بات ممر الكرة الأرضية من أهم النقاط السوداء، بمدينة الدارالبيضاء، بعد أن كان وإلى زمن قريب، نقطة منيرة تضيء وسط المدينة، ويحج إليها زوار العاصمة الاقتصادية من كل مكان، لكنه تحول خلال السنتين الماضيتين إلى مكان لتجمع المتشردين والكلاب والقطط الضالة.الكرة الأرضية التي فقدت بريقها فبعد أن كان المكان محجا للعديد من زوار العاصمة الاقتصادية، للتنزه والتجول في ممراتها التحت أرضية ليلا ونهارا، بات يقصده بعض المواطنين اليوم، لقضاء حاجاتهم البيولوجية، ومكانا يحتمي فيه المتسكعون والمشردون من موجة البرد القارس، أوللإفلات من قبضة رجال الأمن. فبعد طول انتظار لأعمال إصلاح هذه "المعلمة" البيضاوية، ما زال المكان مقفلا في وجه الزوار، تجاوزت مدة انتهاء الأشغال في الكرة الأرضية الثلاث سنوات، ورغم أن مدة الإصلاح المحددة قبل بدء الأشغل هي ستة أشهر، ورصد لها ميزانية أربع مائة مليون درهم لإصلاحها، بمساهمة من البنك المغربي للتجارة والصناعة، بثلاث مائة مليون درهم، ومجلس المدينة بمائة المليون درهم، إذ كان من المقرر أن يجري إصلاح ممراتها التحت أرضية، لتخفيف الضغط على الممرات، التي تقطع الطرقات ساحة الأممالمتحدة، وتتسبب في عرقلة حركة السير المختنقة في المنطقة. يقول منير(ض)، من سكان المدينة القديمة، الذي تحدث بحرقة على المكان، "ليس المشكل في الكرة الأرضية، بل المشكل في المسؤولين، الذين لا يعيرون أدنى اهتمام لمثل هذه المعالم التاريخية، التي تشكل ذاكرة المدينة"، وأضاف "تمنينا لو أنها بقيت على حالها ولم تنلها أيادي الإصلاح، على الأقل كنا نستغلها في بيع بعض السلع، ولم يكن يقصدها الشمكارة لقضاء حاجاتهم". من جهة أخرى وحسب رشيد الهوش، مهندس معماري في الدارالبيضاء، فإن هذه الأخيرة كانت بمثابة حقل تجارب للهندسة العصرية، إذ ومنذ توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، والمهندسون المعماريون من فرنسا وتونس واليونان... يتوافدون مندفعين بحمى العقار، التي عرفتها المدينة، خلال سنوات العشرينات والثلاثينات. بتشجيع من سلطات الحماية، شيد هؤلاء المعماريون بنايات سكنية على أسس الهندسة العصرية والهندسة التقليدية المغربية. وزينت واجهات العمارات السكنية المبنية، خلال سنوات الثلاثينات، بقباب وسواري وشرفات من خشب الأرز وزليج ومرمر، هاته المواد مزجت فيما بينها بشكل يجعلها تتماشى مع الفن الجديد وفنون الديكور، لكن كل هذا بدأت سنون تأكل منه، وتفقده قيمته المعمارية، فيكفي أن نعرف أن عدد البنايات المهددة بخطر الانهيار في أي لحظة يصل إلى ستة آلاف منزل قديم، والتي أكمل جزء مهم منها نصف قرن، وتتركز أغلبية البنايات المهددة بخطر الانهيار، في شارع محمد الخامس وشارع لالة الياقوت وشارع 11 يناير، وفي شارع الزرقطوني والمدينة القديمة، من بين الأسباب التي تعجل بسقوط البنيات، الإهمال الذي تعانيه وقلة العناية والتنقيص من قيمتها، وعدم اهتمام المستثمرين العقاريين بهذه البنايات القديمة.