ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهندس محمد الحمداوي يحكي لــ"التجديد": فصول في العمل الطلابي الإسلامي بالمعهد الزراعي - الحلقة الثانية
نشر في التجديد يوم 07 - 02 - 2008


يكشف المهندس محمد الحمداوي في هذا الجزء فصولا من تجربة العمل الطلابي الإسلامي المعهد الزراعي، وكيف لعب المسجد دورا كبيرا في تنميته، كما يحكي طرفا من التعايش بين الجماعات الإسلامية داخل المعهد، وكيف استطاع الأخ عيسى امكيكي أن يؤسس لقواعد تصريف الخلاف بين مكونات الساحة الإسلامية العاملين داخل المعهد، ويلقي الضوء على الطريقة التي تم بها تسليم الأخ الديني لشباب القنيطرة إلى الجماعة الإسلامية، ومنهجية الإدماج التي اعتمدها محمد الحمدواي لصهر إخوة القنيطرة في التنظيم. حكا الأستاذ عبد الله بها جزءا من معركة المسجد مع اليسار في المعهد الزراعي، هل يمكن لكم أن تشرحوا لنا كيف لعب المسجد دوره في تقوية الوجود الطلابي الإسلامي بالمعهد الزراعي بالرباط؟ كان المسجد عبارة عن غرفة واحدة كانت في الأصل مخصصة للسكن، وكان الأخ عبد الله بها هو الذي خاض معركة المسجد وكسبها على الرغم من اعتراض اليسار عليه، وبعد تخرجه بعامين، صار المسجد يضم ست غرف بالإضافة إلى الممر، وصرنا نقيم في هذا المكان خطبة الجمعة، ويأتي من خارج المعهد بعض السكان لحضورها، وكان للمسجد لجنة مشرفة عليه تعين من يقوم بخطبة المسجد، ومن يتولى الإشراف على مكتبة المسجد، ومن يقوم بإلقاء الدروس وغير ذلك. في هذه المرحلة، أي في سنة 1980, سيظهر أول فوج لطلبة جماعة التبين بالمعهد الزراعي، وكانت تجربة أول تعايش إن صح التعبير داخل المسجد بين إخوة ينتمون إلى الشبيبة الإسلامية وبين تنظيم آخر. وكيف دبرتم تسيير المسجد ؟ كان الأخ عيسى امكيكي هو المسئول عن المعهد الزراعي وكان في مستوى عال من الاستيعاب، وكان من بين طلبة التبين الذين التحقوا بالمعهد الدكتور رضا ابن خلدون، وبقي الكل يذكر الأخ عيسى امكيكي بعد تخرجه بأنه قاد المرحلة بكل نجاح، واستطاع أن يستوعب الخلافات وأن يدبر التباين الموجود بين الشبيبة والتبين في المعهد الزراعي، فرغم الصراعات المفترض أن تكون بين الشبيبة وبين تنظيم خرج منها إلا أن الرجل كان يتمتع بطريقة استيعابية يجد الجميع فيها ذاته ولا يحس بأدنى إقصاء أو مصادرة، فكانت كل الملفات التي يفترض أن يقوم عليها الصراع مثل تدبير المسجد، وخطبة الجمعة وإلقاء الدروس والإشراف على المكتبة والتدبير المالي، يديرها الأخ عيسى امكيكي وكأننا نعيش في جماعة واحدة. وكانت طريقته في الحقيقة نموذجا طيبا لتدبير الخلاف. وكيف تيسر لكم بناء عمل طلابي داخل المعهد؟ بعد التخرج في يوليوز 1981 كلفت أن أشرف على طلبة السنة التحضيرية للمعهد الزراعي، فتوصلت بلوائح جميع المدن التي سيلتحق طلبتها بالسنة التحضيرية ، وتكلفت بمهمة إسكان طلبة فاس ومكناس ووجدة ...، وأشرفت على العملية بكاملها، واستطعنا أن نكون خلايا استقطبت طلبة السنة التحضيرية، وقضينا طيلة سنة 1981 نؤطر هؤلاء في الجلسات ونعدهم للعمل الطلابي بالمعهد الزراعي، وختمنا السنة بمخيم صيفي عرضنا فيه العضوية على من لم يعلن بعد التحاقه بالجماعة ، فلما أقبل الموسم الدراسي الجديد، وبفضل هذا الزخم والتراكم الذي حصل طيلة السنة، استطعنا أن نقف في وجه الأساليب اليسارية التي كانت تترجم الوصاية التي يفرضها الطلبة القدامى على الطلبة الجدد، فطرحنا الأمر على الاختيار، حيث لم نعترض على فكرة البيزوطاج، ولكن قلنا إن الأمر على الاختيار الذي يتيح فرصة للطالب الجديد أن يرفض أن تمارس عليه الأشكال المهينة لكرامته، واستطعنا أن نعبئ قطاعا واسعا من الطلبة وقامت معركة هجم فيها اليسار المتطرف على الإخوان، فكان رد فعل الإخوة قويا، وتدخلت الشرطة لفك الاشتباكات، وبقيت الأجواء متوترة بعد ذلك في المعهد قرابة شهر كامل أو يزيد. ألم تقع أية اعتقالات في صفوف الطرفين؟ لم تقع أية اعتقالات لكن وقعت جروح وكسور في أطراف بعض الطلبة، وقد أصيب رضا ابن خلدون في يده على إثر هذه الأحداث. وهل كان لهذه الأحداث من أثر على العمل الطلابي الإسلامي؟ كانت هذه المحطة نقطة تحول كبيرة في مسار العمل الطلابي بشكل عام، إذ أشرت على بداية تغير موازين القوى لغير صالح اليسار، وظهور طرف قوي في المعادلة. وهل تكررت المواجهات مرة أخرى بين اليسار والإسلاميين؟ على إثر هذه الأحداث فكر الإخوة في الجماعة الإسلامية وكذا في التبين بالقيام بإنزال من مدن أخرى لتأديب اليسار على تجاوزاتهم الخطيرة وعلى استهدافهم للإخوان، ولما سمعنا بعزم الإخوة على تنفيذ هذا الإنزال جلسنا نحن في الجماعة الإسلامية إلى الإخوة في التبين وتدارسنا الأمر، وانتهينا إلى ألا فائدة من الإنزال، وأن عدد الإخوة في المعهد كاف لصد أي عدوان، وأنه لا داعي لطلب معونة إخوة من خارج المعهد، وكلفت أنا وأحد الإخوة بالذهاب إلى محطة الحافلات بالقامرة لإقناع الإخوة بالرجوع من حيث أتوا، وأنه لا داعي من تدخلهم في المعهد، وقد وجدنا صعوبة كبيرة في ثنيهم وإقناعهم بالرجوع إلى مدنهم وكان الأمر أشد صعوبة بالنسبة للوافدين من مدينة البيضاء ، وكانوا يقولون لنا إنكم لا تفهمون عقلية اليسار ونفسيته، فهؤلاء إن لم يجدوا فيكم قوة في الرد فسيعاودون الكرة وسيزيدون في عدوانهم عليكم، وقد ظللنا الصباح كاملا نقنعهم بأنه لا فائدة من ذلك، وقد استطعنا أن نتجنب هذا الإنزال وتداعياته على عمل الإخوة الطلابي في المعهد الزراعي. دعني أسألك أستاذ محمد الحمداوي عن الطريقة التي تم بها تدبير مفاصلك للشبيبة الإسلامية؟ اجتمعت للإخوة المعطيات والمبررات الكافية لاتخاذ هذا القرار خاصة بعدما حكا الأمين بوخبزة تفاصيل المكالمة الهاتفية التي أجراها مع عبد الكريم مطيع، وقد اتصل الأخ عبد الإله بنكيران والأخ بها بي في القنيطرة، وجلسنا في لقاء مطول وحكيا لي كل الخطوات التي اتخذوها توقيا لتشتيت الصف، بدءا بدعوة مطيع إلى توحيد المخاطب وتحديد برنامج الحركة وتوجهها العام ومواقفها من العديد من القضايا، وأطلعاني على موقف مطيع من العروض التي قدمها إليه الإخوة، ومضمون الزيارات والأسفار والاتصالات التي تمت به، ولم أجد بعد كل هذا أي تحفظ على قرار الإخوة، خاصة وأنني منذ البدء سمعت مؤاخذات على قيادتها، وكنت دائما أستصحب الدعاء النبوي : اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وهل كانت لكم صلة بالأستاذ عبد الإله بنكيران الذي كان وقتها من قيادات العمل الطلابي داخل الشبيبة الإسلامية؟ كان أول لقاء لي بالأستاذ عبد الإله بن كيران في مسجد السويسي 2, وقد عرفته جريئا لا يتردد في أخذ الكلمة والخطبة بصوت قوي، وقيادة المظاهرات وتزعم الاحتجاجات إلى درجة أنه مرة في سنة 1979 حضر في محاضرة في وزارة الثقافة حول مساندة الجهاد الأفغاني ألقاها الشيخ مجددي، وقد حضر هذا النشاط نخبة من المسئولين ،ولعله كان من تنظيم أحد المندوبيات الرسمية ، وقد أخبرنا في المعهد بهذا اللقاء، فقمنا بإنزال إلى القاعة، وتقدم الشيخ مجددي وألقى كلمته ولما انتهت المحاضرة وأوشك اللقاء على النهاية، تقدم الأستاذ عبد