النظام المدرسي يعاني ن الرشوةكشفت نتائج البحث الميداني، الذي أنجزته ترانسبارنسي المغرب، في أكاديميتين كبيرتين جهويتين للتربية والتكوين، وهما أكاديمية الدارالبيضاء الكبرى، وأكاديمية مكناس تافيلالت، عن العديد من النقط المشتركة في أجوبة مختلف الفئات المستجوبة، سواء في ما يتعلق بالمشاكل التي جرت مواجهتها في المؤسسات، أو على مستوى تقدير آليات وكيفيات تمويل المدرسة، وكذا بنيات تدبيرها خصوصا في شقها المالي. واعتبر معظم المستجوبين أن ميكانيزمات التحويلات المالية غامضة، في ما يتعلق بمعرفة مالية المدارس والنيابات، أو في ما يتعلق بالتحديد الدقيق لمسؤوليات التدبير المالي ودور البنيات المدرسية في هذا التدبير (إدارة المدرسة، مجلس تدبير المؤسسة المدرسية، جمعية آباء وأولياء التلاميذ)، وأشار البحث إلى إخفاق ركيزتين مهمتين للتدبير الجيد للمالية المدرسية، وهما نظام الإعلام وتكوين وتأطير كل الفاعلين المساهمين في هذا التدبير. وأجمع جل المستجوبين على أن الرشوة واختلاس المال العام ظواهر تمثل مشاكل حقيقية في البلد. وجرت الإشارة إلى 29 حالة ارتشاء و13 حالة اختلاس للمال العام من طرف المستجوبين، ولقد حدث ثلثا هذه الحالات في نوع المدارس المتوسطة والمتردية 20 حالة رشوة من 29 المشار إليها و10 حالات اختلاس من 13 حالة المعلنة جرت في مدارس تشتغل في ظروف هشة. وهناك نتيجة أخرى مهمة خلص إليها البحث، ويجب الإشارة إليها هي أن عددا كبيرا من حالات الرشوة واختلاس المال العام تحدث في المدارس التي لا تتوفر على مجلس تدبير. فمن بين ال 18 مدرسة المعنية، هناك 3 مدارس فقط تتوفر على مجلس تدبير. الأمر نفسه في ما يخص المدارس التسع التي عرفت اختلاس المال العام، فهناك مدرسة واحدة من بينها هي التي تتوفر على مجلس تدبير، وهو ما يدفع إلى الافتراض أنه من الأرجح أن وجود مجلس تدبير المؤسسة يمكن أن يشكل حماية ضد تكاثر هذا النوع من الممارسات. وبالمقابل فإن وجود جمعيات آباء وأولياء التلاميذ لا يمنع من ظهورها، فمن بين ال 29 حالة رشوة المعلنة، وقعت 21 منها في مدارس تتوفر على جمعية آباء وأولياء التلاميذ. الشيء نفسه نجده بالنسبة لحالات اختلاس المال العام، فمن بين 13 حالة معلنة، وقعت 10 منها في مدارس تتوفر على جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وفي ما يخص الجواب الذي قال إن "الرشوة هي مشكل جدي في هذا البلد" فإن آراء الآباء المستجوبين غير موحدة بصدده ف 39.1 في المائة منهم متفقون مع هذا الرأي تماما، مقابل 39.4 غير متفقين، و 21.5 في المائة ليس لهم موقف محدد. وإذا أضفنا هذه النسبة الأخيرة إلى نسبة الذين لا جواب لهم (تقريبا 20 في المائة) يمكن القول إن هذه المسألة مازالت من الطابوهات وتظل مسألة تكتسي حساسية على الأقل بالنسبة للمواطنين البسطاء. ومع ذلك فإن هذا لم يمنع نسبة مهمة من المستجوبين من اقتراح محاربة الرشوة كأول فعل يجب القيام به لتحسين النظام المدرسي ونظام الحكامة بصفة عامة. وفي ما يخص مسألة الرشوة، وحتى وإن كان ما يقارب 92 في المائة من المديرين يعتبرون أنها مشكل جدي بالمغرب، فإن أغلبية المديرين يرون أن النظام