إلى حدود 1998، لم تلتزم الحكومة البتة بأي تاريخ محدد في إحالة قانون المالية على البرلمان. ولسنوات معدودة، تم اللجوء إلى اعتماد السنة المالية الفلاحية التي تبتدئ من 30 يونيو، أخذا بعين الاعتبار التغيرات المناخية والمحصول الزراعي. وسرعان ما تمت العودة إلى اعتماد السنة المالية الميلادية التي تبتدئ من فاتح يناير، مرورا بمرحلة انتقالية عبر اعتماد قانون مالية نصف سنوي. ومنح المشرع أجل ثلاثين (30) يوما بالتمام والكمال لمجلس النواب ومثلَها لمجلس المستشارين ليقوم كل مجلس بالمناقشة والتصويت على مشروع قانون المالية، الذي يودع وجوبا بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أبعد تقدير. (المادة 33 من القانون التنظيمي للمالية)، مما يحتم على كل مجلس أن يحترم الأجل المضروب له للدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية دون أن يزيد على الأجل المذكور أو ينقص منه. ولو كان في نية المشرع إعطاء الإمكانية للمجلس الذي أحيل عليه المشروع أولا ليقوم بالدراسة والتصويت على قانون المالية في أقل من 30 يوما لما حدد مدة مضبوطة أصلا. وبعد استنفاد المجلسين ستين يوما، تبقى عشرة أيام من سبعين يوما قبل نهاية السنة المالية الجارية على أبعد تقدير التي يتعين معها أن يودع مشروع قانون المالية بمكتب أحد مجلسي البرلمان، يحق فيها للحكومة، في حالة عدم إقرار المشروع، أن تدعو إلى اجتماع لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء مجلسي البرلمان، وتحدد أجلا لا يتجاوز سبعة أيام للجنة الثنائية المذكورة لاقتراح نص بشأن الأحكام التي مازالت محل خلاف بين المجلسين، وأجلا لا يتجاوز ثلاثة أيام لمجلسي البرلمان لإقرار النص المقترح من اللجنة الثنائية المختلطة، وإلا تم عرض مشروع قانون المالية على مجلس النواب للبت فيه نهائيا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم. وإذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويتُ على قانون المالية أو صدور الأمر بتنفيذه بسبب إحالته على المجلس الدستوري تطبيقا للفصل 81، فإن الحكومة تفتح، بمرسوم، الاعتماداتِ اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة بقصد الموافقة عليها. (الفصل الخمسون من الدستور). لكن انطلاقا من الممارسة، لا بد من طرح أسئلة من قبيل: هل يمكن للمجلس المعروض عليه الأمر، أولا، أن يبت في مشروع قانون المالية قبل انصرام الثلاثين يوما أم إن عليه أن يبت فيه بالضرورة وبالضبط داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لإيداعه، أي مع انصرام آخر يوم من الأجل المذكور وليس قبله أو بعده؟ وهل يحق للحكومة أن تحيل على مجلس المستشارين مشروع قانون المالية قبل انصرام الثلاثين يوما التي على مجلس النواب أن يبت داخلها في المشروع المذكور؟ وهل هي ملزمة بعرض النص الذي تم البت فيه من المجلس المعروض عليه أولا فور التصويت على المشروع أو عند انصرام أجل الثلاثين يوما، أم عليها انتظار استيفاء المجلس المعروض عليه الأمر أولا الأجل المذكور بالتمام والكمال، وليس قبل ذلك، مثلما حدث هذه المرة بالنسبة إلى قانون المالية 2011، دون مراعاة ما إذا كانت ستفرض أجندة معينة وغير مواتية للمجلس الذي تحيل عليه الأمر ثانيا؟ ليقوم هذا المجلس بدوره بالبت في المشروع داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لعرض الأمر عليه، وما ترتب عنه من ضغط زمني واختلال في البرمجة على مستوى الجلسة العامة بسبب الخلط الحاصل حول ما إذا كان أجل الثلاثين يوما المضروبة لمجلس المستشارين للمناقشة والبت في المشروع المعروض عليه ثانيا يبدأ من تاريخ الإحالة أم من تاريخ انصرام الثلاثين يوما المخولة للمجلس الذي عرض عليه المشروع أولا؟ تطرح هذه الأسئلة لكون مجلس النواب، نظرا إلى أجندة مفروضة مرتبطة بعيد الأضحى، قام بالبت في مشروع قانون المالية لسنة 2011 قبل انصرام الثلاثين يوما المحددة قانونا.