سؤال يطرحi الكثير منا عن التجشؤ أو «التكراع» كما يسميه المغاربة وهو: أتجشأ كثيرا ولدي إحساس بالامتلاء في أعلى البطن. هل هذه حالة شائعة؟ ما هي أسبابها وكيفية علاجها؟ والتجشؤ والشعور بالامتلاء هما حالتان تحدثان عادة يوميا، لكن ما الذي يجعلهما «زائدين عن حديهما»؟ لم يتم التوصل إلى تعريف محدد لذلك. ولكن، إذا حدث وأخذت بالتجشؤ أو الشعور بالامتلاء مرارا وتكرارا أكثر مما كان يحدث لديك في السابق، أو إذا كان التجشؤ والامتلاء يتسببان لك في حدوث معاناة أو إزعاج، عندها يمكن الاعتقاد بوجود زيادة عن الحد، وبوجود مشكلة ينبغي لك محاولة معالجتها. كل مرة نبتلع فيها شيئا ما من الطعام والشراب فإننا نقوم بابتلاع القليل من الهواء معه. وينتقل بعض الهواء إلى الأسفل عبر المريء ليصل إلى الجزء العلوي من المعدة. ولذا، تأخذ المعدة بالتمدد، وعندها قد تقوم المستشعرات الموجودة على جدارها بالتحفيز على ظهور رد فعل يؤدي إلى فتح حلقة صغيرة من العضلات، أي العضلات العاصرة (sphincter)، التي تنظم فتحة البوابة بين المريء والمعدة. وحينذاك يشرع الهواء الذي ازدادت كمياته في المعدة، في تفريغ كمياته إلى الأعلى عبر المريء. هكذا يحدث التجشؤ. ولهذا، فإن كان التجشؤ لا يزيد عن الحد، فإنه في الواقع يمثل آلية وقائية ضد انتفاخ المعدة الزائد. وبالطبع، إن كنت حاضرا بين مجموعة من الناس - وإن لم تكن من المولعين بإظهار نفسك وأنت تتجشأ - فإنك ترغب في العادة في أن تتجشأ بلطف ومن دون إصدار صوت. تجشؤ المريء كما توجد حالة ما يسمى ب«تجشؤ ما فوق المعدة (supragastric)»، الذي يحدث عند إخلاء الهواء الذي دخل إلى المريء فقط ولم يصل إلى أبعد منه (الذي يمكن تسميته «تجشؤ المريء»). وبينما يمكن أن يكون تجشؤ الهواء من المعدة مصحوبا برائحة كريهة، فإن التجشؤ من فوق المعدة قد لا يحمل تلك الرائحة. تجشؤ فائق الحد هناك الكثير من التفسيرات المحتملة لسبب حدوث التجشؤ فائق الحد، كما أنه ربما توجد تفسيرات أكثر حول حدوث حالة الامتلاء الكامل. وإليك بعضا من هذه التفسيرات المحتملة: - بلع الهواء (aerophagia): يتعود بعض الأشخاص على بلع الهواء تكرارا، ثم التجشؤ عقب ذلك مرارا، وفي بعض الأحيان بمعدل 10 إلى 20 مرة في الدقيقة. وتكون أغلب حالات التجشؤ هذه على الأكثر، من نوع «تجشؤ فوق المعدة». - الطعام والشراب: المشروبات الغازية - الجعة، والمشروبات الغازية غير الكحولية، تؤدي إلى دخول كميات أكثر من الهواء إلى المعدة. كما أن طريقة شرب هذه المشروبات تسبب هذه المشكلات، سواء تم تناولها على شكل جرعات متواصلة أو بواسطة قصبة الشرب، فهي تزيد في ملء المعدة بالهواء. وبعض أنواع الطعام الأخرى مثل الفاصوليا، البروكلي، الملفوف، مشهورة بسمعتها السيئة في إنتاج الغازات عند هضمها، رغم أن ذلك يحدث في الأمعاء الدقيقة والغليظة أكثر منه في المعدة. - العلكة والحلويات الصلبة: عندما يعلك الإنسان، فإنه يبتلع كميات من الهواء من دون أن يعي ذلك. كما أن مص الحلويات الصلبة قد يؤدي إلى بلع كميات من الهواء. ولدى بعض الناس، فإن العلكة الخالية من السكر تتسبب في حدوث التجشؤ وبعض أشكال المعاناة في الجهاز الهضمي، لأنهم يعانون صعوبة هضم المحليات الصناعية - مادة السربيتول، مثلا التي تستخدم لتعوض السكر. - مرض ارتجاع أحماض المعدة: أجرى الباحثون الهولنديون الذين تخصصوا في حالات التجشؤ عدة دراسات أظهرت أن الأشخاص المصابين بمرض ارتجاع أحماض المعدة، لديهم أحيانا عادة بلع الهواء. - القولون العصبي: في أغلب الحالات، يؤثر القولون العصبي في الجزء الأسفل من الجهاز الهضمي، إلا أن بعض المصابين به يعانون عددا كبيرا من حالات التجشؤ. - عدم تقبل اللاكتوز: إن عدم القدرة على هضم اللاكتوز، وهو السكر الذي تحتوي عليه مشتقات الألبان، يؤدي إلى حدوث آلام البطن والانتفاخ. إلا أن أعراضه تظهر على شكل غازات أكثر من أن تظهر على شكل تجشؤ. علاج التجشؤ ينطلق علاج التجشؤ والامتلاء، من السبب المؤدي إليهما، وهو الأمر الذي قد يتطلب أحيانا استشارة الطبيب. إلا أن بمقدورك تجربة بعض الأمور بنفسك، مثل تقليل تناول المشروبات الغازية، وتقليل العلكة والحلويات الصلبة. كما أن تقليل سرعة أكل الأشخاص الذين يتناولون طعامهم بسرعة يقلل من كمية الهواء المبتلع معه. كما يمكنك أن تتجنب أنواع الطعام المولد للغازات ومراقبة أي تحسن يطرأ عليك. وعملية بلع الهواء هي عادة طوّرها بعض الناس بغض النظر عن كونهم كانوا يتناولون الطعام أو لا يتناولونه، وبغض النظر عن وجود مشكلات لديهم في الجهاز الهضمي أو انتفاء تلك المشكلات. ويشير الباحثون الهولنديون إلى أن بعض الأشخاص يمكنهم كسر عاداتهم هذه بالتوجه لاستشارة متخصصين في علاج النطق. إلا أن الكثير من الأشخاص الذين توجد لديهم أعراض شبيهة بتلك التي ذكرتها في سؤال، لا يعانون مشكلة صحية خطيرة. ومع هذا، وفي بعض الظروف، ينبغي لك أن تستشير الطبيب. مثلا، إن كان جوفك يبدو مملوءا جدا يتوجب عليك فورا الذهاب لمعاينة الطبيب لتقييم الحالة، وكذلك إن ظهر لديك دم في البراز، أو ارتفعت درجة حرارتك، أو شعرت بفقدان وزنك فجأة - عليك ألا تتوانى عن استشارة الطبيب.