قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، أخيرا، ب 12 سنة سجنا نافذا في حق زوج متهم بالضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح، في حق زوجته ما تسبب في موتها.وكانت المصالح الأمنية فتحت تحقيقا في ملابسات القضية، لتحال بعد ذلك على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف. وأفادت المصالح ذاتها أن الضحية المدعوة "ع.م" (36 سنة)، أم لثلاثة أبناء، اضطرتها الظروف للخروج إلى ميدان العمل بهدف تأمين مصاريف حياتها وإعالة أبنائها، بعدما أصبح الزوج غير قادر على تحمل مسؤولياته الأسرية وإدمانه المفرط على شرب الخمور، إذ كان ينفق المال الذي يحصل عليه من وظيفته كنادل بأحد المقاهي، في تناول الخمر، الذي كان المتهم يدعي أنه وسيلة ناجعة بالنسبة إليه لنسيان مشاكله والهروب من واقعه اليومي المرير. عاشت الزوجة مدة من الزمن في صراع يومي مع شريك حياتها، قبل أن تترسخ لديها قناعة بضرورة البحث عن عمل وولوج سوق الشغل بغرض توفير دخل قار يقيها العوز، ويحفظ لها كرامتها وينقذ أسرتها من براثن الفقر، فعملت الضحية خادمة في البيوت، واستمر الوضع على ما هو عليه لفترة من الزمن، لم يكن المبلغ الذي كانت الضحية تحصل عليه كافيا في تلبية حاجياتها اليومية المتزايدة، إضافة إلى أنها كانت تسعى جاهدة إلى توفير مستوى معيشي محترم لأبنائها حتى يستمروا في دراستهم، ولضمان مداخيل إضافية كانت الضحية تبيع الأكياس البلاستيكية بأحد الأسواق الشعبية. كانت "ع.م" تقضي يومها منهمكة في العمل بين واجبات البيت والعمل كخادمة، وأثناء عودتها إلى المنزل تجد في انتظارها عملا متراكما وشاقا يبدأ بالتنظيف والطهي، إلى جانب زوج يترقب عودتها على أحر من الجمر، ليس لأنه لا يحتمل بعدها عنه بل كي تمده بالنقود، إذ ما إن يعلم أن الزوجة جنت بعض المال من عرق جبينها حتى يأتي إلى البيت ليبتزها. كانت في البداية تقدم له جزءا بسيطا من المال، لكن أمام ارتفاع المصاريف اليومية لم تعد تستطيع المواكبة، فأصبحت تمتنع عن إعطائه المال، وأمام رفضها كان يسبها ويشتمها، ولإخضاعها كان يكسر كل الأواني وأثاث البيت وينهال عليها بالضرب المبرح حتى ترضخ لطلباته وتقدم له المال، وبقي المشهد يتكرر كلما علم أن الزوجة تحصلت على بعض النقود. وليلة وقوع الحادث، دخلت الضحية إلى المنزل الذي كانت تقطن به رفقة أبنائها، وبدأت بالتنظيف، وفي تلك الأثناء تفاجأت بعودة الزوج إلى المنزل من أجل سلبها المال بالإكراه، فرفضت الضحية تمكينه من المال، وبدأت المشاداة الكلامية بينهما إذ وجه لها عبارات نابية، ما دفعها إلى الرد عليه، فبادر الزوج إلى توجيه لكمات قوية إلى الضحية، ما اضطر هذه الأخيرة، في محاولة منها للدفاع عن نفسها، إلى دفعه ليسقط أرضا قبل أن يستعيد توازنه، ويحمل آنية كانت موجودة بقربه ويشق بها رأس الضحية، فسقطت مغمى عليها والدم يسيل من رأسها، وأمام هول ما حدث انتاب المتهم خوف شديد، وأبلغ مصالح الأمن والإسعاف، اللذين نقلوا الزوجة إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية من أجل إنقاذها، لكن القدر لم يكن رحيما بها ولفظت أنفاسها الأخيرة مباشرة بعد وصولها إلى المستشفى جراء نزيف دموي حاد تعرضت له.