اختتمت فعاليات الدورة الحادية عشرة للمعرض الوطني للكتاب المستعمل بالدارالبيضاء، يوم 9 ماي، المنظم تحت شعار: "الكتاب ...روح العالم"، من طرف جمعية البيضاوي للكتبيين، طيلة شهر أبريل المنصرم، بكراج علال بمساهمة عمالة الفداء درب السلطان وجمعية الأعمال الاجتماعية والثقافية والرياضية لدرب السلطان، ونادي الكتاب، ونادي القلم المغربي ومختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك والجمعية المغربية لمساندة الأسرة وجمعية تلاميذ الدارالبيضاء، ونادي البذرة الخضراء ورابطة قدماء تلاميذ الدارالبيضاء. وشهدت دورة 2018 إقبالا كبيرا من طرف زوار العديد من المدن القريبة والبعيدة، فضلا عن زوار كازا بلانكا الذين دأبوا على الحلول بفضاء المعرض بشكل يومي لاصطياد كتب مستعملة نادرة. زوار المعرض تألفوا من شرائح متنوعة من التلاميذ والطلاب والأساتذة الجامعيين، والقضاة والمحامين، والأطباء وعشاق الكتب النادرة، اجتمع الكل في هذا الفضاء المتميز من أجل البحث عن كتاب أو عنوان محددة يصعب العثور عليه بين رفوف المكتبات. المهنيون بدورهم كانوا مسرورين بالمعرض وبما حققوا من أرباح، رغم انتقادهم وتذمرهم من أثمان الأروقة التي عرضوا فيها كتبهم، والتي تراوحت بين 3 آلاف و6 آلاف درهم حسب حجم الرواق، إلى جانب استيائهم من الظروف التي يتخبط فيها الكتبي المهني، كعدم توفرهم على بطاقة مهنية، وضمان اجتماعي وتغطية صحية، ومعاش. لكن تبقى أمانيهم كبيرة في المستقبل كأن يخصص لهم مكان أو فضاء خاص بالكتبيين، بمثابة قرية خاصة بالكتاب المستعمل، وأن ينظموا معرضا دوليا للكتاب المستعمل في المغرب حتى يكون الأول من نوعه. "الصحراء المغربية" زارت معرض الكتاب المستعمل، حضرت بداية الفعاليات وانتهائها، ولامست الإقبال الكبير للزوار، الذي توزعوا بين طبقات وشرائح متباينة، إلى جانب المشاركة المكثفة للكتبيين الذين تجاوز عددهم 70 عارضا في فضاء كراج علال بدرب السلطان، الذين اشتملت أروقتهم على 200 ألف عنوان. الزائر لمعرض الكتاب المستعمل تلفت انتباهه خيم بلاسيتكية بيضاء تتراءى من بعيد، تدعو كل من مر بشارع محمد السادس ب (كراج علال)، لإلقاء نظرة على المعرض وعلى العناوين التي تنتمي إلى حقب مختلفة. ومن أجل الاحتفاء بقيمة الفكر والثقافة، سطرت جمعية "نادي القلم المغربي" برنامجا غنيا بفضاء خاص داخل المعرض، جمعت فقراته من كل أدب طرف، من خلال حضور كتاب وشعراء وفنانين تشكيليين، أفادوا الجمهور المتنوع بمداخلاتهم.
