يعتبر عيد الأضحى من المناسبات الدينية الهامة لتوطيد عرى الأخوة والتضامن وصلة الرحم، وإذا كان لكل مدينة وقرية ودوار تقاليد راسخة في هذه المناسبة، فإن لسكان الصويرة عادات خاصة تختلف في الشكل فقط، وليس في الجوهر عن عادات باقي سكان المدن المغربية الأخرىالاحتفال بعيد الأضحى تبدأ ملامحه الأولى بشراء الأضحية من أحد الأسواق المحلية أو القروية المعروفة، ثمن الشراء يخلف من بائع لآخر حسب سن ووزن الأضحية، وحسب قانون العرض والطلب، وبتكاثر الوسطاء والسماسرة. الأطفال يتباهون بمدى كبر الكبش والتواء قرنيه، ويكون يوم النحر يوما مشهودا في حياتهم، لأنه لا يتكرر إلا مرة في كل سنة. بعد صلاة العيد التي تقام بإحدى الساحات بالمدينة العتيقة، تنطلق عملية نحر الأضحية من طرف أحد أفراد العائلة، وإذا تعذر، يستأجر أحد من خارج الأسرة، وغالبا ما يكون جزار الحي أو جزارا قادما من البادية. بعد هذه العملية، التي غالبا ما يحظر على الأطفال الصغار حضورها، تتكفل النساء بغسل الأحشاء، فمنهن من يهتمن بالأكباد والرئات، وأخريات يتكفلن بغسل أماكن الذبح وإعداد الأواني، وإيقاد النار المجامير وإعداد الكانون، عمليات ما أن تنتهي حتى تبتدئ عملية طهي قطبان الكباب. الرجال تناط بهم مهام إعداد صينيات الشاي محاطين بالأبناء وخاصة الصغار منهم وهم في أزهى لحظات الفرح ينتظرون بشغف أول قضيب للكباب (الزنان) يفتحون به شهية الأكل. إلى هنا يكون الغذاء في هذه الأجواء ذا مغزى تتلوه ظهرا زيارات الأهل والأقارب لتبادل قطبان الكباب كعربون مودة وتضامن، وتكون (التقلية) وهي الحشايا المطبوخة مع التوابل في القدر، وجبة معتادة لدى عديد من الأسر في غذاء ما بعد ظهر يوم العيد. أما وجبة العشاء فغالبا ما تكون مشتركة تجمع أكثر من أسرة في منزل واحد، وفي أجواء حميمية أكثر تعبيرا عن مدى الترابط الاجتماعي الأسري، غير أن هذه المآدب تختلف حسب اختلاف عادات وتقاليد الأسر في الصويرة، بحكم وجود عائلات سوسية وفاسية وأخرى مراكشية، فإن بعضها، خاصة الأسر المراكشية، تستهويها نوعية إعداد أكلة (الطنجية) كخاصية متميزة تتباهى بها عند تقديمها، بينما الخاصية التي نجدها عامة عند أغلب العائلات بالصويرة هي تقديم وجبة (الكتف)، إما مشويا أو مطهيا على الطريقة التقليدية المعروفة ب(الطاجين). وجبة الفطور لليوم الموالي (ثاني عيد) تتكون من رأس الكبش المبخر، ووجبة الغذاء من ضلعة الكبش في (الطاجين)، أما في ثالث يوم العيد فيجري تقديد اللحم، ويحتفظ به إلى عاشوراء، حسب التقاليد المعمول بها. مآدب لا يمكن وصفها إلا بأنها عرس مصغر، وما تكاد تنتهي في ساعات متأخرة من الليل حتى تعود العائلات نفسها في اليوم الموالي للتجمع من جديد ببيت جديد في الغذاء لتناول أكلة (الكسكس) المهيأة بالرؤوس وأرجل الأضاحي، و الشيء يقام في العشاء مع اختلاف في تقديم المأدبة، إما بإحدى أطراف الأضحية وإما بقطبان (الكباب)، حسب رغبة كل أسرة. الأطفال بدورهم يشاركون الكبار أفراحهم بالعيد، إذ يقومون في ثاني يوم العيد بإعداد (تاقدايروت) وهي عبارة عن قدر (طاجين صغير) توضع فيه قطع من اللحم فضلا عن الخضر والتوابل، ويجري تناول هذه الوجبة بشكل جماعي في بيت أحد الأطفال المساهمين في هذا الطاجين. من مميزات العيد كذلك ظهور أفران عشوائية تقام هنا وهناك أمام الدور السكنية، وفي جنبات الأزقة لإزالة أصواف الأضحية اللاصقة برؤوس الأغنام وأرجلها، حول هذه العملية، يتسابق أبناء الأحياء الشعبية كشركاء في (تعاونيات) لا تحكمها قوانين، اللهم إلا من اتفاق شفوي ضمني للقيام بعمليات من هذا النوع تعود عليهم بمداخيل لا تسمن ولا تغني من جوع، لكنها تضمن لهم، ولو مؤقتا، مصروف الجيب.