فشلت السلطات الأمنية في الدارالبيضاء، إلى حد الساعة، في فك لغز محاولة القتل التي تعرض لها عبد الله الحتاش، المستشار الخاص لرشيد نيني، مدير جريدة «المساء»، رغم مرور 4 أيام على هذا الاعتداء الهمجي الذي وقع في شارع أنفا في البيضاء. وذكر مصدر مطّلع أن التحقيقات الجارية لم تكشف عن هوية الجناة الثلاثة الذين حاولوا قتل الزميل عبد الله الحتاش بواسطة عصي «بيزبول» عندما كان يهمّ بركوب سيارته يوم الخميس المنصرم، واستغرب مصدر آخر عدم التقاط صور للمعتدين الثلاثة الذين هاجموا الحتاش، رغم ما يتردد حول تثبيت كاميرا في الشارع الذي شهد واقعة الاعتداء الشنيع. وفي السياق ذاته، ما يزال عبد الله الحتاش في قسم العناية المركزة، إذ رغم إجرائه عمليتين جراحيتين لتقويم كسرين في مرفقيه، فإن حالته الصحية لم تتحسن، مع استمرار التقيؤ والأنين جراء قوة الضربات «القاتلة» التي تلقاها في مختلف أنحاء جسمه، منها ضربة أصابته في رأسه، وهو الشيء الذي استدعى إجراء تحاليل وفحوصات جديدة كشفت أن الزميل الحتاش أصيب أيضا بكسرين في رقبته وبكسر آخر في أصبعه. وذكر مصدر طبي أن الضربة التي تلقاها الحتاش في رأسه كان ممكنا أن تضع حدا لحياته أو تصيبه بشلل في يديه ورجليه لو أن الضربة أصابت المكان العلوي من الرقبة. وأظهرت الفحوصات الدقيقة إصابة الزميل عبد الله الحتاش بكسور أخرى، لاسيما في الفقرات الدماغية بالقرب من الرقبة، وفق ما أكد الأطباء المشرفون على حالته. ومن جانب آخر، قررت إدارة المصحة التي يخضع فيها عبد الله الحتاش للعلاج، والتي يرقد داخلها في قسم العناية المركزة، تخصيص رعاية خاصة للضحية وتشديد الحراسة عليه، إذ تمنع أي شخص من زيارته باستثناء عائلته، تخوفا من اعتداءات أو تهديدات جديدة. ومن جهة أخرى, تنظم اللجنة الدولية للدفاع عن رشيد نيني، يوم غد الثلاثاء، ندوة صحافية في واشنطن من أجل التعريف بملف مدير نشر «المساء»، بعد الحكم عليه بسنة حبسا نافذا ومتابعته بالقانون الجنائي، بسبب مواضيع تطرّق لها في عموده الشهير «شوف تشوف». وأكد رضى أولامين، المنسق الدولي للجنة الدفاع عن نيني، أن الهدف من تنظيم الندوة في الولاياتالمتحدةالأمريكية هو التحسيس بخطورة الانتهاكات المرتكَبة في ملف نيني، والتي انطلقت منذ متابعته في حالة اعتقال يوم 28 أبريل الماضي وبالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة في قضايا تتعلق بالنشر. وقد التقى أولامين، رئيس جمعية «حقوق وعدالة» والمحامي في هيأة الدارالبيضاء وباريس ونيويورك، في فرنسا يوم الخميس الماضي، بمسؤولين في منظمة «مراسلون بلا حدود» وكذا بأعضاء من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وقدم خلال هذا اللقاء تفاصيل قضية رشيد نيني. وقد أعربت المنظمتان عن عزمهما ورغبتهما القوية في التعريف بقضية رشيد نيني على المستوى الدولي، وأكد ممثلو المنظمتين أنهم يعتزمون عرض هذه القضية على المنسق الخاص للجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، ومن جهة أخرى، ممارسة ضغوط على المستوى الدولي والوطني من أجل إطلاق لا مشروط لرشيد نيني. ومن جهة أخرى، احتضن مقر «المساء» في الرباط، يوم الجمعة الماضي، لقاء بين أحمد ويحمان ومحمد اشماعو وعبد الحفيظ السريتي، عن اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة، ووفد حقوقي أوربي، يتكون من محامين من كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وتركيا. وقد تم تدارس مستجدات هذه القضية والتطورات التي عرفتها من كل الجوانب إلى أن صدر الحكم، والتزم الوفد الأوربي بطرح القضية لدى الدوائر المعنية وبتحسيس الرأي العام الأوربي ب«الخروقات» التي عرفتها محاكمة رشيد نيني، و«التي لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، ولذلك يجب إطلاق سراحه». وأكد الحقوقيون الأجانب أنهم سيسعون لدى البرلمان الأوربي وسيطالبون بإطلاق سراح نيني، على اعتبار أن محاكمته هي محاكمته سياسية ولم تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة، مشددين على أن نيني هو معتقل رأي. وألح الوفد الأوربي على ضرورة معرفة رأي اللجنة الوطنية للتضامن مع رشيد نيني والدفاع عن حرية الصحافة وتوقعاتها عن مرحلة الاستئناف، فكان رد منسقها أحمد ويحمان أنه، من الناحية المنطقية والقانونية، فإن محكمة الاستئناف ستقوم بتصحيح حكم الدرجة الأولى وتقول ببطلان المتابعة وتأمر بإطلاق سراح نيني فورا، «لكن القانون شيء والواقع شيء آخر، وهذه هي معضلة هذا البلد»، يقول ويحمان.