يشهد المجال الطبي في المغرب تطورا ملحوظا مع إدخال تقنيات حديثة لعلاج مختلف الأمراض؛ ومن أبرزها تقنية "التردد الحراري" لعلاج أورام الغدة الدرقية. وتُعد هذه التقنية المبتكرة بديلا فعالا للجراحة التقليدية، حيث توفر حلا آمنا وأقل تكلفة مع الحفاظ على وظائف الغدة وتجنب المضاعفات المرتبطة بالعمليات الجراحية. وحسب توضيحات الدكتور يوسف وعليت، أخصائي أمراض الغدد والسكري، فإن تقنية التردد الحراري تُعد تقدما طبيا كبيرا في علاج أورام الغدة الدرقية، حيث توفر حلا فعالا وآمنا وأقل تكلفة مقارنة بالجراحة التقليدية. والأهم من ذلك هو أنها تحافظ على وظائف الغدة وتتيح للمريض العودة لحياته الطبيعية في وقت قصير جدا. وقال وعليت، ضمن تصريح لهسبريس، إنه "في السابق، عند اكتشاف أورام في الغدة الدرقية، حتى وإن كانت مجرد عقد صغيرة، كان العلاج يتم غالبا عبر الجراحة التقليدية، حيث تُستأصل الغدة بشكل كامل؛ لكن الغدة الدرقية تُعد عضوا أساسيا في الجسم ولها وظائف متعددة. لذلك، استئصالها كان يعني الاعتماد على الأدوية مدى الحياة لتعويض نقص الهرمونات التي تفرزها الغدة". وأضاف الدكتور المختص في علاج الغدة الدرقية: "إلى جانب ذلك، كانت الجراحة التقليدية تحمل مخاطر متعددة؛ مثل التخدير العام، واحتمالية إصابة الأحبال الصوتية، وغيرها من التعقيدات"، مؤكدا أن التقنية الحديثة التي تُعرف باسم "التردد الحراري تُعد حلا مبتكرا لهذه المشكلات". وأوضح وعليت أن أنواع الحالات القابلة للعلاج بالتردد الحراري تهم بالأساس الأورام الحميدة، وكذا حالات نشاط الغدة الدرقية المفرط، إذ في بعض الحالات يكون السبب وراء النشاط الزائد هو وجود ورم يعمل بشكل مفرط. "هذه الأورام يمكن علاجها أيضا بالتردد الحراري، مما يعيد الغدة إلى وضعها الطبيعي دون استئصالها". وشرح المختص طريقة القيام بهذه التقنية قائلا: "تقنية التردد الحراري تعتمد على استخدام التخدير الموضعي فقط، حيث يتم إدخال إبرة دقيقة إلى داخل الورم في الغدة الدرقية، ويتم التخلص من الورم باستخدام الحرارة، دون الحاجة إلى استئصال الغدة كاملة. هذا الأسلوب يحافظ على سلامة الغدة ووظائفها". ومن ميزات هذه التقنية التي ذكرها الطبيب سالف الذكر: "أنها تتيح للمريض مغادرة المستشفى في نفس اليوم، دون التعرض للتعقيدات المصاحبة للجراحة التقليدية. كما أنها لا تتطلب فترات نقاهة طويلة، وتُعتبر خيارا آمنا وسريعا". أما عن تطبيق هذه التقنية في المغرب، فقد أكد وعليت أنه يتم العمل بها منذ أشهر؛ لكن فقط في مدينتي الرباط والناظور. قائلا: "نتائجها حتى الآن مشجعة جدا، حيث أبدى المرضى ارتياحهم الكبير بعد العلاج". وجوابا عن سؤال مرتبط بتكلفة التقنية مقارنة بالجراحة التقليدية، قال وعليت: "التكلفة أقل بكثير من العمليات الجراحية التقليدية. ويبدأ العلاج بجلسة تشخيص أولية، حيث يتم فحص الغدة بالصدى وأخذ عينة من الورم لتحليلها. بناء على نتائج التحليل، يتم تحديد ما إذا كان الورم حميدا أم خبيثا؛ فإذا كان الورم حميدا، يمكن علاجه بالتردد الحراري دون جراحة. أما إذا كان الورم خبيثا أو يُشك في طبيعته السرطانية، يُوصى بإجراء جراحة تقليدية وفقا للتوصيات الفرنسية لعام 2022 والأمريكية لعام 2014".