أثار مهرجان أصوات نسائية، الذي ستقام دورته الأولى يوم غد الخميس، موجة من الاستنكار والجدل بين الفاعلين السياسيين والمثقفين بالمدينة. فقد استغرب العديد من مستشاري تطوان وأعضاء أحزاب سياسية إصرار جماعة تطوان الحضرية على تحطيم مدينة الحمامة البيضاء للرقم القياسي على صعيد تنظيم المهرجانات الدولية، في وقت لا يجد فيه نساء ومعطلو المدينة الخريجون فرص شغل كريم. وحسب مصادرنا، فإن ميزانية 3 أيام من الغناء والرقص في مهرجان أصوات نسائية تفوق مليار سنتيم، حيث يتم إنفاق حوالي 333 مليون سنتيم يوميا على أنشطته. «إنه يدخل ضمن مخططات التنمية البشرية»، تقول مسؤولة عن المهرجان في ندوة صحفية عقدت يوم 28 ماي الماضي. لقد بلغت مساهمة جماعة تطوان الحضرية في المهرجان 200 مليون سنتيم، وهي ميزانية تعادل اقتناء «مسرح المصلى البلدي» الذي أصبح خربة مهملة، حيث يعتبر أروع معلمة ثقافية وتحفة فنية قيمة في المدينة منذ عهد الحماية الإسبانية. وفي ظرف شهرين تقريبا، نظمت تطوان خمسة مهرجانات دولية، بينما «إلى حد الآن لا يتوفر مستشارو البلدية عن أي تقرير مالي عن المصاريف المخصصة للمهرجانات»، يقول مستشار عن حزب الاستقلال في الجماعة الحضرية. إضافة إلى ذلك، فقد تمت برمجة تقديرات مختلف بنود الميزانية لسنة 2008 المخصصة لكافة المهرجانات والأنشطة، لكن رغم ذلك فقد طلب رئيس الجماعة تقديم إعانات مادية طارئة، بعد استنزاف المرصود»، يقول محدثنا. من جهتها، عبرت العديد من فعاليات تطوان الجمعوية والمدنية، عن أسفها الشديد لوصف تطوان بمدينة «السوق والكونطراباند» من قبل الفنانة سميرة قادري، مديرة دار الثقافة بتطوان، والتي أسند إليها مؤخرا منصب مديرة مهرجان أصوات نسائية الدولي الذي ترأسه كريمة بنيعيش (أخت فاضل بنيعيش، المكلف بمهمة لدى الملك)، في حين أسندت مهمة التنسيق إلى موظفة شبح من السلم واحد في بلدية وادي لاو، تفتقر إلى أي تكوين ثقافي أو إلمام بالفن الراقي. في نفس السياق، يقول إدعمر محمد، مستشار في جماعة تطوان الحضرية، إن «مخططات تنظيم المهرجانات الأخيرة تعرف نوعا كبيرا من الارتجالية، حيث إنها غير مندمجة تماما مع محيطها». في حين طالبت السكرتارية الوطنية للهيئة الوطنية لحماية المال العام الوزير الأول عباس الفاسي «بالكشف عن حجم المبالغ المخصصة لمختلف المهرجانات والقيمة المضافة التي قدمتها وستقدمها للفن والفنان المغربيين. كما طالبته في رسالة مفتوحة بإجراء افتحاص حول طرق صرف المبالغ السابقة، ومحاسبة كل من تسبب في النهب أو التبذير عن طريق دفع مبالغ خيالية لبعض الفنانين، والكشف عن معايير رصد مؤسسات الدولة منحا من مال الشعب لمهرجانات يقف من ورائها مقربون من الجهات المانحة، كما يحدث بتطوان مثلا». كما تعتبر الهيئة حديث الحكومة عن اتخاذ إجراءات تقشفية واقتصاد الطاقة لمواجهة غلاء الأسعار يبقى «مجرد شعار أمام حجم الأموال العامة التي تهدر على مثل هذه المهرجانات»، التي تقام سنويا، حيث كان من الأجدر «تخصيص تلك المبالغ لتوظيف المعطلين والزيادة في الرواتب الدنيا للفئات الصغرى من الموظفين، وتعبيد الطرق التي تقام فوقها هاته المهرجانات، وتوفير المزيد من البنيات التحتية للعالم القروي». ووفق البرنامج، فإن المهرجان الذي سيدوم ثلاثة أيام، سيقدم للجمهور فنانين وطنيين ودوليين كالفنانة ماجدة الرومي التي شاركت مؤخرا في مهرجان الموسيقى الروحية بفاس، كما أنه من المرتقب مشاركة المطربة سميرة بن سعيد والمغنية أسماء لمنور والفرنسية إنزو إنزو والمجموعة الإيبيرية حنين واي سون كوبانو. وقالت كريمة بنيعيش في ندوة صحفية إن للمهرجان عدة أهداف، من بينها إشراك «تطوان المليئة بالحياة» في مشروع حيوي لتشجيع التنمية المستدامة وقيم الانفتاح والحوار والتبادل الثقافي، مضيفة أنه يهدف إلى رفع معنويات النساء المحليات في عدة مجالات واللواتي كن «نشيطات» خلال سنوات. كما أوضحت أنه في مغرب اليوم، تلعب النساء دورا أساسيا في عملية «بناء مجتمع حديث وديمقراطي». وعلى العكس من ذلك، تقول رسالة الهيئة الوطنية لحماية المال العام إنها كانت «تنتظر من الحكومة إقامة مهرجانات قضائية جدية لمتابعة ناهبي المال العام وتقديمهم إلى القضاء، واسترجاع ما نهبوه وفق ضوابط المحاكمة العادلة»، ومهرجانات أخرى لاسترجاع العقارات العمومية والمقالع والرخص والثروات البحرية، حتى نتمكن جميعا من إقامة احتفالات فنية مغربية تكون مناسبة لاستعادة الشعب المغربي لخيراته وإنصافه وتخليصه من لوبيات ومافيات الفساد الاقتصادي».