استبعاد شخصيات ريفية من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال يثير الجدل    سعر صرف الدرهم يستقر مقابل الأورو ويتراجع مقابل الدولار    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    قرار العدل الأوروبية.. البرتغال تؤكد على الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    انتخابات رئاسية باهتة في تونس يغيب عنها التنافس    نتانياهو يصف دعوة ماكرون للتوقف عن مد إسرائيل بالأسلحة "بالمخزية والعار    إنطلاق أكبر مسيرة وطنية في الرباط دعما لفلسطين ولبنان في الذكرى الأولى للسابع من اكتوبر (فيديو)    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    صدمة في البرنابيو.. كارفاخال يعاني من إصابة مروعة        ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالجديدة نهائي النسخة ال7 من الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    طقس الأحد.. زخات رعدية ببعض مناطق المملكة        افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أمام "سكوت" القانون.. "طروتينيط" تغزو شوارع الحسيمة    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك…تأكد صحة وثيقة تلوث مياه "عين أطلس"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    التونسيون يصوتون في انتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد في السجن    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    انطلاق برنامج الحملات الطبية المصغرة لفائدة الساكنة القروية بإقليم إفران    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    مضيان يقود لائحة كبار المغادرين لقيادة حزب الاستقلال وأدمينو أبرز الملتحقين    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    هكذا علقت هولندا على قرار المحكمة الأوروبية وعلاقتها بالمغرب    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية    إنزال كبير لطلبة كليات الطب بالرباط في سياق الإضرابات المتواصلة -فيديو-    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)            من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائشة الشنا: التقيت سعيدة لمنبهي في السجن وعبرت لي عن رغبتها في العمل معي
نشر في المساء يوم 27 - 06 - 2008

يسميها أصدقاؤها «الحاجة العزيزة»، وهو اللقب الذي صارت تنادى به منذ أن أدت مناسك الحج، ويتهمها خصومها بنشر الدعارة والكفر، ولكن عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي، تفتح هنا قلبها لقراء «المساء» لتروي جوانب مؤثرة من حياتها.
- تزوجت مباشرة بعد أدائك مناسك الحج؟
< في سنة 1966، زرت الحرم الشريف، وفي رحلة العودة التقيت زوج إحدى صديقاتي في الباخرة، وعن طريقه تعرفت على زوجي الذي كان ضابطا في البحرية، حيث زاراني في مكتب التربية الصحية، وهناك تم إخبارهما بأنني مريضة ولم أحضر للعمل، وبحكم أن زوج صديقتي يعرفني، اقترح على صديقه أن يزوراني في البيت. وبالفعل، حضرا إلى البيت وطلبت منهما أمي الدخول لأن الجو كان ماطرا، كنت مريضة ولم أستقبلهما، لكن زوجي شاهد صورتي معلقة على الحائط، وفي ظرف أسبوع واحد تزوجنا.
بدأت شخصيتي تتغير بعد ولادة ابني الأول في سنة 1968، حيث بدأت أتساءل كيف يمكن أن يوجد في المغرب أطفال متخلى عنهم. وفي تلك الفترة التحقت بجمعية أخرى هي الاتحاد النسائي المغربي، التي كانت ترأسها السيدة عائشة التراب، وفي الوقت نفسه كانت هي رئيسة المكتب الجهوي للعصبة المغربية للتخطيط العائلي. في هذه الجمعية توسعت معارفي، وصرت على اتصال أكثر مع مشاكل الناس، حيث بدأت أزور الخيريات.
- هل هناك قصة إنسانية أثرت في حياتك؟
< ذات مرة سألاحظ أن أطفالا صغارا كانوا يدمجونهم في خيرية الفتيات، وكنت ألاحظ العدد الكبير للفتيات في الخيرية، وأتعقب قصة كل واحد على حدة. وذات مرة كنت أحدث الأطفال وأحثهم على التعايش كإخوة، فجأة ستقف أمامي فتاة وجهت إلي نظرات حادة وقالت لي إنها تريد أن تقول لي شيئا، فقالت: «أنا لم أعرف في حياتي غير الألم، فكيف تطلبين مني أن أمنح الآخرين الحب». صدمت لتصريح الفتاة، التي على الرغم من حداثة سنها كان لها موقف مما تعيش. تصريحها هزني كثيرا، وصرت أفكر فيه مرارا...
- هل كنت تزورين السجون في تلك الفترة؟
بالفعل، فنحن كنا لنحمل برنامج التخطيط العائلي إلى البوادي والسجون، وفي أوساط رجال الأمن والجيش والمستشفيات... وهو بهدف توعية الناس. وفي تلك الفترة، أثار انتباهي تقبل الرجال حديثي مع نسائهم حول قضايا كانت في عداد الطابوهات، حيث كنت أكشف لهم المواضيع التي سأناقشها مع نسائهم وفتياتهم.
