مباشرة بعد استئناف العمال، نشب شجار بين مستخدمين داخل معمل نسيج بفاس. وسرعان ما قرر الطرفان مغادرة أسوار البناية للانفراد ببعضهما البعض لحسم المعركة. وبينما كان الطرفان يتبادلان اللكمات، وفي لحظة توتر شديد، أخرج أحدهما سكينه، ووجه طعنة إلى غريمه في الفخذ، لتصيب أحد العروق، مما أدى إلى وفاته. لا أحد من عمال أحد معامل النسيج بالمنطقة الصناعية سيدي ابراهيم بفاس يمكنه أن يصدق بأن سوء «تواصل» سببه بين رفيقين في العمل سينتهي بجريمة قتل باستعمال السلاح الأبيض، لولا التجمهر العارم الذي خلفته الجريمة غير بعيد عن هذا المعمل المجاور لحي «عوينات الحجاج» الشعبي، ولولا تدخل رجال الوقاية المدنية لنقل الضحية الذي كان يسبح في دمائه. ففي يوم الجمعة 22 أكتوبر الجاري، وحوالي الثامنة صباحا، أي مباشرة بعد استئناف العمال ليوم جديد من عرق الجبين مقابل أجرة شهرية بالكاد تكفي لسد حاجيات أسرهم في زمن غلاء المعيشة، نشب شجار بين مستخدمين داخل المعمل. وسرعان ما قرر الطرفان مغادرة أسوار البناية للانفراد ببعضهما البعض لحسم المعركة. وبينما كان الطرفان يتبادلان اللكمات، وفي لحظة جد متوترة من الغضب، لجأ (عبد الصمد.ع) إلى سلاحه الأبيض، وهو عبارة عن سكين، ووجه طعنة إلى غريمه في الفخذ، لكن الإصابة مست أحد العروق، مما أدى إلى وفاته. ويتحدر الجاني من مدينة تاونات ويبلغ من العمر حوالي 20 سنة، وهو يقطن ب«فندق اليهودي» بحي العشابين بالمدينة العتيقة، بينما الضحية (يونس.ر) لم يتجاوز عمره 25 سنة، ويسكن ب»جنان التويزي» بمنطقة سيدي بوجيدة، وهي منطقة محاذية لفاس العتيقة. وبعد إخبارية تفيد بأن شخصا لقي حتفه بأرض خلاء بجانب أحد معامل النسيج، تحركت فرقة مكافحة العصابات إلى عين المكان. وتبين لها بأن الضحية فارق الحياة بسبب النزيف الذي خلفته طعنة سكين غريمه. وبعد التحريات، اتضحت للفرقة أهم ملامح هوية المتهم بارتكاب الجريمة، فبدأت سلسلة مطاردته، وتوزعت عناصرها في عدد من النقط التي يمكن أن يرتادها للاختباء تجنبا للسقوط في شباك رجال الأمن. وتم إيقاف المتهم ب»واد الزحون» بالمدينة القديمة، وسيق إلى ولاية الأمن لتعميق التحقيق معه. واعترف المتهم، في محضر رسمي، بارتكابه الجريمة، مشيرا إلى أن النزاع بدأ بين الطرفين بسبب «التخوار»، قبل أن يتطور من طابعه الهزلي إلى طابع جدي، حسم فيه السلاح الأبيض المعركة، وكانت نتيجتها سقوط يونس مقتولا في الخلاء غير بعيد عن المعمل الذي يقصده كل صباح لتأمين قوته ومساعدة عائلته في التغلب على مصاعب الحياة، كما خلف إيداع رفيقه الذي تحول إلى غريمه في السجن، في انتظار البت في ملفه، والحكم عليه في ملفات عادة ما يدان المتورطون فيها بعقوبات حبسية طويلة، عوض أن يواصل العمل في مركب النسيج من أجل مواجهة قساوة الظروف الاجتماعية، هو القادم من مدينة تاونات إلى مدينة فاس في إطار هجرة قاهرة بحثا عن فرصة شغل.