عاد المغرب، نهاية هذا الأسبوع، ليتصدر صفحات وكالات الأنباء الدولية، والصحف البريطانية خصوصا، باعتباره «دولة لتعذيب المعتقلين الدوليين قبل نقلهم إلى زنازين غوانتانامو»، وذلك بعد أن حصل إثيوبي، كان يقيم في بريطانيا ومعتقل حاليا في غوانتانامو، على حكم من محكمة لندن العليا الخميس الماضي يجبر السلطات البريطانية على كشف وثائق تؤكد على حد قوله إن إفاداته انتزعت تحت التعذيب في أحد المعتقلات المغربية، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، وقد أمهلت المحكمة البريطانية، وزير الخارجية البريطاني «ديفيد مليباند»، أسبوعا لتبرير قراره القاضي بإخفاء وثائق سرية يقول محامي محمد بنيام، الذي كان معتقلا في غوانتانامو، إنها من الممكن أن تثبت أنّ موكله تعرّض للتعذيب في المملكة المغربية. ويقول محمد إنه أمضى عاما ونصف العام في المغرب حيث جرى تعذيبه، قبل أن يتمّ نقله إلى معتقل غوانتانامو عام 2004. وحدّد المحامون 44 وثيقة تحتوي على معلومات استخبارية تبادلتها أجهزة الولاياتالمتحدة وبريطانيا، من الممكن أن تسلّط الضوء على ظروف اعتقاله ونقله إلى المغرب. ولأنّه خضع إلى الاستجواب على أيدي عناصر من الاستخبارات البريطانية عندما كان في باكستان، رفع محامو محمد بنيام قضية ضدّ الحكومة البريطانية بسبب ما يقولون إنّه «اطلاعها على سجلات تظهر أنه تعرض لمعاملة سيئة». وقال وزير الخارجية البريطاني إنه لا يتعين الكشف عن الوثائق لأسباب تتعلق بالأمن القومي، معتبرا أن الكشف عنها دون إذن من الولاياتالمتحدة سيضرّ بالتعاون الأمني بين البلدين. غير أنّ المحكمة قضت الجمعة بأنّ التبرير الذي قدمه مليباند غير مكتمل لأنه لم يظهر أنّه تمّ أخذ الادعاءات بممارسة التعذيب بعين الاعتبار حين اتخاذ القرار بإخفاء الوثائق. وسيكون أمام الوزير حتى الخامس من سبتمبر ليقدم إلى المحكمة مزيدا من التبريرات المقنعة. ووفق ما أدلى به محمد بنيام للمحققين عام 2006، فإنّ التعذيب في المغرب شمل جرح قضيبه بمبضع والتهديد بقطع أعضائه التناسلية. وأضاف بنيام، وفق السجلات، أنه تمّ حرمانه من النوم وضربه وإجباره على تناول عقاقير تؤثر على المخّ. وسرعان ما اعتبرت منظمة «ربريف» الحقوقية القرار الأمريكي غير كاف، حيث إنّ الشروط التي وضعتها الوزارة ستحرم فريق الدفاع من الشهود. وتؤكد المنظمة غير الحكومية، التي تساعد في الدفاع عن محمد بنيام، أنه نقل إلى المغرب «حيث أخضع للتعذيب بوسائل جديرة بالقرون الوسطى» قبل أن ينقل إلى غوانتانامو. وأضافت المنظمة أن الحكومة البريطانية تملك وثائق تثبت هذه النقاط وتتعارض مع الاتهام الأمريكي. وحسب تقرير لشبكة «السي إن إن» الإخبارية، فإنه في حال توفّر الدليل على كون الحكومة البريطانية كانت على علم أو تعاونت في تعذيب مقيم بريطاني، فإنّ ذلك سيكون ضربة موجعة لها لأنها عضو في معاهدة جنيف والمعاهدة الأوربية حول حقوق الإنسان، وكلتاهما تمنعان التعذيب. كما من شأن إثبات ممارسة التعذيب أن يعيق محاكمة محمد بنيام في غوانتانامو، حيث إنّ لوائح اللجان العسكرية تجعل من أي اعترافات انتزعت تحت التعذيب غير ذات معنى.