أثارت طبيعة الأرقام المسجلة في الوثائق الخاصة بالحساب الإداري في العديد من جماعات جهة الغرب حفيظة العديد من المستشارين ودفعتهم إلى الانتفاضة في وجه رؤسائهم، مطالبين الجهات المعنية بالحرص على حماية المال العام من النهب الذي يطاله تحت «يافطة» القانون وبإيفاد لجن للتدقيق والتحقيق في الحسابات للوقوف على حجم الخروقات المرتكبة. واتهم عضو معارض في جماعة «الصفصاف» رئيسه، خلال دورة فبراير، التي انعقدت أول أمس، باستغلال اسم أحمد الميداوي، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، للإفلات من الحملات التفتيشية التي يقوم بها قضاته. وكشف المستشار أن رئيس المجلس القروي يعمد إلى شراء العتاد المعلومياتي من شركة توجد في ملكية قريب للميداوي، لإعطاء الشرعية للفواتير المنجزة في هذا الشأن، رغم ضبابيتها وخيالية الأرقام التي تتضمنها، وقال إن معظم جماعات جهة الغرب الشراردة بني احسن تقتني لوازمها من هذه الشركة، للغرض ذاته. واعتبر المتحدث صرف 55 ألف درهم لصيانة وإصلاح العتاد المعلومياتي وتخصيص 60 ألف درهم لشراء لوازم العتاد التقني المعلومياتي، و70 ألف درهم أخرى للوازم المكتب، من أوراق ومطبوعات، ضرباً من العبث ومظهراً من مظاهر تبذير وتبديد الأموال العمومية، لاسيما أن جماعته الصغيرة لا تتوفر سوى على 8 أجهزة كمبيوتر، 3 منها معطلة. وفي جماعة «بنمصور»، اضطرت المعارضة، أول أمس، إلى نقل صراعها مع رئيسها، العربي الغراس، المنتمي إلى الاتحاد الدستوري، إلى ولاية الجهة، مباشرة بعد إصرار الأغلبية على المرور إلى التصويت على الميزانية، دون مناقشة، حيث عقدت لقاء مع الكاتب العام للولاية وأطلعته على مجمل التجاوزات التي تعرفها جماعتهم وعلى سياسة التهميش التي ينهجها الرئيس في حقهم وإقصائه الدواوير التي يمثلونها من المشاريع المبرمجة. وقد سادت أشغال دورة الحساب الإداري في هذه الجماعة أجواء من الفوضى والتشنج، لاسيما بعدما أصر تيار المعارضة على إبداء ملاحظاته ومناقشة الحساب الإداري والاستفسار حول بعض البنود التي بدت لهم «غامضة». ورغم تدخل قائد المنطقة، فإن الرئيس أصر على المرور إلى التصويت، بمبرر توفره على الأغلبية. أما في جماعة «المهدية»، فقد صب المنتخبون، المشكلون لتيار المعارضة، جام غضبهم على الرئيس الاستقلالي، خليل يحياوين، لإحجامه عن مدهم بالوثائق الضرورية التي تبرر بعض المصاريف الخاصة بالعديد من البنود التي قالت المعارضة إنها حظيت بأرقام مبالَغ فيها، وفشله في تحريك ملف برنامج إعادة هيكلة «قصبة المهدية»، التي تعرف اختلالات فظيعة تحول دون وقف تزايد البناء العشوائي في المنطقة. واستغرب المعارضون، بشدة، تخصيص 70 ألف درهم لشراء لوازم مدرسية، في وقت استفادت كل المدارس الابتدائية في المغرب من مبادرة «مليون محفظة»، التي أعلن عنها ملك البلاد، وطالبوا بالكشف عن الطرق التي تم بها صرف تلك المبالغ وعن اللائحة النهائية للتلاميذ المستفيدين، كما أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الباقي استخلاصه، والذي بلغ ملياراً و226 مليوناً، متهمين بعض الجهات بالاستفادة من هذا الوضع وبالوقوف وراء عدم قيام المعنيين بتحصيل أموال الشعب، «لغرض في نفس يعقوب»، حسب تعبير أحدهم.