«الشبيبة الإسلامية» هي أول اسم عكس التوجهات السياسية الإسلامية بعد مرحلة ساد فيها خطاب اليسار الذي كان المتمرد الأول على النظام. لا يمكن الحديث عن الشبيبة الإسلامية دون الحديث عن زعيمها عبد الكريم مطيع الحمداوي، هذا الرجل الذي ترك المغرب منذ 33 عاما، واستقر في ليبيا، ولم يعد رغم مظاهر الانفراج وعودة الكثير من المتمردين على النظام إلى «أحضان الوطن». أول تهمة كبيرة نسبت إلى الشبيبة الإسلامية، هي تورطها في اغتيال الزعيم الاتحادي عمر بن جلون. ومنذ ذلك الوقت، تشتت أفراد هذا التنظيم بين السجون والمنافي وباقي التنظيمات والجماعات الإسلامية، وما عاد وجودهم اليوم يقلق السلطات. عكس أغلب زعماء الأحزاب والجماعات الإسلامية الكبرى الذين يتحدرون من مناطق أمازيغية، فإن مطيع من مدينة بن احمد في قلب الشاوية، التي رأى النور فيها قبل 73 عاما، وفي الثامنة عشرة من عمره انخرط في صفوف المقاومة في مراكش، وبعد سنة واحدة جرب أول اعتقال في حياته، ثم أطلق سراحه ليؤسس في مدينة بنسليمان «منظمة الكشفية الإسلامية»، من أجل أن يحولها إلى فرع لجيش التحرير في غابات بنسليمان، لكن أعضاء هذا التنظيم لم يقدر لهم دخول الغابة إلا من أجل التنزه، لأن المغرب حصل على استقلاله سنة واحدة فقط بعد ذلك. بعد الاستقلال، تدرج مطيع في سلك التعليم إلى أن أصبح رئيس لجنة مراجعة مناهج التعليم نهاية الستينيات، لكن يبدو أنه هو نفسه قرر أن يغير منهاجه، فأصبحت السلطات المغربية تنظر إليه كرجل خطير، فقرر ترك المغرب سنة 1975، بعد أن قال إن هناك مخططا سريا لاغتياله من طرف الدولة المغربية. بعد ذلك صدر في حقه حكم بالمؤبد، وحكمان غيابيان بالإعدام. يتوفر مطيع على بطاقة المقاومة، وكان عضوا في اتحاد كتاب المغرب، وأصدر عدة كتب تتراوح مواضيعها ما بين «الدولة الإسلامية: شرعية الوجود وآلية التأسيس»، وبين «فقه الأحكام السلطانية». أصبح مطيع آخر المتمردين المنفيين بعد عودة مومن الديوري إلى المغرب. وعلى الرغم من أن مواقفه تميزت بالكثير من اللين في السنوات الأخيرة، إلا أن مقامه الطويل في الجماهيرية ربما جعله أول زعيم لما يعرف بالتيار الإسلامي السياسي، ينسى نهائيا قضية العودة إلى المغرب.