انطلقت الاحتجاجات التي شهدتها المدينة في الساعة العاشرة صباحا، ورفع المشاركون فيها، شعارات أغلبها ذات شحنة سياسية بنفحة يسارية طالبت في بعضها ب«إسقاط النظام»، وتحدثت الأخرى عن «شوارع مملوءة بالدماء». ودفعت هذه الشعارات بعدد من المواطنين إلى التجمع في حلقيات صغيرة للتعبير عن رفضها لإعطاء لون سياسي معين لاحتجاجاتها، فيما قرر آخرون الانسحاب في صمت بعد أن بدا لهم بأن عددا من مكونات «اليسار الجديد» هي التي تسيطر على هذه الاحتجاجات. هاجم «متظاهرون» في وقت متأخر من ليلة أول أمس الأحد/ الاثنين منزل عمدة مدينة فاس، حميد شباط، ورشقوه بالحجارة، ما أسفر عن إلحاق أضرار، وصفت بالبليغة، بواجهة البناية بحي بنسودة الشعبي، وهو الحي الذي يقدم على أنه من قلاع الاستقلاليين بالعاصمة العلمية. و«اتهم» بعض هؤلاء «المحتجين» الذين ساروا في «مسيرات تلقائية» العمدة شباط ب«إقصائهم» من الاستفادة من قطع أرضية ومحلات تجارية تم توزيعها على عدد من أبناء هذا الحي. وألحق هؤلاء الأشخاص، الذين كان بعضهم من المنحرفين، أضرارا بليغة بمؤسستين بنكيتين مجاورتين لمنزل العمدة شباط. وقام بعضهم باقتحام المؤسستين، وتم إتلاف أجهزة حواسيب ووثائق إدارية بهما، إلى جانب الأضرار التي ألحقت بواجهتيهما. كما تعرض عدد من المحلات التجارية والمقاهي والسيارات لأضرار بليغة نتيجة هذه الاعتداءات. واضطرت السلطات إلى الاستعانة بعدد من عناصر القوات العمومية لحراسة منزل العمدة، تجنبا لأي اعتداء آخر محتمل. فيما قرر عدد من المقربين من العمدة «النزول» إلى هذا الحي الشعبي للمساهمة في حراسة منزل عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وأمين عام نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وكان المحتجون، الذين تجمعوا في ساحة فلورانس، صبيحة يوم أول أمس الأحد، قد رددوا شعارات مناوئة للعمدة، مطالبين إياه بالرحيل عن تدبير شؤون المدينة التي وصفوها ب«العاصمة العلمية»، قبل أن تنتهي هذه الاحتجاجات بأعمال شغب في المساء عمت بعض الأحياء الشعبية، وضمنها حي بنسودة الذي استمرت فيه المواجهات بين عناصر القوات العمومية وبين الأشخاص الذين نفذوا هذه الاعتداءات ساعات طويلة وأسفرت عن اعتقالات وإصابات في صفوف بعض عناصر الأمن.
أعمال شغب خلافا لما سبق أن أعلن عنه المحتجون قبيل انطلاق احتجاجاتهم بساحة فلورنس بوسط مدينة فاس، انتهت الاحتجاجات دون تنظيم اعتصام مفتوح قبالة مقر ولاية جهة فاس بولمان. وتراوحت أعداد المحتجين طيلة يوم أول أمس الأحد ما بين 1000 و1500 مشارك، أغلبهم ينتمون لتيارات اليسار الراديكالي، وخصوصا فصيل النهج الديمقراطي القاعدي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، قضوا يوم الاحتجاج في التظاهر عبر شارع الحسن الثاني، وسط نقاشات هامشية حادة في بعض الأحيان بينهم وبين مواطنين، منهم شبان جاؤوا للتظاهر بعيدا عن أي لون سياسي، طبقا لما قررته دعوات أطلقتها حركة 20 فبراير عبر الموقع الاجتماعي «الفايسبوك». لكن