يعد عيد الأضحى من المناسبات الدينية المهمة لتوطيد وترسيخ الأخوة والتضامن وإحياء صلة الرحم بين المسلمين، فالعيد يوم الرحمة والعطاء يعم الفرح فيه كل بيت وتنطلق الأيدي فلا ترى إلا وجوها مبتسمة وقلوبا بالبشر متسمة. وإذا كان لكل مدينة وقرية تقاليد راسخة بهذه المناسبة العظيمة، فإن لسكان عروس الشمال -طنجة- عادات خاصة بها. هي في الإجمال تختلف في الشكل فقط أما الجوهر فيضل واحدا كباقي عادات سكان المدن المغربية، يرتبط بخروف العيد أو الأضحية التي هي شعيرة من شعائر الدين،سنها خاتم المرسلين سيدنا محمد "ص" تقربا إلى الله تعالى وطلبا لمرضاته و امتنانا لما أصبغ به على عباده من نعم لا تعد ولا تحصى، وإقتداء بخليل الله إبراهيم عليه السلام. فالاحتفال بالعيد تبدأ ملامحه الأولى بشراء الخروف أو الأضحية من الأسواق المحلية أو القروية المعروفة، وثمن شراءه يعود إلى البائع حيث يختلف من واحد إلى أخر بإختلاف المعايير الأساسية والتي تتجلى في سن الأضحية ووزنها مراعاتا بقانون العرض والطلب. وحسب الجولة والاستطلاعات التي قامت بها مجلة طنجة نيوز في الأسواق المحلية بمدينة طنجة، وجدنا الأثمنة تتراوح ما بين 1800درهم إلى 5000درهم. كما أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري في بلاغ لها أن أسعار أضاحي العيد شهدت إرتفاعا مقارنة مع السنة الماضية ب 5دراهم للكيلو بالنسبة لصنف "الصردي" و4دراهم بالنسبة للأصناف الأخرى. بالرغم من هذا الغلاء تضطر الأسر لإقتناء خروف العيد بسبب الفرحة التي يروها في عيون أطفالهم، تلك الفرحة التي لا توصف عند إحضار خروف العيد إلى منازلهم، حيث يتباهون بأكباشهم وإلتواء قرنيها، ويكون يوم الذبح يوما مشهودا في حياتهم لأنه لا يتكرر إلا مرة في السنة. بعد صلاة العيد التي تقام في المساجد يعود كل فرد إلى منزله ليستعد إلى ذبح الأضحية. حيث يقوم بهذه العملية أحد أفراد الأسرة من الرجال، وإذا تعذر ذلك يتم استدعاء جزار الحي أو أحد من الجيران. بعد هذه المرحلة التي غالبا ما يمنع الأطفال من حضورها تفاديا لأي إنعكاسات سلبية على نفسيتهم وهم يشاهدون دماء الأضحية.... يأتي دور النساء اللواتي يتكلفن بغسل وتنظيف الأحشاء فهناك من تهتم بالأكباد والرئات ،وأخريات يتكلفن بغسل أماكن الذبح والأواني، وإيقاد النار في المجامير، عمليات ما أن تنتهي حتى تبدأ عملية طهو الأطباق التقليدية لهذه المناسبة، حيث يجتمعون حول المجامير لشي قطبان الكبد بشغف كبير لتذوق أول قضيب لفتح الشهية به، ويكون مصحوبا بخبز العيد التي تعد خصيصا لهذه المناسبة وذات نكهة خاصة لإحتواءها على توابل عطرية،بالمقابل يقوم الرجال بإعداد صينية الشاي محاطين بالأبناء، خاصتا الصغار منهم وهم في أزها لحظات الفرح، ينتظرون الوجبات الشهية التي تعدها أفراد الأسرة. وهكذا يكون فطور العيد ستفند فرحتا وسرورا. أما في ساعة الغذاء يتم تقديم النصف الباقي من الكبد التي يتم تحضره مع قطع القلب والتوابل، التي تطهى على الفحم لتقدم كوجبة رئيسية. وفي الساعات الأولى من المساء، تبدأ زيارات الأهل والأقارب لتبادل التهاني في جو بهيج وحميمي تام، وبالنسبة للعشاء غالبا ما تكون العائلة مجتمعة مع بعضها لتحضيره معا، وليظهروا مدا الترابط الاجتماعي الأسري، لذا تختلف المئادب حسب تقاليد كل منطقة، وفي مدينة طنجة يتم تحضير وجبة الأحشاء مطبوخة مع التوابل. هذه الأطباق هي لليوم الأول من العيد، أما بالنسبة لليوم الثاني، فيتم الإفطار بطبق المخ الذي يديه جل أفراد العائلة. أما في وجبة الغذاء يتم تهيئ رأس الكبش مع الكسكس، ليكن غذاء جماعي في بيت العائلة... وفي الليل يتم طهو الكتف الأيمن للكبش حسب التقاليد... مئادب لايمكن وصفها إلا بكونها عرس مصغرا تنتهي في ساعات متأخرة من الليل.... وبهذا نكون قد حاولنا نقل لكم ولو بشكل مختصر بعد التقاليد المحلية، آملين أن يحافظ عليها أبناء عروس الشمال.