التحق السفير الأمريكي بالرباط طوماس رايلي بلائحة مهنئي قيادة حزب العدالة والتنمية على نجاح مؤتمره الأخير. وهكذا التقى رايلي أول أمس الأربعاء بالأمين العام الجديد للحزب عبد اللإله بنكيران في خطوة تطبيعية لعلاقة الإدارة الأمريكية مع الحزب الذي يوصف ب«المعتدل»، في محاولة لجس نبض بنكيران في ما يخص سياسة أمريكا الخارجية في المغرب وفي منطقة العالم العربي والإسلامي ومحاولة تجاوز مواقف خرجت من الحزب تدعو إلى مقاطعة الأنشطة الأمريكية في المغرب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية قبل خمس سنوات. وامتد لقاء بنكيران، الذي كان يرافقه سعد الدين العثماني ولحسن الداوي، مع طوماس رايلي أكثر ساعة ونصف بمقر الحزبتطرق فيها الجانبان في نقاش مفتوح إلى عدة قضايا مشتركة. وعلمت «المساء» من مصدر مطلع بأن السفير الأمريكي أثنى على الأجواء الديمقراطية التي مرت فيها أشغال المؤتمر الوطني الأخير للعدالة والتنمية، وقال إنه تابع باهتمام، عبر الصحف المغربية، ما نشر حول الشفافية والديمقراطية الداخلية التي سادت أشغال المؤتمر، قبل أن يضيف قوله: «إن هذا الأمر إيجابي ومكسب مهم للمغرب». وحرص قياديو العدالة والتنمية على أن يذكّروا في هذا اللقاء مع رايلي بموقف حزبهم المبدئي من الديمقراطية، مشددين على ضرورة التعاون بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية في القضايا التي تخدم مصلحة البلدين مع احترام خصوصية كل بلد. وبدا رايلي جد حذر في هذا اللقاء مع قياديي العدالة والتنمية ولم يكن يكثر من الكلام، بل كان يسمع أكثر مما يتكلم، وذكّر رايلي بالمجهودات التي تبذلها الإدارة الأمريكية في مجال محاربة الفقر والهشاشة بالمغرب، وقال إن علاقات التعاون بين البلدين متينة، فيما حرص بنكيران على أن يثير مع رايلي قضية الوجود الأمريكي في العراق، مؤكدا له أن حزبه مع احترام سيادة الشعوب، وهو الأمر الذي رد عليه رايلي باقتضاب قائلا: «إن بلاده مع استتباب الأمن في العراق ولا رغبة لها في البقاء هناك». وتوقف بنكيران أيضا في حديثه مع رايلي عند الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، معتبرا أن هذا الموقف الذي تنهجه الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط لا يخدم السلام بالمنطقة». وفي هذا اللقاء مع رايلي، لم يفت بنكيران أن ينوه بالموقف الأمريكي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب لحل مشكل الصحراء. وحول ما إذا كان هذا اللقاء خطوة تطبيعية مع الإدارة الأمريكية، خاصة أن حزب العدالة والتنمية كان قد اتخذ في وقت سابق قرارا يقضي بمقاطعة الدعوات والأنشطة الأمريكية، قال لحسن الداودي إن حزبه لا يقاطع نشاطا أمريكيا إلا بعد أن يدرس كل الظروف المحيطة به، مضيفا في تصريح ل«المساء» أن لقاء أول أمس مع رايلي هو لقاء بروتوكولي ومجاملة بعد المؤتمر الأخير. وحسب الداودي، فالأمريكيون براغماتيون وليس لهم أعداء دائمون ولهذا طلبوا هذا اللقاء مع الحزب، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن حزبه ضد السياسة الخارجية لإدارة بوش لكنه مع الشعب الأمريكي الذي كثيرا ما خرج في تظاهرات منددة بها. وبينما رفض بنكيران التعليق على حادث لقائه مع رايلي وأقفل الخط في وجه «المساء»، رأى بعض المراقبين في لقاء العدالة والتنمية مع رايلي أن أمريكا ليست لها تحفظات من حيث المبدأ إزاء الأحزاب السياسية المعتدلة المحسوبة على المرجعية الإسلامية لمواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة، مشيرين في الوقت نفسه أن أمريكا لا اعتراض لها مع احتمال إشراك إسلاميي العدالة والتنمية في تدبير الشأن العام من موقع الحكومة إذا ما قرر صناع القرار في المغرب هذا الأمر. وكان سعد الدين العثماني زار في وقت سابق الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي الزيارة التي أثارت جدلا وسط الحزب من طرف بعض من قيادييه، بينهم بنكيران نفسه والمقرئ الإدريسي أبوزيد.