يسميها أصدقاؤها «الحاجة العزيزة»، وهو اللقب الذي صارت تنادى به منذ أن أدت مناسك الحج، ويتهمها خصومها بنشر الدعارة والكفر، ولكن عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي، تفتح هنا قلبها لقراء «المساء» لتروي جوانب مؤثرة من حياتها. - كنت تنسقين العمل مع منظمة أرض البشر؟ < ذات يوم زارتني مساعدة اجتماعية اسمها ميشيل بنيحود، وهي ممثلة منظمة أرض البشر. ميشيل جاءت تطلب مساعدتي من أجل إدخال طفل خضع لعملية في سويسرا إلى روض للأطفال تابع للعصبة المغربية لحماية الطفولة بثمن مناسب. وبالموازاة مع ذلك، كانت لدي عدة قضايا، ضمنها قضية الفتاة التي تريد التخلي عن ابنها، وقضية أرملة تريد إدخال أبنائها إلى الخيرية. عرضت المشكلتين على ميشيل، فقررت مساعدتي، حيث أرسلنا طلبا للمساعدة إلى منظمة أرض البشر، فوافقوا على مساعدتنا. - كنت تتلقين المساعدة أيضا من الراهبات؟ < بالفعل، فقد تعرفت على راهبة اسمها ماغي جونتيل توريي، وهي مساعدة اجتماعية. تقربت منها أكثر، واكتشفت أنها تشتغل على حالات اجتماعية أكثر من التي أشتغل عليها. بدأنا نتعاون، وصرنا نشتغل معا. في تلك الفترة توطدت علاقتي بماغي وميشيل بنيحود. وذات يوم تعرفت على ممثل لمنظمة أرض البشر حضر إلى المغرب. تعرفت عليه عن طريق ميشيل، وناقشنا عدة قضايا لحالات إنسانية. وفي تلك الفترة اقترحنا عليه إنشاء روض لاحتضان الأطفال الصغار الذين تريد الأمهات التخلي عنهم. قبل الفكرة، لكنه اشترط علينا إيجاد مقر. - إذن التجربة بدأت بإنشاء روض للأطفال؟ < نعم، وبالفعل بدأنا نبحث عن مقر، ولجأنا إلى النقابة لكن دون جدوى، ولم يبق لنا غير جمعية الصم والبكم التي كانت ماغي عضوا فيها. اقترحت علي ماغي التحدث في الموضوع مع الراهبة الرئيسية فاستجابت. حكيت للراهبة عن الحالات التي أشرف عليها، فقبلت الفكرة، وتشكل بالتالي أول روض للأطفال في وضعية صعبة. - واستقبل الروض الحالات التي كنت تشرفين عليها؟ < استقبل الحالات التي كنت أشرف عليها وحالات أخرى أطلعتني عليها ماغي جونتيل. كانت حالات صعبة جدا، فقد عاينت أطفالا متخلى عنهم يوضعون في صناديق الخضر وآخرين مقيدين... وانطلاقا من هذه الحالات بدأت أتعلم العمل كمساعدة اجتماعية. - وماذا كانت نتيجة أول أعمالك؟ < مرت أيام على إنشاء الروض، وبعد مدة حضرت لمقابلتي فتاة تحمل بين يديها طفلة صغيرة، ولم تكن الفتاة سوى نموذج للحالات التي اشتغلت عليها، أي حالة الأم التي كانت تريد التخلي عن ابنها لضغوطات العائلة. اعتقدت في البداية أنها أنجبت طفلة أخرى غير شرعية، لكنها كشفت لي أنه مباشرة بعد إيداع طفلها غير الشرعي في الروض بدأت تشتغل وتعرفت على رجل حكت له حكايتها، فقبل الزواج بها، واعترف بابنها على الرغم من أنه ليس من صلبه، وأن الطفلة التي تحملها هي ابنتها الثانية. فرحت لهذه النتيجة، وتأكدت أن العمل أعطى أكله، فقررت المواصلة. - أصبح الروض إذن يحتضن الأطفال في وضعية صعبة؟ < بالفعل، وبصفة استثنائية استقبلنا حالة أم عازبة رفضت التخلي عن ابنها، ولم يكن لها مكان تعيش فيه. لم يكن الأمر قانونيا، لكننا خاطرنا، لأننا لم نرد أن تذهب إلى الشارع. وإلى جانب هذه الأم العازبة، استقبل الروض أيضا أما أخرى، هي تلك التي أجبرتها والدتها على التخلي عن ابنها فرفضت. وذات يوم سيبلغ إلى علمنا أنهما تتعاركان، وأن إحداهما ستحاول إحراق الأخرى بواسطة مقلاة مملوءة بالزيت الساخن، ساعتها أدركت أن جمع الأطفال مع الأمهات في مكان واحد أمر غير ذي جدوى. - وماذا كان رد فعلك؟ < اتصلت بالفتاة وطلبت منها أن تمنحني عنوان عائلتها حتى أتصل بها وأصلح بينهما. المهم أعطتني عنوانا خطأ، وعدت من رحلة إلى منطقة عبدة، التي دلتني عليها كعنوان، خالية الوفاض. الأم الأولى استطعنا أن نخرجها من الروض واشتغلت ووجدت لنفسها مكانا تأوي إليه، فيما امتنعت الأخرى عن الخروج وظلت تهددنا بقتل ابنتها. اضطررت، في ظل إصرارها على إخفاء عنوان عائلتها الحقيقي، إلى تهديدها باستعمال العنف واللجوء إلى الشرطة، فكان أن اصطحبتني هي إلى بيت عائلتها. دخلنا الدوار حيث تقطن، ثم إلى بيت عائلتها. واكتشفت أن عائلتها كانت على علم بموضوع الحمل، وأنها كذبت علي عندما أخبرتني بأنها ترفض العودة خوفا من العقاب. العائلة تعرف أنها كانت حاملا من أحد أبناء الجيران الذي تقدم إلى خطبتها وافتض بكارتها قبل تسجيل عقد الزواج لتحمل منه، ومباشرة بعد ذلك تنكر لها.