قال الأستاذ عبد الإله بن كيران إن مقتل عمر بن جلون هو جريمة في حق الرجل وفي حق تنظيمه وفي حق الحركة الإسلامية، وقال في برنامج مراجعات الذي بثت قناة الحوار جزءه الأول أمس الاثنين:لا أستطيع أن أجزم من الفاعل لأني لم أكن في هذه المرحلة من أعضاء الشبيبة الإسلامية، ولا أستطيع أن أتهم أحدا، ولا أن أحكم على أحد، وكشف بن كيران أنه في تلك المرحلة لم يقطع صلته بالشبيبة الاتحادية، ولم يرتبط تنظيميا بعد بالشبيبة الإسلامية، وأن انتماءه إليها كان بعد اغتيال عمر بن جلون في ابريل 1976 ، مؤكدا أن جسم الشبيبة الإسلامية كله آنذاك وبعض قياداتها في إشارة منه إلى الأستاذ إبراهيم كمال لم يكونوا على علم بذلك، وأن الرواية التي روجت آنذاك من قيادة الحركة هو أن الدولة أرادت التخلص من تنظيمين قويين في المغرب، يمثل الأول الجناح النقابي بقيادة عمر بنجلون، ويمثل الثاني قوة سياسية ناهضة بقيادة عبد الكريم مطيع، واعتبر عبد الإله بن كيران أن عمر بن جلون كان يمثل قيادة سياسية كبيرة، وأنه واحد من الثلاثة الذين كادوا أن يحدثوا تغييرا جوهريا في المغرب، واعتبر اغتياله جريمة بكل المعايير الشرعية والعقلية والسياسية، وأكد بن كيران أن هذا الحدث المؤلم كان له تأثير سلبي على الحركة الإسلامية في المغرب، وأنها احتاجت إلى وقت طويل للتخلص من تداعيات هذا الحدث ونفي تهمة العنف عنها، وقال: لازال هذا الأثر يلحق بالحركة الإسلامية، ولست أدري هل تخففت منه الآن أم لا، واعترف بن كيران أن الأثر السلبي الذي تركه اغتيال عمر بن جلون على الحركة الإسلامية لم يكن فقط في الضربات التي تلقتها فيما بعد والحملة التي شنت ضدها، ولكن في موقف المجتمع والصورة التي تمثل بها الشبيبة الإسلامية، وقال بن كيران: أصعب من الضربات القاصمة التي توجهت للشبيبة الإسلامية موقف المجتمع، فالمجتمع المغربي حين يتأكد من أن تنظيما ما يتبنى العنف يتخذ موقف صارما ضده، وأكد عبد الإله بن كيران أن الجيل الذي رافقه والذي يقود الحركة الإسلامية اليوم، وأشار إلى قيادات مثل الدكتور سعد الدين العثماني، وعبد الله بها عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، والأمين بوخبزة النائب البرلماني عن دائرة تطوان لم يلتحقوا بالشبيبة الإسلامية إلا بعد اغتيال عمر بنجلون. هذا وتعرض بن كيران في هذا اللقاء لمساره السياسي والحركي، وذكر أنه نشط في الشبيبة المدرسية التابعة لحزب الاستقلال وأنه التقى بالزعيم علال الفاسي مرتين مع زمرة من الشباب قبل سنة ,1973 واستغرب كيف يتسع وقت هذا الزعيم السياسي لاستقبال شباب لمرتين، ولم يتذكر بن كيران ما جرى في هذين اللقاءين غير أنه لمس من علال الفاسي لطفا كبيرا في التعامل وصدرا رحبا في النقاش إذ لم ينزعج طيلة اللقاء على الرغم من أن الشباب أعربوا له أكثر من مرة تعاطفهم مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم أشار بن كيران إلى أنه ارتبط بالشبيبة الاتحادية وتقاسم معها منطق الرفض للظلم الاجتماعي والمعارضة للنظام، وظل على نوع من الصلة بها إلى غاية أبريل ,1976 وهي السنة التي انتمى فيها للشبيبة الإسلامية، وذكر بن كيران إلى أنه ظل يحتفظ بخلفيته الإسلامية وعاطفته الدينية طيلة فترة انتمائه للشبيبة الاتحادية، وأنه فارق هذا التنظيم لأنه لم يلمس في أنشطتها حضور الدين ومفرداته، وفسر بن كيران سبب ارتباطه بالشبيبة الاتحادية بقوله: استهواني في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ما كان يستهوي المغاربة جميع من رفض للأوضاع السياسية والاجتماعية، واستهواني فيه أيضا أنه كان أقل تطرفا. وعزا بن كيران تحوله الحركي الكبير إلى كتاب معالم في الطريق لسيد قطب الذي سلم له في إحدى جلسات الإخوان، ووصف بن كيران التأثير الذي أحدثه هذا الكتاب في نفسيته وفكره بالانقلاب، وأكد بن كيران في هذا الجزء من مراجعات الذي سجل في صيف هذه السنة قبل أن ينتخب أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، أنه لم يلتق عبد الكريم مطيع في المغرب، وأن أول لقاء له به كان سنة 1977 في الحج، وكشف بن كيران عن المحنة التي تعرض لها مع جهاز المخابرات وعن التعذيب الذي تعرض له في مخافر الشرطة، وكشف تفاصيل عن قيادته لمظاهرة المسجد المحمدي سنة 1980 بعد محاكمة قيادات الشبيبة الإسلامية، وأنه هو الذي ألقى الكلمة التي حركت المظاهرة وبح صوته فيها، ولم يستطع أن يكملها، وأشار إلى أنه اعتقل بعدها إلى جانب بعض قيادات الشبيبة الإسلامية وحكم عليه بثلاثة أشهر. وعن المراجعات التي تحركت في ذهنه مبكرا ذكر بن كيران أن هجران بعض الشباب للحركة الإسلامية وترك بعضهم للتدين بسبب الابتلاء الذي تعرضوا له في الاعتقال جعله يطرح أسئلة عميقة على كسب الحركة الإسلامية وقال بن كيران: أن يترك الشباب الحركة الإسلامية هذا مفهوم، لكن أن يتركوا التدين، فهذا معناه أن خللا كبيرا يوجد في الحركة التي قامت بتنشئتهم، وأكد بن كيران أن هذه القضية كانت المنطلق لبقية المراجعات التي تبناها في محطات لاحقة من حياته الحركية. واعترف بن كيران أن الفترة الأولى التي قضاها في السجن لم تدفعه إلى أية مراجعة، بل زادته تمسكا بنهج الشبيبة الإسلامية، وأن المراجعات الكبرى بدأت في مرحلة لاحقة مع سنة 1981 وفترة السجن الثانية سنة .1982