مع انطلاق الدورة ال11 لعيد الكتاب، الذي تقيمه وزارة الثقافة المغربية بتعاون مع الحكومة الأندلسية بإسبانيا بمدينة تطوان، انطلقت مجموعة من الانتقادات والمؤاخذات ضد ما تعرفه هذه التظاهرة من «ترامي» وزارة الثقافة على إرث خاص بتطوان منذ فترة الحماية الإسبانية، حيث لم تعد الوزارة متعاونة فقط بل أصبحت طرفا منظما، ما أدى إلى فقدان عيد الكتاب لتوهجه باعتباره تظاهرة كبيرة تجعله نافذة على الإنتاج والإبداع ووسيلة لتحريك المجال الثقافي في المنطقة. وانتقد عدد من الكتاب والمثقفين عيد الكتاب لتطوان في دورته الحالية، كما اعتبر أعضاء حاليون وسابقون لفرع تطوان لاتحاد كتاب المغرب أنه منذ تولي مكتب الفرع الأخير لمسؤوليته وهو يعاني عدة اختلالات من الناحية التنظيمية، حيث لم يعقد الفرع أي اجتماع له مع أعضاء المكتب منذ ثلاث سنوات، أي بعد عقد الجمع العام، مما أدى إلى «غياب صياغة أية مواقف أو تصورات تجاه عيد الكتاب والتحولات التي يعرفها». واستغرب الشاعر رضوان أعيساتن، وهو مستشار لفرع اتحاد كتاب المغرب بتطوان، كيف أن وزارة الثقافة تحولت من طرف «متعاون» مع الجماعة الحضرية وفرع تطوان لاتحاد كتاب المغرب إلى طرف «منظم» له، في حين، يقول أعيساتن، أن التظاهرة هي تراكم لعمل الفرع و«من المفروض حمايتها وتطويرها وتنميتها لخدمة المدينة، وليس لتهميش الفرع». ورغم أن اتحاد كتاب المغرب حاضر كطرف منظم فإنه يفتقر إلى وجود أي عضو بالفرع في تنظيم تظاهرة عيد الكتاب، حيث شهد حفل الافتتاح غياب رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الحميد عقار، وهو الغياب الذي لم يستسغه عدد من المفكرين والأدباء. ويقول كاتب آخر إن البنية التنظيمية «الهشة» هي التي أتاحت الفرصة أمام وزارة الثقافة لبسط هيمنتها على هذا المكتسب الثقافي لتطوان، حيث فرضت نفسها كمتدخل أساسي سواء من الناحية التنظيمية أو في صياغتها لبرنامج التظاهرة، كما أنها لم تأخذ بعين الاعتبار سوى «جزء من المشروع المقدم من طرف فرع تطوان لاتحاد كتاب المغرب». ومن بين الملاحظات التي يسجلها عدد من المفكرين ارتباك في التنظيم الذي يتجلى في عدم تواصل البرنامج مع المشاركين، كما أنه لم توجه إليهم دعوات ولا حتى إلى عدد من الصحافيين لتغطية حفل الافتتاح أو الأنشطة الموازية له. ويشدد كاتب آخر على أن من ضمن أولويات عيد الكتاب عقد لقاءات ثقافية مع تلاميذ المؤسسات التعليمية، وهي اللقاءات التي كان يعتبرها أعضاء الفرع عملا قاعديا من شأنه أن يرسخ تقاليد تداول الكتاب، وهي اللقاءات التي جمدها الفرع الحالي. كما يؤاخذ مثقفو تطوان فرع تطوان لاتحاد كتاب المغرب الحالي على «تخليه عن أوراش الحكي والتشكيل» التي كانت تتم داخل المؤسسات التعليمية، والتي يصفها أعيساتن ب «التجربة الرائدة» والهامة من أجل تفجير الطاقات الجديدة وتحويل هذه المؤسسات إلى فضاءات جمالية. أغلبية المثقفين، الذين استطلعت «المساء» آراءهم، ينتقدون تغيير موعد تنظيم عيد الكتاب من 23 أبريل، وهو التاريخ الذي يخلد اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، إلى يوم6 يونيو المتزامن مع فترة الامتحانات والانشغالات الدراسية لعدد من الأساتذة والمفكرين. فالفرع لم يستطع ولو المحافظة على ذلك التاريخ كمكتسب للمدينة منذ فترة الحماية الإسبانية. كما تأسف عدد من الكتاب على تركيز المنظمين على دور النشر الإسبانية أكثر من المغربية «نظرا إلى ارتباطات خاصة تجمع بين عضوي الفرع وبين بعض المثقفين الأندلسيين»، تقول شاعرة من مدينة تطوان. وعرف عيد الكتاب لهذه السنة غياب عقد ندوات أو تقديم مؤلفات عن الفكر السياسي أو القضايا الراهنة، وهي المواضيع التي من شأنها أن توسع من جمهور المتلقين والحاضرين.