ما زال حوالي 500 عامل وعاملة في شركة متخصصة في صناعة الملابس الداخلية والجوارب في الدارالبيضاء «يحاصرون» الباب الرئيسي للمصنع، للحيلولة دون إخراج تجهيزات وآليات التصنيع، علما أنه تم إخراج بعضها في غفلة من العمال والعاملات، حسب تصريح بعضهم ل«المساء». وأضاف العمال أن هدفهم ليس هو الاعتصام في المصنع ولا العرقلة بل هم يقفون حاجزا أمام الإدارة، لمنع المسؤولين فيها من إخراج الآليات، خاصة بعد الأحكام القضائية التي قضت لصالحهم بضرورة تسليم الشركة كافة العمال والعاملات مستحقاتهم، وفق ما ينص عليه القانون، وأنْ لا شيء سيُثنيهم عن مغادرتها إلا إذا تسلموا مستحقاتهم، وهم مستعدون للتصعيد، لأنهم لا يطالبون سوى بما في ذمة الشركة لفائدتهم، حيث قضى فيها أغلبهم ما بين 24 سنة و26 سنة، وأفنى معظمهم زهرة شبابه فيها، حيث تصل مدد عمل بعضهم إلى 40 سنة من الكد والعمل، ولا يُعقَل أن يغادروا الشركة ببساطة وهم يعلمون أن مصيرا مجهولا ينتظرهم، إذ اضطر الكثير منهم اليوم إلى بيع ما بحوزتهم لتغطية مصاريف العيش، ومنهم من باعت مؤسسات بنكية الشقق التي اقتنوها عن طريقها، بعد أن عجزوا عن دفع الأقساط الشهرية لفائدة هذه الأبناك، الشيء الذي تسبب في إحداث شرخ وسط هذه الأسر والعائلات، بعد أن كانت تنعم بالاستقرار، ومنهم من أُجبر على إخراج أبنائه من المدارس، بسبب الفقر. كما أن 500 أسرة أو عائلة مهددة اليوم بالتشرد والضياع، وسيتسبب تعنُّت الإدارة في «كارثة اجتماعية»، يقول عزيز نخيلة، ممثل العمال والعاملات في الشركة، الذي أضاف أن الاستقرار يمكن أن يعود نسبيا في حال التزمت الشركة بتنفيذ قرارات المحكمة التي أنصفت العمال، لكن هذه القرارات لم تجد طريقها نحو التحقق، وهو ما حزّ في نفوس العمال والعاملات ال500 الذين ليسوا هم المتضررين لوحدهم في هذه «المعادلة غير المتكافئة»، بل هم جزء يسير من آلاف الأفراد التي يتحمل العمال والعاملات ال500 مسؤولية إعالتها. وأضاف المصدر نفسه أنه، طيلة مدة اشتغال هؤلاء العمال، لم يسبق أن صادفهم أي مشكل حتى سنتي 2005 و2006، حيث لاحت بوادر إقفال الشركة، ومن بينها اقتطاع واجبات التأمين والتغطية الصحية من أجور العمال، دون أن تؤدى هذه الاقتطاعات بالمقابل لفائدة الصناديق المعنية بها، وظل الوضع على هذا النحو إلى أن بلغ ذروته عندما تم وقف صرف الأجور لمدة أربعة أشهر متتالية، بالإضافة إلى تقليص ساعات العمل، وهو ما احتج عليه العمال وحاولوا فتح حوار مع الإدارة للاستفسار عن سبب هذا التأخير، وهو ما دفع العمال إلى التوجه نحو مندوبية الشغل، حيث عُقد لقاء بين ممثلي العمال والمدير العام للشركة وتم التوقيع على محضر اتفاق في ال12 من يناير الماضي، في مقر المندوبية الإقليمية للشغل، من أجل تسوية النزاع القائم بين شركة «لانسيلوتي» وعمالها المنخرطين في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وتم التوافق فيه على أداء الإدارة للدفعةَ الأولى من متأخرات الأجور داخل أجل أقصاه 19 يناير الماضي. وقد اتصلت «المساء» ب»حسن ل.»، المسؤول في الشركة، غير أن هاتفه ظل يرن دون مجيب.