منحت وكالة الغذاء والدواء، مؤخرا، موافقتها على عقار «يرفوي» أو «إبيليموماب»، وهو العلاج الجديد للمرحلة المتأخرة من مرض سرطان الجلد. ويعد هذا القرار علامة فارقة في ظل افتقار العقاقير المتوافرة حاليا إلى القدرة على علاج سرطان الجلد في حال انتشاره في الجسم. ويعد سرطان الجلد من الأمراض التي لا يمكن علاجها إذا وصل إلى مرحلة متقدمة، ويتسبب في وفاة نحو 9 آلاف أمريكي سنويا. ورغم سهولة علاج سرطان الجلد من خلال الجراحة، خاصة في حالة التشخيص المبكر له، فإنه كثيرا ما يمتد المرض إلى العقد الليمفاوية أو إلى الرئتين أو الكبد أو حتى المخ. وكلما تأخر علاج الورم، بات أصعب. وبمجرد انتشار الورم، لا تستطيع طرق العلاج المعروفة، مثل العلاج الكيميائي بعقاقير مثل «داكربازين» أو «تيموزولومايد» أو «سيسبلاتين» سوى تقليصه أو إضعافه بشكل مؤقت، وليس علاجه تماما. وأوضحت الكثير من الدراسات أن العلاج المناعي، الذي يتم من خلاله تحفيز الجهاز المناعي في جسم الإنسان بمرور السنوات، يمكن أن يساعد في الحد من انتشار سرطان الجلد. وكان بروتين «الإنترفيرون»، الذي يُحفّز وظيفة الجهاز المناعي يستخدم لعدة عقود عقب العمليات الجراحية في محاولة لتقليل احتمال عودة المرض مرة أخرى. كما تم اختبار قدرة «الإنترفيرون» على الحد من انتشار السرطان، لكن وُجد أن تأثيره لا يمتد إلى أكثر من بضعة أشهر. وقد قام المعهد القومي للسرطان بالترويج لطريقة جديدة لتحفيز الجهاز المناعي باستخدام «إنترلوكين 2»، الذي يُنشّط خلايا في الجهاز المناعي، تسمى «خلايا ت.» التي تستطيع أن تهاجم الخلايا السرطانية. وكان تأثيره يستمر لفترة أطول، لكنْ ثبت أن للعقار .أضرارا جانبية. علاج مناعي : ظهر حاليا عقار «يرفوي»، الذي يستخدم كوسيلة جديدة لتحفيز الجهاز المناعي. وقد تم التوصل إلى تركيبة العقار باستخدام جسم مضاد يُضعف بروتينا يسمى «الخلية الليمفاوية التائية السامة للجين المضاد 4» ويحفز هذا الجسم المضاد وظيفة الجهاز المناعي، مما يسمح للجسم بمقاومة خلايا سرطان الجلد على نحو أكثر فاعلية، مما يحد من انتشارها في أنحاء الجسم. وفي آخر تجربة، تم إجراؤها على مرضى من ضمنهم مرضى لم يتعاطوا علاجا لسرطان الجلد من قبل، وُجِد أن نصف المرضى الذين تناولوا عقار «يرفوي» تمكّنوا من مواجهة المرض لمدة 10 أشهر، أي أكثر من الذين لم يتناولوا العقار ولم يستطيعوا التصدي للمرض بأربعة أشهر. لكن استجابة الكثير من المرضى الذين حُقِنوا بهذا العامل للورم دامت لأشهر، وهو ما لم تثبته التجارب المختبرية السابقة. لكنْ ما تزال هناك حاجة إلى إجراء المزيد من التجارب للوصول إلى أفضل طرق لاستخدام هذا العامل. لكن إدارة الغذاء والدواء تعتقد أن هناك فرصة كبيرة للحصول على تصريحها بتداول العقار. أبحاث واعدة : من الأبحاث الأخرى الواعدة في مرض سرطان الجلد الأبحاث التي تجرى في مجال الجينات الورمية، التي تسبب مرض السرطان. فقد ثبت في بعض الحالات وجود صلة بين سرطان الجلد وطفرة الجين الورمي السرطاني، الذي يسمى «B- RAF». وقد توصلت عدة شركات تعمل في مجال الأدوية إلى عقاقير تضعف من عمل ذلك الجين الورمي وتستطيع الحد من انتشار الخلايا السرطانية لفترة طويلة. ومن الأعراض الجانبية، المثيرة للفضول والتي تستعصي على التفسير إصابة المرضى الذين يتناولون هذه العقاقير بأنواع أخرى من السرطان تسمى سرطانات الخلايا القشرية، التي يتطلب علاجها تدخلا جراحيا. وتعد هذه النتائج أكبر تقدم ملموس في علاج المرحلة المتأخرة من سرطان الجلد منذ عقود، فقد دامت استجابة المرضى المصابين بالمرض للعقار لفترة طويلة. واستطاع بعض المرضى العيش لفترة أطول بصحة جيدة بفضل العقار. ولم يتمَّ استخدام العقار على نطاق واسع، لكن هذا يمثل خطوة مهمة في تطوير مجموعة فعّالة من الأسلحة المقاومة لأخطر وأشرس أنواع السرطان.