في هذا السياق، قال يوسف بورة، رئيس جمعية الكتبيين بالمغرب، ورئيس جمعية البيضاوي للكتبيين، إن الدورة 11 لقيت اقبالا كبيرا مقارنة مع الدورات الأخرى، وهذا راجع لعدة اعتبارات من بينها الاحترافية الكبيرة للكتبيين المهنيين، الذين يعرضون أنواعا مختلفة من الكتب التي يقبل عليها الزبناء بأثمان معقولة تراوحت بين 2 درهم و3 دراهم، و5 و 10 دراهم و20 درهما، وتصل ثمن بعض الكتب ل100 درهم و 400 درهم حسب نوعها وندرتها في سوق بيع الكتب المستعملة، حيث زارت المعرض هذه السنة جميع الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، وحتى الميسورة من عشاق الكتب والباحثين عن الكتب النادرة. وأضاف بورة أن المعرض اشتمل على 200 ألف عنوان في جميع التخصصات، في الفلسفة والفيزياء والرياضيات والإلكترونية والمحاسبة وعلم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد، والقانون، والكتب الإسلامية، وكتب الطبخ، والكتب المدرسية، والكتب الموازية، والتمارين والحلول، والمجلات، أي جميع أنواع الكتب بجميع اللغات بالعربية، والفرنسية، والإنجليزية والألمانية، والإسبانية، وأكد بورة أن معرض الكتاب المستعمل بالبيضاء أضح ملكا للمغاربة وللزوار الأجانب، أيضا، والفضل كله يرجع لكل من ساهم في إنجاح هذه الدورة من سلطات محلية، ووزارة الثقافة التي تدعم المعرض، ونادي القلم، وجميع الشعراء والأدباء سواء الشباب أو الشعراء المعروفين، وكذلك لجنود الخفاء من المتطوعين الذين لعبوا دورا كبيرا في دعم هذه الدورة، هذا الدعم يعطي للكتبيين شحنة ونفسا كبيرين لتطوير مهنتهم وازدهارها رغم الإكراهات التي تحيط بها. وأضاف رئيس جمعية الكتبيين بالمغرب أن معرض الكتاب المستعمل أضحى الآن ينافس أسواقا كبيرة لها صيت دولي كسوق الأزبكية في شارع المتنبي في مصر، وأصبح مفخرة البيضاويين في مدينتهم، حيث يعد الأول في العالم العربي والإسلامي. من جانب آخر ابرز الفاعل الجمعوي ان المعرض اشتمل على العديد من الندوات التي اطرها أساتذة اكفاء بإشراف من نادي القلم المغربي ومختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك. وأوضح يوسف بورة ان الانتقال إلى منطقة كراج علال التي تعتبر ضيفة مقارنة مع الفضاء السابق الذي اعتاد الكتبيون ان يحطوا به الرحال فضاء ساحة السراغنة الكبير، الذي نظمت به عشر دورات، فرضته الأشغال التي يشهدها الفضاء السابق المعتاد، حيث اشتمل المعرض على 70 عارضا جلهم من مدينة الدارالبيضاء، والباقي من فاس، وسطات، والرباط، والراشدية، مشددا على أن جل الكتبيين يتمنون ان يخصص مستقبلا للمعرض فضاء شاسع يشارك فيه كتبييو مختلف المدن، كما يتمنون ان ينظموا اول معرض دولي للكتاب المستعمل تشارك فيه جميع الدول من العالم العربي والإسلامي والغربي. وأبرز بورة أن مشاركة العديد الكبير للكتبيين المهنيين في هذا المعرض، يعتبر انتصارا للمهنة، ومكسبا للمغاربة وليس للجمعية وحدها، وهذا هو هدف الجمعية وهدف الغيورين على الكتاب المستعمل والمشجعين على القراءة، حتى يصبح لدينا قراء لان بعض الاحصائيات اكدت ان المغربي يقرأ دقيقتين في السنة وهذا عار كلنا نتحمل مسؤوليته، سواء الكتبيين، ودور النشر والأساتذة، وحتى المواطنين أنفسهم يتحملون ذلك يجب ان نشجع على قراءة الكتب حتى نصبح بلدا يقرأ.
كتب قديمة جدا ... طيور نادرة
أكد بورة ان الكتبيين يطلقون على الكتب القديمة والقليلة جدا، طيورا نادرة، كونهم يتعبون في البحث والعثور عليها طيلة السنة، ومعظم الكتبيين يشتغلون في أسواق هامشية في مدينة الدارالبيضاء التي لا يوجد فيها سوى 60 موقعا يزاول بيع الكتب القديمة، رغم كثافة سكانها مثل سوق لقريعة القديمة، ودرب غلف، ولبحيرة بالمدينة القديمة. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، يقول بورة، لأن واقع المقروئية في المغرب يعيش فترات الجزر والاضمحلال، موضحا أنه كي تكون كتبيا يجب تتوفر فيك مجموعة من المزايا مثل (صبر أيوب، ومال قارون، وعمر نوح)، مضيقا أن 70 و 80 في المائة من الكتب التي عرضت في المعرض، يتراوح أثمانها بين درهمين و3 دراهم إلى 10 و 20 درهما، وهي اسعار في متناول الطبقة المتوسطة والفقيرة، وكتب اخرى تباين ثمنها ما بين 50 و 100 الى 200 درهم، مفيدا ان لكل جيل كتبه، ولكل باحث مراده. وبخصوص الجمعية البيضاوية للكتبيين، أفاد بورة أنها تأسست سنة 2004، حيث انطلق أعضاؤها من الصفر وأصبحوا اليوم ينافسون أكبر أسواق الكتب المستعلمة كسوق الأزبكية في مصر الذي كان يقصده أشهر الكتاب والمفكرين المصريين. وقال بورة إن المعرض الذي تجاوزه عشريته ويتطلع إلى الاستمرارية ليصبح من حوليات الدارالبيضاء، يضرب كل سنة موعدا مع الشعراء والمثقفين والتشكيليين من خلال مجموعة من الندوات والأوراش يتبادل فيها الجميع آراهم ويناقشون بعض المواضيع التي تدخل في المجال الثقافي والتربوي والفني والجمالي أيضا، من جهة أخرى لفت بورة إلى أن الكتبيين داخل الجمعية، يناقشون مشاكلهم ومطالبهم، ويتبادون أطراف الحديث حول أنواع الكتب وحول الكتب النادرة، متمنين ان تتوفر الدارالبيضاء على فضاء بمثابة "قرية" خاصة للكتاب المستعمل، تكون مفتوحة بشكل يومي في وجه الزوار.