المدرسي يظل بعيدا عن التأثر بالرشوة (63.3 في المائة) و28.9 في المائة منهم مقتنعون بأن هذا النظام أصيب بداء الرشوة. أما بالنسبة لرؤساء جمعيات آباء وأولياء التلاميذ فيشاطرون، بنسبة 98 في المائة، الرأي القائل إن الرشوة مشكل جدي في المغرب، لكنهم لا يذهبون في معظمهم إلى أن الرشوة قد مست النظام المدرسي، ف 58.8 في المائة منهم يعترضون على ذلك، مقابل 27.4 يتبنونه. فالرشوة تعتبر، حسب المستجوبين، مشكلا جديا بالنسبة للبلد، لكنهم أكدوا أنها تظل هامشية في النظام المدرسي، نظرا لضعف الرهانات المالية في مدارس دون إمكانيات (الرشوة توجد في مكان آخر). كما أن بعضهم أكد أن المدارس لا تملك إلا إمكانيات جدا ضئيلة لا يجري التوصل بها بسبب نظام وبنيات تدبير وإجراءات متابعة ومراقبة مختلة. جهل تام بتدبير المالية المدرسية توضح نتائج البحث في أوساط الأسر تدني معرفتها ببنيات وكيفيات اشتغال المدارس وميكانيزمات تمويلها. وهكذا ف 31.5 في المائة لا يعرفون من هو المسؤول عن تدبير مالية المدرسة، و 41.8 في المائة يؤكدون أن مدير المؤسسة هو المسؤول عن ذلك، و6.8 في المائة يرون أنها النيابة الإقليمية، و6.7 في المائة أجابوا أنها الإدارة المركزية لوزارة التربية الوطنية. وسجل البحث أنه لا أحد ذكر دور مجلس التدبير في إدارة مالية المدرسة. وفضلا عن ذلك، فإن 64 في المائة من المستجوبين لا يعرفون ما إذا كان للمدرسة مجلس تدبير، و15.8 في المائة فقط يؤكدون أن مدرسة أبنائهم بها مجلس تدبير. وتعود مسؤولية تدبير ميزانية المدرسة للمديرين بالدرجة الأولى بالنسبة ل 40 في المائة منهم، بينما يرى 20 في المائة أن على مجلس التدبير السهر على إنفاق ميزانية المدرسة بشكل سليم. ويجهل معظم المستجوبين المسؤول عن القطاع. وفي ما يخص "الاستقلالية المالية للمدرسة" يرى 67.9 في المائة أن المدرسة لا يمكنها أن تقتني مستلزماتها مباشرة، مقابل 30.2 في المائة. ومن المهم حسب البحث ملاحظة هذا التباين في أجوبة رؤساء جمعيات آباء وأولياء التلاميذ ما بين الأكاديميتين، فمستجوبو أكاديمية البيضاء يؤكدون بنسبة 81.3 في المائة أن المدرسة بإمكانها فعل ذلك، بينما مستجوبو أكاديمية مكناس تافيلالت يقولون العكس بنسبة 89.2 في المائة. ويتفقون في ما بينهم تماما (89 في المائة) في القول إن مدرستهم لا تتلقى أي مورد مالي من الحكومة، بينما ليس ل 10 في المائة منهم أي رأي في الموضوع. وحسب 85.4 في المائة من المستجوبين، لم يستفد أعضاء مجلس التدبير من أي تكوين في التدبير المالي. ويعتقد 69 في المائة أن مجلس التدبير مفيد للمدرسة، مقابل 8.4 في المائة يرون أنه غير مفيد أو غير مفيد بالمرة، بينما لا يملك 8.3 في المائة منهم أي موقف. وتبقى المشاكل التي اعترضت تجميع المعطيات المتعلقة بميزانية المدرسة تتعلق أساسا بعدم توفر الوثائق في 35.6 في المائة من المدارس، وبنقصها في ما يقرب من 41 في المائة من المدارس أو عدم الوصول إليها بالنسبة ل 34 في المائة من المدارس، رغم أن المديرين ورؤساء جمعيات آباء وأولياء التلاميذ يؤكدون بنسبة 73 في المائة و46 في المائة على التوالي، أن للمدرسة وثائق تخص الحسابات المالية.