اختتمت، مساء السبت الماضي، الدورة ال11 لمهرجان السينما الإفريقية بتتويج الفيلم الغيني «ستمطر فوق كوناكري» بالجائزة الكبرى، ومنح جائزة السيناريو للمغربي داوود اولاد السيد عن فيلمه «في انتظار بازوليني»، وجائزة التصوير لكمال الدرقاوي عن فيلم «فين ماشي يا موشي» لحسن بن جلون، كما منحت جائزة السينيفليا التي كانت تمنح باسم جامعة الأندية السينمائية لفيلم اولاد السيد، مع العلم بأنها تشكلت هذه السنة من فعاليات نقدية ومهتمة أساسا. أما بقية الجوائز فقد تم منحها بصيغة تؤكد إرضاء المشاركين أكثر من تأكيد الاستحقاق، وهكذا حصل فيلم نوري بوزيد «آخر فيلم» على جائزة المونتاج، وفيلم «طباخ الرئيس» المصري على جائزة أحسن دور رجالي وقد منحت للممثل خالد زكي، فيما عادت جائزة لجنة التحكيم للمخرج التشادي عيسى سيرج كويلو، أما جائزة أحسن دور نسائي فعادت للممثلة ساندرا سوبيكا في فيلم Djanta. الواضح أن تدبير منح الجوائز قد خضع لمقاييس جد خاصة ارتأتها لجنة التحكيم التي قررت تحييد المنافسة القوية لبعض الأفلام خاصة «باماكو» لعبد الرحمان سيساكو من موريتانيا، وفيلم «تسوتسي» من جنوب إفريقيا الحاصل على جائزة الأوسكار، وقد تم منحهما جائزة شرفية بالإضافة إلى فيلم يوسف شاهين «هي فوضى»، فتم حديث الجميع عن تميز الممثل لطفي العبدلي في فيلم نوري بوزيد، وبطل فيلم «مدينة طارتينا» التشادي. ومنح جوائز شرفية كصيغة لتحييد الأفلام القوية كان بالإمكان تجاوزها عبر عدم برمجتها في الأصل في المنافسة والاكتفاء بتقديمها على هامشها. وقد تميز حفل الاختتام بتكريم المخرج المغربي مومن السميحي، وهو التكريم الثالث في هذه الدورة بعد أن تم تكريم الراحلين عصمان سامبين وعاطف الطيب. وقد جاء في الكلمة التي ألقاها الناقد محمد شويكة لحظة التكريم: «إن الحديث عن السميحي حديث سينما أساسا، وإن الرجل حالة من الانسجام الإبداعي لأنه كما يفكر يعيش، وكما يعيش يصور، منسجم مع عالمه في جو من الحميمية الفلسفية». فمومن، حسب شويكة، مارس السينما وفي مخيلته صور النضال الطلابي بجامعة الرباط، كما ترسخت لديه قضايا الالتزام إبان الثورة الطلابية بفرنسا حيث كان هناك، وإذاك أدرك أن السينما هي استيتيقا ملتزمة تجاه آلياتها ومواضيعها، فبدأت تيارات الالتزام الإنساني والمعرفي تهب برياحها ونسماتها لتلقح رؤية مومن السميحي وتساهم في بلورتها، وهو ما تجلى بوضوح في مجمل فيلموغرافيته بجرعة متفاوتة». تنظيم دورة جديدة لمهرجان خريبكة، اعتبر من طرف الغالبية مسألة مهمة، إلا أن تطوير المهرجان هو حاجة ضرورية، وبالنسبة إلى المخرج حسن بن جلون: «أمر مهم أن تستمر دورات المهرجان وأن يكون لنا مهرجان للسينما الإفريقية بالمغرب وما يميزه أكثر هو حميميته، حيث تميز بالنقاش الجاد، لأننا نلتقي طيلة أيام المهرجان، وتسمح الإقامة المشتركة في نفس المكان وصغر المدينة باستغلال كل الوقت لمناقشة الأفلام والحديث عن قضايا السينما، لكن إن كان من شيء يحتاجه المهرجان فهو توفير صيغة لدعم بعض المشاريع السينمائية، فهذا يحصل في مهرجانات عديدة، حيث تساهم كل دورة في دعم مشاريع جديدة، فهذا بالضبط ما حصل بالنسبة إلى الفيلم المتوج بالجائزة الكبرى، لأن مشروعه تبلور في قرطاج، وأنا شخصيا من اقترحت عليه عنوان فيلمه». المخرج داوود أولاد السيد، الذي اعتبر فوزه بجائزتين مسألة تؤكد أهمية المشروع السينمائي الذي يمثله فيلم «في انتظار بازوليني»، وعلى الرغم من أن منح اللجنة للجوائز تتحكم فيه اعتبارات مرتبطة بها هي وبالأشخاص الذين تتشكل منهم، فإن ما يحتاج إليه المهرجان، برأيه، فهو إثراء بعض جوانب القوة فيه، خاصة في ما يتعلق بتجاوز الأفلام القديمة على مستوى إنتاجها وتقليص العدد من 16 إلى 12. أما بالنسبة إلى الناقد حسن وهبي، فما يحتاجه المهرجان أكثر هو تغيير قانونه الأساسي، لأنه لا يعقل أن يتحمل مسؤولية الإدارة أو التنظيم من ليست لهم أي علاقة بالسينما، وأن تبرز الجوانب الاحترافية أكثر مع كل دورة جديدة، وأن تستقل جمعية المهرجان بذاتها أكثر عن كل الجهات. ما غاب في المهرجان أكثر، حسب الناقد سجلماسي، هو «الغياب المطلق لمكتب الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، فكل الفاعلين حضروا إما كنقاد وإعلاميين وليس باعتبار انتسابهم إلى جواسم. والمشكل أن أعضاء المكتب الجامعي، الذين غابوا عن الدورة، حتى لو حضروا لن يضيفوا أي شيء باستثناء خلق المشاكل، وأكثر من هذا، يضيف أحمد سلجماسي: أن «رئيس الجامعة حاليا لا يشرف الإطار وليس مسؤولا، ولهذا سيكون من المطالب الأساسية لي شخصيا هو تهميش الأندية والفاعلين فيها لمن تبقى في هذا المكتب، وإحياء فاعلية جواسم بصيغ أخرى داخل المهرجان وخارجه». وانتقادا للدور السلبي للمكتب الجامعي في هذه الدورة، يقول عامر الشرقي (ناقد سينمائي): «إن الأساسي هو أن الأسماء الصادقة والكبيرة التي بنت الجامعة وخدمتها حضرت الدورة للدفاع عن القيمة الثقافية للمهرجان، وتأكيد انتساب المهرجان لمشروع جواسم وتاريخها وذاكرتها، أما ما تبقى فلا يهم، لأن غياب أعضاء المكتب الحالي لا يعني شيئا، لأنه ليس بإمكانه لا خدمة المهرجان ولا خدمة الأندية السينمائية».