كشف مصدر مغربي رفيع المستوى ليومية «المساء» أن أكثر من 500 يهودي من إسرائيل وعدة دول أوربية أخرى سيقومون بزيارة لمدينة تطوان أيام 14 و15 و16 من هذا الشهر، حيث سيمارسون خلالها طقوسهم وشعائرهم الدينية اليهودية. وأفاد المصدر ذاته بأن وزارة الداخلية وبعض المصالح الاستخباراتية عقدت اجتماعات على أعلى مستوى من أجل ضمان أمن وسلامة اليهود الزائرين للمدينة، وهي الزيارة التي مازالت، إلى حدود الآن، محاطة بسرية تامة تخوفا من ردود فعل غير متوقعة من طرف المعارضين لها. وسيضم الوفد العبري اليهود المغاربة الإسرائيليين وآخرين من دول أوربية كفرنسا وإسبانيا، كما سيحضر اليهود التطوانيون المقيمون بالأندلس، ومدن سبتة ومليلية والدار البيضاء وطنجة. وحسب برنامج الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام، فإن اليهود سيترحمون في اليوم الأول للزيارة على أرواح ذويهم بالمقبرة اليهودية بتطوان حسب طقوسهم العبرية، وفي اليوم الموالي سينظمون حفلا في النادي الثقافي والرياضي اليهودي الكائن بشارع مولاي العباس بمناسبة الاحتفال بعيد «هيلولة الرابين إسحاق بن الوليد» وإقامة شعائر دينية داخل معبده «ياجديل توراة»، فيما سيقيمون في اليوم الأخير الذي سيصادف يوم الأحد، قداسا دينيا يهوديا في بيعة ابن الوليد بحي القدس (الملاح) سابقا. وحسب ما توصلت إليه الجريدة، فإنه لم تبق في تطوان سوى سبع عائلات يهودية بعدما كانت المدينة تؤوي 35 ألف يهودي قبل أن يهاجر بعضهم إلى «الأرض الموعودة». وأوضحت الكاتبة اليهودية التطوانية المقيمة بإسبانيا إستير بن داحان، خلال اتصال هاتفي مع «المساء»، أنها لم تعد إلى مدينة تطوان منذ مغادرتها مع أسرتها لها في الثمانينيات، نظرا إلى ما تحمله في ذاكرتها من «تهميش لها ولأسرتها» من طرف المغاربة، حسب قولها، وهو ما جسدته بتفصيل في كتابها الأخير «دعه سنعود». ويقول مصدرنا إن زيارة الوفد اليهودي لمدينة تطوان ستعرف إنزالا أمنيا مكثفا بسبب الهاجس الأمني الذي يسود المنطقة في هذه الفترة بالذات، كما تتزامن مع اتخاذ المغرب لاحتياطات أمنية مشددة، خصوصا بعد اعتقال عبد القادر بلعيرج، المتهم بربطه علاقة مع تنظيم القاعدة وبالتخطيط لاغتيال يهود مغاربة وشخصيات سياسية وعسكرية. ويعتبر الرابين إسحاق بن الوليد، الملقب من طرف الطائفة اليهودية ب«العادل»، أحد أكثر الحاخامات احتراما وتقديرا من طرف اليهود السفارديم، حيث عمدت حكومة الأندلس إلى ترميم بيته الموجود في المدينة. واتسمت الهوية اليهودية التطوانية بتدينها البالغ وتشددها في الالتزام الحرفي بالدين اليهودي ومعتقدات التوراة والتلمود، ويمكن هنا الإحالة على دراسات حاييم زعفراني، حيث أحصت دراسات عبرية وجود 652 وليا، ضمنهم 126 مشتركا بين المسلمين واليهود، و15 وليا مسلما يقدسه اليهود، و90 وليا يهوديا عند المسلمين، فيما يتنازعون في 36 وليا، كل واحد منهم ينسبه إليه. كما سبق لصامويل يوسف بنعيم أن أصدر في 1980 دراسة مفصلة عن مراسيم ما يزيد على خمسين هيلولة (احتفال ديني يهودي مغربي) مرتبطة بمواسم الأولياء اليهود بالمغرب التي تبرز حالة السعي اليهودي بالمغرب إلى التماهي مع الحاخامات وتجديد هذا السعي سنويا. وأشار مراقبون إلى أن توقيت الزيارة اليهودية لتطوان هو جد دقيق في هذه المرحلة التي يعرف فيها الشارع المغربي تنظيم تظاهرات تنديدا ب«المحرقة» الصهيونية ضد الفلسطينيين واحتجاجا على الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة. يذكر أن مدينة تطوان شهدت، يوم أول أمس، وقفة احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، تم خلالها ترديد شعار «الموت لإسرائيل»، كما تم فيها حرق العلم الإسرائيلي.