كانت فرحة سكان حي «المير علي» في وجدة فرحتين يوم الأربعاء 17 نونبر الجاري: فرحة عيد الأضحى المبارك وفرحة سقوط «خالد ل.» الملقب ب«شيطانة»، وهو من مواليد 1973، وأحد أكبر أباطرة ترويج المخدرات في السنوات الأخيرة، خاصة منها مادة الشيرا، والذي صدرت في حقه أكثر من 50 مذكرة بحث من مختلف المصالح الأمنية في الموضوع ذاته، لكن أحدا لم يكن يراهن، أبدا، على سقوطه في قبضة رجال الأمن . الإفلات من قبضة الشرطة اتخذ «شيطانة» من ترويج المخدرات تجارة مربحة لا تبور انطلاقا من الكيف و الشيرا. وكان قبلة العديد من المروجين الصغار والمستهلكين المدمنين على هذه المخدرات. لم يكن يهاب أحدا، كما لم يكن يخشى السجن، الذي ولجه أكثر من مرة وتعرف فيه على زملائه في المهنة. كبرت تجارة «شيطانة» وكبرت معها طموحاته وصار إمبراطورا بحكم أنه بدأ «يوظف» معه عسسا و«عيونا» مسلحين بالهواتف النقالة في جميع أنحاء محيط اشتغاله لحراسته وتنبيهه كلما أحسّوا باحتمال سقوطه في قبضة رجال الأمن، الذين كانوا يبحثون عنه، فيتبخر في الأجواء بين أزقة الحي ويتمكن من الإفلات من قبضة رجال الأمن وقبضة العدالة، مع العلم أنه لم يكن له بيت قار، رغم اقتنائه «فيلا» بأحد الأحياء بالمدينة. كما كان يشغل العديد من الأشخاص في ترويج مخدر الشيرا بعد أن يزودهم بالبضاعة المحرمة. وهكذا أصبح «شيطانة» معروفا لدى مصالح الشرطة القضائية بحكم أنه من أصحاب السوابق العدلية في تجارة المخدرات، إذ صدرت في حقه ما يفوق 50 مذكرة بحث وتردد اسمه في العديد من قضايا ترويج المخدرات، التي تورط فيها مروجون أو مستهلكون أو مزودون، بالإضافة إلى أنه كان دائما يقضي فترات من الزمن في السجن ثم يعود إلى تجارته. وأصبح حسُّه حادًّا بحكم التجربة، فصار حذرا ويقظا ودائم الهرب من قبضة رجال الشرطة. سيناريو القبض على «شيطانة» كان ذلك مساء يوم الأربعاء 17 نونبر الجاري يوم عيد الأضحى المبارك. إذ في الوقت الذي كان المواطنون يستمتعون بطقوس العيد وينتشون بما لذ وطاب من مختلف أطباق اللحم، وبعضهم كان يستمتع بالحديث وبشرب فناجين القهوة وكؤوس الشاي وتدخين السجائر في المقاهي دون أن يعلموا أنهم مقبلون على مشاهدة لقطة حقيقية من الأفلام البوليسية الهوليودية مجانا. كانت عناصر الدائرة السابعة تشتغل بقيادة عميدها في حبك خطة ما وتسهر على أمن أحياء وجدةالمدينة الألفية. تلقت المصالح المعنية معلومة في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا من يوم عيد الأضحى المبارك، بوجود «شيطانة» داخل سيارة في ملتقى شارع بئر أنزران وشارع إدريس الأكبر وشارع الحجاز بوجدة، فاستنفرت عناصرها وانطلقت سياراتها في اتجاه المكان موضوع الإخبارية. تم تسطير خطة محكمة وجريئة لوضع حدّ لهيمنة «شيطانة» مروج المخدرات، صاحب السوابق العدلية، الذي ذاع صيته منذ ما يقرب من ثلاث سنوات بالجهة الشرقية. خطة تنبني على مراحل تبدأ بمراقبته ومحاصرته ثم مداهمة سيارته دون شعوره ودون إثارة انتباه حراسه ومخبريه الذين قد يوجدون بمقربة منه ويعرفون جيدا رجال الأمن. وبالفعل باشرت عناصر الشرطة على متن سياراتها تنفيذ الخطة بعد أن تأكدت من وجود «الإمبراطور» المبحوث عنه، في سرية تامة كما لو كان رجال الأمن يقومون بدوريات عادية في شوارع المدينة وبين أزقة أحيائها. وأول ما قامت به قبل مداهمة السيارة هو تمركز عناصر الشرطة القضائية عند مداخل الشوارع وإغلاق منافذها والزحف بسرعة معتمدة على عنصر المباغتة مع تقليص حظوظ المعني بالأمر في الإفلات. إذ ذاك أحكمت العناصر الأمنية دائرة تحرك المبحوث عنه، الذي حاول الإقلاع بسيارته والفرار بحثا عن أي منفذ، لكن دون جدوى.إذ بدأت المطاردة في دائرة مغلقة كانت تتقلص وتتقلص إلى أن وجد المجرم نفسه في قفص عناصر رجال الأمن للدائرة السابعة التي اقتحمت السيارة، دون أن تترك لمروج الشيرا، الذي كان هو كذلك تحت تأثير المخدرات، أي فرصة للإفلات. إحالة «شيطانة» على العدالة كانت آخر ردود أفعال «شيطانة» هو محاولة المقاومة بالخروج من السيارة والفرار على الأقدام، وهو الأمر الذي كان مستبعدا، بل مستحيلا، أمام سرعة عناصر رجال الأمن الشابة وخفّتها وقراءة جميع الاحتمالات، كما كان متوقعا، لينقضّ عليه العميد عبر نافذة السيارة ويحكم القبضة عليه، في الوقت الذي انهال الموقوف على الجميع بالسبّ والشّتم والقذف قبل أن يجد في استقباله العناصر الأخرى. وبعد تصفيده والزجّ به داخل سيارة الأمن الوطني تم اقتياده إلى ولاية أمن وجدة حيث تم تسليمه لعناصر الشرطة القضائية لتعميق البحث معه، قبل إحالته على العدالة يوم السبت 20 نونبر الجاري من أجل الاتجار وترويج المخدرات مع حالة العود والفرار من وجه العدالة، ليغلق ملفّ من ملفات أباطرة ترويج المخدرات بمدينة وجدة والجهة الشرقية.