في العمل الدراموترجي الذي اقترحه المسرحي المغربي عبد المجيد الهواس، نقف على عمق الاشتغال على موضوعة المرأة. إن هذه المسرحية كما يقول الهواس تندرج في إطار الشهادات الواقعية لأمهات عازبات، وقد تم الاعتماد في بناء النص دراماتورجيا على شهادة «الكبيرة» وطعمت بمواقف وحكايات من حياة نساء أخريات، لمنح العمل مزيدا من الشمولية والإحاطة، في سياق عرض خصوصيات نساء متعددات عشن مواقف متشابهة أو متضاربة لكنها في مجملها تصب في نفس المأساة. تحكي قصة «الكبيرة» عن فتاة تخلت عنها أمها وهي في يومها الأربعين، احتضنتها مربية طيلة أربعة عشر عاما ثم استعادتها أمها البيولوجية بعد موت المربية، لكنها ستفر من البيت بفعل القسوة التي مورست عليها، وفي أثناء حياتها الجديدة ستتعرض للاغتصاب مرتين وستحبل، ثم تتوج هذه التجربة في القسوة بالدخول إلى السجن، وبعد خروجها ستقرر المغادرة والذهاب إلى المدينة الكبيرة التي هي الدارالبيضاء رفقة ابنتها الرضيعة. في كل ذلك تحاول الكبيرة إعادة ترميم ذاكرتها، وعلى ضوء تلك التفاصيل يبني عبد المجيد الهواس اقتراحه المسرحي. تقدم المسرحية رؤية من الداخل، وفيها يتبدى خطاب الإدانة، المجتمع الحاقد هو مجتمع غير متسامح، لكن في ظل هذا الخراب الذي يطال الجميع يصبح الكل آثما أو أبرياء، لا مجال لعدالة اجتماعية في سياق نظام اجتماعي ممسوخ ومختل من الداخل. أربع نساء يتناوبن على الخشبة من أجل تجسيد هذه المأساة الجماعية للنساء يمرقن مثل العبور السريع من أحزمة البؤس، تاركين وراءهم لحما مفروما وعواطف مشروخة، وتضامنا لا يصل إلى الجوهر، حين يكون المجتمع مثل ترامواي الرغبة.