عقد المكتب التنفيذي للمرصد المغربي للتعليم اجتماعا، بعد ظهر الأربعاء 28 غشت الماضي في الرباط، وصفه المرصد ب"الاجتماع الطارئ"، الذي خصص لمناقشة مضامين الخطاب الملكي بمناسبة تخليد الشعب المغربي لذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، ترأسه الحسين المتواكيل، رئيس المرصد. المطلوب وضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى للنهوض بنظام التعليم (أرشيف) وثمن المكتب التنفيذي الروح النقدية لواقع المنظومة التعليمية، "التي عكست حالة التردي، التي يعيشها القطاع، ما يستدعي العمل على تجاوز الواقع المأزوم للمنظومة التربوية وتدارك الأخطاء والهفوات والاختلالات التي جعلت النظام التربوي في ذيل الترتيب الدولي"، حسب ما سجله البيان الذي أصدره المكتب التنفيذي للمرصد، توصلت "المغربية" بنسخة منه. وخلص المكتب التنفيذي إلى أن وضعية التعليم الحالية "تقتضي خلق تعبئة وطنية حول التعليم، بإشراك القوى الحية للبلاد لوضع أسس إصلاح حقيقي عميق يقوم الاختلالات ويلائم مناهجه بين الأهداف التربوية والتكوينية للمدرسة المغربية ورهانات تحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات، استنادا إلى الأهمية التي يكتسيها القطاع في مخططات الدولة، اعتبارا لكونه رافعة أساسية لتحقيق التنمية". ووقف المكتب التنفيذي على آخر برنامج هم هذا القطاع، وهو المخطط الاستعجالي، حيث اعتبر المكتب توقيف العمل بمقتضياته من طرف الوزارة الوصية دون طرح بديل "خطأ فادحا رغم الخروقات التي رافقت تنزيله، خاصة ما يتعلق منها بطرق صرف المال العام، إذ وضع نوعا من خارطة الطريق، وحدد مجموعة من الأهداف، وبإيقافه بدون تقييم علمي دقيق". ووقف النقاش خلال الاجتماع المذكور، وفقا للتقرير الذي أعقب الاجتماع، "على أن وضع التعليم المغربي في حالة فراغ قاتل بسبب إلغاء جميع المشاريع المطروحة، ما أشر على نوع من التفكير المزاجي في معالجة قطاع بهذه الحساسية المفرطة". ولم يفت المكتب التنفيذي للمرصد المغربي للتعليم "التأكيد على أنه لا يمكن تحميل الحكومة الحالية وزر المآل الذي وصل إليه النظام التعليمي المغربي، بسبب التراكمات السلبية التي عرفها القطاع منذ عدة سنوات". وخصص المكتب التنفيذي الجزء الأكبر من مناقشاته لطرح أهم البدائل المساعدة على رفع التحديات التي يطرحها موضوع إصلاح قطاع التعليم في المغرب، ومنها "دعوة المرصد إلى الإجابة على عدد من التساؤلات، من قبيل "أي تعليم لأي وطن ولأي مواطن؟ أهو تعليم تابع للتوازنات الاقتصادية العالمية في ظل العولمة الكاسحة؟ أم نابع من التشبث بالهوية والثقافة المغربية أم هو أداة لمواجهة ظاهرة استفحال البطالة؟ أم جعله قاطرة لتحقيق نهضة علمية مغربية اقتصادية ثقافية واجتماعية؟". توصيات للنهوض بالتعليم اقترح المرصد المغربي للتعليم مجموعة من الاقتراحات والتوصيات، ومنها العمل على توحيد المناهج الدراسية انطلاقا من التعليم الابتدائي إلى الجامعي، والابتعاد عن الازدواجية، عبر تجانس وانسجام القيم والمعارف والمهارات والمكتسبات مع بعضها البعض لدى التلميذ والطالب. وطالب المرصد الحكومة بالتراجع عن موقفها، الذي وصفه المكتب التنفيذي للمرصد ب"الغامض والمتذبذب من التعليم الأولي"، مع التذكير بالالتزام الدولي للحكومة المغربية بتعميمه في أفق سنة 2015. وسجل المرصد الوطني للتعليم ضعفا