في تطور لافت، بادر مجلس مدينة الرباط، الذي يقوده الاشتراكي فتح الله ولعلو، إلى تشكيل لجنة موضوعاتية لتدارس تقارير المجلس الجهوي للحسابات في الفترة الممتدة من 2004 إلى 2010، أسندت رئاستها إلى جمال المنظري عن حزب الأصالة والمعاصرة، وتشكلت من جميع الأحزاب الممثلة في مجلس المدينة. ويأتي تشكيل اللجنة، التي ستدرس تقارير المجلس الجهوي للحسابات خلال 5 سنوات من تدبير الحركي عمر البحراوي وسنة من تدبير ولعلو لشؤون مجلس العاصمة، بعد أن كانت المعارضة، خاصة حزب الأصالة والمعاصرة، في إطار صراعها مع ولعلو وأغلبيته قد طالبت بإدراج تلك التقارير على جدول أعمال دورة أكتوبر الماضي. ووفقا لمصدر من مجلس المدينة، فقد تمكنت أغلبية ولعلو من إقناع المعارضة بعدم جدوى دراسة تقارير المجلس الجهوي للحسابات خلال جلسات دورة أكتوبر، بالنظر إلى صعوبة دراسة 1000 صفحة من تلك التقارير من قبل 83 مستشارا، مشيرا إلى أن دراسة تقارير المجلس الجهوي لا تقتضي دراسة سياسية وإنما دراسة تقنية لا يمتلك أدواتها الكثير من المستشارين. وأفاد المصدر ذاته أن مجلس المدينة لم يقيد رئيس اللجنة وأعضاءها بأجل محدد، مكتفيا بالتأكيد على أن ما ستنتهي إليه من نتائج سيعرض في دورة لاحقة، في حين كان رئيسها قد طلب مدة شهر للانتهاء من العمل. وكان تقرير سابق للمجلس الجهوي للحسابات قد رصد بشكل واضح عددا من الاختلالات التي تتعلق بفترة تسيير البحراوي للمجلس الجماعي، ونبه إلى النزيف الذي تتعرض له ميزانية المجلس بفعل مصاريف «منفوخة» وغير مطابقة للواقع. وسجل التقرير الذي كان قد أعده ثلاثة مفتشين برتبة قضاة بالمجلس الجهوي للحسابات في الرباط، رفعته رئيستهم إلى وزير الداخلية قبل نحو عامين، خروقات عدة في التسيير الجماعي للرباط، ضمنها أن «أراضي كثيرة تجارية في دائرة يعقوب المنصور جرى استغلالها دون رسم قانوني في أعمال تجارية، وبعضها يستغله منتخبون محليون». وفي باب «تدبير حظيرة سيارات المجلس»، وقف التقرير على استغلال بعض موظفي وزارة الداخلية بمصالح ولاية الرباط، سيارات خاصة على حساب ميزانية المجلس، ضدا على روح الظهير الصادر سنة 1998، والذي يمنع على موظفين في قطاعات حكومية أن يستغلوا سيارات تابعة لمجالس المنتخبين. وسجل التقرير ذاته أن أكثر من ثلاثين سيارة خاصة لا علاقة لها بالمجلس، ولا بمنتخبيه، ولا بوزارة الداخلية، تستفيد، أيضا، من «تعبئة» الكازوال والمازوط على حساب ميزانية المجلس. وذكر التقرير أسماء 18 من المنتخبين، يستفيدون من تعويضات عن المحروقات الخاصة بسياراتهم الخاصة، بينهم العمدة عمر البحراوي، وهي تعويضات شهرية تتراوح بين ألف و3 آلاف درهم. وفي باب «برنامج مكافحة السكن العشوائي»، وقف التقرير عند استفادة غرباء عن قائمة المنكوبين في حريق حي يعقوب المنصور، عام 1976، من برنامج إسكاني وضعته وزارة الداخلية سنة 1977. وقدم التقرير أسماء عدد من هؤلاء الغرباء المستفيدين، بينهم موظفون بالمجالس المنتخبة، ومقربون من عدد من المنتخبين. جدير ذكره أن لجنة من قضاة المجلس الأعلى للحسابات باشرت، في الأسابيع الماضية، عملية افتحاص لعدد من الملفات بمجلس المدينة تخص عددا من القطاعات والصفقات والميزانيات المتعلقة بالفترة الممتدة من سنة 2004 إلى سنة 2010 وكذا التفويضات التي تمس بشكل مباشر تسيير المجلس.