"لقاء بروتوكولي ومجاملة بعد المؤتمر الأخير للحزب"، ثم إن "الأمريكيين براغماتيون وليس لهم أعداء دائمون ولهذا طلبوا هذا اللقاء مع الحزب". هكذا علق القيادي الإسلامي لحسن الداودى على اللقاء الذي جمع مؤخرا طوماس رايلي، السفير الأمريكي بالرباط مع قيادة حزب "العدالة والتنمية"، مهنئا إياهم على نجاح مؤتمرهم الأخير. ويقول المراقبون هنا فى الرباط، إن صفة البراغماتية، تميّز إسلاميي "العدالة والتنمية"، بل إنهم يصنفون طبيعة الإسلام الحركي للحزب ضمن الخيار البراغماتي دون سواه، بقيادة عبد الإله بنكيران، وليس مفارقا أن يصبح بنكيران اليوم، الأمين العام الجديد للحزب بعد انعقاد مؤتمره الوطني السادس، في تطور اعتبر "أمرا إيجابيا ومكسبا مهما للمغرب"، بتعبير السفير الأمريكي هذه المرة. وليس مفارقا أيضا، أن يشن بنكيران وغيره، هجوما على سعد الدين العثماني، الأمين العام السابق للحزب، على هامش الزيارة التى قام بها فى وقت سابق للولايات المتحدةالأمريكية، وليس مفارقا أخيرا، أن تتدخل قيادات الحزب فى منع مقال شهير للباحث المغربى يحيى اليحياوي، من أن يُنشر فى يومية "التجديد"، المحسوبة على الحزب، تبنى فيه مواقف نقدية صريحة من ممارسات الإدارة الأمريكية. "" "تعودت اليومية الإسلامية على اقتباس مقالات الباحث بمعدل مقال في الأسبوع، وبحكم أن المقال المعنى تضمن "جرعات نقدية" فوق اللازم، من منظور إدارة تحرير اليومية، اتخذ قرار منع المقال من النشر". كانت البراغماتية بالتالي، الشعار الأوحد بين الجانبين، وتحت هذا الشعار، تطرق الجانبان، إلى الموقف مما يجرى في العراق، وتم تمرير وجهات نظر دبلوماسية للغاية بخصوص سياسة الإدارة الأمريكية في المغرب وفى العالم العربي والإسلامي، وتم على الخصوص الاتفاق على تجاوز "مأزق" إسلاميي "العدالة والتنمية"، ممن دعوا يوما، قبل خمس سنوات تحديدا، إلى مقاطعة الأنشطة الأمريكية في المغرب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. مأزق البرغماتية الأمريكية، الإسلامية الحركية، تجلى أيضا فى موقف المتشددين مما يجرى في فلسطين والعراق، حيث أشار القيادي الإسلامي الأبرز إلى أن السياسية الأمريكية فى الشرق الأوسط عموما، والإحالة تحديدا على ما يجرى في فلسطين، "لا تخدم السلام بالمنطقة"، كما حرص الرجل على إثارة ملف الوجود الأمريكي في العراق، معتبرا أن حزبه "مع احترام سيادة الشعوب"، ورد عليه السفير الأمريكي قائلا: "الولاياتالمتحدة مع استتباب الأمن في العراق ولا رغبة لها في البقاء هناك"، كما لو أننا نعاين حوارا بين بول بريمر وأحد رموز حكومة ما بعد صدام حسين. على أن خلاصات لقاء البراغماتيين، الأمريكيين والإسلاميين، في العاصمة المغربية، يبقى الإقرار الأمريكي بالتضييق على المتشددين يمر عبر تشجيع إدماج المعتدلين، وهذه قاعدة حركية ساهمت عمليا في التضييق على الأصوات المتشددة في الوطن العربي.