شارك في هذه التظاهرة الفنية، المنظمة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حوالي 100 فنان تشكيلي يمثلون جميع جهات المملكة وعشرة فنانين فلسطينيين كضيوف شرف هذه الدورة تعبيرا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. ومثل الفنانون المشاركون في الصالون أجناسا تشكيلية متنوعة تتوزع ما بين التوجه التجريدي وشبه التجريدي والفطري والتصوير الفوتوغرافي، والمدرسة التشخيصية والتشخيصية الجديدة وأسلوب الصباغة والنحت والمنجز الفني، إلا أن القاسم المشترك بين هؤلاء الفنانين رغم اختلاف توجهاتهم تمثل في امتلاكهم لحس فني وملكات جمالية تستوحي نوعيتها وجودتها من أساليب متعددة مبنية على دينامية خلاقة. وجمع المعرض حوالي مائة تشكيلي مغربي من مختلف الأجيال والحساسيات في مكان عرض واحد، تنوعت أشكالهم في التعبير بين فنون النحت والصباغة والكاليغرافيا، وتعددت رؤاهم الفنية للعالم، وتم انتقاء أعمالهم من طرف لجنة خاصة اعتمدت على معيار جودة الأعمال المعروضة، وروعي في هذا الانتقاء كل المدارس التشكيلية من تجريدية وشبه تجريدية، وتشخيصية واتجاه عفوي، والنحت و الاتجاه الفوتوغرافي. وتتيح هذه الدورة الفرصة كذلك لمجموعة من المواهب الفنية الصاعدة ووجوه حديثة العهد في الميدان لعرض وإبراز قيمة أعمالها الفنية والالتقاء بالجمهور، بعدما كانت تشكو من تجاهل دوائر المعارض التقليدية رغم قيمة أعمالها. وتم بالمناسبة تنظيم مزاد علني لبيع أعمال فنية خصص مدخوله لأطفال فلسطين المعرضين لشتى أشكال التنكيل والتقتيل. وحسب عدد من النقاد المهتمين بالفن التشكيلي، فإن رهان المعرض الوطني للفن المعاصر هو انتصار للفن والأيادي التي تبدع بلا مساحيق ولا مجاملات، وبعيدا عن المحاباة. وأضافوا في تصريحات متفرقة ل"المغربية"، أن بعض المشاركين يحاورون التراث بأدوات تقنية كالضوء والظل والحجم والسطح، في حين ينهل آخرون من تعبيرات تشكيلية معاصرة أثبتت خصوبتها مع مطلع القرن الحادي والعشرين. من جانبه، أكد عبد اللطيف الزين، رئيس الجمعية الوطنية للفنون التشكيلية، أن اختيار المدينة الحمراء، لاحتضان هذا الصالون في هذا التوقيت تحديدا، يأتي بالنظر إلى كونها تجلب الكثير من الزوار المغاربة والأجانب في نهاية السنة الذين يشكلون، بالإضافة إلى سكان المدينة، الجمهور المدعو لاكتشاف الفن المغربي المعاصر في مختلف أوجهه، مبرزا أن الدورة الثالثة تحتفي بالفنانين التشكيليين الفلسطينيين كضيوف شرف، تضامنا مع أطفال غزة، علما أن هؤلاء المبدعين يصرون على الإبداع رغم الاعتداءات المستمرة، التي تستهدف سلامة وحياة الشعب الفلسطيني الشقيق، وتراثه وذاكرته وثقافته وفنه. واعتبر الزين في تصريح ل"المغربية" أن هذا الصالون نجح في كسب رهاناته من خلال نسج روابط القرب بين الجمهور وفنانيه والقطع مع صورة الأعمال الفنية المنغلقة على نفسها في فضاءات لا يلجها الجمهور الواسع، وكذا حرص لجنة الانتقاء على جودة الأعمال المشاركة وعكسها الفعلي للمغرب التشكيلي. وأكد أمين أبو حصيرة سفير فلسطين بالرباط، أن مشاركة فلسطين في هذا الحدث للفن المعاصر ومع نخبة مميزة ومبدعة من الفنانين التشكيليين لهو أكبر تكريم لفلسطين وشعبها الذي يكافح من أجل الحرية والاستقلال. وأضاف أبو حصيرة أن فلسطين لبت دعوة المغرب الشقيق، التي تلقتها من الجمعية الوطنية للفنون التشكيلية بالمملكة، لكي يوصل فنانوها التشكيليون رسالة إلى العالم، مفادها أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة. وأوضح سفير فلسطين أن مشاركة فلسطين تجسد روح الإخوة والتضامن بين المثقفين والفنانين الفلسطينيين وأشقائهم في المملكة المغربية حاضنة الإرث الثقافي والحضاري الأصيل. وعبر في الأخير عن شكره وتقديره لهذه المبادرة والالتفاتة الإنسانية النبيلة التي ستترك بلا شك أثرها الإيجابي في بلسمة الجراح، متمنيا لأطفال فلسطين وكل أطفال العالم العيش بأمن وسلام، بعيدا عن شبح الحروب وويلاتها. يذكر أن الدورة السابقة من الصالون الوطني للفن المعاصر خصصت لفنانات تشكيليات مغربيات رحلن على هذا العالم، وبقيت أعمالهن محفورة في ذاكرة الفن المغربي المعاصر.