الاحتجاجات تحولت، وهي تشرف على نهايتها، في المساء، إلى أعمال شغب استمرت إلى وقت متأخر من الليل، تدخلت على إثرها القوات العمومية في عدد من الأحياء لتفريق أشخاص بعضهم من القاصرين والمنحرفين قاموا بتنفيذ اعتداءات على محلات تجارية ومقاه ومؤسسة بنكية. وحاول هؤلاء الأشخاص الذين انطلقوا في مسيرات «تلقائية» الوصول إلى حي «عوينات الحجاج» الشعبي، بعدما «زاروا» المركب الجامعي ظهر المهراز، ومن هذا الحي انطلقوا إلى شوارع وأزقة «حي النرجس»، قبل أن تقصد جماعات منهم الطريق التي توصل إلى مدينة صفرو، والموصلة إلى المركب الرياضي حيث كانت تجرى مقابلة في كرة القدم بين المغرب الرياضي الفاسي وفريق شباب المسيرة، لتلتقي بعد انتهاء المباراة بمجموعات من المتفرجين الذين ساروا في «تظاهرة» هجمت على عدد من المحلات التجارية والمقاهي، وألحقت خسائر بعدد من سيارات المواطنين، وانتهت برشق عناصر القوات العمومية بالحجارة في حي الأطلس، ما أسفر عن إصابة رجلي أمن تم نقلهما إلى قسم المستعجلات لتلقي العلاجات. و«إسوة» بهذه «التظاهرة» خرجت «أفواج» أخرى من الأشخاص في حي بنسودة الشعبي، معقل العمدة شباط، و«قرروا» رشق عدد من المحلات التجارية بالحجارة، والهجوم على مؤسستين بنكيتين محاذيتين لمنزل العمدة، وهو الهجوم الذي انتهى بإتلاف وثائق المؤسستين وحواسيبها وعدد من التجهيزات بهما. ولم تنته هذه الأعمال التي كان وراءها أشخاص شوهدت بحوزتهم أسلحة بيضاء إلا في وقت متأخر من الليل بعد مواجهات عنيفة مع القوات العمومية. أما في حي «الليدو» الشعبي القريب بدوره من جامعة ظهر المهراز، فقد «اندلعت» فيه أعمال العنف إلى وقت متأخر من الليل، وقال شهود عيان إن أبطال هذه الأعمال لم يكونوا سوى قاصرين، وبعضهم من المنحرفين. وعاشت ساكنة مدينة فاس، بمختلف أحيائها، أجواء من الهلع في مساء اليوم نفسه بعد أعمال الشغب التي انتشرت في هذه الأحياء، ودفع هذا الوضع عددا كبيرا من أصحاب المحلات والمقاهي إلى إقفال محلاتهم خوفا من تعرضها لأعمال تخريب. في ساحة «فلورنس» انطلقت الاحتجاجات التي شهدتها المدينة في الساعة العاشرة صباحا، ورفع المشاركون فيها، شعارات أغلبها ذات شحنة سياسية بنفحة يسارية طالبت في بعضها ب«إسقاط النظام»، وتحدثت الأخرى عن «شوارع مملوءة بالدماء». ودفعت هذه الشعارات بعدد من المواطنين إلى التجمع في حلقيات صغيرة للتعبير عن رفضها لإعطاء لون سياسي معين لاحتجاجاتها، فيما قرر آخرون الانسحاب في صمت بعد أن بدا لهم بأن عددا من مكونات «اليسار الجديد» هي التي تسيطر على هذه الاحتجاجات. ووسط هذه «التجاذبات»، بدا شباب «الفايسبوك» الذين دعوا إلى هذه الاحتجاجات للمطالبة بمحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاجتماعية وتعديل الدستور وتخليق الحياة العامة شبه غائبين عن تأطير الاحتجاجات. وشاركت جماعة العدل والإحسان بشكل وصف بالرمزي في هذه الاحتجاجات، واقتصرت مشاركتها على أعضاء من شبيبتها، إلى جانب معتقلين في صفوفها في ملف المحامي الذي