بحسب بيان البراءة من الشبيبة الإسلامية الذي أصدره الأستاذ عبد الإله بنكيران بتوقيع ثلاثة عشر من القيادات السابقة في الشبيبة الإسلامية بتاريخ 6 يناير 1982 يمكن أن نقف على المراجعات الآتية: 1 إنكار بعض المواقف التي اتخذتها قيادة الشبيبة الإسلامية والتي لم تكن موضع اتفاق ولا تشاور بين أعضاء الشبيبة الإسلامية في الداخل ومرشدها في الخارج 2 استنكار الموقف الغامض من قضية الصحراء الذي لم يكن قد نزاع داخل صفوف الشبيبة الإسلامية في أنها جزء لا يتجزأ من المغرب 3 إعلان البراءة مما تضمنته مجلة المجاهد من لمز وتشهير بعامة الدعاة إلى الله في العالم 4 إعلان البراءة وعدم تحمل مسؤولية أي تصرف أو عمل أو بيان يحمل اسم هذه الجمعية أي الشبيبة الإسلامية . بحسب هذا البيان، الواضح أن الأمر لا يتعلق بمراجعات بقدر ما يتعلق بالبراءة من الشبيبة الإسلامية لتعبير قيادتها عن مواقف لم تكن موضع اتفاق من قبل ولم تكن تشكل القناعات المرجعية للشبيبة الإسلامية، وما يؤكد هذا المعنى أن البيان تحدث عن موقف الشبيبة الإسلامية من قضية الوحدة الترابية وأنها كانت تؤمن بمغربيتها، ولم يحدث أن ثار نقاش داخلي أو اختلاف في الموقف بهذا الخصوص، وأكثر من ذلك فلقد حملت رسالة الأستاذ عبد الإله بنكيران إلى وزير الداخلية تأكيدا على أن توجيهات مطيع قبل الحكم عليه بالمؤبد كانت تحث أعضاء الجمعية على التزام التي هي أحسن في دعوة الناس وعدم القيام باي عمل من أعمال العنف والشغب وأنه على غثر صدور الأحكام لا حظنا تغيرا واضحا في توجيهات مطيع كان آخرها إصداره لمجلة من الخارج باسم الشبيبة الإسلامية سماها المجاهددون استشارتنا ولا إخبارنا، وأنه بناء على هذا التحول دعوت بعض أعضاء الجمعية إلى لقاءات تدارسنا فيها أحوالنا والتطورات المستجدة أعقبها إصدار بيان في جريدتين وطنيتين هما العلم والميثاق الوطني. بحسب هذه الرسالة، فإن لعبد الكريم مطيع خطان: خط ما قبل إصدار الأحكام وهو خط الدعوة بالحكمة والتزام التي هي أحسن وهو الخط الذي بقي أعضاء الشبيبة الإسلامية يلتزمون به ، وخط ما بعد صدور الأحكام الذي عبرت عنه مجلة المجتهد يدعو فيه مطيع إلى العنف والتطرف كما اتخذ موقفا مشبوها من قضية الصحراء المغربية المسترجعة بحسب هذه الرسالة، ووفق ما تضمنه بيان البراءة لا يتعلق الأمر بمراجعات بقدر ما يتعلق بإعلان براءة من الانتساب لجمعية لم تعد تحافظ على خطها وأعلنت عن تحول استراتيجي في مواقفها ومنهجها الحركي دون أن يكون ذلك موضع اتفاق ومشاورة بين أعضاء التنظيم. لكن هذا التفسير يترك وراءه سؤالا محوريا يتعلق بخط الشبيبة الإسلامية قبل إصدار الأحكام، وهل كان الأستاذ عبد الإله بنكيران في بيانه ورسالته يتحدث عن خط الشبيبة الإسلامية كما استقر في أدبيات قيادتها التاريخية وخطها الحركي، أم كان يتحدث عن فهمه الخاص لهذا الخط لاسيما وأن انتماءه للشبيبة الإسلامية لم يكن إلا بعد اغتيال عمر بن جلون وخروج القيادة إلى الخارج (1976)؟ الإجابة على هذا التساؤل تقتضي من جهة بسط أهم المواقف التي عبرت عنها مجلة المجاهد لاسيما في عدديها الأولين، ثم مقارنة ذلك بما استقر من مفاهيم داخل الشبيبة الإسلامية وما عبرت عنه كتابات الأستاذ مطيع في بعض المجلات العربية وبخاصة مجلة المجتمع الكويتية. إن الجواب عن هذه التساؤل يفضي بنا إلى تحديد الزمن الحقيقي لانطلاقة المراجعات من جهة، كما يؤدي بنا إلى معرفة الخط الذي كانت تعبر عنه الشبيبة الإسلامية سواء قبل صدور الأحكام أم بعده، وهل يتعلق الأمر بتحول فكري وحركي عاشته الشبيبة الإسلامية وقاد إلى إعلان البراءة منها، أم أن الأمر يتعلق بصحوة ذهنية كانت الاعتقالات سببا فيها، إذ تعرف أعضاء الشبيبة وقياداتها الوسيطة على حقيقة هوية الحركة وأهدافها وخطها التغييري، وتنبهوا بعد ذلك إلى خطورته فبادروا إلى إعلان البراءة منه بحجة الانحراف عن الخط وحدوث تحول في الموقف لم يكن من قبل موضع اتفاق أو تشاور.