الإله بن كيران وكان يلبس جلبابا مغربيا أبيض، وطلب الكلمة، فأعطيت له فشكر المحاضر وذكر بالاحتلال الذي تعيشه أفغانستان لكنه فاجأ الجميع حين قال بصوت عال :إن تحرير أفغانستان يبدأ بتحرير الرباط من الطواغيت ولما سمع الجمهور الذي كانت غالبيته من أبناء الشبيبة الإسلامية هذه العبارة انطلقت القاعة صاخبة ترفع الشعار الشبيبة الإسلامية هي أساس التنمية وبدأ المسئولون يخرجون من القاعة، وانفض الجمع مباشرة بعد ذلك. وهل انقطعت علاقتك بالقنيطرة لما التحقت بالمعهد الزراعي بالرباط؟ بقيت علاقتي مع الحي الذي كنت أشتغل فيه، لكني هذه المرة قمت بعرض العضوية على الشباب الذين كانوا ينتظمون في الجلسة التربوية وكان من بين الذين انتموا في هذه الفترة للشبيبة الإسلامية الأخ إحسان، وكنت أتوزع عشية الأحد على ثلاث جلسات، جلسة في حي لاسيتي، وجلسة في المدينة العليا وكان الأخ نور الدين الدروي يشرف عليها، وجلسة قرب محطة القطار وكان فيها الأخ سعيد البصري، وبدأ يتكون العمل في هذا القطاع الذي يضم ثلاث جلسات، وكان يشكل ثلث العمل بالمدية القنيطرة، لأنني بعد ذلك سأدرك أن القنيطرة بها ثلاث قطاعات، قطاعان مرتبطان مباشرة بالأخ أحمد الديني، وقطاع ثالث كان تحت إشرافي، وكنت أنسق فيه مع الأخ نور الدين الدروي، وكان الدروي ينسق مع الأخ محمد بنينير، وكان محمد بنينير مرتبطا بشكل مباشر بالأخ أحمد الديني. وكيف فهمت هذه الارتباطات التنظيمية بين هؤلاء الأشخاص؟ بعد ما استقر العمل في الرباط، وانفصلنا عن الشبيبة الإسلامية، وبدأت الجماعة الإسلامية تشتغل، التقى عبد الإله بنكيران الحاج علال العمراني، وقال له :إن مدينة القنيطرة تعيش وضعا خاصا فهل يمكن لك أن تتحدث إلى الأخ أحمد الديني في شأنها فكلفت بالاتصال بالأخ أحمد الديني في مسجد سوق المسيرة، ولم أكن أعرف الرجل، وكنت فقط أحمل معي اسمه. وكيف لقيته؟ صليت في مسجد سوق المسيرة، وربما سألت عنه ودلني أحد عليه، ومن فرط السرية التي كنت أومن بها، فقد تابعته في المشي حتى صرت في مستواه وصرت أسير إلى جانبه، فسألته هل يكون هو الأخ أحمد الديني؟ فأجابني بالإيجاب وذكرت له أني مبعوث من قبل عبد الإله بن كيران وأنه كلم الحاج علال العمراني وذكرت له الحكاية، وبدأت علاقتي به من هذا اللقاء القصير، إذ بدأت أزوره في بيته في بام مرة في الأسبوع. وكيف بدا لك الرجل؟ كان يبدو لي أنه رجل في غاية التحفظ، إلى درجة أنه كان يتحفظ من الشباب الذين يتحدثون في المجلس التربوي بشكل مستمر والذين يظهرون في الصورة كثيرا، لكني حاولت أن أستوعب النموذج الذي يريد أن يتعامل معه، وكنت ألقى ذاتي في هذا الأسلوب الذي كان ينتهجه خاصة ونحن كنا حديثي عهد بالانفصال عن الشبيبة الإسلامية وكانت مسألة السرية في التنظيم ذات أولوية عندنا، وكان لنا موقف من الأشكال الجديدة في العمل التي يتحدث عنها الأستاذ عبد الإله بنكيران، فتطورت الاتصالات بيني وبين الأخ أحمد الديني ، وفي إحدى اللقاءات، وكان الأخ محمد بنينير حاضرا فيها، بدأ الأخ أحمد الديني يسأله عن حي الفيلاج ولاسيتي وعن المسئول في هذا القطاع، وكان الأخ محمد بنينير يرد عليه ويقول يشرف عليه أحد الإخوان، لكن الإخوة دائما يتحدثون لنا عن طالب من المعهد الزراعي يأتي إليهم ويقوم بدور التأطير إلى جانب المشرف، فسأله عن اسم هذا الطالب فقال محمد بنينير: إنهم يقولون إن اسمه محمد الحمدواي وكنت جالسا أستمع، ولما أخرج منه كل المعلومات التي يعرفها عن محمد الحمداوي أشار إلي وقال له هذا هو محمد الحمداوي الذي تتحدث عنه دون أن تعرفه فكانت هذه هي أول مرة ألتقي فيها بمحمد بنينير. وهل اطمأن أحمد الديني إليك؟ مع مرور الأيام شعرت أن الأخ أحمد الديني بدأ يرتاح لطريقتي في تدبير العلاقة، إذ كان الرجل يخاف على العمل بمدينة القنيطرة، وحاول أن يبعده عن أجواء الفتنة، وقطع المدينة عن جميع الاتصالات التي يمكن أن تأتي من الرباط أو البيضاء أو أية مدينة أخرى. وقد فشلت كل المحاولات التي قام بها آخرون، لكنه انفتح علي وبدا يحدثني عن جلسات الإخوة وعن تقسيم المدينة، وكان العمل بمدينة القنيطرة غير خاضع لأية هيئة قيادية تسيره، إذ كان الكل مرتبطا بشكل مباشر بشخص أحمد الديني، فكان في المدينة الأخ محمد بنينير، وكان في قطاع لاسيتي والمدينة العليا ومحطة القطار الأخ نور الدين الدروي، وكان رشيد صدرات ورشيد بلمقيصية في قطاع بام، وكان لكل حي خصوصيته كما للمدينة خصوصيتها أيضا. ومع مرور الوقت بدأت من جهتي أوضح له بعض المعطيات عن منهجية العمل على المستوى المركزي، وأفسر له مسار العمل الإسلامي في ظل الجماعة الإسلامية إلى غاية سنة 2891, إذ ستنعقد أول جلسة لمكتب منطقة القنيطرة في الرباط، فالتمست إذنه، واقترحت عليه أن أجلس أنا والأخ محمد بنينير ورشيد بلمقيصية، وقبل الفكرة، وكان ذلك تقريبا هو تسليمه لهذا الفريق الثلاثي العمل الإسلامي بالقنيطرة، فصرت أمثل ولأول مرة مدينة القنيطرة في لجنة العمل الإسلامي بالرباط التي كان يشرف عليها عبد الإله بنكيران الأخوان وعبد الله بها وكان ذلك في سنة 2891, وهي السنة التي التحق فيها رسميا العمل الإسلامي بالقنيطرة بالجماعة الإسلامية، وبدأت أقوم بدور التنسيق والتواصل، فأنقل صورة عن العمل في القنيطرة وخصوصياته للجنة المشرفة في الرباط، وأنزل التوجيهات والقرارات والمستجدات إلى الإخوة في مدينة القنيطرة. ماذا تقصد بالخصوصيات؟ كان للعمل الإسلامي في القنيطرة خصوصياته، وكان للشباب المؤطر في جلسات القنيطرة نظرتهم الخاصة لأسلوب العمل الإسلامي في الرباط، إذ كانوا يرون فيه نوعا من التهور والاندفاع، وكانوا لا يهضمون مواقف الأخ عبد الإله بن كيران، وكنت أجد صعوبة كبيرة في تحمل مسؤولية التعامل مع هذه الخصوصيات، فقد كان مطلوبا مني من جهة أن أحافظ على الأمانة التي سلمها لي الأخ أحمد الديني وألا أضيعها، ومن جهة أخرى كان مطلوبا مني أن أساهم في دمج هؤلاء الإخوة في أسلوب الجماعة الإسلامية في العمل الإسلامي، وهذا كان يفرض علي أن أتحلى بقدر كبير من المرونة، وقد حافظت على هذه المعادلة الصعبة إلى أن نظمت لهم مخيما صيفيا للاتصال المباشر بالأخ عبد الإله بن كيران وعبد الله بها، ولم يكن الإخوة في القنيطرة ولا الأستاذ عبد الإله بنكيران سبق وأن التقيا، إذ كان الاتصال بينهما يتم عبر الأخ محمد الحمداوي وأردت في هذا المخيم أن أكسر الحاجز. ولماذا بالضبط عبد الإله بنكيران وليس محمد يتيم الذي كان يشغل مهمة رئيس الحركة؟ كنا مرتبطين تنظيميا بالرباط، ولم يحدث لي شخصيا أن التقيت بالأستاذ محمد يتيم إلا في سنة 1983 حينما جاء يخبرنا أن الجماعة فوضت لجهة الرباط بقيادة عبد الإله بنكيران طلب الترخيص لجمعية الجماعة الإسلامية والعمل في إطار الشرعية. وأذكر أنني لم أكن متفقا مع هذا الخيار معنى هذا أن الإخوة في اللجنة المشرفة على العمل في الرباط لم يكونوا كلهم يقبلون بفكرة العمل في إطار الشرعية؟ نعم، كان ضمن هذه اللجنة بعض الإخوة الذين لا زالوا أوفياء لخط السرية.من بينهم كان الأخ الزويتن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.