اتهمهم باحتجازه وتعذيبه، (فيما اتهموه هم بالتجسس عليهم لصالح «جهات قضائية»). وشوهد أعضاء من حزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة يلتحقون بالمحتجين، وقال أحدهم ل«المساء» إن مشاركته في هذه الاحتجاجات «شخصية»، أما أعضاء حزب الاستقلال المسير للمدينة فقد كانوا «يتابعون» الوضع عن كثب، خصوصا بعدما عمد المحتجون إلى رفع شعارات قالت إن فاس مدينة علمية و«ليست شباطية». وردد المحتجون شعارات دعت إلى «الثورة» من أجل إقرار «نظام اشتراكي»، معتبرين أن «التحرير والنصر» لا بديل له. وإلى جانب هذه الشعارات رفع المحتجون شعارات ذات طابع اجتماعي تتحدث عن غلاء المعيشة وتدهور أوضاع غالبية فئات المجتمع، لكن هذه الشعارات لم تشغل سوى الجزء اليسير من مجمل الشعارات التي تم ترديدها. «انفلات» بمدينة صفرو نُقل عز الدين المنجلي، الكاتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي بصفرو إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، لتلقي العلاجات بعدما وجهت له ضربات موجعة في الرأس فقد على إثرها وعيه، على خلفية «انفلات» احتجاجات نظمها عدد من الهيئات اليسارية بالمدينة، إلى جانب فعالياتها الحقوقية. واتهمت مصادر مقربة من المنجلي عناصر من الأمن بالاعتداء عليه. وأسفر هذا الانفلات عن إصابة عدد من المواطنين بإصابات استدعت نقل بعضهم إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي بفاس، وتلقى البعض الآخر علاجات في المستشفى الإقليمي بصفرو. وأتى هجوم المحتجين على عدد من المؤسسات التي تم رشقها بالحجارة. وتم إضرام النار في عجلات مطاطية بمحاذاة الباب الرئيسي للسجن المحلي لصفرو، لكن تمت السيطرة على هذا الحريق من قبل عناصر الوقاية المدنية وبمساهمة عدد من المواطنين. وتعرضت واجهات كل من مقر العمالة ومقر المجلس البلدي والمحافظة العقارية وجل المؤسسات البنكية بالمدينة ولانابيك واتصالات المغرب والخزينة العامة والقباضة لأضرار وصفت بالبليغة نتيجة الهجوم عليها بالحجارة. كما تعرضت واجهات عدد من المحلات التجارية والسيارات والمخادع الهاتفية لأضرار. ولم يعد الهدوء إلى مختلف أطراف المدينة إلا في وقت متأخر من الليل. وأعادت هذه الأحداث ما يعرف ب«انتفاضة 23 شتنبر» من سنة 2007 والتي عرفتها المدينة وانتهت باعتقال ما يقرب من 40 شخصا ضمنهم ثلاثة فاعلين حقوقيين في المنطقة إلى الأذهان. وعمت حالة من الرعب في أوساط الساكنة. ساحة «باب مربع» انطلقت الاحتجاجات بمدينة صفرو في ساحة «باب مربع»، وشاركت فيها جل الفعاليات اليسارية بالمنطقة. وقدر عدد المشاركين في هذه المسيرة، التي انطلقت من هذه الساحة لتجوب مختلف شوارع المدينة، ب1500 مشارك. وردد المتظاهرون شعارات سياسية طالبت بتعديل الدستور ومحاسبة المسؤولين، وتوفير مناصب الشغل، وتحسين الأوضاع الاجتماعية للساكنة. لكن الاحتجاجات انتهت بالتحول إلى أعمال تخريب شملت عددا من المؤسسات العمومية، إلى جانب إصابة عدد من المواطنين أثناء عمليات الرشق بالحجارة.