على طول رقعة هذا الوطن العربي، وعلى امتداد المخاضات التي مر منها إنسانه من أجل التحرر والبقاء والكينونة، نواكب هذا الحراك الذي لم يفتر يوما منذ اشتعل مع أحلام النهضة العربية المؤجلة، من خلال زاوية خاصة: زاوية الكاريكاتور ومبدعيه. في هذه السلسلة ننفتح على تجارب رسامي كاريكاتور عرب سخروا ريشاتهم وفنهم للانخراط في نهضة أمتهم، غير أن حبهم لهذا الوطن لم يكن دائما ليشفع لهم ويكف عنهم الأيدي. فكثير من فناني الكاريكاتور قدموا أرواحهم فداء لريشاتهم وأفكارهم وأحلامهم، لكن الكثير منهم أيضا ألهم القراء والمتابعين وطبع ذاكرة وتاريخ الوطن العربي. في هذه السلسلة نسترجع محطات من حياة هؤلاء وفاء لهم ولفنهم النبيل.. يدعى هاشم أحمد عبد العزيز ويسمى فنياً كاروري وينتمي إلى عقد رسامي الكاريكاتير المتلألئ في السودان الشقيقة. ولد كاروري سنة 1950 بمروي بالسودان، وتمتاز أعماله بقوة الفكرة والألوان الجميلة المتناسقة والخطوط المنفذة بعناية فائقة. تلقى كاروري تكوينا لمدة عامين بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وانتقل للعمل بصحيفة «الصحافة» في الفترة ما بين عامي 1972 و1976، ثم التحق بعد ذلك بمؤسسة «المدينة للصحافة» بالسعودية من عام 1976 إلى1987. وقد نال جائزة عثمان علي حافظ، التي تقدمها جريدة «الشرق الأوسط» كأفضل رسام كاريكاتير في العالم العربي عام 1994، عن أعماله التي نشرت بصحيفة «المدينة» السعودية، ثم نال جائزة المجلس القومي للصحافة كأفضل رسام كاريكاتير في السودان عام 1999. ترجمت أعمال كاروري الكاريكاتيرية إلى أغلب اللغات الحية. كما كانت الصحف والمجلات العربية تنقل رسوماته بصورة يومية عن صحيفة «المدينة» السعودية، و شارك في العرض الدولي لرسامي الكاريكاتير العالميين في بلغاريا. كانت صحيفة «واشنطن بوست» تنشر أعمال هاشم كاروري باللغة الإنجليزية. كما تعاون الفنان السوداني مع مؤسسة الأهرام المصرية لإصدار صحيفة «كاريكاتير» إلى أن حطت ريشته بمؤسسة «أخبار اليوم» السودانية. أصدر الفنان كاروري عدة كتب في الكاريكاتير، لكن أشهرها كان كتاب «البلد نورت»، الذي هو عبارة عن مجموعة رسوم كاريكاتيرية، صدر عن وحدة تنفيذ السدود في إصدار حمل الرقم (22) ضمن منشوراتها الإبداعية والتوثيقية. وكتب ناشر الكتاب في مقدمته يصف الفنان كاروري : «قد أدخل كاريكاتيره في مجال لم نكن نظن أنه سيدخله. فنور به منطقة مظلمة تحت عنوان (البلد نورت)!! وقلب صفحات الكتاب لنرى المستقبل يطل من صفحاته والنور!! لنرى جهداً خالصاً . ومن خلفه عزيمة صامدة من أجل توثيق كل شبر في مشروع القرن». هاشم كاروري فنان لا يؤجل ضحك اليوم إلى الغد، يرسم كاريكاتيراته وفي ذاكرته القضايا اليومية وذكاء المتلقي، سواء كان سودانياً أو غيره، ويفضح الحقائق بالوقائع الفنية، بريشته وألوانه وسيناريوهاته الساخرة وتعبيراته التي يلتقطها من الواقع اليومي المعيش.