اعتبر تقرير صادر عن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، في إطار مرصد التربية بإفريقيا لترانبرانسي الدولية، أن المنطقة الإفريقية، التي تضم كلا من المغرب وغانا ومدغشقر والنيجر والسينغال وسيراليون وأوغندا، يعرف النظام التربوي بها تبذيرا ملحوظا في الموارد المالية وسيادة الرشوة، ما يعيق الاشتغال الجيد للتعليم الابتدائي بالخصوص. وجاء في تقرير أولي قدمته «ترانسبرانسي» المغرب، صباح أمس الأربعاء بالرباط، أن النتائج المتوصل إليها تبرز الواقع المؤلم، ولكنه، بالمقابل، الواقع الذي يمنح فرصة للفاعلين لفهم جيد للمشاكل التي تمت مواجهتها في إعداد تقرير ترانسبرانسي الدولية، وصياغة توصيات بغية إيجاد حلول ملائمة لها. وفي إطار التقرير الوطني الذي قدمته «ترانسبرانسي» المغرب، ضمن البرنامج الجهوي لمرصد إفريقيا للتربية، الذي أطلقته هذه المنظمة الدولية، ومن خلال تحليل منظومة تدبير وحكامة السلك الابتدائي من التعليم المغربي، تبين أن هناك تدهورا مستمرا في ظروف اشتغال المدرسة العمومية وقدراتها الضعيفة، بالرغم من أن البلد يخصص لها إمكانيات بشرية ومالية هامة. ويضيف التقرير أن الشفافية في مجال التربية ببلادنا تعاني عدة نقائص متعلقة أولا بنظام المعلومات حول الميزانية المخصصة للمدارس الابتدائية، بما يعني غياب المعطيات المتعلقة بالميزانية الخاصة بالسلك الابتدائي. وبالرغم من الرفع من ميزانية التربية الوطنية بنحو 6 بالمائة منذ بداية سنة 2000، يوضح التقرير، فإن هذا القطاع يسجل تدنيا ملحوظا في قدراته على العطاء وفي جودته، كما تشهد على ذلك نتائج التحصيل الرئيسية للمتمدرسين. ويكمن أحد الأسباب الهامة في مشاكل جودة تدبير القطاع ونظام حكامته، وبالخصوص في تدبيره الإداري والمالي. ويتكون التقرير من ثلاثة فصول أساسية؛ حيث خصص الفصل الأول للتعريف بالمنظومة التربوية المغربية على صعيد التعليم الابتدائي، ولتنامي تمويله وللنصوص التشريعية والتنظيمية التي تحكم هذا التمويل وكذا البنيات والفاعلين الأساسيين الذين يسهرون على تدبير مالية المدارس الابتدائية، والذين يضمنون شفافيتها. ويقدم الفصل الثاني نتائج البحث الميداني الذي شمل 60 مؤسسة ابتدائية تنتمي لأكاديميتين جهويتين للتربية والتكوين، هما أكاديمية الدارالبيضاء وأكاديمية مكناس تافيلالت. بينما خصص الفصل الثالث لتقديم الخلاصات الأساسية والتوصيات الرئيسية لتحسين الشفافية والنصوص المتعلقة بتمويل المدارس الابتدائية بالمغرب على ضوء المعلومات ونتائج الفصلين السابقين. ويعتبر تقرير مرصد التربية الإفريقية، الذي ساهم في تقديمه ممثلون عن الدول الإفريقية المعنية وكذا مسؤولون من «ترانسبرانسي» الدولية، ومنهم بالخصوص ستيفان ستوسن، أحد المشرفين على إنجاز التقرير، هو الأول من نوعه في المنطقة والذي يهدف إلى مراقبة حكامة تدبير القطاع المدرسي وخاصة منه المستوى الابتدائي. وأشار التقرير إلى أن المستجوبين أكدوا أن ميكانيزمات التحويلات المالية بالقطاع تعتبر غامضة في ما يتعلق بمعرفة مالية المدارس والنيابات، أو في ما يتعلق بالتحديد الدقيق لمسؤوليات التدبير المالي ودور البنيات المدرسية في هذا التدبير، خاصة على مستوى إدارة المدرسة ومجلس تدبير المؤسسة المدرسية وجمعية آباء وأولياء التلاميذ، ومن تم يتضح إخفاق ركيزتين هامتين للتدبير الجيد للمالية المدرسية هما نظام الإعلام وتكوين وتأطير كل الفاعلين المساهمين في هذا التدبير. وكشف التقرير عن أن الرشوة تعتبر مشكلا جديا في البلاد، وهو الحكم الذي يصبح أقل وضوحا في ما يخص الرشوة في المنظومة التربوية، ويرجع ذلك، حسب المصدر ذاته، إلى أن الرهانات المالية في المؤسسة المدرسية ليست بنفس الأهمية في نظر المستجوبين، مسجلا رصد 29 حالة رشوة و13 حالة تبديد مال عام في المدارس التي تشتغل في ظروف هشة. وبعد أن أشار إلى أن المؤسسات المدرسية لا تتمتع عمليا بأي استقلالية ذاتية، دعا تقرير «ترانسبرانسي» المغرب إلى إصلاح نظام الحكامة بالتخلص من غموض العلاقات ما بين الإدارة المركزية والأكاديميات والنيابات، بتوضيح اختصاصاتها ومسؤولياتها، كل منها على حدة. كما ينبغي اتخاذ إجراءات أخرى مثل تدعيم عملية اللامركزية والتأطير والتكوين في مجالات الإدارة والتدبير المالي والتشجيع على نظام حكامة أكثر حداثة.