من جهتها أفادت صفية اكطاي الشرقاوي، عن جمعية "نادي القلم المغربي"، مؤطرة للندوات الخاصة بالدورة 11 للمعرض الوطني الكتاب المستعمل بالدارالبيضاء، ان دورها في هذا النشاط الثقافي، تجلى في مواكبة معرض الكتاب المستعمل، وفي تأطير الندوات الخاصة بالشعر، وفي النثر، وفي تأطير ندوات أخرى اتسعت لتشمل ندوات طبية، وندوات علمية، وندوات في جميع التخصصات. وأوضحت الشرقاوي أنها عاشت في السنة الماضية تجربة كانت صعبة ولكن كانت جميلة جدا، لأنها كانت تمارس الثقافة في أماكنها أي في الشارع في منطقة (ساحة السراغنة)، وليس مع الجمعيات وعينت من طرف جميع الأطراف مديرة لهذا النشاط الثقافي شهرا كاملا، وكان عملا شاقا ومفيدا، لكن هذه السنة اكتفت بأطير الندوات في هذا المعرض الذي شهد اقبالا كبيرا من الزوار ومن الشعراء والادباء، والمثقفين من مختلف المشارب، الذين زاروا وشاركوا في ندواته المختلفة.
شهادات زوار وكتيبين
قال (مصطفى م،) أستاذ جامعي، التقته "الصحراء المغربية" بأحد أروقة المعرض للكتاب المستعمل، إنه لا يخلف موعده مع هذا المعرض، مفيدا أنه يترقب الحدث الثقافي بكل شوق، عله يجد كتابا يساعده في تخصصه وفي بحثه، علما أنه ينجز دكتوراه حول الأدب المغربي المعاصر، وقال إنه دائم التنقل بين المكتبات الكبيرة، للبحث عن عناوين بعينها، وأسر ل"الصحراء المغربية" ان مثل هذه المعارض التي تعيد الاعتبار للكتاب القديم، بها أندر النفائس من الكتب، تتطلب فقط البحث والتردد على مثل هذه الفضاءات. من جهته أفاد (أحمد.ن) موظف (58 سنة)، انه كان ينتظر هذا المعرض بشوق كبير لأنه من المولوعين بقراءة الكتب، وفي الأيام العادية يتنقل بين أسواق الكتب المستعلمة بالدارالبيضاء، للحصول على كتب متنوعة لأنه يجد فيها متعة ومعلومات كثيرة، مؤكدا ان الدارالبيضاء كانت معروفة بانتشار الكتبيين خاصة في مركز المدينة وفي منطقة المعاريف، لكن بوفاتهم تحولت محلاتهم الى متاجر ومطاعم. وقال علال.م (اسم مستعار)، كبتي مهني من الدارالبيضاء، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، إن المعرض شهد إقبالا كبير كباقي السنوات، وان عشاق الكتب المستعملة ينتظرون هذا المعرض سنويا، وانهم حققوا أرباحا لابأس بها، لكن الاثمنة الاروقة التي عرضوا فيها كانت مرتفعة جدا، ما أثر سلبا على عائدهم الربحي، حيث تراوحت بين 3 آلاف و6 آلاف درهم، وطالب الكتب، أن يخصص للكتبيين المهنيين مكان قار وسط او خارج الدارالبيضاء، وبتنظيم هذه المهنة وان يتوفر الكتبيون على بطاقة مهنية. من جانبه قال (جلال، ن) 46 سنة، أستاذ جامعي في مادة التاريخ، في تصريح ل "الصحراء المغربية"، إنه يزور المعرض منذ انطلاقه، وكل يوم يعثر على عنوان قديم/ جديد، وانه عثر على كتاب قديم خاص بتاريخ المغرب اقتناه ب 600 درهم، وانه يأتي ويجلس مع الكتبيين ويتبادل معهم أطراف الحديث، عن الكتب التي يطلب منهم ان يبحثوا له عنها، وان مثل هذه المعارض مهمة، مشددا على أن الكتبيين يجب ان يشاركوا حتى في المعرض الدولي للكتاب.