عندما يعلن أفيغدور ليبرمان أنه «ما عاد مستعدا لاحتمال أكاذيب أكثر» يشيعها رئيس حكومتهم عن دولته، يحسن أن يُعد الأتراك الملاجئ. في المرة السابقة التي قال فيها مستوطننا إنه غير مستعد ليحتمل أكثر، لاذ أولاد الجيران بالهرب. يطبق ليبرمان في سياسته الخارجية نظرية العين بالعين التي جاء بها من عمل حراسة الحانات حيث بدأ حياة «الزعرنة» في المهنة. قبل تسع سنين، وافقت محكمة الصلح في القدس على صفقة مع ليبرمان في الملف الذي اتُّهم فيه بممارسة سلوك عنيف وتسبب في إصابة أولاد في الرابعة عشرة والخامسة عشرة ضربوا ابنه. غُرم 7.500 شيكل، ودفع عشرة آلاف شيكل تعويضا للأولاد، والتزم الامتناع عن جنايات عنف مدة سنتين. عرض القضاة على المتهم في قرار الحكم أن يردد مقالة «كوهيلت»: «لا تغضب لأن الغضب يقع في حضن الأغبياء». إن عرض الرعب الذي عرضه ليبرمان أول أمس (يقصد يوم الأحد) على عشرات الدبلوماسيين الإسرائيليين الحيارى وآلات تصوير التلفاز يشهد بأنه لم يستجب لنصيحة القضاة. ثمة من ينسبون سلوك ليبرمان إلى غضبه على رئيس الحكومة، ويفترض آخرون أنه ليس سوى غمز لناخبي اليمين. لكن توجد إمكانية أخرى وهي أن الشغب يرمي إلى صرف النقاش العام عن أداء ليبرمان السخيف في مجال مسؤوليته، أي علاقات إسرائيل الخارجية. أقصى وزير الخارجية نفسه من العلاقات بالفلسطينيين، وهي المجال المركزي الذي يشغل الدبلوماسية الإسرائيلية مدة نصف يوبيل في السنين الأخيرة. وإن صيانة المحاور التي أخذت تضعف بين إسرائيل وواشنطن متروكة لوزير الدفاع إيهود باراك ووزير شؤون الاستخبارات دان مريدور. ومنذ أن أخرج ليبرمان لسانه لوزيري خارجية فرنسا وإسبانيا وجرى ليُحدث الرفاق في وسائل الإعلام، أخذ أكثر وزراء الخارجية الأوربيين يحافظون على مسافة فاصلة عن فمه الكبير. لم يبق لليبرمان سوى أن يبتعد نحو أمريكا الجنوبية للبحث عن أصدقاء. فقد زار البرازيل والأرجنتين والبيرو وكولومبيا في يوليوز. جاء في إعلان وزارة الخارجية آنذاك أن زيارة الوزير ليبرمان تمت بعد زمن طويل لم تجر فيه زيارة رسمية من وزير خارجية إسرائيلي لأمريكا اللاتينية، وأنها ترمي «إلى تأكيد الأهمية الكبيرة التي يولونها في وزارة الخارجية للمنطقة». ووصفت الزيارة بكونها «جزءا من التصور الذي يغلغله ليبرمان مع دخوله المكتب، ويقول إن على إسرائيل أن تطور اتجاهات جديدة في سياستها الدولية لتوسيع تأثيرها وتعزيز تقديم المصالح الإسرائيلية ببناء أحلاف دولية واسعة». وُصف توثيق العلاقات بأمريكا الجنوبية آنذاك بكونه إجراء استراتيجيا ل«إسرائيل بيتنا». وورد في الإعلان أنه في نطاق تلك السياسة، زار الوزير إسحاق أهارونوفيتش بنما وكوستاريكا، وقفز نائب الوزير داني إيلون إلى مؤتمر منظمة دول أمريكا في الهندوراس، وشخص الوزير عوزي لنداو إلى براغواي. وفي لقاء عُرِّف بكونه «سريا» مع عدد من كبار أعضاء مكتبه في فندق في القدس، وجههم ليبرمان إلى العمل على تعزيز علاقات إسرائيل السياسية والاقتصادية بمجموعة الدول التي تُعد قوى صاعدة في العالم. جعل على رأس القائمة البرازيل، بل أمر بافتتاح قنصلية جديدة في ساوباولو. وأُبلغ في فبراير هذا العام في «واي نت» أنه في محادثات خاصة، نسب ليبرمان صد تقرير غولدستون في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى نشاطه في أمريكا الجنوبية وفي إفريقيا، ودول أهملتها إسرائيل قبل أن يأتي إلى وزارة الخارجية كما قال. كانت البرازيل والأرجنتين الدولتين الأوليين اللتين اعترفتا بدولة فلسطينية في حدود 1967 وبعدهما بوليفيا والإكوادور، وتستطيل القائمة كل يوم تقريبا. فهناك لا يقبلون التفريق الذي أشار به وزير الخارجية على مرؤوسيه أول أمس(يقصد الأحد) وفحواه أننا «حتى لو عرضنا على الفلسطينيين تل أبيب والانسحاب إلى حدود 1947، فسيجدون سببا كي لا يوقعوا على اتفاق سلام». سيضطر ليبرمان إلى الابتعاد حتى فيجي ليجد عضوا واحدا في الأممالمتحدة ينظر بجدية إلى خطته ل»التسوية المرحلية». بمناسبة ذكر وضعنا في الأممالمتحدة وأداء وزير الخارجية، نقول إن ليبرمان لم ينجح منذ شهور الصيف في التوصل إلى اتفاق مع نتنياهو على تعيين سفير في الأممالمتحدة، وأرسل إلى هذه المؤسسة المهمة قائما بعمل، المنصب أكبر منه برقم أو اثنين عن ال«هآرتس»