- إذن كان توجهك اجتماعيا منذ الوهلة الأولى؟
< بالفعل، فمسيرتي بدأت اجتماعية، بحيث لم تكن لي تجارب ولا دراسات حقوقية، فأنا لم أكن حتى على علم بماذا تعنيه حقوق الإنسان، وأحمد الله الآن لأنني لم أتوجه للمجال الحقوقي في تلك الفترة، إذ لو كنت سلكت هذا الاتجاه ل»كلت العصا».
بفضل المكانة التي كانت تحظى بها عائشة التراب رئيسة الجمعية، استطعنا أن ندخل السجون، ونخاطب النساء عن الأمراض الجنسية، ونوعيهن... في تلك الفترة، كانت هناك ثلاث سجينات مشهورات بسجن كراج علال بالدار البيضاء، هن سعيدة المنبهي وربيعة لفتوح، وفاطمة عكاشة. هؤلاء الثلاث كنت أراهن معزولات في زنزانة لوحدهن، وكنت كلما رأيتهن من بعيد أرى بأيديهن كتبا يقرأنها. لم أكن أعرف أن سبب اعتقالهن سياسي، ولم يكن لي الحق في التقرب منهن. كان مدير السجن آنذاك صعبا، ولم تكن لي علاقة قوية معه، وبعد تغييره أصبح للسجن مدير لطيف كنت أتواصل معه بشكل جيد ومريح.
خلال زياراتي المتكررة للسجن اكتشفت أن هناك أطفالا يعيشون رفقة أمهاتهن السجينات هناك، وهؤلاء الأطفال تغلق عليهم الأبواب ويعيشون مثل أشخاص مذنبين.
كانت علاقتي بالمدير وطيدة، وطلبت منه، بلطف، أن يعزل الأطفال عن أمهاتهم في الليل وأن يتم جمعهم في غرفة واحدة.
- استجاب المدير لطلبك؟
< نعم، ولم أكن أتوقع ذلك. ومنذ تلك الفترة، بدأت أتقدم نحو الأمام، حيث التقيت مدير التعاون الوطني وطلبت منه هو الآخر أن يعمل على مساعدة السجينات من خلال فتح أوراش لتعلم الحرف. في تلك الفترة، اكتشفت أن المغاربة كان يلزمهم فقط من يوجههم لأنه كان لديهم الاستعداد الكامل للمساعدة والتضامن في ما بينهم.
- ألم يسمح لك نهائيا بمقابلة سعيدة لمنبهي ورفيقاتها؟
< ذات يوم تلقيت رسالة طويلة كتبتها سعيدة لمنبهي عن قصة سجينة عملت خادمة منذ صغرها. هذه الخادمة تقلبت على البيوت إلى أن صارت تجهل والديها الحقيقيين. كانت الفتاة جميلة، وعندما راسلتني سعيدة لمنبهي وقدمت لي قصتها كانت مدة عقوبتها على وشك الانتهاء. وسعيدة نبهتني إلى أن إحدى الباطرونات، من السجينات، تتربص بها وتهيء لتضمها إلى شبكتها، مستغلين حاجتها، حيث لم يكن لها بيت تقصده بعد خروجها من السجن. ومنذ تلك الفترة، بدأت ألتقي سعيدة لمنبهي وأحدثها، وكانت قصة الفتاة الخادمة أول ما تداولنا بشأنه. ذات يوم كنت أتحدث أنا وإياها فأخبرتني قائلة: «عندما أغادر السجن سأتوجه إلى العمل الاجتماعي مثلك». رحبت بالفكرة، فيما ظلت هي تمعن النظر في.
- تداولت معها حول قصة اعتقالها؟
< كنت أسمع بأنها معتقلة سياسية، لكنني لم أكن أفهم معنى ذلك. وذات مرة سألتها عن سبب اعتقالها، فأجابتني بأنها معتقلة «على السياسة»، ثم رددت بسذاجة «قولي لهم ماذا يريدون حتى تتمكني من الخروج وبعد ذلك تعالي معي».
- وماذا كان رد فعلها؟
< ابتسمت ابتسامة لا تزال ماثلة في ذهني، لعلها أدركت أنني لا أفهم شيئا في تلك الأمور، لكنها لم تعلق على ما قلت، ولا عقبت عليه، وإنما اكتفت بتلك الابتسامة الرائعة، التي بقيت الصورة الوحيدة التي أتذكرها عن سعيدة لمنبهي إلى أن سمعت بأنها توفيت من جراء الإضراب عن الطعام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.