بعد نحو سنتين من حرب الأيام الستة، قام دافيد (دييف) كمحي، الذي كان آنذاك ضابط تجميع معلومات، موهوبا خبيرا، وأصبح بعد ذلك نائب رئيس «الموساد»، باستخدام عميل فلسطيني في أوربا. برز العميل في الميدان. ارتدى بذلات وردية صارخة. خشي كمحي أن يثير لباسه انتباها ويكشف عن اتصالاتهما السرية. لكن فضلا على أن ذلك لم يحدث، تبيَّن أن العميل كنز مهم أيضا. كان ذلك بقدر أقل بفضل المعلومات التي زود بها مستعمله، وبقدر أكبر، بفضل علاقاته. في أحد اللقاءات في فندق رخيص في ضاحية من ضواحي دولة أوربية، حدّث العميل مستخدمه عن أن أحد أفضل أصدقائه هو شخصية رفيعة المستوى تعمل في حكومة عربية. تحمّس كمحي وطلب إلى العميل أن يُجري تعارفا بينه وبين هذا الشخص. بعد ذلك، توجه إلى مقر القيادة، مقترحا أن يُجيزوا له تجنيد الرجل. لم يتحمسوا في مقر القيادة. كانوا متشككين ولم يؤمنوا بأن الأمر ممكن. لكن كمحي أصرّ. وهب لمساعدته رافي إيتان، الذي كان آنذاك رئيس مركز ‘تسومت' في أوربا، وهو وحدة استعمال عملاء في «الموساد». أجاز إيتان لكمحي محاولة تجنيد الرجل في فرصة قريبة. نقل العميل الفلسطيني إلى كمحي معلومة عن أن الرجل سيأتي إلى أوربا وحدد له لقاء في هناك. جاء كمحي إلى اللقاء بهوية غير هويته الإسرائيلية وأقنع الرجل بالموافقة على أن يشتغل عميلا. كانت تلك أول مرة كان فيها ل«الموساد» عميل رفيع المستوى إلى هذه الدرجة في دولة عربية. بعد اللقاء، قاد كمحي العميل الجديد إلى وكالة سيارات وابتاع له سيارة «مرسيدس»: «فعلت ذلك وكأنني أتبضع لدى بقّال الحي»، قال. تحدث كمحي عن هذا «الكشف» عندما أُجري معه لقاء قبل بضع سنين بالفيديو لمصلحة قسم التاريخ، التابع ل»الموساد». بُثت أجزاء صغيرة جرت عليها الرقابة اسم العميل والدولة التي عمل فيها وتفاصيل المعلومات التي نُقلت حذفها ضابط الأمن الرئيسي من «الموساد» في يوم الاثنين من الأسبوع الجاري، في يوم ذكرى نظم احتفاء بكمحي، الذي مات في مارس 2010. نظمت الأمسيةَ زوجته الدكتورة روتي كمحي، وكانت في الماضي تعمل في «الموساد» أيضا، بمساعدة أبنائه و«الموساد» ومركز تراث الاستخبارات. في فيلم الفيديو ذاك، تحدث كمحي، أيضا، عن أنه بعد يوم من ولادة ابنه البكر، دُعي إلى لقاء مع العميل، الذي كان آنذاك في رحلة إلى جنوب شرقي آسيا. تأخر عن اللقاء. استطاع العميل أن يهمس له بأن يبحث عنه على وجه السرعة. وعندما وصل بعده، اتصل كمحي بسفير تلك الدولة العربية، وبفكرة ذكية من ضابط تجميع، اضطر إلى اختلاق قصة تنكر جديدة: قدم نفسه باعتباره الطبيب الشخصي للعميل، الذي جاء صدفة من لندن وتبيّن له أن الرجل موجود في المدينة أيضا... يتبع عن «هآرتس »