساندة من طرف فرنسا وكذلك ضغوط إسرائيل وواشنطن لإجبار سوريا على سحب قواتها من لبنان.
كتب قارئ لصحيفة القدس التي تصدر في فلسطين المحتلة: «اقسم واجزم أنه لو حدثت معجزة ورجع الحريري حيا وقال أن إسرائيل هي التي قتلته لقالوا له اخرس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.