قدم المخرج والسينوغراف المغربي عبد المجيد الهواس عرض «حديقة معلقة» ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان مكناس المسرحي. والهواس مثير للسؤال وأعماله لا تقدم نفسها على طبق من ذهب إلى المشاهد، إن كل عمل مسرحي بالنسبة إليه دعوة للتفكير في المسرح كفن وكصناعة، بعيدا عن أيدي الهواة والمرتجلة الجدد. نحاوره في «موعد فلقاء» عن حدائقه وعن شيء اسمه المسرح المغربي. - اخترت عنوانا مفتوحا لمسرحيتك، هل تعتقد أن «حدائق معلقة» تفي بالغرض؟ < في اعتقادي أن عنوان «حدائق معلقة» يختزل المضامين الموجودة داخل النص وفي العمل المعروض على الخشبة، وهو مقترح يعود في أصله إلى مؤلف النص يوسف فاضل، وأرى أن ملفوظ «حدائق معلقة» يحيل على مستوى الخيال العربي، إلى حدائق بابل المعلقة، زيادة على الاحتمالات الرمزية لحديقة سحرية نحلم بالدخول إليها والإقامة فيها، لكن ذلك يبقى مجرد حلم من أحلام الجنة. وبالتالي فإن أي حلم يكون بإمكانه أن يتجاوز ذاته وأن يبحث عن فضاء خاص للحرية، فضاء مفتوح، يكون بصدد البحث بشكل ما عن حديقة معلقة. - يطرح العرض أيضا من طرف خفي مسألة التطرف، هل كان ضروريا أن تجنح إلى هذا السياق؟ < لا أطرح موضوع التطرف انطلاقا من الهوجة الإعلامية التي تتحدث عنه الآن، ولكن من زاوية مختلفة تماما، وهي زاوية الحق في الحياة، والانتماء إلى الحرية وما يستتبع ذلك من حقوق. وقد حضر الموضوع في عملي كتشديد على أن أي سلب للحرية، كيفما كان ومن أي جهة سواء كانت سياسية أو دينية أو رسمية، هو اعتداء على الحق في الحياة. - ولكن لماذا تختزل التطرف في الدين؟ < لأن أغلب تمظهرات التطرف استندت على سند ديني، فماذا يمكن أن نسمي الحروب الصليبية سوى أنها حروبا دينية قامت على أساس ديني، وماذا يمكن أن نسمي حرب بوش على العالم وعلى العالم العربي الإسلامي سوى أنها حرب تتم تحت ستارة التبشير المسيحي. لنلاحظ أن بوش قد صرح غير ما مرة بأنه يخوض حربا مقدسة في العراق. وكما هو الأمر في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تقوم الدولة العبرية على أساس ديني كما هو بين في الإيديولوجية الصهيونية. ولذلك عندما أطرح موضوع التطرف أطرحه من هذه الزاوية، وأريد من خلال ذلك التنبيه إلى المزالق المحدقة بنا في العالم العربي إذا لم ننتبه إلى أن شرط الدفاع عن الحرية لا يعفي أحدا من المسؤولية. - التطرف والصحراء والحدود، قضايا مؤرقة، كيف يتحالف هذا الثالوث في العرض، ولأية رمزية؟ < أعتبر التطرف هو نهاية لكل حق في الاختلاف، والصحراء غابة من التيه والعطش وفقر الحواس، والحالات الحدودية دافع للتفكير في المصير الإنساني القاتم.. إن الأهم بالنسبة إلي هو البحث عن هوية ما، في جوهرها الإنساني، والدفاع عنها هو دفاع عن الإنسان. - رسمت شخصية نمطية للمتطرف، رجل صاحب لحية كثة، هل الأمر في نظرك بسيط وعلى هذا النحو؟ < بالطبع لا، ولكن لابد من علامات مشتركة من أجل خلق التواصل مع الجمهور، وبالتالي الذهاب إلى الناس ومخاطبتهم بالقنوات المشتركة، أي إن التعقيدات في أحيان كثيرة لا تنفع. كان هدفي هو أن أقدم حكاية إلى الجمهور، وأن أركز على المشترك والجامع، ومن ثم الانطلاق منه للوصول إلى تواصل، فلا بأس أن نحكي حكاية حتى ولو كانت خطية. - الصناعة المسرحية كانت واضحة في العرض؟ < هذا كان من أهدافي، حيث ركزت على الإبهار البصري دون مبالغات، وقد أتحت لجسد الممثل أن يعبر عن ذاته بقوة وأن يكشف عن مخزونه الحركي والصوتي، همسا وجهرا. - عشر سنوات مرت على المهرجان، ماذا بعد؟ < الإيجابي أن المهرجان مستمر وموجود، ويعزز أواصر الحوار بين الفرق المسرحية، ورغم ذلك نحن في المغرب ما نزال في بداية تجربتنا المسرحية، أنجزنا الآن قفزة عن البدايات الأولى، لكن آن الأوان كي نطرح بجدية أكثر الأسئلة الجمالية والفنية والتقنية.. وهذا هو المهم في المرحلة الراهنة، وقوة المسرح المغربي أن يصمد ويحافظ على بقائه.