كبيرا في طرق تلقين اللغة الفرنسية، ما أدى إلى تراجع مستوى التلاميذ والطلبة فيها، مع ما يطرحه موضوع مزاحمة اللغة الانجليزية. وتبعا لذلك طالب المكتب التنفيذي للمرصد "بإعادة النظر جذريا في طريقة اكتساب المتمدرسين للغة الفرنسية كلغة بديلة، ما يقتضي أخذ هذا المعطى المهم بعين الاعتبار"، مشددا على جعل اللغة المتوافق حولها أساس التعليم في المغرب وتطبيقها في مقرراتها الدراسية، خاصة الجامعية التي تعاني هيمنة اللغة الفرنسية. ودعا المرصد إلى إعادة النظر في قرار مجانية التعليم، بفرض رسوم تضامنية على الطبقة الميسورة، في أفق التأسيس لاستقلالية المؤسسات التعليمية وتمكينها من آليات التدبير الذاتي. وأكد المجتمعون، خلال اللقاء المذكور، على ضرورة رد الاعتبار إلى وظيفة الأستاذ وتحفيزه ماديا ومعنويا، وتمكينه من الاستفادة من التكوين المستمر لمواكبة التطورات الهائلة التي يعرفها قطاع التعليم في العالم، إلى جانب مراجعة معيار السن في اختيار مديري المؤسسات التعليمية، بالاستناد إلى الكفاءات التي تتوفر على مخططات حقيقية لتطوير المؤسسات التعليمية. وحث المرصد المغربي للتعليم على تكسير الحاجز الموجود بين الأسرة والمدرسة، بتفعيل دور الأسرة داخل المؤسسات التعليمية من خلال إشراكها الفعلي، خاصة عبر جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في الأنشطة والبرامج، والتفتح على المجتمع المدني الفاعل في الحقول التربوية والثقافية والفنية والاجتماعية والرياضية، وغيرها. توصيات المرصد المغربي للتعليم ومن التوصيات التي خلص إليها المرصد المغربي للتعليم، أيضا، إلحاق التكوين المهني بقطاع التربية والتعليم لتوسيع العرض التربوي وتنويعه، خاصة استيعاب ميولات المتعلمين في المجالات المختلفة، مع تعزيز قطاع التعليم بالموارد البشرية لمواجهة النزيف الذي يخلفه سنويا ارتفاع وتيرة المغادرة في إطار التقاعد، ما يهدد مستقبل نظامنا التعليمي على المديين القريب والمتوسط. وعبر المكتب التنفيذي للمرصد المغربي للتعليم، في ختام مناقشته، عن ارتياحه لتفعيل دور المجلس الأعلى للتعليم، في صيغته الحالية، عملا بالأحكام الانتقالية التي ينص عليها الدستور الحالي، إلا أنه لم يعف الحكومة من الإسراع بتنزيل المقتضيات القانونية الكفيلة بإخراج المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حتى يتمكن المغرب من "مأسسة" إصلاح قطاع التعليم. ويرى المرصد "أن ذلك لن يأت إلا في إطار الديمقراطية التشاركية، ووضع استراتيجية وطنية شاملة بمشاركة كافة القوى الحية في البلاد، من أحزاب سياسية ونقابات وفعاليات جمعوية وحملة الهم التربوي من أساتذة وباحثين، وبتنسيق تام مع باقي القطاعات الوزارية، نظرا للعلاقات المباشرة وغير المباشرة للتعليم بعدد من القطاعات خاصة المنتجة منها". ويقترح المرصد السعي إلى "وضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى للنهوض بنظام التعليم في المغرب، ووضع استراتيجية وطنية قابلة للتقييم والمراجعة وملزمة للحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن التربوي والتعليمي، لخلق قطيعة نهائية مع المراجعات والمراجعات المضادة، وإصلاح الإصلاح والقرارات المزاجية والرؤى السياسية الضيقة التي ساهمت بشكل كبير في تدهور نظامنا التعليمي"، يضيف التقرير الذي أعقب اجتماع المكتب التنفيذي للمرصد.